المرجع الشيرازي: خلود المؤمن بالإخلاص والتقوى والتعبئة العلمية

- الإنسان يحصل على الأجر بمقدار ما يعطي في سبيل الله تعالى من نسبة ما يملكه، سواء أعطى من فكره أو طاقاته أو نشاطه أو ماله..

 

شبكة النبأ: قال المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله،" ليس المهم أن يكون الفرد شيخاً أو سيداً، أو اسمه فلان أو فلان، بل المهم هو أن يسعى ويجدّ في الإخلاص لله تعالى، وفي تعبئة النفس تعبئة علمية جيدة، وأن يتحلّى ويلتزم بالتقوى الحقيقية.. وعندها سيجد أن ذكره واسمه سيبقى خالداً آلاف السنين.

جاء ذلك عندما قام بزيارة سماحة المرجع الشيرازي جمعٌ من مسئولي وطلاب (معهد الإمامين الحسنين صلوات الله عليهما للخطابة)، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة، يوم الخميس الموافق للرابع والعشرين من شهر ربيع الأول 1431 للهجرة. بحسب نقل موقع مؤسسة الرسول الاكرم.

حيث قال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بعد أن استهل كلمته بالآية الكريمة التالية: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ»:

قبل زهاء ألف سنة، كان هناك مئات الألوف من الشباب مثلكم وكانوا طلبة للعلوم الدينية، فمنهم من وفّق وخلّده التاريخ كالشيخ المفيد والشيخ الطوسي والشريفين المرتضى والرضي والمحقّق الحلّي والعلاّمة الحلّي وابن فهد الحلّي والسيد بحر العلوم والشيخ الأنصاري والآخوند الخراساني والسيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي رضوان الله تعالى عليهم، ومنهم لم نجد له أي ذكر، حتى أسماؤهم غير معروفة.

وقال سماحته: لقد ذكر المرحوم السيد محسن الأمين العاملي رضوان الله عليه في كتابه (أعيان الشيعة) أنه قال: (كنت أدرس الخارج عند المرحوم صاحب الكفاية الشيخ كاظم الآخوند الخراساني ـ المتوفي سنة 1329 للهجرة ـ ، فقمت مع أحد الزملاء بإحصاء عدد تلاميذ الآخوند فكانوا ألفاً ومئتين).

وأردف سماحته: إن جُلّ ـ ولا أقول كل ـ تلاميذ الآخوند كانوا إما مجتهدون أو مقاربو الاجتهاد، لكن لم يحفظ لنا التاريخ أسماء هذا العدد من الطلبة إلاّ القليل – وقد يصل عددهم إلى مئة – من أمثال: السيد أبي الحسن الأصفهاني والميرزا آقا الأصطهباناتي والسيد عبد الهادي الشيرازي والسيد حسين البروجردي والشيخ عبد الكريم الحائري والسيد الوالد وشرف الدين والميرزا النائيني والمحقّق العراقي... فما الذي أدى إلى بقاء ذكر هؤلاء وغيرهم من العلماء والفقهاء الكبار كالشيخ المفيد والطوسي والسيد المرتضى والرضي الذين مرّ على وفاتهم أكثر من ألف سنة، وعدم بقاء ذكر غيرهم ممن لم يمرّ على وفاته إلاّ مئة سنة؟

فأجاب سماحته: ثلاثة أمور كانت الأساس وراء خلود المفيد والطوسي وبحر العلوم وغيرهم من الفقهاء الكبار، وكلّ من يلتزم منكم بهذه الأمور الثلاثة بنحو أحسن سيكون مخلّد الذكر وموفَّقاً ومرفوع الرأس بنفس النسبة، وهذه الأمور الثلاثة هي:

الأول: الإخلاص لله تعالى ولأهل البيت صلوات الله عليهم.

الثاني: التقوى الحقيقية.

الثالث: التعبئة العلمية. فقد ذكروا في أحوال المجدّد الشيرازي قدّس سرّه الذي كان من تلاميذ الشيخ الأنصاري، وكان أستاذ المئات من الفقهاء الكبار كالآخوند الخراساني والسيد اليزدي والسيد اسماعيل الصدر والمحقّق الهمداني وميرزا حسين ميرزا خليل، ذكروا أنه في الأيام الأخيرة من حياته كان كثيراً ما يغمى عليه ثم يفيق، وذات يوم عندما أغمي عليه ظن أهله ومن كان حوله أنه قد توفي فأرادوا أن يعلموا ذلك، فجاء أحد الحاضرين، وأظن كان ابنه، وقرّب فمه إلى أذن المجدّد وتكلّم بصوت عال، حيث سأله عن مسألة فقهية، وبعد لحظات شاهدوا شفاه المجدّد تتحرك، فأصغوا إليه وإذا بهم يسمعون جواب المجدّد على المسألة، وكان جوابه استدلالياً أي لم يقل نعم أو كلا، وهذا يدلّ على ان المجدّد كم كان متيّماً بالعلم.

