مصر.. أزمة الحُكم تفاقم الفساد والقمع السياسي

 

شبكة النبأ: تسود حالة من القلق والترقّب الأوساط الشعبية والسياسية في مصر لغياب الرئيس حسني مبارك في رحلة علاجية في الخارج. ويعزو مراقبو هذه الحالة إلى عدم وجود نائب للرئيس، باعتبار أن وجوده ربما يضمن استقرار الأمور ويكرس الانتقال السلس للسلطة كما حدث بعد الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات.

من جانب آخر قالت منظمة الشفافية الدولية في تقرير أن الفساد في مصر في ازدياد، ودعت المنظمة إلى إصلاح شامل وعاجل لإجراءات الانتخابات وتعزيز دور الهيئة القضائية. وقالت إن جهود مصر لمحاربة إساءة استخدام السلطة أحبطها التضارب الواسع بين المصالح والتدخل السياسي وضعف تنفيذ القانون.

وفي غضون ذلك حذّرَ المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي مما وصفه بـ لجوء أجهزة الأمن المصرية إلى استخدام أساليب قمعية ضد أنصاره، وضد المطالبين بتغيير الأوضاع السياسية من المصريين. فيما عيّنَ الرئيس المصري حسني مبارك الدكتور احمد الطيب شيخا للأزهر خلفا لسيد طنطاوي الذي توفي في السعودية الأسبوع الماضي.

مرض مبارك يدخل الحراك السياسي في فترة بيات

ورغم سعي الإعلام الحكومي ورجال الدولة الى طمأنة الشعب بصورة يومية الا ان هذا لم يكن، في رأي مراقبين، كافيا بالنظر الى ما جرت عليه العادة من اعتبار صحة الرئيس من "التابوهات" التي يحرم الخوض فيها. ويرى هؤلاء المراقبون ان هذا ينطبق بصورة أكبر على مبارك الذي يحكم منذ عام 1981، وهو ما يعني ان %71 من المصريين ولد وعاش في عهده.

ووسط حراك سياسي واضرابات داخلية وتوترات اقليمية، تظل أخبار تطورات الحالة الصحية للرئيس في المستشفى الذي يعالج به في جنوب ألمانيا شغلا شاغلا للمصريين كل صباح.

ومن الأشياء التي زادت من مشاعر القلق بشأن الحالة الصحية للرئيس اللقطات التلفزيونية التي بثها التلفزيون المصري وعلق عليها بالقول ان الرئيس بدا في حالة طيبة، حيث ترددت شائعات عبر مواقع الانترنت تشكك في سلامة هذه اللقطات واعتبرت انه أجريت لها تعديلات حتى تجعل الرئيس البالغ من العمر 81 عاما يبدو في سن أصغر. بحسب صحيفة الوطن.

ورصدت وكالة الانباء الألمانية (د.ب.أ) حالة القلق على أحاديث الناس في الشوارع وتعليقات القراء في مواقع الانترنت على أي موضوع يتعلق بصحة مبارك. ولا تخرج التعليقات في مجملها عن "ربنا يشفيك يا ريس" و "يارب ترجع لنا بالسلامة". تذهب هذه التعليقات أحيانا الى السخرية من مستوى الخدمة الطبية في المستشفيات المصرية، وتتجه السخرية أحيانا الى انتقادات تتعلق بقضية العلاج على نفقة الدولة والتي أثيرت اخيرا بشأن ما يحيط بها من "فساد" و"سوء استغلال للنفوذ".

ويرى مراقبون ان ما يحدث في مصر مشهد استثنائي اتفقت عليه المعارضة والنخبة السياسية الحاكمة بالتوافق مع كل فئات الشعب المصري وهو عدم استغلال مرض وغياب الرئيس في لهجة حواراتها عن تغيير نظام الحكم، والاجماع على الدعاء له بالشفاء والصحة.

