المرأة في السعودية... بين الواقع المزري والنظرة الدونية

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تمر الذكرى السنوية ليوم المراءة العالمي كما يمر الواقع المتردي للمرأة العربية في بعض البلدان الذي ينحدر بشكل مؤسف وخطير نظرا لهيمنة الافكار المتشددة والمتطرفة التي تصادر معظم حقوقها الاجتماعية التي كفلتها الاديان والمواثيق الوضعية.

فقد ذكرت دراسة للمركز الأميركي للدفاع عن الحريات حول وضع المرأة في المنطقة العربية ذكرت بأنها لا تزال "أكثر قمعاً في العالم في ما يتعلق بحقوق النساء"، فيما قال تقرير التنمية البشرية لمنطقة آسيا والمحيط الهادي والذي صدر في اليوم العالمي للمرأة أن المنطقة مصنفة بين واحدة من أسوأ المناطق في العالم في قضايا مثل حماية المرأة من العنف أو احترام حقها في الملكية.

وعلى وجه الخصوص تعاني المرأة في المملكة السعودية من واقع مر ومتخلف سيما ان تلك البلاد تخضع بشكل كامل للمؤسسة الدينية المتطرفة، تساندها في ذلك السلطة الحاكمة.

حيث تشير معظم التقارير المرصودة الى استمرار واقع المرأة السعودية وبخس مستدام لابسط الحقوق، فضلا عن الانتهاكات الجسيمة غير المعلنة التي تتعرض لها بشكل مهين ومعيب في الوقت ذاته، وتفشي قيم اجتماعية جعلت منها بمرتبة دونية غير لائقة مع مكانتها السامية.

وعلى الرغم من الاحتجاجات المحلية والدولية على تلك الممارسات المهينة من قبل السلطة ومؤسساتها الدينية المتطرفة، لم تجد تلك الاصوات المطالبة للانتصار للمرأة اذنا صاغية هناك.

المكانة والحقوق

ونتيجة لذلك الواقع المر انتفضت بعض النسوة للدفاع عن حقوقها المشروعة، والتصدي لفتاوى المؤسسة الدينية التي لم تنزل بسلطان.

حيث تنتقد الكاتبة وأستاذة التربية السعودية فوزية البكر التعسف الذكوري وتعتبره نتاجاً لسنوات طويلة من التهيئة الذهنية المريضة حول رؤية الآخر، كما تحذر من العواقب السلبية للنظرة القاصرة للأنثى وتحويلها إلى نماذج سلوكية مقبولة ومُشرعة ضمن طريقة عمل المؤسسات الاجتماعية، لأن المجتمع السعودي كله يدفع اليوم ثمن تقييد حرية المرأة.

وتقول البكر: "ألبسونا جميعا أردية الذنب المسبق وبدؤوا في ملاحقتنا ومحاسبة المجتمع كله حتى فقدنا قدرتنا على التمييز فيما هو حق وعدل وما هو جزء من التقاليد الظالمة"

وتضيف ايضا، "كنت أقف أمام المحاسب لأرد له بعض قطع الملابس، التي قمت بتجربتها في المنزل ليلة البارحة ولم يصلح منها شيء وها أنا أعيدها له. كنت مضطرة للذهاب إلى المنزل والعودة فقط لاستخدام غرفة القياس!! فكرت للحظة.. ياه كم هي الأشياء التي اعتدنا على القيام بها حتى نسينا كيف كانوا يقومون بها أصلاً.. حياتنا سرقت في ظل التفاصيل الصغيرة الكثيرة التي تم إقحامنا فيها كنساء دون أن نعي".

وتستعرض ايضا، "غرف القياس اختفت من المتاجر، نوافذ صغيرة فقط للحديث مع الخياطين، النقل التلفزيوني المغلق لتدريسنا في الجامعة، الحراس الغلاظ من الرجال بموصفات وعمر محدد أمام كل المنشآت الرسمية النسائية لضبط الدخول والخروج برسم الرجل، عداً عن سيارات الهيئة التي تلتقط من تلتقط من الفتيات حسب تصنيفاتها للعباءة ولحجم الجلد الظاهر من المرأة في تلك اللحظة، التي يقدر للمرأة فيها أن تخرج من عملها أو كليتها أو محلها التجاري. اللوحات الصريحة في محلات الحلاقة ومحلات الأشرطة ومحلات الفيديو وكل ماله علاقة بالمتعة أو الفكر لتمنع المرأة صراحة من الدخول. بحسب جريدة الجزيرة 2009 ".

