اللوبي اليهودي... من يجرؤ على الكلام

إيباك والبيت الأبيض... خصومة أحباب وإستراتيجية موحدة

 

شبكة النبأ: أعرب المشاركون في اجتماعات المؤتمر السنوي لأكبر مجموعة ضغط اميركية في الولايات المتحدة الاحد عن قلقهم من التوتر القائم حاليا بين الولايات المتحدة واسرائيل، كما عبروا عن مخاوفهم من تداعيات اي ضربة اسرائيلية على ايران.

لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يزور واشنطن هذا الاسبوع للمشاركة في الاجتماع السنوي للجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية (ايباك) الذي يستمر ثلاثة ايام، سيلتقي الثلاثاء الرئيس باراك اوباما.

وكانت تكهنات اشارت الى ان اوباما يمكن ان يتجاهل زيارة نتانياهو بعد خطة حكومته لبناء وحدات استيطانية جديدة في القدس الشرقية في خطوة دفعت الفلسطينيين الى تجميد محادثات سلام جديدة. وقال مسؤول في وزارة الخارجية ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون طلبت من الموفد الخاص جورج ميتشل الذي يزور اسرائيل الاحد نقل دعوة اوباما الى نتانياهو. بحسب فرانس برس.

وقال روبرت ستاتلوف المدير التنفيذي لمؤسسة واشنطن حول السياسة في الشرق الاوسط امام مؤتمر ايباك، ان الازمة بين الولايات المتحدة واسرائيل "خطيرة وحقيقية" رغم محاولات التهدئة من قبل الطرفين. واضاف "عندما تجد هذه الازمة حلا لها -- واعتقد انه يجري تسويتها حاليا -- فانها ستترك آثارا على العلاقة بين البلدين وعلى اعلى المستويات".

وحذر محللون من بينهم ستاتلوف من ان الخلاف حول مسألة الاستيطان يمكن ان يعطل الجهود التي تبذلها واشنطن لحشد التأييد لفرض عقوبات جديدة على ايران المتهمة بالسعي لحيازة قنبلة ذرية. وكانت اسرائيل هددت بتوجيه ضربات عسكرية وقائية الى ايران.

وقال ستاتلوف ان "نتيجة الازمة الحالية ستكون تسريع الجهود الايرانية لامتلاك اسلحة نووية". واضاف "وفي نهاية المطاف وبسبب اهتزاز العلاقة الاستراتيجية الاميركية الاسرائيلية الآن"، قد يكون من نتائج الازمة تسريع قيام اسرائيل بضربة وقائية ضد الطاقات النووية الايرانية المحتملة".

ومن جهته، حذر السناتور الديموقراطي ايفان باي طهران من انها "تخطىء في حساباتها" اذا رأت "في المشاحنات الكلامية (...) نقصا في تصميم واشنطن" على وقف سعيها لامتلاك سلاح ذري. وقال ان الامر يحتاج الى "عقوبات جريئة" تظهر لحلفاء الولايات المتحدة ان كل الخيارات السلمية لتغيير موقف ايران استنفدت. وتابع في موقف يغلب عليه التشاؤم "بات علينا من الان فصاعدا ان نبدأ بالتفكير جديا بالخيار النهائي اي استخدام القوة لمنعهم من الحصول على السلاح النووي". واثار تصريحه هذا تصفيق آلاف الحاضرين.

وكانت هذه المنظمة دعت ادارة اوباما الى تخفيف حدة التوتر في الخلاف بشأن 1600 وحدة سكنية استيطانية اعلنت اسرائيل عن بنائها في القدس الشرقية العربية المحتلة. لكن في الايام الماضية طلبت كلينتون من نتانياهو ردا لتهدئة القلق الاميركي، وحصلت عليه.

وكان نتانياهو صرح في بداية الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء امس الاحد "بالنسبة لنا البناء في القدس هو تماما كالبناء في تل ابيب وقد اوضحنا ذلك للادارة الاميركية"، مجددا بذلك رفضه تجميد الاستيطان في المدينة المقدسة. واضاف ان "سياستنا في القدس هي السياسة نفسها التي اتبعتها الحكومة الاسرائيلية السابقة على مدى ال42 عاما الماضية. ولم تتغير هذه السياسة". ورأت السلطة الفلسطينية ان هذه المواقف "لا تساعد في العودة الى المفاوضات".

