هوس الاختلاط وفتوى هدم المسجد الحرام

علي ال غراش

في عام الفيل فشل أبرهة الأشرم في هدم الحرم المكي رغم قوة جيشه والاستعانة بالأفيال، ودعم الشياطين من الأنس والجان، حيث أرسل الله عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، وذلك بفضل اخلاص وإيمان ودعاء سيد قريش عبدالمطلب جد الرسول الأعظم محمد (ص)؛ ولكن في هذا الزمن حيث هوس الجنس والاختلاط وسوء الظن بالعباد والتكفير والدعوة لقتل المختلف في الرأي يسيطر على عقلية بعض الدعاة، الذين لا يردعهم رادع بإصدار الفتاوى الغريبة التي لم يفكر فيها رسول الأمة ولا الأئمة ولا بقية العلماء والفقهاء طوال التاريخ الإسلامي أي أكثر من ألف وأربعمائة عام بإصدار دعوة أو فتوى كالفتوى التي تدعو لهدم الحرم المكي الصادرة من بعض من يدعون انهم حماة الدين والعقيدة والحرم المكي.

لقد دعا الداعية الشيخ الدكتور يوسف الأحمد، أستاذ الفقه في كلية الشريعة بجامعة الإمام في الرياض، بهدم المسجد الحرام وبنائه من جديد لمنع الاختلاط بين الجنسين داخل الحرم، بما في ذلك عند الطواف والسعي. قائلا انه يستند إلى فتوى لمفتي السعودية الراحل الشيخ عبدالعزيز بن باز.

تلك الفتوى هدم الحرم المكي شكلت مفاجأة وصدمة لكل من سمع بها في العالم، وليس فقط لأهل الديانة الإسلامية أو أبناء الوطن، بل ان البعض وصفها بأنها قنبلة أقوى من القنابل الانتحارية التي يستخدمها الارهابيون في هدم المساجد وقتل المصلين، لان هذه الفتوى تدعو لهدم أقدس المواقع الدينية في العالم.

إنها فتوى غريبة أثارت الاستغراب والدهشة وعدم التصديق لدى كل من لديه كرامة وشرف وعزة وغيرة على الدين، لاسيما إن حجة المطالب بهدم الحرم المكي انه وبدافع الغيرة على الدين ومن فتنة الجنس الناعم النساء اكتشف ان بناء المسجد - الذي يحتضن أقدس بناء على وجه الأرض الكعبة المشرفة قبلة المسلمين، ويطوف حولها المؤمنون والمؤمنات، طوال الاف السنين قبل الدين الإسلامي وبعده - بهذه الطريقة مدعاة للاختلاط المحرم بين الرجال والنساء!!.

عجيب أمر هؤلاء الذين يغلب عليهم الهوس الجنسي والاختلاط بين الرجال والنساء والشك في العباد وان مجرد رؤية امرأة بجانب رجل ولو في تأدية فريضة دينية رهيبة - لاسيما في بيت الله الحرام أقدس موقع للتقرب من الخالق عز وجل، إذ يتخلى فيه المؤمنون والمؤمنات في تلك البقعة الطاهرة عن كل الملذات الدنيوية والشهوانية والتوجه بمشاعر خالصة صافية لله رغبة للحصول على العفو والمغفرة وعلى صك التوبة وبالخصوص رضاء الله - يصنف بأنه اختلاط محرم ومدعاة لإثارة الغرائز الجنسية وارتكاب الحرمة.

هل هناك مؤمن أو مؤمنة في بيت الله الحرام وفي لحظة الذوبان الروحي بين العاشق العبد المؤمن والمعشوق سبحانه وتعالى، يفكر في ارتكاب معصية في أقدس بقعة وعند الكعبة المشرفة؟.

ما أسهل هدم المسجد الحرام وتدمير الدين ونشر الفوضى بين البشر، إذا سيطر على عقول بعض من يرون أنفسهم حراسا للفضيلة ودعاة للشريعة، الهوس الجنسي والاختلاط والشك وسوء الظن بأفعال العباد وإصدار الفتاوى التكفيرية، بعد ما جفت قلوبهم وعقولهم من الروحانية والذوبان مع الله، وغاب عنهم التعامل مع الناس بثقة واحترام، والدعوة للدين بالموعظة الحسنة. نحن بحاجة إلى علماء قلوبهم وعقولهم وأعمالهم خالصة لله، يدعون للمحبة والتسامح، وتحترم حرية وعقول الآخرين.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/آذار/2010 - 5/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م