ولفت ذلك نظر الكاتب والمحلل السياسي المعروف عمرو حمزاوي فكتب :"على الرغم من الاختلاف الحاد (والمشروع) حول توجهات وسياسات النظام، الا ان معظم قيادات وأقلام المعارضة تسامت عن استغلال رحلة الرئيس مبارك العلاجية لأهداف سياسية. وهي في هذا عبرت عن اجماع شعبي رائع وأصيل يحترم قدسية المرض".

وليست هذه المرة الأولى التي يساور فيها المصريون حالة من القلق على رئيسهم والتعاطف معه، وربما كانت المرة التي سجلت فيها أعلى درجات القلق والتعاطف هي التي أعقبت انباء محاولة الاغتيال التي تعرض لها في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا عام 1995. وظهر ذلك جليا في خروج المصريين في جموع حاشدة ومن مختلف الفئات والتوجهات في حالة قل ان تتكرر من "الاستنفار الشعبي" لاستقباله والاطمئنان عليه بعد عودته سالما من أديس أبابا.

وعمت حالة من القلق على الرئيس والتعاطف معه بعد وفاة حفيده العام الماضي حتى ان بعض المعارضين رأوا ان وفاة الحفيد زادت من شعبية ليس الجد فقط وانما الأسرة كلها.

ويعزو مؤيدون للرئيس القلق المخيم على الساحة المصرية بشأن الحالة الصحية للرئيس الى "الدور الكبير الذي يقوم به في الحفاظ على استقرار البلاد وحفظ دماء أبنائها بانتهاجه دوما سياسة مسالمة وهادئة". وكتب واحد من هؤلاء في تعليق على الانترنت "وحشت مصر.. البورصة عايزاك ياريس" بعد تراجعها لثلاثة أيام متواصلة هذا الأسبوع.

وكان الاعلام الرسمي المصري هذه المرة أكثر شفافية في التعامل مع انباء تطورات حالة الرئيس الصحية كما كان الاعلام الخاص أكثر حرصا وتحفظا في التعامل مع أخبار صحة مبارك وبدا ذلك جليا في الالتزام حتى بمنطوق البيانات الرسمية في وصف مرض الرئيس.

وربما يرجع ذلك في جانب منه الى الخوف من التعرض لما حدث للصحافي ابراهيم عيسى من اعتقال ومحاكمة بتهمة نشر أخبار كاذبة عن صحة رئيس الجمهورية، وصدر ضده حكم بالسجن سنة وغرامة خففت بعد ذلك الى الحبس شهرين قبل ان يصدر مبارك قراراً جمهورياً بالعفو عنه.

شائعات وفاة مبارك

وقال موقع "كريستشن ساينس مونيتور" الأمريكي، الصحيفة الورقية الشهيرة سابقا، في تقرير له من القاهرة، إن الشائعات منتشرة بشكل كبير في مصر حول وفاة الرئيس المصري حسني مبارك، رغم وجود تقارير رسمية تؤكد تعافيه بعد إجرائه عملية استئصال مرارة في مستشفى ألماني الأسبوع الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى أن حديث الشارع المصري اليوم هو هوية خليفة مبارك القادم، ونقلت أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة قوله "إن مصر تعيش لحظة حرجة جدا الآن."

وقال حسن نافعة "إن تساؤلات وشكوك الناس سوف تزداد إذا لم يظهر الرئيس مبارك على التلفزيون خلال الاسبوع المقبل،  في ظل غيابه الطويل الآن."

وقالت الصحيفة إن ما حصل في نيجيريا أن الرئيس هناك غاب في رحلة علاج طبي وخلفه نائبه، ولكن في مصر لايوجد نائب، وفي هذه الحالة يعلن رئيس الوزراء أحمد نظيف أن الرئيس غير قادر على إكمال مهامه لأسباب صحية فيتم تعيين رئيس البرلمان كرئيس مؤقت إلى حين إجراء انتخابات خلال شهرين.