وتستشهد البكري، "المطاعم التي تشبه محاكم التفتيش بحثاً عن المحرم والتأكد منه.. عالم مرعب من الخوف والترقب والتشكيك تعيشه كل امرأة ولدت هنا أو حدث أن قدمت إلى هنا.

قامت جيوش الصحوة (الغفوة) خلال العشرين سنة الماضية بمأسستها في حياتنا ومدارسنا وجامعاتنا وأسواقنا ومستشفياتنا حتى بدا كأن الحياة يجب أن تكون ذلك وهي ليست كذلك. حتى المساجد لم نعد نعرفها إلا في ظل تقاليد محددة وبملابس محددة وحتى المسجد الحرام تم تكييف علاقتنا به في ظل رؤيتهم فتم حجزنا في مناطق محدودة وبدأت النائمات الصاحيات من النساء داخل مساجدنا ومدارسنا ومؤسسات أعمالنا وقصور أفراحنا في تنفيذ سياسات الرجال التي كانت تعني وتدور على شيء واحد: المرأة مخلوق مختلف. مخلوق اقل في قدرته العقلية ومكانته الإنسانية واقل في القدرة على ضبط الذات وحماية النفس من المالك الرجل. وفي حين يمكن دائماً الاستعاضة عن التعبيرات القاسية وتحاشي استخدام الألفاظ ذات الدلالة على العبودية والتملك والتي لفظتها الحضارات الإنسانية منذ قرون وكان آخر عهدنا بها نحن هنا في ستينات القرن الماضي، اقصد مع المنع الرسمي للعبودية في المملكة".

وتنوه البكري، "لكن تم بذكاء اجتماعي نادر استبدالها من رجالات الصحوة بأشكال متطورة للأسر والعبودية المقننة والمؤسسة، فاختفت الأغلال العلنية ولكن ظل الأسر والقيود الرسمية والأوراق التي تتطلبها أي خطوة تخطوها امرأة في عالم بشع من التفاصيل الدونية التي أتمنى على أي رجل أن يعيشها ولو للحظات ليعرف ما معنى أن يكون مستعبداً من قبل رجل يقوده ويتحكم في مصيره ودراسته وعمله وأطفاله ورزقه وأوراقه كيفما يشاء. ويظل مصير المرأة مربوطاً بطيبة وشهامة هذا الرجل فأن حدث أن كان ذو خلق وشهامة فالمرأة محمية بذلك وأن حدث أن كان متعبا أو مريضاً أو ناقص العقل أو الخبرة فليس للمرأة من عزاء".

 حملة مقاطعة

من جهتهن حثت ناشطات سعوديات النساء على مقاطعة محلات بيع الملابس الداخلية النسائية التي تستخدم رجالا لمدة أسبوعين، واستخدمت الناشطة ريم اسعد صفحتها على الانترنت للدعوة للمقاطعة، وتدعو ريم أسعد مدرسة مادة الاقتصاد الى استخدام نساء في تلك المتاجر.

وكانت وزارة العمل السعودية قد قالت إنها ستطالب باستخدام نساء في تلك المتاجر، ولكن أسعد تقول إن القانون السعودي غامض بشكل متعمد ويسمح لرجال الدين بمنع استخدام النساء.

فمن الامور التي تثير الاستغراب ان جميع العاملين في متاجر بيع ملابس النساء الداخلية في مجتمع محافظ جدا مثل السعودية هم رجال بينما يمنع على الرجل والمرأة الاجتماع في اماكن مغلقة ما لم تكن بينهما صلة قرابة.

وتضطر النساء الى التعاطي مع الرجال العاملين في هذه المتاجر وهو الامر الذي دفع النساء في السعودية الى المطالبة بتغيير هذا الوضع.

نظريا ليس من الصعب توظيف النساء في متاجر بيع الملابس النسائية لكن ليس الامر بهذه السهولة لان شرائح كبيرة من المجتمع السعودي ترفض عمل النساء حتى لو كان في هذا المجال.

وفي واقع الحال هذا الامر ليس مريحا حتى للرجال الذين يعملون في هذه المتاجر فالامر محرج لهم ايضا مثل الزبائن من النساء.