وتجمع عدد قليل من المتظاهرين اليهود وغير اليهود خارج مركز المؤتمر للاحتجاج على سياسة اسرائيل في الاراضي الفلسطينية.

القدس عاصمتنا!

من جانبه دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "بشراسة" عن خطط حكومته الجديدة في البناء في القدس الشرقية، وهو القرار الذي وضع إسرائيل في مواجهة مع الحليف الرئيسي لها، أي الولايات المتحدة الأمريكية.

وجاء دفاع نتنياهو عن قرار حكومته هذا أثناء كلمة لها أمام اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة أي "أيباك"، وبعد كلمة لوزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، تحدثت فيها عن التزام بلادها بأمن إسرائيل.

وقال نتنياهو "إنه لم يمكن فصم العلاقة بين الشعب اليهودي والقدس، وأن اليهود كانون يبنون فيها منذ ثلاثة آلاف عام، وهم يبنون القدس حالياً.. والقدس ليست مستوطنة.. إنها عاصمتنما."

وأعاد نتنياهو القول بأن سياسة حكومته تنسجم مع سياسات الحكومات السابقة، مشيراً إلى أن نصف سكان القدس اليهود يعيشون في القدس الشرقية.

يشار إلى أن إعلان إسرائيل، بناء 1600 منزل لليهود قرب القدس الشرقية، أثناء زيارة لنائب الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أسبوعين، في إحراج واشنطن وتعطيل بدء محادثات غير مباشرة مع الفلسطينيين. بحسب (CNN).

وكانت كلينتون في وقت سابق قد وصفت إعلان إسرائيل عن خطط البناء الجديدة أثناء زيارة بايدن لإسرائيل بأنه "إهانة."

غير أن كلينتون تحدثت في منتدى "أيباك" عن "مصداقية" بلادها وأنه هذه المصداقية تعتمد على استعدادها لحفز الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) وتشجيعهما على المضي قدما بالمفاوضات غير المباشرة التي تقود لأخرى مباشرة.

وأضافت قائلة إنه عندما تعترض بلادها على الخطط الإسرائيلية، فهي إنما تعترض "بسبب التزامنا بإسرائيل وأمنها والذي نعتقد أنه يعتمد على خط ضمان أمن إسرائيل المستقبلي بوصفها دولة يهودية أمنة وديمقراطية تعيش بسلام مع الفلسطينيين والدول العربية."

لكن نتنياهو لا يبدو كمن يريد إيجاد الحلول في واشنطن، إذ صرح قبل هذه الزيارة بأنه لا تغيير على سياسة تل أبيب الاستيطانية، وأن البناء في القدس يعد أمراً طبيعيا كأي بناء في أجزاء إسرائيل الأخرى.

وقال نتنياهو، في اجتماع لمجلس الوزراء الأحد، إن سياسة بلاده في القدس "هي نفسها منذ 42 سنة" مضيفاً أنه سيشدد في واشنطن على بحث سبل التعامل مع الملف النووي الإيراني من جهة، وضرورة جعل المفاوضات مع الفلسطينيين مباشرة من جهة أخرى.

عدائهم لإسرائيل

في سياق متصل وجه خمسة من أعضاء الكونغرس الأمريكي انتقادات حادة لوكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية، داني أيلون، متهمين إياه بتجاهلهم والسعي لإفشال زيارتهم إلى تل أبيب، على رأس وفد من جماعة الضغط اليسارية "جي ستريت،" مطالبين بالحصول على "تفسيرات فورية" لموقفه.

وقال السيناتور الديمقراطي، ويليام ديلاهانت، إن أعضاء الوفد "أصيبوا بصدمة بعد رؤية العناوين الأولى على صدر الصحف الإسرائيلية، والتي أشارت إلى أن الخارجية قررت مقاطعة وفد الكونغرس ودعوة المسؤولين في مختلف الوزارات إلى عدم عقد لقاءات معه."

وتابع ديلاهانت بالقول: "هذه ليست طريقة مناسبة لمعاملة شخصيات منتخبة ديمقراطياً في دولة تعتبر الحليف الأقرب لإسرائيل، وهي شخصيات عملت دائماً من أجل تعزيز العلاقات المميزة معها." بحسب (CNN).