وبدوره نشر موقع شبكة CBS الأمريكية تقريرا من مصر حول شائعات وجود الرئيس المصري الآن في غيبوبة، مما أدى إلى انخفاض في الأسواق المصرية. إلا أن مصدرا في السفارة المصرية في واشنطن نفى للشبكة صحة هذه الشائعات مشيرا إلى أنه سيخرج من المستشفى خلال أيام.

مبارك يظهر على شاشة التلفزيون

ولاحقاً ظهرَ الرئيس المصري حسني مبارك على شاشة القناة الاولى للتلفزيون المصري وهو يتحدث في وضع الجلوس مع الطبيب المعالج ومعاونيه بمستشفى هايدلبرج بألمانيا.

وأجريت لمبارك (81 عاما) عملية جراحية قبل عشرة أيام لازالة الحوصلة المرارية وورم حميد من الاثنى عشر. وكان بعض المتعاملين في السوق المصرية استبعدوا أن تستعيد البورصة توازنها الى أن يظهر مبارك على شاشة التلفزيون.

وقبل ظهوره استعادت البورصة 1.8 في المئة الى مؤشرها لكنها هوت بنسبة 6.1 في المئة في الجلستين التاليتين. بحسب رويترز.

وقال الطبيب ماركوس بوشلر للتلفزيون انه لن تكون هناك حاجة بعد يوم الثلاثاء للفحوص المعملية اليومية التي تجرى للرئيس المصري.

وقال "تقابلت مع الرئيس مبارك في وقت مبكر هذا الصباح كجزء من الفحص الطبي الاعتيادي اليومي الذي نجريه. انه في حالة حبور ومعنوياته عالية جدا كالمعتاد."وأضاف "عزيمته وارادته القوية اللتان شهدناهما جميعا الاسبوع الماضي كانتا واضحتين هذا الصباح في وقت يتوق فيه الى العودة الى أنشطته الطبيعية."

مصر تخسر المعركة ضد الفساد..

من جانب آخر قالت منظمة الشفافية الدولية في تقرير ان الفساد في مصر في ازدياد. ودعت المنظمة في تقريرها الى اصلاح شامل وعاجل لإجراءات الانتخابات وتعزيز دور الهيئة القضائية.

وقالت المنظمة ومقرها برلين ان جهود مصر لمحاربة إساءة استخدام السلطة أحبطها التضارب الواسع بين المصالح والتدخل السياسي وضعف تنفيذ القانون. وقال التقرير"تم وضع نظام تنظيمي سليم في الاونة الاخيرة لمنع الانتهاكات من جانب الشركات في النظام المالي."بحسب رويترز.

وأضاف التقرير "لكن هناك حاجة لقوانين أقوى تحكم تضارب المصالح بين رجال الاعمال الذين يشغلون مناصب تنفيذية أو تشريعية."

ودعا التقرير الى إصلاح عاجل لنظام تسجيل الناخبين غير الفعال قبل الانتخابات البرلمانية هذا العام وانتخابات الرئاسة التي تجري في عام 2011.

وقال التقرير وهو يشير الى لجنة مستقلة عن وزارة الداخلية تم تشكيلها للاشراف على انتخابات الرئاسة "تم تحقيق تقدم في تحسين مراقبة الانتخابات على المستوى الرئاسي بعد أحدث تعديلات دستورية لكن ليس على المستوى المحلي والبرلماني."

وقالت منظمة الشفافية الدولية ان القضاء "الذي ينظر اليه على انه واحد من أقل السلطات فسادا وأكثرها استقلالية في مصر ويتمتع باحترام واسع النطاق بين العامة" يجب ان يستعيد دوره الرئيسي في مراقبة الانتخابات.

واستقال قاض بارز في العام الماضي احتجاجا على تدخل الحكومة في شؤون القضاء والشؤون السياسية.