فهم محتارون بين القيام بما هو مطلوب منهم كبائعين والخوف من القيام بتصرف قد يفهم منه بانه تجاوز للحدود مما قد يوقعهم في متاعب.

وتستغرب اسعد استمرار هذا الوضع اذ من غير المنطقي ان يستمر ما دمنا قادرين على احلال النساء في هذه المهنة محل الرجال .

خيبة امل

في السياق ذاته يمنع على الرجال والنساء غير الازواج الاختلاط في السعودية وهذا يعني ان الرجال البائعين غير قادرين على اخذ المقاسات الصحيحة للزبائن من النساء.

ومما يزيد الامور تعقيدا ان الشرطة الدينية في السعودية المطوعين تمنع وجود غرف قياس في هذه المتاجر مما يضطر النساء الى دفع قيمة الملابس التي ترغب بشرائها دون قياسها.

ورغم ان السعودية كانت قد اصدرت قانونا عام 2006 سمحت بموجبه للنساء بالعمل في مجال بيع الملابس النسائية لكن الواقع لم يتغير لانه لم يطبق ولا تفسير حكومي لذلك.

وقد يكون احد الاسباب عدم تطبيق هذا القانون هو معارضة رجال الدين الذين يتمتعون بنفوذ كبير في السعودية ويعارضون عمل المرأة ويرون ان المنزل هو المكان الطبيعي لها.

وقد قررت اسعد وغيرها من المشاركات في الحملة تجاوز الدولة والمؤسسة الدينية وتوجيه الضغط الى اصحاب هذه المتاجر اذ قررن مقاطعة متاجر الملابس الداخلية النسائية التي يعمل فيها الرجال.

ويقول اصحاب هذه الحملة انهم لا يعارضون وجود الرجال في هذه المتاجر لكن يصرون على ان يكون جميع من يعملون في المبيعات هم من النساء فالامر الطبيعي حسبما تقول اسعد ان تقوم المرأة ببيع الملابس الداخلية النسائية لبنات جنسها وجميع البدائل الاخرى غير مناسبة.

أزمة القضاء

من جهة اخرى تسبب تصريح صحفي لمسئول في ديوان المظالم إحدى السلطات القضائية في السعودية بجواز كشف وجه المرأة عند القضاة بأزمة في دائرة القضاة والمفتين في البلاد.

حيث صرح رئيس ديوان المظالم قبل أيام بأنه من حق القضاة كشف وجه المرأة عند المحاكمة في أي قضية تكون المرأة طرفا فيه لحل إشكالية التعرف إلى شخصيتها في ظل ادعى البعض تحت الغطاء الشرعي الذي يستر وجهها لانتحال شخصيتها والاكتفاء بشهود لتعريف بها.

وكان تصريح الرئيس إبراهيم بن شايع الحقيل الذي ارجع فيه سبب وقوع انتحال الشخصية للنساء في القضايا إلى رفض المرأة نفسها الكشف عن وجهها لتعريف بنفسها عند تقاضيها وهو أمر عائد إليها ,قد تحول إلى فتوى تداولاتها الصحف السعودية تلزم المرأة المتقاضية بكشف وجهها أمام القاضي.

وقد دعا هذا التداول لحديث رئيس ديوان المظالم إلى ان يصدر ديوان المظالم بيانا ينفي فيه ما تردد من إصدار رئيسه إبراهيم بن شايع الحقيل فتوى بإلزام المرأة المتقاضية بكشف وجهها أمام القاضي.

وأكد المشرف على إدارة العلاقات العامة والإعلام بديوان المظالم القاضي أحمد الصقية في البيان أن ما تناقلته بعض الصحف الورقية، والإلكترونية حول تصريح رئيس ديوان المظالم عن "ضرورة كشف المرأة لوجهها أمام القاضي ليتمكن من مطابقة صورتها في الهوية، ووجوبه عليها إذا أرادت الترافع عن نفسها غير صحيح".

وأبان الصقية بالقول "نود الإيضاح أن الشيخ الحقيل كان يتحدث في افتتاح أول ورشة لهذا العام1431 من سلسلة البرامج التدريبية الممهدة لاستكمال الخطة الاستراتيجية للديوان, ووجه أحد الصحفيين سؤالاً للشيخ على هامش اللقاء حول مطالبة المرأة بحقوقها أمام القضاء, فأجاب بحفظ الشريعة والأنظمة المراعية لحقوقها, وفيما يتعلق بالتعريف بها لدى القاضي أجاب بأنه من الممكن أن يتولى ذلك نساء موظفات في قسم مستقل يقمن بتطبيق هوياتهن، وريثما يتحقق ذلك فلا يمكن تعطيل حق المرأة في الدفاع عن نفسها أو المطالبة بحقوقها،علما أن القضايا التي تكون المرأة طرفاً فيها لا تكثر أمام الديوان".