وذكر ديلاهانت أنه "بات يعرف تصرفات أيالون" منذ واقعة التصرف غير الدبلوماسي الذي قام به مع السفير التركي مؤخراً، والتي تسببت في تفجّير أزمة دبلوماسية مع أنقرة.

من جهته، قال جيرمي بن عامي، رئيس جماعة "جي ستريت،" إن تعليقات أيالون، واتهاماته لجماعته بالعداء لإسرائيل "أصابته بالحيرة."

وأضاف: "علاقتنا مع السفارة الإسرائيلية بواشنطن جيدة، وأتمنى أن تكون هذه المواقف تعبر عن وجهة نظر أيالون الشخصية."

وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن الوفد كان قد طلب عقد لقاء مع أيالون قبل أسابيع، دون أن يتلقى رداً رسمياً، وبعد وصوله إلى إسرائيل علم أن أيالون مستعد للقاء أعضاء الكونغرس، شرط عدم اصطحابهم لممثلين عن اللوبي.

وأوردت الصحيفة أن أيالون رفض اللقاء عملاً بنصيحة مستشاره لشؤون أمريكا الشمالية، باروخ بينا، الذي ذكر أمامه بأن الوفد يضم ممثلين عن جمعية "اتحاد الكنائس من أجل السلام بالشرق الأوسط"، الذي تعتبره تل أبيب "معادياً لها."

أما الخارجية الإسرائيلية، فقد نفى ناطق بلسانها أن تكون قد عارضت عقد لقاءات مع أعضاء وفد الكونغرس، وأكدت أنها "ترحب بكل وفد من المشرعين الأمريكيين.

وبحسب الناطق، فقد جرت "مشاورات داخلية" في الوزارة، تقرر بعدها الإيعاز لكبار المسؤولين والوزراء ونواب الكنيست بعقد لقاءات مع أعضاء الوفد.

اوباما وتعزيز شعبيته

من جانبه قال مسؤول اسرائيلي رفيع انه يجب على الرئيس الامريكي باراك اوباما ان يحسن شعبيته بين الاسرائيليين اذا كان يريد تحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

وكان اوباما الذي جعل التواصل مع العالم الاسلامي احد معالم رئاسته قد ترك كثيرا من الاسرائيليين في تشكك بشأن مساندته للدولة اليهودية وخاصة اذا ما قورن بسلفيه جورج بوش وبيل كلينتون.

وقال المسؤول الاسرائيلي الذي طلب الا ينشر اسمه "اننا نتحدث حرفيا عن المستقبل الامني لعائلاتنا وأطفالنا ونضعه في يدي رئيس الولايات المتحدة وليس هذا بالامر الهين."

واضاف المسؤول قوله "الثقة عنصر جوهري في عملية السلام." وقال ان اسرائيل تتطلع في نهاية الامر الى الرئيس الامريكي لمساندتها اذا ابرمت اتفاقات سلام مع الفلسطينيين او دول عربية اخرى ثم تداعت هذه الاتفاقات في وقت لاحق. بحسب رويترز.

وكشف استطلاع للرأي نشر في أغسطس اب ان اربعة في المئة فحسب من الاسرائيليين يرون سياسات اوباما "اكثر تأييدا لاسرائيل" مقارنة بمواقف "اكثر تأييدا للفلسطينيين" أو محايدة. وحصل اوباما في استطلاع نشر في ديسمبر كانون على تأييد 41 في المئة بين الاسرائيليين.

وقال المسؤول الاسرائيلي ان أيا من الرقمين منخفض جدا وان البلدين "في حوار مفتوح ... بشأن ضرورة زيادة مستوى هذا التأييد قبل اي اتفاق سلام."

وقال انه لن يكون صعبا تعزيز التأييد لاوباما بين الاسرائيليين بدءا بزيارته الدولة اليهودية وتواصله مع المواطنين العاديين.

واضاف قوله "الهدف هو التواصل مع الاسرائيليين العاديين ثم اظهار ... انه يهتم بأمنهم وأنه يناصرهم وأنه يتفهم الالام والتضحيات التي ستقدمها اسرائيل ويتفهم المخاطر التي سيتحملونها ويؤكد لنا أنه اذا انهار السلام ... فانه سيكون الى جوارنا. نريد طمأنتنا."