وقالت المنظمة في تقريرها ان القيود المفروضة على جميع الاحزاب السياسية باستثناء الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم تستبعدهم من القيام بدور رئيسي في الحكم. وأضاف التقرير ان انحياز وسائل الاعلام الحكومية لصالح الحزب الوطني الديمقراطي قيد حرية التجمع.

وعقدت أحزاب المعارضة الرئيسية الاربع مؤتمرا في الاسبوع الماضي في إطار جهود منسقة للاصلاح قبل الانتخابات قالوا انه اما يتم تجاهلها أو يساء عرضها من قبل وسائل الاعلام الحكومية.

وقالت المنظمة ان الجهاز الحكومي في مصر مثقل بأعباء ثقافة التوظيف لتفادي ارتفاع معدلات البطالة والترقية استنادا الى الاقدمية وليس الكفاءة بينما جعلت الدخول المنخفضة القضاء على الفساد مسألة أكثر صعوبة.

وقالت المنظمة "بدون اصلاح جاد لنظام الاجور فانه من المرجح ان يزيد الفساد." وأضافت "من المرجح ان يكون للفساد مكان عندما تفشل الاجور في تغطية نفقات المعيشة الاساسية."

البرادعي يحذر أجهزة الأمن المصرية من قمع أنصاره

ومن جهة أخرى حذر المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي مما وصفه بـ «لجوء أجهزة الامن المصرية الى استخدام أساليب قمعية ضد أنصاره» وضد المطالبين بتغيير الأوضاع السياسية من المصريين.

وأعلن البرادعي في بيان أصدره من كوريا ادانته لما تعرض له الطبيب المصري طه عبدالتواب الذي جرى احتجازه والاعتداء عليه بأحد مقار مباحث أمن الدولة بمحافظة الفيوم بسبب تأييده للبرادعي كمرشح محتمل في الانتخابات الرئاسية المصرية. بحسب صحيفة الوطن.

وقال البرادعي في بيانه :«تابعت بقلق بالغ أثناء تواجدي في كوريا ما نشرته الصحف المصرية من أنباء حول تعرض السيد الدكتور طه عبد التواب المواطن المصري المقيم بمحافظة الفيوم، للضرب المبرح والإهانة وإهدار الكرامة من جانب رجال السلطة العامة بمقر مباحث أمن الدولة مما ترتب عليه دخوله في حالة غيبوبة ونقله الى غرفة العناية المركزة بمستشفى الفيوم العام وهو في حالة خطرة».

وأضاف البيان «لقد وقع هذا الاعتداء بسبب قيام الدكتور طه عبد التواب بممارسة حقه المشروع في التعبير السلمي عن رأيه في ضرورة وأهمية تغيير الأوضاع السياسية في مصر نحو الأفضل.. وهو ما تطالب به الأغلبية الساحقة من شعب مصر وأنا معهم وفي مقدمتهم ومن ورائهم».

وحذر من خطورة اللجوء الى الأساليب القمعية قائلا «أود في النهاية أن ألفت انتباه الجميع الى أن اللجوء الى هذه الأساليب غير المتحضرة يعد انتهاكا صارخا لكل الأعراف والقوانين الدولية ويعرض مرتكبيها للمساءلة أمام المحاكم الوطنية».

تعيين احمد الطيب شيخا للأزهر

وعيّنَ الرئيس المصري حسني مبارك الدكتور احمد الطيب شيخا للأزهر خلفا لسيد طنطاوي الذي توفي في السعودية الأسبوع الماضي.

وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن مبارك أصدر قرارا جمهوريا بتعيين الطيب في هذا المنصب. وقد أصدر مبارك القرار من ألمانيا حيث يمضي فترة نقاهة بعد خضوعه لعملية جراحية في السادس من الشهر الجاري.

ونقلت وكالة فرانس برس عن مقربين من الطيب انه يعتبر من الشخصيات المعتدلة و صاحب فكر تنويري.