وأكّد دام ظله مخاطباً الحضور: أنتم تستطيعون أن تصبحوا كالشيخ المفيد وغيره من الفقهاء والعلماء الذين خلّدهم التاريخ إن سرتم على الطريقة التي ساروا عليها. فليس المهم أن يكون الفرد شيخاً أو سيداً، أو اسمه فلان أو فلان، بل المهم هو أن تسعوا وتجدّوا في الإخلاص لله تعالى، وفي تعبئة أنفسكم تعبئة علمية جيدة، وأن تتحلّوا وتلتزموا بالتقوى الحقيقية.. عندها ستجدون أن ذكركم واسمكم سيبقى خالداً آلاف السنين.

اهتموا بالشباب ولا تدعوهم فريسة للفرق الباطلة والأفكار المنحرفة

وقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله،" أن الإنسان يحصل على الأجر بمقدار ما يعطي في سبيل الله تعالى من نسبة ما يملكه، سواء أعطى من فكره أو طاقاته أو نشاطه أو ماله، فيجدر بالإنسان الذي يعطي أو يتصدّق القليل نسبة إلى ما عنده أن لا يستهين بما يعطيه أو يتصدّقه في سبيل الله سبحانه. فرُبَّ الجهد والعمل المبذول في ساعة واحدة يكون أفضل من العمل المبذول في خمس ساعات.

جاء ذلك في استقبال سماحة المرجع الشيرازي لجَمعٍ من الشباب أعضاء (هيئة شباب أبي الفضل العباس سلام الله عليه) من العاصمة الإيرانية طهران، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة، عصر اليوم الخميس الموافق للتاسع من شهر ربيع الثاني 1431 للهجرة، فاستمعوا إلى إرشاداته القيّمة التي جاء فيها أيضاً: ورد في الحديث الشريف عن مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه: «أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِي مِائَةُ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَهَذِهِ عَشْرُ أَوَاقٍ مِنْهَا صَدَقَةٌ، وَجَاءَ بَعْدَهُ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِي مِائَةُ دِينَارٍ فَهَذِهِ مِنْهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ صَدَقَةٌ، وَجَاءَ الثَّالِثُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِي عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَهَذَا دِينَارٌ مِنْهَا صَدَقَةٌ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: كُلُّكُمْ فِي الأجْرِ سَوَاءٌ، كُلُّكُمْ تَصَدَّقَ بِعُشْرِ مَالِهِ».

وعقّب سماحته: معنى هذه الرواية الشريفة أن الإنسان يحصل على الأجر بمقدار ما يعطي في سبيل الله تعالى من نسبة ما يملكه، سواء أعطى من فكره أو طاقاته أو نشاطه أو ماله، فيجدر بالإنسان الذي يعطي أو يتصدّق القليل نسبة إلى ما عنده أن لا يستهين بما يعطيه أو يتصدّقه في سبيل الله سبحانه. فرب الجهد والعمل المبذول في ساعة واحدة يكون أفضل من العمل المبذول في خمس ساعات.

كما يجدر بالإنسان أن لا يتوانى أو يتقاعس عن بذل ما يستطيع بذله من الجهود والطاقات فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، وبالأخصّ في المجال الديني والثقافي.

من جانب آخر خاطب سماحته الشباب الحضور بقوله: عليكم الاهتمام بأقرانكم، فاعقدوا لهم الجلسات، لتعليمهم أصول الدين وأخلاق الإسلام وأحكامه، ولردّ الشبهات التي يطرحها المخالفون المنحرفون عن الإسلام العظيم. وشجعوا بقية إخوانكم للسعي في هذا المجال. إذ ينبغي أن نولي الشباب والأشبال الأهمية الأكبر، وذلك بتوجيههم نحو الإسلام العظيم وتعليمهم مبادئه السامية، لأن الخطر يهدّدهم أكثر من غيرهم، فلا ينبغي أن نترك الأحزاب الضالة والأديان المنحرفة والفرق الباطلة يستغلّونهم ويسوقونهم باتجاه عقائدهم وأفكارهم.

وأكّد دام ظله: إن الشباب يتمتعون بطاقات هائلة، وينبغي أن تستثمر هذه الطاقات في سبيل الله تعالى ونشر مبادئ أهل البيت سلام الله عليهم وهداية الآخرين إلى هذا الطريق. فيجدر بكم أنتم أيضاً أن تقوموا بلملمة الشباب ورعايتهم وتربيتهم والاهتمام بهم أكثر فأكثر، فكثير من التيارات المنحرفة والفرق الضالة تحاول بشتى الطرق وبالإمكانات الهائلة والمتنوعة أن تفسد شبابنا وتبعدهم عن منهج آل البيت سلام الله عليهم. فحاولوا أن تبذلوا ما في وسعكم وقدرتكم في هذا المجال حتى لا تكونوا في الآخرة من النادمين أو المتحسّرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/آذار/2010 - 12/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م