مضيفا، "لذا كما ذكر الشيخ فللمرأة عند إرادتها الترافع أمام الديوان لها أحد طرق ثلاثة للتعريف بنفسها" إحضار معرفين للمرأة من محارمها، توكيل من تثق به، كشف الوجه أمام القاضي لحظة تعريفها فقط"، وهذا ما تقضي به قواعد الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية حماية للمرأة من أن ينتحل أحد شخصيتها فيعتدي على حقوقها ويتصرف فيها بلا أذنها ورضاها، مشيراً إلى أن حديث رئيس الديوان لم يكن كما ورد بشكل مطلق، كما لم يكن الحديث منحصرا فيما تم إبرازه بل كان إجابة على هامش اللقاء.

شغب

الى ذلك لجأت مديرة مدرسة في مكة المكرمة للاستعانة بزوجها والشرطة بعد أن احتجزتها طالبات أثناء أعمال شغب احتجاجاً على "سوء معاملة المديرة".

واضطرت سلطات الأمن إلى الإستعانة بعشر سجانات لتحرير المديرة "الرهينة" وإنهاء شغب طالبات في المتوسطة السابعة عشرة في شارع المنصور في مكة المكرمة.

جمعية للرفق بالرجال من تسلّط النساء

على صعيد متصل بات تشكيل الجمعيات والتجمعات في السعودية أشبه بالموضة حيث يستحدث أفكار غريبة بين السعوديين فقد أطلق إعلامي سعودي قياسا على جمعية الرفق بالحيوان جمعية الرفق بالرجل كأول جمعية مناصرة لحقوق الرجال.

وذكرت صحيفة "عناوين" الإلكترونية الصادرة من السعودية التي بثت الخبر أن الصحفي والإعلامي السعودي عبد الله العبدلي بصدد التقدم بشكل رسمي لتشكيل جمعية "الرفق بالرجال من تسلط النساء" لوزارة الشؤون الاجتماعية ولجنة الأسرة والمجتمع في مجلس الشورى وهيئة حقوق الإنسان السعودية.

وكانت عبارات متنوعة تنادولتها الهواتف الجوالة بين الإعلاميين من قبل زميلهم العبدلي تحمل حكما وأمثالا شعبية مذيله باسم الجمعية التي لازالت في طور التأسيس.

وقال صاحب الفكرة :آمل أن تأخذ المبادرة بتأسيس الجمعية اهتماماً جدّياً لأن ما يلقاه الرجال من إهمال الزوجات تحت مظلّة مشاغل المرأة الموظفة أو تحت عذر الاهتمام بالأبناء هو إهمال غير مقبول من فئات كثيرة من الرجال، مشيراً إلى أنّ تهرّب النساء من واجباتهنّ تجاه الرجل لم يعد شأناً فريدا بل أصبح ظاهرة عامة، خصوصاً لما في الإعتماد على الخادمات في تصريف أمور المنزل من سلبيات بالغة.

وقال العبدلي للصحيفة: إن كثيرا من الذين وصلتهم الرسالة أبدوا تفاعلهم، وطلبوا الإنضمام لعضوية الجمعية، موضحاً أنّ العضوية ستقتصر على الرجال بطبيعة الحال، وستكون مجّانية شرط مساهمة العضو الرجل معنوياً وتنظيمياً في رفع التسلط الذي تمارسه النساء على الرجال.

والمرأة السعودية رغم تزايد رغبتها في الانخراط بالعمل فلا زالت تناضل لأخذ حقوقها الشرعية قبل الإجتماعية فظهور جمعية الرفق بالرجال قد تفرز تكتلات نسائية مناهضة لأهداف الجمعية التي تصفه العاملات من السعوديات بالأقرب إلى التسلية .

ونقلت صحيفة "عكاظ" أن المدرسة التي تضم نحو 900 طالبة، شهدت صباح الأحد أعمال شغب واسعة بعد آخر اختبارات الفصل الأول، حيث تعرضت النوافذ والأثاث للتهشيم والإتلاف. بحسب(CNN).