تأثير اللوبي الإسرائيلي  

الى ذلك وردا على منتقديه قال ستيفن والت لتقرير واشنطن في مكالمة تليفونية "أنا ومير شيمر لم نزعم أن اللوبي الإسرائيلي هو العنصر الوحيد الذي جعل الولايات المتحدة تخوض الحرب في العراق.

اللوبي كان عنصرا ضروريا لبداية الحرب، رغم أنه في حد ذاته شرط غير كاف. اللوبي ليس باستطاعته أن يبدأ الحرب وحده، ولكن بدون جهوده الحرب كانت ستكون أقل احتمالا. اللوبي لم يقد الطريق للحرب وحده، ولكنه جزء هام من قصة الحرب بالعراق." وأوضح والت أن الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني لم يؤيدا خيار الحرب على العراق، إلا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولكن في الخلفية السياسية كثف اللوبي جهوده لدعم فكرة الحرب سواء قبل أو بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001.

ومن أكبر المؤيدين لموقف والت وميرشيمر، يوجين بيرد، الذي عمل بالخارجية الأمريكية بين عامي 1952-1975. ووصف بيرد الدراسة بأنها مجهود رائع وأن كان هناك حاجة ملحة لمثل هذه الدراسة حيث "أن المجتمع الأمريكي لا يزال مقتنع بمقولة أن إسرائيل ضعيفة للغاية، ومحاطة بقوات عربية هائلة." وأشار بيرد، وهو رئيس مجلس المصلحة العامةCouncil for National Interest  الذي يهدف لتغير مسار سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، أن اللوبي الإسرائيلي له الحق في التنظيم السياسي لأنه حق مشروع قانونيا ودستوريا، ولكن ليس من حقه أن يستخدم أسلوب التخويف ضد المحررين والإعلاميين على حد تعبيره. بحسب موقع تقرير واشنطن.

لماذا الآن

والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذه المناظرة الهامة هو لماذا قرر المجتمع السياسي الأمريكي تناول مسألة اللوبي الإسرائيلي وطبيعة تأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية؟ فدور اللوبي الإسرائيلي في واشنطن هو عبارة عن "معلومات عامة داخل العاصمة الأمريكية" مثلما أشار ستيفن والت في حواره مع تقرير واشنطن. وهذه ليست أول محاولة لمفكر أمريكي لتناول هذه القضية المهمة، فعلى سبيل المثال، فقد نشر بول فيندلي عضو سابق في مجلس النواب منذ أكثر من عشرين عاما، كتاب "هم تجرئوا على الكلام" They Dare to Speak Out  الذي يتحدث عن دور اللوبي الإسرائيلي في الحملة المعادية التي أدت إلى الإطاحة به من منصبه أثر هزيمته في الانتخابات البرلمانية عام 1982.

وأبدى فيندلي رأيه لتقرير واشنطن بأن الولايات المتحدة تواجه موقفا لا تحسد عليه في العالم. "نحن في حالة حرب حرجة تسببت في إهدار دماء الكثير من المواطنين الأمريكيين، والثمن الذي ندفعه بدمائنا لهذه الحرب جعلت الكثير من الصحف تتكلم عن موضوع اللوبي الإسرائيلي." وقال فيندلي إن العالم العربي عليه أن يعلم أن "هناك العديد من الأمريكيين مستعدون للتغلب على كل المعوقات ليتكلموا من أجل إظهار الحق."

ومن ناحيته، يعتقد السفير ديفيد ماك أن تداعيات تورط اللوبي الإسرائيلي في التخطيط للحرب ضد العراق أعطت الجدل الدائر حول اللوبي وتأثيره اهتماما أكبر. كما قال إن وسائل الإعلام الأمريكي التي عادة ما تتسم بـ "الإهمال" في تغطية اللوبي الإسرائيلي، وضعت في موقف حرج عندما غطى الإعلام العالمي عواقب نشر دراسة والت وميرشيمر، في حين تجاهل الإعلام الأمريكي الخبر، ولذا شعرت وسائل الإعلام الأمريكية بالقلق، وقررت تغطية القضية بأسلوب أكثر صراحة لم نتعود عليه في الماضي.

