العراق و هموم ما بعد الانتخابات؟

محمد علي جواد تقي

إضافة الى ما سمعناه من برقيات التهنئة والتبريك التي طرقت أسماع العراقيين على انجازهم العملية الانتخابية الأخيرة وبدرجة نجاح يُحسد عليها من قبل كثير من شعوب المنطقة، فان هذا الشعب بالحقيقة يستحق التكريم أيضاً من قبل ممثليه الجدد بالتضحية بكل شيء لإزالة كل العقبات والعراقيل أمام تفاهمات وتوافقات تؤدي الى انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب.

 بالضبط كما فعل ابناء هذا الشعب عندما استجاب لدعوة الكيانات السياسية بالمشاركة في الانتخابات الأخيرة، فخرج الى المراكز الانتخابية وتغلب على كل مشاعر الاحباط واليأس، وتجاوز على كل مواقع الألم المنتشرة في الجسد العراقي.

 ومن أبرز ما يمكن الاعتداد به في نضوج التجربة الديمقراطية لدى شعبنا هو حصول النواب على نسبة تجديد وصلت الى 30 بالمئة، أي ان الناخبين أبقوا على 62 نائباً في المجلس لدورة ثانية، وهي نقطة ايجابية كبيرة مقارنة بالفترة القصيرة من عمر الديمقراطية في العراق.

وقبل الاجابة على من يتسائل عن كيفية وآلية توصل الكيانات والائتلافات السياسية المتباينة في الافكار والتوجهات الى اتفاق لانتخاب الرئاسات الثلاث؟ لنا أن نتسائل أولاً عن كيفية اقتناع الناخبين بمرشحيهم الفائزين، وكيف انهم وثقوا وصدقوا بأنهم سيحققون لهم بنسبة كبيرة ما يصبون اليه؟ علماً إن هذا السؤال تجاوزه الزمن، لكننا نريد أن نسحب تجربة ذهاب الناخب نحو صناديق الاقتراع وعقد العلاقة مع مرشحه، ونطبقها - ما أمكننا – على الاوضاع التي يعيشها السياسيون الفائزون حالياً وهم يتبادلون الزيارات ويجرون الاتصالات والمشاورات.

 فالناخب الذي ألقى بورقة الاقتراع في صندوق الانتخابات، يعيش على أرض الواقع، فهو انتخب من يمثله ويعبر عن معاناته ومتطلباته التي ستذكره إن نسى أو تدينه إن نكث بوعده، وهو لن يفعل ذلك قطعاً، وهذا درسٌ للنائب الفائز بان عليه التفاهم والتقارب مع بقية أقرانه من النواب الـ (325) الفائزين لتجاوز مرحلة التأسيس على أرض الواقع العراقي حصراً، لكن اذا عرف الناخب بل وجميع ابناء الشعب العراقي بان النواب لا يجدون على هذه الأرض ما يلزم بعضهم البعض بعرى الثقة والاطئمنان، فكيف لهم أن يثقوا بقدرة هذا النائب أو ذاك بالاستجابة الحقيقية والعملية لكل ما وعدوا به خلال الحملة الانتخابية؟

ولنقل بعبارة أوضح؛ إن هنالك ناخبين صوتوا لممثليهم ومكّنوهم من مقاعد البرلمان بناءً على إنتماءات معينة وهذا من حقهم وهي من أهم أصول الديمقراطية، فان على هؤلاء النواب أن يثبتوا أيضاً ومن باب ردّ الجميل أنهم قادرون كنواب للشعب العراقي أن يتحدثوا بلغة حوار واحدة ويتوصلوا الى نتائج مرضية دون الحاجة الى الآخرين.

إن الشعب العراقي يجب أن يشعر اليوم إن ممثليه في الائتلافات الفائزة قادرة بكل ثقة على تجاوز المصالح الضيقة والتفكير بعقلية تضم جميع التراب العراقي، على الأقل حتى يوفر لديه مشاعر التفاؤل والارتياح إزاء القادم رغم إن الاوضاع تؤشر الى الحاجة لبعض الوقت قبل تحديد الرئاسات الثلاث وخروجها الى النور.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/نيسان/2010 - 18/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م