وبدأت أعمال الشغب باعتراضات من طالبات على ما وصفنه "بسوء معاملة المديرة، وإساءاتها المتكررة، ومنعها الطالبات من استخدام الهواتف المحمولة، وحبسها لهن في الفصول بلا مسوغات تربوية."

ونقلت الصحيفة عن زوج مديرة المدرسة، قوله: زوجتي تلقت أكثر من تهديد من الطالبات عبر اتصالات هاتفية ورسائل نصية مشينة، أغلب الدارسات في المدرسة طالبات من أفريقيا، ولم أشأ تحميل الأمر أكثر من محمله باعتباره اعتراضات اعتيادية تحدث بسبب اشتراطات الضبط والحزم في المدارس".

وأضاف الرجل أن زوجته استنجدت به وطلبت تحريرها من الاحتجاز، وحثته على ضرورة إبلاغ الأمن، وفي الحال تحركت السلطات إلى الموقع وحررتها من الاحتجاز بمعاونة سجانات، فيما هربت المشاغبات من المبنى.

ويذكر أن المديرة التي تعرضت إلى الاحتجاز مكلفة بالعمل بالإنابة لغياب المديرة الأصلية بسبب ظروف مرضية، وقالت المعتدى عليها في التحريات إن شرارة الأحداث انطلقت بعد عثورها على هواتف مزودة بكاميرات فيديو ومساحيق تجميل في حقائب طالبات. وأضافت أنها تعرضت للضرب ما دفعها للتحصن في غرفتها والاستنجاد بزوجها.

الطالبة محكومة 90 جلدة!

الى ذلك يبدو أن مزيداً من التحديات ستواجه الطلاب والطالبات، والهيئات التربوية بشكل عام في المملكة العربية السعودية، بعدما أخذ العقاب شكلاً جديداً، يتمثل في سجن وجلد المخالف للقوانين، حتى وإن كانوا من صغار السن.

وطالعتنا الصحف السعودية مؤخراً بنبأ عن قرار أصدرته محكمة بمنطقة "الجبيل"، شرقي المملكة، يقضي بحبس طالبة مراهقة (13 عاماً) لمدة شهرين وجلدها 90 جلدة، لتعديها بالضرب على مديرة المدرسة، التي قررت مصادرة هاتف محمول مزود بكاميرا من الطالبة، وفقاً لما هو متبع في مختلف المدارس بالمملكة. بحسب(CNN).

وبحسب النبأ، فقد باغتت الطالبة مديرة المدرسة بضربها على رأسها بكوب زجاجي، مما أسفر عن وقوع الطالبة تحت طائلة القانون، في حين اختارت المديرة تنفيذ حكم الجلد داخل المدرسة، بدعوى "التأديب"، على ما ذكرت صحيفة "الوطن" السعودية الأربعاء.

فقد وصفه جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمةجو ستورك، " بأنه غير إنساني."

وقال ستورك "إن قضية الحكم على فتاة سعودية في الثالثة عشر من عمرها بالجلد والسجن لا تنتمي للإنسانية أبدا، فمهما كانت التهمة، ليس من حق السلطات تنفيذ هذا الحكم بأي إنسان على وجه الأرض، فكيف إذا كان بفتاة في الثالثة عشر من عمرها؟"

وأكد ستورك أن منظمة حقوق الإنسان العالمية، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، ستبحث أكثر في حيثيات هذه القضية، وستسعى لتحسين أوضاع الأطفال والأقليات والنساء في المجتمع السعودي.

والحكم القضائي قوبل أيضا باستياء شديد من قبل مختصين بعلم الاجتماع، ومثقفين، وناشطين حقوقيين سعوديين، حيث وصفوه أنه حكم "جائر"، و"مؤسف"، و"مخالف للقيم النبيلة من وراء العملية التعليمية أصلاً."

الدكتور سعود الضحيان، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود، قال إن "هذا العمر (في إشارة لعمر الطالبة) لا يحتاج إلى إخضاعه لعقوبات بدنية وحسية، تدخل من خلالها الطالبة مرحلة نفسية ترى من نافذتها المدرسة بيئة تشبه السجن، من حيث كونها مكان لتنفيذ الأحكام وإهانة كرامة الإنسان."