وقد أعلن الطيب عقب صدور القرار انه سيواصل أداء الرسالة التي كان يقوم بها شيخ الأزهر السابق بما يحافظ على دور المؤسسة كمرجعية للمسلمين تقوم على الوسطية والاعتدال. كما أشار إلى انه سيواصل سياسة الانفتاح على العالم والحوار مع الغرب.

والطيب معروف بمعارضته لجماعة الإخوان المسلمين المصرية، اكبر الكتل السياسية المعارضة في مصر، حيث أدان في عام 2006 عرضا للفنون القتالية قامت به مجموعة من الطلبة المقربين من الجماعة في جامعة الأزهر داعيا إلى احتواء الفكر المتطرف.

وقال حينذاك تم تصوير هؤلاء الطلبة وهم يشكلون ميليشيا إرهابية ما يدعو إلى الاعتقاد بان جامعة الأزهر جامعة إرهابية تصدر الإرهاب والفكر المتطرف وهو ما لا يقبله الأزهر مطلقا.

والطيب الذي أصبح شيخ الأزهر السادس والأربعين منذ تأسيس هذا المنصب في القرن العاشر الميلادي هو من مواليد عام 1946 ودرس في الأزهر منذ أن كان في العاشرة من العمر وأمضى 40 عاما في جامعة الأزهر حيث تولى منصب رئيس قسم الفلسفة في كلية الآداب التابعة لجامعة الأزهر.

ويتولى الطيب منصب رئيس جامعة الأزهر منذ 2003 وعمل قبلها مفتيا للديار المصرية. ومنذ عام 1961 يعود تعيين شيخ الأزهر لرئيس الجمهورية مما فتح باب الانتقاء إلى مؤسسة الأزهر واعتبارها تابعة للسلطة.

حقائق عن حسني مبارك..

وفيما يلي بعض الحقائق عن مبارك الذي يتولى الرئاسة في مصر منذ نحو ثلاثين عاما، بحسب رويترز:

- تولى مبارك الرئاسة بعد اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات عام 1981 .

- ساند مبارك (81 عاما) في الاونة الاخيرة اصلاحات اقتصادية داخل البلاد تقودها حكومته بقيادة نظيف ولكنه يحكم قبضته على المعارضة السياسية.

- يقاوم أي تغيير سياسي كبير حتى عندما يواجه ضغوطا من حليفته الولايات المتحدة التي تقدم مساعدات عسكرية ومساعدات أخرى بمليارات الدولارات لمصر منذ أن أصبحت أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1979.

- فاز مبارك الذي يتولى الرئاسة في مصر منذ عام 1981 بأول انتخابات رئاسة تعددية عام 2005 وجاء أبرز منافسيه في المركز الثاني بفارق كبير عنه. الا أن الجماعات المدافعة عن الحقوق ومراقبين قالوا ان مخالفات شابت الانتخابات.

- لم يحدد مبارك ما اذا كان سيرشح نفسه لفترة رئاسة سادسة في الانتخابات التي ستجرى عام 2011 لكن الكثير من المصريين يعتقدون انه اذا لم يرشح نفسه فمن المرجح أن يسعى لان يشغل المنصب ابنه جمال (46 عاما) الذي يتولى منصب الامين العام المساعد للحزب الوطني وأمين السياسات بالحزب. وينفي كل من مبارك وجمال هذه المزاعم.

من الذي يمكن أن يقود مصر بعد مبارك؟

وظل سكون الوضع السياسي في مصر يعتبر لفترة طويلة ميزة في منطقة مضطربة لكن مع تقدم الرئيس حسني مبارك في السن دون خليفة ظاهر بدأ المستثمرون الاجانب يتساءلون عما اذا كان هذا الامر عائقا.

لم يقل مبارك (81 عاما) إن كان سيرشح نفسه مجددا في انتخابات عام 2011 الامر الذي أجج الحديث عمن سيحكم بعده. ويعتقد كثير من المصريين أنه اذا لم يرشح نفسه فسينقل السلطة الى ابنه. لكن يظل هناك مرشحون اخرون محتملون أو شخصيات مؤثرة يمكن أن تخوض السباق.

