ربما تكون مجموعات العنف والارهاب، قد خدعت بعض المغفلين عندما
رفعت، بعد سقوط الصنم في بغداد في التاسع من نيسان عام 2003 شعارات
المقاومة والجهاد، فظلت تقتل وتدمر وتذبح وتفجر، من دون اي وازع لا من
ضمير ولا من دين ولا من حب للوطن او الانسان، يدفعها الى ذلك تحريض
فتاوى فقهاء التكفير المحميين بالبترو دولار في مملكة آل سعود ومن لف
لفهم، والذين يشجعهم الاعلام الطائفي التابع للانظمة الشمولية في
المنطقة والعالم العربي بشكل عام.
اما اليوم، فقد سقطت اوراق التوت وتعرت هذه المجموعات، فلم يعد لها
مسندا تركن اليه او مأوى تتخندق فيه.
اذ بات لكل ذي عين بصيرة، او القى السمع وهو شهيد، ان هذه المجموعات
هدفها الاول والاخير هو تدمير حلم العراقيين، والمتمثل ببناء نظام
سياسي ديمقراطي، يعتمد معايير الانسانية في التعامل مع المواطنين، بلا
تمييز.
ولذلك فان الهدف الاول لهذه المجموعات هو المواطن تحديدا دون سواه،
وللتدليل على هذه الحقيقة التي لا تقبل الجدال، اقراوا معي الخبر الذي
بثته يوم امس وكالة الصحافة الفرنسية، والذي قالت فيه:
سجلت حصيلة الضحايا في العراق في الشهر المنصرم، ارتفاعا ملحوظا
بنحو (80%) قياسا بالشهر الذي سبقه.
واعلنت مصادر في وزارات الدفاع والداخلية والصحة، ان (352) عراقيا (قتلوا)
في اعمال عنف وقعت خلال شهر شباط الماضي، وكشفت الحصيلة ان بين (القتلى)
(211) مدنيا و (45) جنديا و (96) شرطيا.
هدف الارهابيين، اذن، هو المواطن دون سواه، والذي تغير دوره في
العراق الجديد (180) درجة، فاذا كان فيما مضى اداة بيد الحاكم المتجبر
يستخدمه في الحروب العبثية مع الجيران وفي حروبه الداخلية مع هذه
الشريحة من الشعب او تلك، او انه كان الضحية التي يتسلى بها النظام،
برشه بالاسلحة الكيمياوية تارة او يدفنه حيا تارة اخرى، او انه كان يدا
تصفق للحزب الحاكم، او تقطع اذا توقفت عن اداء هذه المهمة، كما حصل
لمواطن، عندما هجم عليه ازلام النظام في اجتماع جماهيري حشد له النظام،
ليقطعوه اربا اربا لانه توقف عن التصفيق قبل الاخرين، فان هذا المواطن
لم يعد كما كان ابدا، والدليل على ذلك هو هذا الحراك الانتخابي الذي لم
تشهد مثله حتى الولايات المتحدة الاميركية (ام الديمقراطيات) فما بالك
بدول العالم (النامي) التي لا زالت شعوبها تئن تحت احذية جنرالات
النظام الشمولي كما هو الحال مثلا في اليمن والجزيرة العربية ومصر
والاردن وغيرها الكثير؟.
لقد بات هذا المواطن هو الذي يحدد مسار العملية السياسية وعناوينها،
وهو الذي يترك بصماته واضحة في مسيرة الديمقراطية، وهو الذي يتظاهر كيف
يشاء ومتى يشاء وضد من يشاء، ليسقط مسؤولين ويستخلف آخرين.
انه الذي يقول ويتحدث ويبدي رايه ويعارض ويوافق ويؤيد ويختلف ويجهر
بالقول بلا رقيب او حسيب سوى رقابة الضمير الحر والحي والمسؤول والتي
تحدد مساراتها المصلحة العليا للوطن.