ووصف الضحيان، الحكم بأنه "جائر"، خصوصاً فيما يتعلق بعمر الفتاة، التي ينفذ بحقها مثل ذلك العقاب، معتبراً أن "هذا الحكم لن يؤدي إلى الهدف الذي تسعى إليه المدرسة أصلاً"، وفق قوله.

كما اعتبر أن "عقوبة الجلد بها قدر كبير من الإهانة للإنسان"، وقال: "في حال أخطأ الطالب، هناك طرق تربوية أخرى يمكن اللجوء إليها، كأن يتكلف بأعمال لخدمة المدرسة أو ما إلى ذلك، لتنمية شعور الطالب بأن العقاب يأتي في إطار تربوي، وليس قصاص."

وأبدى الضحيان مخاوفه من أن تتحول الطالبة بعد تنفيذ العقوبة إلى "إنسان لا يمكن إصلاحه وتقويم سلوكياته السلبية."

غير أن عضو مجلس الشورى السعودي، الدكتور محمد عبد الله آل زولفي، وصف الحكم بـ"العجيب، الذي يتخذ ضد قاصر"، لافتاً إلى أن "عقوبات الجلد والحبس لا تتم إلا بموجب أحكام قضائية، وهذه قاعدة، بينما القصر يعاملون معاملة مختلفة، حيث لا تنطبق عليهم هذه الأنواع من الأحكام، ولهم جهات مختصة معنية بالعقاب، الذي يختلف تماماً عن العقوبات المطبقة بحق البالغين."

كما أشار آل زولفي إلى أن "هذا الحكم، بهذه القسوة والشدة، لم أراه من قبل في السعودية."

من جانبه، وصف المحامي والناشط الحقوقي السعودي، عبد الرحمن اللاحم، حكم المحكمة بـ "المؤسف، ويعيد الحديث من جديد على المؤسسة القضائية التقليدية في السعودية، التي لا زالت تتمسك بالعقوبات البدنية، مثل الجلد، الذي يدخل ضمن نطاق اتفاقية مناهضة التعذيب، والتي تعد المملكة طرفاً فيها."

وأضاف اللاحم، "إن ذلك يؤكد على ضرورة الإسراع في عملية تحديث المؤسسات القضائية التقليدية، التي لا زالت تسير ببطء ودون نتائج ملموسة على حقوق الإنسان في السعودية."

وأشار إلى أن "إلغاء العقوبات البدنية في المملكة، سيُعد بمثابة الخطوة الأولى التي يخطوها من يريدون إصلاح القضاء في السعودية."

وأشار إلى أن القضية الحالية "تجاوزت وزارة التربية والتعليم إلى المحاكم، لتتحول بذلك المدارس إلى ساحة لتنفيذ الأحكام والعقوبات البدنية البدائية، بدلاً من أن تكون ساحات للعلم والمعرفة وتلقين الطلاب القيم الإنسانية الرفيعة."

وعد اللاحم تطبيق عقوبة الجلد على طالبة في مرحلة التعليم الأساسي، بأنها "تخالف قيم التعليم، فبشاعة إلهاب ظهر طالبة بالسياط أمام زميلاتها، تتعارض مع قيم الرحمة واحترام جسد الإنسان المقدس، خصوصاً عندما تشاهدن زميلتهن تُجلد على مرأى ومسمع من الجميع، في صورة أبسط ما توصف بأنها همجية."

وأشار اللاحم، وهو محامي يدافع عن الحريات في السعودية، أن المبادئ القضائية في العالم الحديث، استقرت على معاملة القاصر معاملة خاصة من حيث المحاكمة والعقوبة، لافتاً إلى الاتفاقيات والمبادئ الدولية بهذا الشأن، "التي أوجبت التفريق بين الراشدين، ومن هم دون ذلك."

وقد تباينت تعليقات قراء سعوديين للخبر على الموقع الإلكتروني للصحيفة المحلية، بين ما وصف قرار مديرة المدرسة بـ"المجحف في حق الطالبة"، وما أدان فعلة الطالبة من حيث أنه " لم يعد هناك حياء ولا احترام للمعلم."