وفيما يلي نبذة عن شخصيات وجماعات ومدى فرصها فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، بحسب رويترز..

1 - جمال مبارك ابن الرئيس والسياسي في الحزب الحاكم..

وجهة النظر الغالبة هي أن جمال ابن مبارك الاصغر والبالغ من العمر 46 عاما يجري اعداده للمنصب. وينفي كل من مبارك وجمال -وهو مصرفي سابق- الاعداد لمثل هذا الامر.

ويشغل جمال منصب الامين العام المساعد للحزب الوطني الديمقراطي ومنصب أمين السياسات في الحزب. وقد طبق حلفاؤه في المناصب الاقتصادية العليا في مجلس الوزراء اجراءات للتحرير الاقتصادي نالت استحسان المستثمرين.

لكن جمال -على النقيض من الرؤساء الثلاثة الذين حكموا مصر منذ اسقاط الملكية بعد ثورة يوليو عام 1952- ليس له خلفية عسكرية وهو الامر الذي يمكن أن يكون عقبة كبيرة أمام شغله المنصب بحسب قول محللين.

2 - عمر سليمان مدير المخابرات العامة..

عمر سليمان مدير المخابرات العامة هو الشخصية التالية بعد جمال مبارك الذي يتوقع مصريون أن يشغل المنصب. وهو مساعد مقرب للرئيس المصري وبرز كوسيط مهم في عملية السلام في الشرق الاوسط.

ويقول محللون ان مثل هذا التكليف بالوساطة يبين الثقة التي يوليها اياه مبارك الذي يحب التأكيد على دور مصر القيادي في صنع السلام في المنطقة. ولا يتحدث سليمان كثيرا الى الشعب المصري.

وحتى اذا لم يظهر سليمان كمرشح فعلي للرئاسة فان كثيرين يقولون انه يمكن أن يكون صانع الرئيس الجديد.

3 - مرشح عسكري..

يقول محللون ان مرشحا عسكريا يمكن أن يبرز. وكان الرؤساء الثلاثة منذ عام 1952 - جمال عبد الناصر وأنور السادات ومبارك - ضباطا في الجيش.

وكان مبارك نائبا للرئيس قبل توليه الرئاسة عام 1981 وبقي في الحكم لفترة أطول بكثير مما توقعه منتقدوه في ذلك الوقت. ولم يعين مبارك نائبا له.

4 - محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية..

قال البرادعي انه سيبحث ترشيح نفسه في الانتخابات لكنه ذكر أن ذلك يعتمد على تعديلات يطالب بها في الدستور وضمانات لنزاهة الانتخابات. ويقول محللون ان من غير المرجح الاستجابة لمطالبه.

وحين عاد البرادعي في فبراير شباط لزيارة قصيرة لمصر كان في استقباله في المطار نحو ألف من مؤيديه لكن هذا العدد ضئيل جدا بالمقارنة بعشرات الالوف من المؤيدين على موقع فيسبوك وغيره من مواقع الانترنت الامر الذي يبرز صعوبة أن يتحول النشاط المناويء للحكومة في الشبكة الدولية الى حملة في الشوارع.

وحين سئل مبارك عن البرادعي في مؤتمر صحفي في برلين يوم الخميس قال ان له أن يرشح نفسه في انتخابات 2011 اذا أراد لكنه بدا ضجرا حين سئل في نفس المؤتمر عما اذا كان يرى أن البرادعي بطل قومي. وقال "لا نحتاج لبطل قومي من هنا أو هناك."

5 - أيمن نور السياسي المعارض..

جاء أيمن نور في المرتبة التالية لمبارك بفارق كبير في الاصوات في الانتخابات الرئاسية التنافسية الاولى في مصر عام 2005. وفي نفس العام حكم عليه بالسجن لادانته بالتزوير وهو اتهام يقول انه لفق له بدوافع سياسية.

