الشعور بالحسد بين المغالاة فيه والتعايش معه

تحقيق: عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: لازلت اذكر تلك السيدة المسنّة التي علّقت على باب دارها "فردة نعل قديم" عكسته بوجه المارّة مثبتة إياه بمسامير قوية، وعلى مقربة منه قرن خروف كبير، كان المشهد يوحي بأن هذه الدار هي دار ساحر او مشعوذ!!

في وقتها كنت أتسائل عن سر ذلك وما الغرض منه،  وبعد الاستفسار من الأهل والأصدقاء أدركت أن تلك السيدة تخشى الحسد وعين الحاسدين، مع أنها لم تكن تملك وعلى ما أذكر أكثر من عشر نعاج وبقرة ضعيفة!!

وما وضعته هذه السيدة لطرد العين معمول ومجرّب لطرد تلك الأعين المتلصصة التي تتمنى زوال النعمة عن الآخرين، نعل وقرن وكف بخمسة أصابع وتلك التي نسميها أم سبع عيون بالإضافة الى الحرمل والبخور، معتقدات تقينا الحسد والحاسدين، البعض يعتقد بها وآخرون رفضوها.

عن هذا الموضوع تنقل (شبكة النبأ المعلوماتية) بعض الآراء التي لم تخلو من بعض القصص الغريبة، فعن الحسد يقول الأخ محسن عمران 46 سنة،" الحسد شيء موجود وملموس في مجتمعنا وأنا مؤمن بوجود الحسد، وهناك أناس حاسدين ينظرون بعين الحقد لمَن منَّ الله عليهم بالنعمة والكرامة والسبب في ذلك ضعف في شخصية الحاسد او قلة أيمان بالله".

عبد الخالق شاب في عشرينيات العمر يقول لـ شبكة النبأ،" مشكلتي أني أخاف الحسد واحذر الناس كثيراً وخصوصاً من أعرف أن لديه تجارب ملموسة في هذا المجال، لذا تراني ابتعد عن الخوض في أموري الخاصة وخصوصا مسألة الرزق، ومن جهة أخرى أُكثر من قراءة المعوذات وأحمل في جيبي دعاء خاص لطرد العين.

ويضيف عبد الخالق،" قد ينتقدني البعض لكن ما رأيتة وسمعته عن الحسد يجعلني أخاف منه فعين المجرّب تحرق الأخضر واليابس.

وبهذا الرأي يشاركه الأخ أبو زينب حيث يقول،" الحسد موجود وخير ما نستدل به عن وجود الحسد هو القران الكريم، وهنالك شواهد تاريخية مهمة بهذا الخصوص منها قصة نبي الله يوسف (ع) وما فعله به إخوته عندما أحسوا أن له منزله عالية عند أبيهم، أنا شخصيا مؤمن بالحسد وأتقيه بكل الوسائل المتاحة والمعروفة".

ضياء محسن يقول لـ شبكة النبأ،" نعم أخاف الحسد وابتعد عن الحاسدين وفي مجتمعنا الكثير ممن ابتليوا بهذا المرض الخطير ومنهم من يتمنى زوال النعم حتى عن إخوته وأقربائه، انه مرض أعاذنا الله منه".

ويضيف،" أنا شخصيا اتبع بعض الإجراءات الاحترازية لإبعاد أعين الحاسدين ففي مدخل الدار وضعت آية الكرسي والمعوذات كما ونستخدم الحرمل في بعض الأحيان لكونه مجرب بهذا الخصوص".

الأخ كريم محمد عبد من بغداد يقول،" الحسد عبارة عن احساس داخلي بالنقص أو مرض نفسي وهو عند البعض فعال نتيجة لضعف إيمانهم واستيلاء الشيطان على أفكارهم وهذا العمل من أعمال إبليس اللعين، وهو اول الحاسدين حيث دفعه حقده الى اخراج آدم من الجنة وهو من أغوى أبناء ادم على أن يقتل احدهما الآخر حينما زرع بذرة الحسد في نفس قابيل".

أم مؤمل تقول لـ شبكة النبأ،" من خلال ممارستي لحياتي اليومية تصادفني الكثير من المواقف والأحداث وأنا شخصيا أخاف الحسد وأتجنب الحاسدين، وقد يصادف ان تدخل إحدى  جاراتي الى بيتي وبكلمة بريئة تقولها تلك السيدة عن إعجابها بشيء ما، فتتحول الى شيء آخر قد يكون مخجل لها وقد يعرف بالحسد، نعم يسيئني هذا الشيء ويزعجني كثيرا وأنا أقرأ المعوذات باستمرار واستخدم البخور والحرمل دائما".

ابراهيم صافي يقول،" لما تؤمن مجتمعاتنا بالحسد وبهذا الشكل المريب والمخيف فإن هذه الظاهرة تنمو في داخلنا، ونحن من يزرعها في نفوس الأجيال، نعم قد أُخطئ وقد أُصيب في وجهة نظري مع علمي المسبق بأن الحسد موجود وقد ذُكر في القران الكريم، وهذا صحيح لكني أتسائل لما لا يؤثر هذا الحسد في نفوس الآخرين في المجتمعات الغربية مثلا؟".

صادق فرج، طالب، له نفس وجهة النظر السابقة فهو يقول لـ شبكة النبأ،" من العجيب أن هذه الأشياء لا تنمو إلا في المجتمعات الفقيرة ولا يحس بها سوى الفقراء الذين لا يملكون شيء وأنا منهم طبعاً".

ويضيف صادق،" فعندما يُرزق أحدنا سيارة او يبني بيتا جديدا تراه يتهرب من الآخرين خوفا من أعين الحاسدين او يلجأ الى وضع أشياء يعتقد بأنها ستساعده على ردع أعينهم، اما ان تعرّضَ لأمر ما في هذه الفترة فأنه يرجع أسبابه الى الحسد، والمشكلة انك في مثل هكذا أمور لا تستطيع إبداء أي رأي او أي اطراء معين خوفاً من أن يصاب صاحبك بالعين فتبتلى أنت بذلك".

ومع الاخ صادق أنهينا تحقيقنا الخاص عن الحسد، تاركين لقارئنا العزيز حرية الطرح والمشاركة متمنين من الله العلي القدير أن يبعد أعين الحاسدين عنّا جميعاً..

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/آذار/2010 - 22/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م