لقد حاول احد (العربان) ان ينتقص من ديمقراطية العراقيين، موظفا ما
حصل مؤخرا للسيد رئيس الوزراء في بعض محافظات العراق، عندما منعه
معتصمون من الحضور في بعض المواقع الرسمية، فاجبته بالقول: ان هذه عليك
وليس لك، فقال لي: وكيف؟ قلت له في بلدك انت تسكت ولا تنبس ببنت شفه
اذا رايت الزعيم الاوحد او احد زبانيته ينتهك عرضك، لانك اذا فعلت شيئا
فستقتل، ولانك، والحمد لله، تحب الحياة ولا تريد ان تقتل، لذلك ستسكت
حتى اذا انتهك عرضك، اما في العراق الجديد، فان المواطن يبادر الى نقد
الحاكم وليس للاخير ان يفعل شيئا ابدا.
هذا هو الفرق بين العراق الجديد وبين الدول النامية الاخرى، ولذلك
يقتله الارهابيون، لان المواطن في العراق الجديد هو كل شئ، فاذا تمكنوا
من ارادته وهزموه نفسيا وارخوا عزيمته، انتهى كل شئ، وغاب من يمارس
التغيير ومن يحني اصبعه بلون النصر المؤزر، البنفسحي، في السابع من هذا
الشهر، ومن الذي سيتحدى الارهاب ليقف خاشعا امام صندوق الاقتراع؟.
ان على المواطن العراقي ان يفتخر بما يجري اليوم في العراق من عرس
ديمقراطي قل نظيره، وان عليه ان يفتخر على بقية العرب والمسلمين، بل
وعلى احرار العالم بما يشهده اليوم العراق الجديد.
وان المشاركة في الانتخابات هو اكبر فخر وافتخار يتمتع به المواطن،
والذي يتحسر عليه كثيرون ممن لا زالوا تسحقهم عجلة الديكتاتورية
والانظمة الشمولية.
ان كل اصبع بنفسجي بمثابة مسمار في نعش الارهاب، ولذلك يجب ان لا
يتخلف احد عن المشاركة في الانتخابات، لان ذلك سيزرق الارهاب جرعة ولو
صغيرة جدا من مقومات الحياة، ربما تساعده على تحمل سكرات الموت للحظة
اضافية، يقتل بها عراقي.
لقد سمعت بعض العراقيين يتحججون بفشل الحكومة مثلا او مجلس النواب
في اداء مسؤولياتهم ازاء الناخب الذي تحدى في المرات السابقة كل
المخاطر والصعوبات ليصل الى صندوق الاقتراع، ولذلك يتصور بعضهم بان
المشاركة هذه المرة غير مجدية لانها لا تختلف عن المرات السابقة،
وبالتالي فانها سوف لن تنتج لنا افضل مما انتجته لنا الانتخابات في
المرات السابقة، ولذلك فانهم ينوون مقاطعة الانتخابات والعزوف عنها.
بالتاكيد فان هذا النمط من التفكير خطا بكل المعايير، ففي هذه
المرة، فان اكثر من موضوع متعلق بالانتخابات قد تغير، منها على سبيل
المثال لا الحصر:
اولا: الناخب الذي تعلم من تجربة السنوات الثمان الماضية بما يؤهله
لممارسة العملية الانتخابية بوعي ورشد، يثيب بهما الصالح ويعاقب المفسد
والمسئ، ولا ابالغ قط اذا قلت بان الناخب العراقي مارس نظرية (حرق
المراحل) المعروفة بشان وعي العملية الانتخابية بشكل يبعث على الفخر
والاعتزاز والاعجاب، وان على احرار العالم ان يقفوا خاشعين امام هذا
الناخب الذي اثار اعجاب الاعداء قبل الاصدقاء.