وقال نور الذي أفرج عنه العام الماضي لاسباب صحية بعد قضاء أكثر من ثلاثة أعوام من خمسة هي مدة الحكم انه يريد أن يخوض انتخابات 2011 بعد أن وافق حزب الغد الذي يتزعمه على ترشحه.

وقال انه سيطعن في تطبيق بند قانوني عليه يمنعه من الترشح لخمس سنوات على الاقل بعد انقضاء فترة سجنه الاصلية الامر الذي يجعله غير مؤهل للترشح للانتخابات المقبلة. ويقول محللون ان من غير المرجح أن ينجح في ابطال هذا الحظر.

6 - رئيس الوزراء أحمد نظيف..

أسند مبارك اختصاصاته الرئاسية لرئيس مجلس الوزراء أحمد نظيف قبل عملية جراحية أجريت له هذا الشهر في ألمانيا. لكن نظيف ينظر اليه على أنه تكنوقراطي متمرس بغير نفوذ سياسي يجعله منافسا محتملا على المنصب. ويقول محللون انه قد يكون بامكانه توجيه السياسة الاقتصادية لكن ينقصه النفوذ الواسع.

وبحسب الدستور تنتقل الرئاسة الى رئيس مجلس الشعب اذا مات الرئيس أو أصابه عجز دائم. ولابد من اجراء انتخابات رئاسية في غضون 60 يوما من تاريخ الوفاة أو العجز.

7 - جماعة الاخوان المسلمين أكبر جماعة معارضة..

جماعة الاخوان المسلمين هي المنافس الرئيسي للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مجلس الشعب الذي يشغل نحو خمس مقاعده أعضاء في الجماعة وهو عدد يفوق بكثير عدد المقاعد التي تشغلها أي جماعة معارضة أخرى.

لكن الجماعة التي يتعرض أعضاؤها لحملات احتجاز أمنية بين وقت واخر محظورة باعتبار أن الاحزاب الدينية ممنوعة في البلاد. وعلى ذلك يلزم أن يخوض اخواني الانتخابات كمرشح مستقل وهو أمر صعب للغاية في ظل قواعد الانتخاب المصرية.

فالمستقل يلزمه الحصول على تزكية 250 عضوا في المجالس المنتخبة التي يهيمن عليها الحزب الحاكم الذي يرأسه مبارك الامر الذي يعني استبعاد ترشح اخواني للمنصب.

ومع استمرار حملة احتجاز أعضاء في جماعة الاخوان يقول محللون وكذلك الجماعة نفسها ان من الصعب أن تحصل في انتخابات 2010 على المقاعد التي شغلتها في مجلس الشعب بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2005.

8 - الاعضاء القياديون في أحزاب المعارضة..

طبقا للدستور يجوز لعضو في الهيئة العليا لاي حزب مرخص له بالنشاط الترشح للمنصب بشرط أن يكون قد قضى في المنصب عاما على الاقل قبل اعلان فتح باب الترشح للانتخابات وألا تقل فترة النشاط المتصل للحزب عن خمس سنوات وأن يكون ممثلا بعضو منتخب واحد على الاقل في مجلس الشعب أو مجلس الشورى.

وخاضت أحزاب معارضة -مثل حزب الوفد الذي تشكل في سنوات الكفاح للاستقلال عن بريطانيا- انتخابات الرئاسة عام 2005 لكنها حصلت على أصوات قليلة للغاية فيما يقول محللون أنه ناتج عن اخماد أصوات المعارضة والذي تسبب في تمزيق تلك الاحزاب وفشلها في الحصول على تأييد جماهيري.

ورفض البرادعي الانضمام لاي حزب قائم من أجل الترشح للمنصب قائلا ان ذلك سيكون اقرارا منه بشرعية قواعد للعمل السياسي يراها غير مشروعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/آذار/2010 - 5/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م