غير أن البعض أشار إلى أن الحكم ظالم حيث لم يضبط مع الطالبة "مخدرات مثلاً"، وفق أحد المعلقين، مشيرين إلى ما أسموه "تقصيراً واضحاً" من قبل المعلمة، التي فشلت في إسداء النصح إلى طلابها، بل وصل الأمر إلى أن وصف أحد القراء المجتمع السعودي بـ"المتخلف"، على اعتبار أنه يجرم طالبة مراهقة بدلاً من توجيهها تربوياً.

مدير تعليم يبتز البنات

على صعيد متصل ينتظر مسؤول في وزارة التربية والتعليم للبنات المثول أمام القضاء بتهمة ابتزاز مسؤولة سابقة تعمل تحت إدارته كأول قضية ابتزاز تقع بين مدير إدارته حكومية لمسؤولة تعمل تحت رئاسته في السعودية.

والشكوى الذي تنظر فيها إحدى المحاكم العامة بمنطقة مكة المكرمة غرب البلاد تعتبر الاولى من نوعها كونها قضية ابتزاز.

والتهمة ان ثبتت على المدعى عليه وهو يشغل منصبا حساسا جدا في بلاد محافظة جدا تجاه مسألة الاختلاط وقضايا تتعلق بالتعليم النسوي والرجالي ,قد يتعرض لتشويه سمعته وإقالته من منصبه .

القضاء السعودي لم يبت في القضية رغم حضور من ينوب عن المدعى عليه الذي لم يحضر أي جلسة وأناب محاميا لمتابعة القضية متذرعا بكونه يشغل منصبا اعتبارا في وزارة التربية والتعليم لقطاع تعليم البنات بالمحافظة.

وقالت صحيفة "عكاظ" التي نشرت القضية ,أن محكمة عامة في إحدى محافظات مكة المكرمة استدعت مدير لتربية والتعليم في المحافظة للمثول أمام القاضي على وجه السرعة في قضية رفعتها ضده مسؤولة سابقة في الإدارة تتهمه فيها بالابتزاز عبر رسائل الجوال.

وعلمت الصحيفة التي لم تفصح عن اسم المدير أو المنطقة التعليمية التي يتولى أدراتها أن المحكمة ستحضر مدير التعليم بالقوة الجبرية في حال عدم حضوره الجلسة بعد أن تغيب عن ثلاث جلسات سابقة ووكل شخصا آخر بالحضور نيابة عنه بحجة انه يشغل منصبا اعتباريا وان الشكوى شخصية.

واندلعت شرارة الخلاف بين المدير والمسئولة حينما أعفى الأول المسئولة من منصبها لأسباب غير معروفه مدفعها إلى رصد رسائل هاتفية غير لائقة يتبادلنها في وقت سابق معه وتقدمت إلى المحكمة بشكوى تطالب فيها بإنصافها من المدير.

منظمة تطالب الغاء حكم السجن والجلد

من جانبها دعت منظمة مراقبة حقوق الانسان ( هيومان رايتس ووتش) السعودية الى الغاء حكم بالسجن لمدة 18 شهرا و300 جلدة صدر ضد امرأة لتقديمها شكاوى تتعلق بالتحرش دون ان يكون بصحبتها محرم.

وقالت نادية خليفة الباحثة في مجال حقوق المرأة في منطقة الشرق الاوسط بهيومان رايتس ووتش التي مقرها نيويورك انه في السعودية يبدو ان خروج المرأة لعملها بدون حماية رجل يعد جريمة. بحسب رويترز.

وقالت في بيان ان الحكومة تحتاج الى الافراج عن سوسن سليم والالتزام بوعدها بانهاء هذا النظام التمييزي.

وقال البيان ان سوسن سليم اتهمت بتقديم "شكاوى كيدية" ضد مسؤولين حكوميين من بينها 18 شكوى خلال عام 2007 وظهورها بدون محرم امام المحكمة. ولم يصدر على الفور أي رد فعل من السعودية على بيان المنظمة.

وقالت صحيفة عكاظ السعودية في موقعها على الانترنت في فبراير شباط ان سليم قدمت طعنا في الحكم.

ويرفض المسؤولون السعوديون انتقادات المنظمات الغربية لسجل حقوق الانسان في المملكة ويصفونها بأنها تعكس سوء فهم للشريعة ويقولون ان القوانين الصارمة تلقى تأييدا واسع النطاق.

وحاول الملك عبد الله اجراء بعض الاصلاحات التي تهدف الى تقييد نفوذ المؤسسة الدينية في التعليم والقضاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/آذار/2010 - 24/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م