وفي تصريحات غلين فرانكيل لتقرير واشنطن (وهو كاتب مقالة الوشنطن بوست الحديثة عن اللوبي الإسرائيلي) قال إن هذا الموضوع كاد أن يشابه "الفيل الكبير في الحجرة والذي يتجاهله الجميع." وقال إن لا شك أن الحرب في العراق دفعت العديد من الناس بالمجتمع الأمريكي للتساؤل: "ما الذي دفع بنا لهذه الحرب؟ من هم الأفراد وراء هذا القرار؟ ما طبيعة المعلومات التي كانت بحوزتنا قبل بداية الحرب؟" ورغم أنه يعتقد أن اللوبي ليس العامل الذي دفع الولايات المتحدة للحرب، يقول لنا فرانكيل إن كل هذه التساؤلات، أعطت نتائج بحث والت وميرشيمر مكانة كبيرة في النقاش الأمريكي العام. ولكن من أهم العوامل التي لفتت انتباه العديد من الناس، هي أن مؤلفي الدراسة يتمتعون بمكانة مرموقة بالمجتمع الأكاديمي ولذا أصبح موضوع الدراسة "شيء لا يمكن تجاهله". واتفق غوز مع هذا الرأي موضحا أن والت وميرشيمر "لم يكونا مرشحين متوقعين لكتابه دراسة مثل هذه، فهما ليسا معروفين بأي ميول سياسية مؤيدة للعرب. وهما يحظيان باحترام كبير في مجال دراسات العلاقات الدولية، لهذا استمع الناس إليهم بالرغم من أن دراستهم كانت مجرد إعادة صياغة لما قاله آخرون من قبل لسنوات عديدة."

ومن ناحيته أجاب والت: "في الحقيقة بدأنا البحث الخاص بهذه الدراسة في خريف عام 2002 [قبل بداية الحرب في العراق، عندما دعتنا مجلة أتلانتك مانثلي Atlantic Monthly لكتابة موضوع عن هذه القضية، وإن أنتيهما من هذه الدراسة بعد بداية الحرب." وأضاف والت أن بعدما أفادتهما المجلة أنها لن تنشر الموضوع، قررا أن يتقدما بهذه الدراسة لجهة أخرى بهدف نشرها، ولم تسفر هذه الجهود عن أي نتائج حتى ربيع هذا العام!. و قال والت لتقرير واشنطن إن الأهمية التي أعطتها وسائل الإعلام الأمريكي لهذه الدراسة تتمثل في سببين أساسيين:

أولا: هناك اعتقاد سائد أن الولايات المتحدة تواجه مشاكل عميقة بالعالم العربي والإسلامي. وهذا واضح في تطورات الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، الموقف الجاري بالعراق والمواجهة الراهنة مع إيران، ومشكلة الإرهاب الجهادي. ومن الواضح أن هناك خطأ كبيرا في وضعنا الحالي في هذه المنطقة. ولذا يتساءل العديد من الواعيين بتلك الحقائق ’ما السبب في كل هذا؟‘ "

ثانيا: الاهتمام ليس بالأشياء التي ذكرتها أنا وميرشيمر في الدراسة، السبب في الاهتمام هو أن هذه الحقائق المعروفة رددها أثنان من أكثر الشخصيات الأكاديمية احتراما من جامعتين كبيرتين، وغير معروفين بآراء يسارية، أو أي ميول منحازة للموقف العربي أو الفلسطيني، ويتمتعون بخلفية ومعتقدات لا توحي بأي قدر من المعاداة للسامية."

الخطاب السياسي الأمريكي

وسأل تقرير واشنطن الخبراء إذا كانوا يظنون أن صعود موضوع اللوبي الإسرائيلي على الساحة الإعلامية الأمريكية سيغير من آراء المجتمع الأمريكي عن سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط، وبالأخص الصراع العربي-الإسرائيلي. وإن كان هناك تفاؤل حذر من وجهة نظر بعض الأشخاص، فأجمعت معظم الآراء أن تغيير نظرة الفرد الأمريكي وصناع القرار تجاه سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط سيتطلب مجهودا كبيرا.

يعتقد غريغوري غوز أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ليس سياسة المحافظين الجدد وحدهم، فهي مبنية أيضا على الفكر الليبرالي اليساري الذي يعتقد "أن دعم النظم الديمقراطية يجب أن يكون عاملا أساسيا في صناعة السياسة الأمريكية، وذلك يتناقض مع تفكير "الواقعية" Realism الذي يحث على أن السياسة الأمريكية يجب أن تتماشي مع مبدأ المصلحة الوطنية، وذلك هو المبدأ الذي يتبناه والت وغيره.

