حقائب

حيدر الجراح

في العصور القديمة كان الناس يحملون الاكياس و يضعون فيها امتعتهم الشخصية بشكل تلقائي.. وتطورت بعدها مثل اشياء كثيرة.. ومع بداية القرن التاسع عشر، بدأت ثورة حقيقية في عالم الحقائب حتى وصلت الى ماوصلت اليه..

وقد تعددت وظائف الحقائب واشكالها..فهي اما تحمل على الظهر او على الكتف او تتدلى من اليد او قد تجر وهي تسير على عجلات صغيرة..وهذه حقائب المحظوظين الذبن يسافرون جوا..

وتعددت الوانها ايضا بين الاسود والبني ومابينهما من غامق او فاتح من الالوان...

يشتهر لدينا اللون الاسود بحضوره الكثيف على حقائبنا.. وقد يكون ذلك بسب طبيعة الاحزان التي نعيشها وسرمديتها الازلية.. وقبل الاشكال والالوان تعددت الوظائف.. فهي تحمل البريد بين الدول، او هي تحمل الوصف والعلاج للمرضى، او هي عبارة عن معرض متنقل لادوات الماكياج والزينة، او هي سجن للالهام المقبوض عليه في اوراق مبعثرة...

 *الحقيبة الدبلوماسية

مااصطلح على الحقيبة الخارجة من السفارات في أي دولة وتكون حاملة لبريدها الى وزارة الخارجية المرتبطة بها السفارة.. غير خاضعة للتفتيش وهي وجميع ماتحمل صفة حقيبة سواءا كان طردا او قفصا كبيرا.. فهي حقيبة دبلوماسية في كل الاحيان.. تحمل الكثير من الاسرار في اوراقها.. وقد تحمل نصائح او مشورات بشن الحرب او عقد السلم...يساء استخدامها احيانا في تهريب العديد من الامور ( مخدرات – احجار كريمة – اسرار عسكرية – معدات دقيقة )..

*الحقيبة النسائية

انها رمز للاناقة واحيانا للثراء بالاضافة الي الاهمية الشخصية كمكان انيق لحفظ حاجيات السيدات الخاصة.. لقد اصبحت حقائب اليد النسائية ( موضة ) مع نهاية القرن التاسع عشر.

داعبت حقائب يد السيدات مخيلة مخرجي الافلام السينمائية علي الدوام خاصة افلام " الفريد هتشكوك" التي استخدمها لاخفاء ادوات الجريمة.

* حقيبة يد المرأة..

 هي أهم أداة من أدوات إغراء المرأة ومؤشر على مكانتها. والجميع يعرف أن الإيطاليين مبدعين ولديهم ذوق رفيع، لكن ربما لا يعرف الجميع أن ايطاليا تمتلك أقدم تقليد (من 6 قرون) في إنتاج أفضل الجلود المتاحة في العالم. ماذا في هذه الحقيبة ؟

قلم شفاه، مرطب، مزيل رائحة، حمالة مفاتيح، معطر فم، مناديل ورقية، مرآة صغيرة، ملقط، وصفة طبية..انها حضن الاشياء الحميمة التي تنغلق على اسرارها.. لاتسمح المراة بان يقترب منها احد او ان يفتحها لرؤية محتوياتها، رغم بداهة هذه المحتويات والمعرفة المسبقة بها... حقيبة غير مرئية من داخلها.. لكنها انيقة جميلة في يد المراة.. تتخلى عنها ؟ احيانا.. تحمل محفظة صغيرة في مشوار عادي، مطمئنة انها لاتخفي شيئا.. فجميع الاشياء الحميمة تضعها على وجهها..انها ( شئ عزيز للسيدات )..

* حقيبة مسافر..

اكثر ماتحمل على الظهر لسهولة التنقل بها.. زوج من الجوارب القذرة.. ملابس داخلية متسخة.. قميص مرمي في داخلها.. بنطلون باهت اللون.. فرشاة اسنان، ماكنة حلاقة جاهزة، زجاجة عطر لكل الاجواء.. وامنية بالوصول..

* حقيبة تلميذ ابتدائي..

محفظة اقلام، كتب ودفاتر كثيرة، مطارة ماء، سندويج بيض وربما علبة عصير، تحمل على الظهر.. ثقيلة على الجسد الغض.. ( تكشف عن قصورنا التعليمي.. طلاب بلا حقائب هذا مايفكر به الاخرون لصورة التعليم في المستقبل )..

.. يجرجر خطواته الى المدرسة.. لايستطيع تركها في داخل الصف اثناء الفسحة خوف الانقضاض عليها من بقية التلاميذ..فيها غير ذلك قلق امه، ولهفة الرجوع الى المنزل..

* حقيبة مثقف

كتاب الذاكرة والنسيان..رواية الحياة هي في مكان اخر لميلان كونديرا..اوراق غير مرتبة لبحث غير مكتمل.. اقلام بالوان متعددة..اشياء اخرى موجعة..نظارة للقراءة.. قبعة تشي غيفارا للوقاية من اشعة الشمس ولاستكمال مظهره الثقافي..

* حقائب وزارية

اشارة للوزارات التي يكلف بها الساسة، موالاة ومعارضة، دفتر للصكوك، كشف بالحسابات المودعة في البنوك، سامسونايت بارقام سرية، مثل صفقات بيع الاوطان في بلداننا..

* حقائب العودة

خاصة بالمهاجرين خارج اوطانهم وهم يعودون اليها.. صور اصدقاء راحلين، او منهم من تفرقت به السبل.. شهادة تخرج عتيقة.. قصاصات حنين للوطن.. خارطة لمدينة في الذاكرة لاتقود الى نهايات الطرق.. وصدى لنحيب امه..

* حقائب الدموع والبكاء

قصيدة للشاعر نزار قباني، حمّلها بالدموع والبكاء، اقتطف المقطع الاخير منها وبه اختم هذه السطور..

من أين جاء الحزن يا صديقتي ؟

وكيف جاء؟

يحمل لي في يده..

زنابقا رائعة الشحوب

يحمل لي..

حقائب الدموع والبكاء..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/آذار/2010 - 12/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م