سبُل تدعيم الأفق الثقافي الجديد

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: الحياة العراقية برمتها، تدخل مرحلة جديدة بعد الانتخابات النيابية التي انعكست مجرياتها على الواقع بوضوح ملحوظ، ومن بين أهم الآفاق المستحدثة، هو الافق الثقافي الذي ينبغي أن يجاري الوقائع المستجدة في الساحة السياسية، لما له من دور مبرز في تحديد مسارات الانشطة الاخرى.

لقد عانت الانشطة الثقافية في مرحلة ما قبل الانتخابات النيابية الأخيرة من بعض الشوائب التي لايجوز أن تبقى ملازمة لهذا المجال الحيوي مع التقدم السياسي الحاصل، ولقد تم تأشير حالة واضحة من الاهمال الحكومي للثقافة، مع إهمال لها على المستوى الأهلي كالمنظمات والاتحادات المعنية.

وهنا ينبغي أن تُعاد هيكلة الانشطة الثقافية ومساراتها كي تتبلور في صيغة أفضل تستطيع أن تحقق أهدافها بسرعة ويسر، وهنا لابد أن تُستحدث رؤية حكومية جديدة للتعامل مع قطاع الثقافة خلافا لما كان سائدا في السنوات القليلة الماضية، ولعل الكثير يتفق على أن التعامل مع الواقع الثقافي العراقي كان يأتي من باب إسقاط الفرض لا أكثر، وربما كان المسؤولون لايطمحون الى أكثر مما هو شكلي صوري في هذا الجانب، او لايندفعون باتجاه التعامل الجاد مع الثقافة واضحة الملامح والمسارت، وهي ما يطلق عليها بالثقافة المنتجة.

والسبب كما يؤشره المعنيون إنشغال السياسيين بما يرونه أهم من الثقافة، بيد أن الامر يجب أن يختلف في المرحلة الراهنة، ولابد أن تنفتح آفاق جديدة للثقافة بالتعاون بين المعنيين من أهل الثقافة واصحاب القرار من الساسة الذين سيبدؤون جوله جديدة من ادارة شؤون البلاد.

وهنا ينبغي على الادارات الثقافية كالمؤسسات الحكومية والاهلية أن تتدخل بقوة لطرح رؤية جديدة في التعامل مع ملف الثقافة العراقية، يختلف على نحو كبير عن الرؤى الفردية السابقة التي كانت تقوم على المنفعة الجهوية او الفردية وما شابه، إذ لابد أن تكون هناك اهداف ثقافية مشتركة يعمل الجميع على تحقيقها من خلال التآزر بين الرسمي والأهلي وبين الثقافي والسياسي، مجاراة للمستجدات المتوقعة في المجال السياسي الذي سينعكس عن الانتخابات النيابية.

ولتكن تجربة السنوات الماضية في التعامل مع الثقافة عونا لطرح الرؤى الجديدة التي تتواءم مع المرحلة الجديدة، وليس من الصحيح أن يُهمل ملف الثقافة أو أن تُعاد الكرّة نفسها، كما حدث في السنوات السابقة من اهمال وعشوائية في تنشيط المجالات الثقافية.

 ولعل الامر المثير في هذا المجال هو تعدد الأنشطة التي تكاد أن تكون شكلية وبعيدة عن جوهر التحرك الثقافي السليم كما حدث في السنوات الماضية، حيث أخذت جهات مختلفة تابعة لوزارة الثقافة تقيم المهرجانات تحت هذا المسمى او ذاك من أجل أن يُحسب لها كنشاط او منجز ثقافي، في حين أن التعامل مع هذا المجال الحيوي ينبغي أن يبتعد كليا عن الشكليات.

لهذا نرى أن التعامل المستحدَث مع الثقافة ينبغي أن يكون متجددا ومختلفا عن المرحلة التي سبقت الانتخابات النيابية الأخيرة، وهذا الامر يتعلق بالمعنيين من المثقفين والسياسيين، بمعنى يجب أن توضع الخطط الناجعة في هذا المجال وأن تتم استشارة ذوي الاختصاص والاهتمام في الطرق المثلى لتكريس ثقافة ناشطة على نحو جوهري لا يقبل الشكلية في التعامل الثقافي.

ومن المهم أن نربط بين التقدم في الصناعة السياسية كما هو متوقع وبين ما يتطلبه الجهد الثقافي من توجيه ورعاية وتخطيط ممنهج قائم على التفعيل الجوهري للمشهد الثقافي يرافقه تفعيل للثقافة الشعبية التي تمتد بآفاقها الى الجميع من دون استثناء، لأن الثقافة الجوهرية لا تكون ذات طابع نخبوي محدود، بل تتعدى ذلك الى ثقافة مجتمعية متحضرة، تكون هدفا للأنشطة الثقافية المختلفة سواء على المستوى الرسمي او الأهلي.

ونرى كذلك أن أهمية تدعيم الثقافة بما ينسجم مع النجاحات المتوقعة في عموم الحياة العراقية، والتعويل على تحديث أفق ثقافي فاعل ومتفاعل يكون من المهام الاساسية التي يجب أن تنهض بها الجهات المعنية من كلا الطرفين المسئولين، صناع القرار والمثقفين معا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/آذار/2010 - 23/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م