ما بعد الانتخابات العراقية

علي الزاغيني

انتهت الانتخابات ومعها خفت كل طبول الدعاية  الانتخابية والأصوات التي تعالت مراهنة على فشل العملية الديمقراطية الجديدة ليس على العراق فقط وإنما على عموم الوطن العربي من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه.

اذا أخذنا  بنظر الاعتبار ان قسم من هذه الدول تحكمه ملوك والبعض الأخر تحكمه الأمراء فهي ليست بحاجة لإجراء انتخابات والقسم الأخر  تشكلت حكومته بقوة السلاح والانقلابات العسكرية واستمر الحكم بها دون اي انتخابات تذكر بل ان البعض  من هذه الدول جعل الرئاسة بالوراثة.

لم تشهد دولة عربية ما يشهده العراق من حرية وديمقراطية وعلى مختلف الأصعدة  والسياسية والثقافية وغيرها وهذه نهضة  في الحرية والديمقراطية تفتقدها الكثير من دول العالم العربي على الرغم من الظروف الأمنية الصعبة التي مر بها العراق والحمد لله ان الامور تسير نحو الأفضل بعد دحر الإرهاب في معظم محافظات العراق.

قبل الانتخابات شهد الشارع العراقي تشكيل تحالفات وكيانات سياسية كبيرة متلونة كألوان الطيف الشمسي تضم بطياتها مختلف شرائح المجتمع ومن مختلف طوائفه ودياناته وطبعا البعض منها اتخذ من هذه التلون دعاية انتخابية  والابتعاد ولو إعلاميا عن التخندق الطائفي الذي كرهه الشارع العراقي بمختلف ألوانه.

تعددت الوعود والعهود وتلونت بتلون هذه القوائم ونام الشعب على امل ان يصحو وقد تحققت كل أحلامه وطموحاته التي وعد بها المرشحون الطامحون لسلم السلطة الذي يحلم بالوصل الجميع على حد سواء  ولكن من سيحقق وينفذ وعوده الانتخابي بعد فوزه ؟

قوائم كبيرة  بكل شئ الأموال والأسماء الرنانة والدعم اللا محدود الذي تتلقاه من داخل وخارج العراق  وقوائم أخرى قد تكون متوسطة  لها اسمها في الشارع العراقي ولكنها تفتقد الشعبية التي توصلها الى ما تصبوا إليه رغم انها لها تاريخ نضالي طويل  وقوائم صغيرة الاسم وحديثة التشكيل ولكنها للأسف لا توجد لها اي قاعدة شعبية ربما بسبب الأعلام الذي لم يسلط الضوء عليها وضعف الدعم المالي وحتى الافتقار للخبرة السياسية والتي تعتبر مهمة في غياب الدعم المالي.

قد لا نبالغ اذا أجزمنا القول  بان الأغلبية البرلمانية قد تكون بين ثلاث كيانات وهي (دولة القانون والعراقية والائتلاف الوطني  بالطبع إضافة الى التحالف الكردي) اللاعب المهم في البرلمان العراقي والذي بسعى الجميع نيل رضاه وتقديم التنازلات له ليضمن  الدخول  معه في صلب العملية السياسية  وتشكيل الحكومة المرتقبة.

وتبقى القوائم الصغيرة الفائزة بمقاعد لا يمكنها ان تغير من الواقع شئ وقد تدخل في تحالفات مع احدى القوائم الفائزة لتضمن عدم ضياع صوتها في البرلمان العراقي او تبقى من دون اي تحالفات من اجل عدم الإخلال بمبادئها التي صوت الناخبون لهم من اجلها.

يبقى السؤال هنا من هو الفائز ومن هو الخاسر في الانتخابات العراقية ؟

هل هو المواطن الذي تحدى الإرهاب وأعطى صوته لمن اعتقد بانه هو الشخص المناسب لهذا الاختيار , ام المرشح الذي بنى امال كبيرة واتضح فيما بعد انه لم يكن سوى طعم استخدمته الكيانات الكبيرة لغرض كسب ثقة الشارع العراقي ؟

اذا اخذنا الامور بنظر من الناحية الديمقراطية فانه ليس هناك خاسر ابدا اذا وضعنا مصلحة البلد فوق كل اعتبار لان هذه الديمقراطية والحرية الانتخابية هي المفتاح الصحيح لوطن حر  ديمقراطي وسيفخر أبنائه في المستقبل بهذه الديمقراطية.

وإذا أخذنا الأمور من زاوية اخرى فان المرشح الذي لم يفز فانه خاسر بكل معنى الكلمة حتى وان كسب بعض الشعبية وتسلطت عليه وسائل الأعلام لان اغلب المرشحين  المستقلين كانت حملاتهم الانتخابية ليس لها مصدر تمويل  سوى أموالهم الشخصية.

ولكن هل الشارع العراقي راضي عما ستاتي من نتائج مع تصاعد الأصوات بان هناك حملات تزوير صاحبت العملية الانتخابية وهذه الأصوات لم يهدا لها بال وخاصة اذا كانت خاسرة  بتحقيق ما كانت تصبو اليه من مكاسب.

الشارع العراقي على  مختلف مستوياته الاجتماعية والثقافية يطمح بان تكون الحكومة القادمة حكومة قوية تلبي متطلبات الشعب  وتسهم في حل جميع الأزمات التي يعاني منها وخاصة على مستوى الخدمات  وحل مشكلة السكن الأزلية والقضاء على البطالة ومحاربة الفساد والمفسدين.

على كل حال الايام القليلة القادمة ستكشف لنا من هي القائمة التي حققت أعلى الأصوات ومن حقها تشكيل الحكومة ومع من ستتحالف من الكتل الاخرى  لتشكيل تلك الحكومة المنتظرة والتي نتمنى  ان لا تطول فترة تشكيلها وان لا تكون ولادتها  عسيرة وتحتاج لا كثر من عملية قيصرية تتطلب من سوف يشكلها تقديم تنازلات من اجل أرضاء الكتل الأخرى على حساب ابناء الشعب.

وارجو ان لا تكون كركوك الورقة الرابحة  التي يلعب بها  البعض ويستفاد منها البعض الاخر لغرض الوصول لأهدافهم المنشودة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 24/آذار/2010 - 7/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م