" كما قال إن من المترقب أن تواجه الولايات المتحدة علاقات متوترة مع العالم العربي-الإسلامي مما يقوي من الرأي أن "إسرائيل بلد ديمقراطي ويجب أن نقف بجانبها."

ويقول صحفي الواشنطن بوست، غلين فرانكيل "هناك إحساس سائد في الولايات المتحدة أن إسرائيل تواجه الإرهاب وعلينا أن نقف بجانبها. بالطبع هناك قلق حول قتل المدنيين العرب [أثر العمليات الإسرائيلية العسكرية] ولكن علينا أن نتساءل من هم أعداء إسرائيل؟ حزب الله وحماس. وهذه المنظمات لا تتمتع بلوبي بالولايات المتحدة، ولذلك هناك إجماع في الكونغرس حول أهمية العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية بصرف النظر عن إذ كانت هذه السياسية صائبة أم خاطئة."

وأشار فرانكيل أن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 "الدعم لإسرائيل أصبح أكثر صلابة حيث أن إسرائيل نجحت في خلق دور هام لنفسها في الحرب ضد الإرهاب، ولا أتوقع أن تلك الظاهرة ستتغير، وبالتالي لا أتوقع تغيرا جادا في النقاش حول العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية."

أما عن بول فيندلي فقال إن اللوبي الإسرائيلي لا يزال يتمتع بنفوذ هائل وكبير. "ورغم كل هذا النقاش أعتقد أن اللوبي لم يسقط قتيلا في هذه المواجهة."

وفي وجهة نظر روزنبيرغ رئيس التحرير السابق لتقرير "نير إييست" Near East Report الصادر عن أيباك بأن قوة منظمة أيباك اليوم تفوق قوتها في عهد الثمانينات. "في الماضي إيباك لم تكن حريصة على لعب دور نشط لاستخراج التشريعات الداعمة لإسرائيل من الكونغرس. كانت المنظمة تنتظر حتى وقت التصويت بالكونغرس على تشريعات أو قرارات معنية بإسرائيل، وحينئذ كانت تضغط أعضاء الهيئة التشريعية للتصويت لصالح أهدافها. ولكن اليوم الأمر يختلف. أيباك أصبحت أكثر نشاطا لدرجة أنها تكتب بعض قرارات الكونغرس. فعلى سبيل المثل، إذا فازت حركة حماس بالانتخابات الفلسطينية تعد أيباك النسخة الأولية لمشروع قرار الكونغرس حول هذا الموضوع وتعطيه لأحد الأعضاء ليقترحه في الجلسة الرسمية."

وأوضح روزنبيرغ أن علاقة أيباك بالإدارة الأمريكية أصبحت أكثر صلابة خلال العهد الماضي. "فبعد فوز إسحاق رابين بالانتخابات الإسرائيلية في بداية التسعينيات، تقابل رئيس الوزراء الرحل مع إيباك، وقال لهم إنه يعزم أن يتعامل مع الحكومة الأمريكية بشكل مباشر لا من خلال إيباك." والسبب  في ذلك أن "رابين لم يكن راض عن بعض عناصر إيباك التي في رأيه كانت معارضة لعملية السلام ومنهم ستيفين روزن [المتهم في قضية تجسس في الوقت الحالي]. ولقد أمر رابين بفصل روزن من إيباك ولكن المنظمة رفضت." وأشار روزنبيرغ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو كان أكثر اعتمادا على إيباك في إطار إدارة علاقته بالولايات المتحدة. "نتنياهوا عين لمنصب نائب رئيس البعثة الإسرائيلية بالولايات المتحدة ليني بن داود الذي عمل بإيباك لمدة 25 سنة قبل خدمته بالسفارة." ويرى أن وضع إيباك اليوم أقوى بكثير عما كانت عليه من قبل حيث أن المنظمة "أصبحت أكثر ميلا للحزب الجمهوري الحاكم حاليا."

وأما عن والت فأنهى حواره مع تقرير واشنطن بالإعراب عن أمنيته لأن نشاهد سياسة أمريكية خارجية أكثر تماشيا مع المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط، وذكر "لا أعتقد أن ذلك سيحدث بين ليلة وضحاها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 25/آذار/2010 - 8/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م