اختتمت قمة القادة العرب الـ22 في مدينة سرت، بلا جديد سوى البقاء
على القديم وفي محلك سر، وتكرار العبرات المحفوظة للشارع العربي الذي
غسل يديه من هذه القمم التي أصبحت لا تستحق المتابعة والاهتمام ولا صرف
قيمة ورقة منديل للتنشيف، لغياب المشروع والعمل العربي المشترك الذي
فيه فائدة للشعوب العربية التي تعاني من ازمات اقتصادية وسياسية
واجتماعية.
لقد حاولت هذه القمة الظهور بمظهر التوافق بين القادة حول القضية
الفلسطينية وصمود القدس، وتقديم دعم مادي للفلسطينيين 500 مليون دولار،
وبالتمسك بالمبادرة العربية للسلام، التي ماتت من سنين، ولكن بعض
القادة يرفضون دفنها رغم ان اكرام الميت دفنه،ومع كل التحفظات فقد شهدت
الجلسات نقاشات حادة بين القادة حول استمرار خيار الاستسلام للصهاينة،
حيث طالب الرئيس السوري الأسد بضرورة الحفاظ على ثقافة المقاومة ودعمها
واعتبار المقاومة خيار استراتيجي للعرب والفلسطينيين، ولكن هذا الكلام
لم يعجب مهندس اتفاقية اوسلو الرئيس الفلسطيني عباس، الذي رد على
الرئيس السوري ان السلطة الفلسطينية متمسكة بخيار السلام والاستسلام.
والمثير الذي يستحق الوقوف عنده في هذه القمة ان القادة العرب كانوا
اكثر جرأة بالاعتراف بحقيقة ضعفهم، وعدم فائدة هذه القمم - الفاشلة -
التي لا تمثل مطالب الامة الضائعة والمشتتة، ففي افتتاح القمة قال
الرئيس القذافي: «ان النظام الرسمي العربي يواجه تحديات شعبية متزايدة
ولن تتراجع هذه التحديات حتى تصل إلى هدفها النهائي». «وان القادة
العرب في وضع لا يحسدون عليه لأنهم يواجهون تحديات غير مسبوقة...
والجماهير ماضية في طريق التحدي للنظام الرسمي» وان «المواطن العربي
تخطانا».
وكذلك قول امير دولة قطر الشيخ حمد: «إنه لا ينبغي أن نكتفي بقرارات
الشجب والإدانة، إن الشعوب العربية لن تصدق أننا لم نستطع رفع الحصار
عن غزة». موضحا: «ان العمل العربي يواجه أزمة عربية مستعصية لم يعد من
الممكن الالتفاف حولها أو تجاهلها، ونحن أمام خيارين: إما ترك العمل
العربي يواجه مصيره، وإما الوقوف والانتباه لحقيقة المشاكل فلم يعد من
الممكن أن نخدع أنفسنا وشعوبنا أو أن نقف عاجزين أمام مسؤوليتنا
التاريخية، وننبه إلى ضرورة المراجعة وإعادة النظر». بينما قال الرئيس
اليمني: «ان العرب مهما اعطوا العالم واسرائيل، فاسرائيل لن تتوقف«.
نعم واخيرا اعترف القادة بالفشل..، وان شعوبهم الغاضبة والمغلوبة
على امرها لا يثقون بما يقولون ولا بقرارات الشجب والادانة، بعد السقوط
المخزي للنظام العربي امام اعتداء اسرائيل على لبنان وغزة، واستسلامه
بعدم رفع الحصار عن غزة، وضعفه امام الكيان الصهيوني الغاصب الذي لن
يتوقف عن مشاريعه العدوانية رغم عملية السلام.
لقد أثبتت هذه القمة كبقية القمم السابقة فشل وضعف وعجز النظام
العربي الرسمي والجامعة العربية عن تحقيق اي انتصار أو تسجيل موقف مشرف
للامة ولشعوبها للخروج من نفق الازمات ومن ذل الاستسلام والضعف
والهوان، وبعد هذا الاعتراف المخجل والفشل ينبغي دفن الجامعة العربية
فذلك اكرام لها فرائحتها قد فاحت ولا تحتمل، للسماح بولادة كيان جديد
يتحلى أعضاؤه بروح العزة والقوة والبطولة.
ali_writer88@yahoo.com |