ولست هنا مدعيا، فلقد بنيت استنتاجي هذا من خلال متابعتي لمحطات
التلفزة التي تنقل للمشاهد احاديث الناخبين الذين يعبرون بها عن طريقة
تفكيرهم وتعاملهم مع العملية الانتخابية وكيف سيختارون مرشحهم المفضل
قبل ان يضعوا الورقة الانتخابية في صندوق الاقتراع، بمعنى آخر، سمعتهم
يتحدثون عن المعايير التي صاغوا منطوقها في ذهنهم بالاعتماد على
التجربة العملية وليس على النظريات والتنظير الفارغ.
كما انني بنيت هذا الاستنتاج بالاعتماد على آلاف الرسائل البريدية
وعشرات الاحاديث الهاتفية من ومع ناخبين في مختلف مناطق العراق وخارجه،
ولذلك اقول وبالفم المليان، يخطئ من يظن ان الناخب العراقي لا يفهم او
ان صوته قابل للمساومة او للبيع والشراء، او انه جاهل امي لا يقرا ولا
يكتب، فالناخب في العراق يقرا الممحي، حتى اذا كان لا يعرف القراءة
والكتابة في الدفتر والكتاب، وكلنا يتذكر كيف ان بعض المرشحين في
انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة كان قد انفق الملايين من الدولارات
لشراء اصوات الناخبين، الا ان النتيجة التي حصدها كانت متواضعة جدا،
بالرغم من ان الكثير من الناخبين كانوا قد استلموا امواله من دون ان
يصوتوا له، من باب ان هذا المال ليس له فلماذا لا ناخذه منه ثم نصوت
لمن نقتنع به؟ من دون ان يعني هذا بانني اشجع مثل هذه الممارسة ابدا.
فيما راينا كيف ان بعض المرشحين فازوا بثقة الناخب حتى من دون صور
وبوسترات تستنزف اموالهم.
في هذه المرة كذلك، فانا اجزم باننا سنشهد مفاجآت في الفائزين،
ستقلب ملامح الصورة المسبقة التي في اذهاننا.
ثانيا: هذه المرة يمسك الناخب بناصية الاختيار بكل قوة، فهو امام
قائمة مفتوحة له الحق في ان يختار منها ما يشاء من اسماء المرشحين،
وليس الامر كما كان في الماضي، اذ لم يكن للناخب ان يختار الا رقم
القائمة، وكانه كان يشتري سمكا في الماء كما يقول المثل، اما الان فانه
سيشتري السمكة التي يريدها تحديدا، وهذا ما يساعده على ان يكون شريكا
فعليا غير قابل للنقض او الطرد والتهميش في اختيار من سيجلس تحت قبة
البرلمان.
تاسيسا على ذلك، فان الناخب سيكون مسؤولا عن خياره، يتحمل تبعاته،
ولذلك فليس من حقه ان يتهرب او يتحجج، فقد يقول قائل بانني ساسال عالما
عن مرشح واصوت له لاضعها براسه واخرج منها كالشعرة في العجين سالما
غانما والحمد لله رب العالمين.
هذه طريقة تفكير خاطئة، ينبغي على كل عاقل ان لا يتورط بها، بل ان
عليه ان يدقق ويمحص ويختبر، ويستشير قبل ان يدلي بصوته، فالخيار خياره
حصريا.
والحمد لله فلقد كفوه المرشحون مؤونة الاختيار الصعب، لان الناخب
سيغض النظر عن جل المرشحين الذين تبوأوا فيما مضى موقعا في الدولة
العراقية الجديدة، خاصة من النواب والوزراء ممن ثبت فشلهم للقاصي
والداني، فهؤلاء محذوفون مسبقا من ذاكرة الناخب، لن يشغل ذهنه بهم.
يبقى عليه ان يبحث في الاسماء الجديدة التي يدعوني الانصاف الى ان
اثني على الكثير منها، خاصة تلك المعروفة عند الناخبين بالنزاهة
والخبرة والقدرة على انتاج الافكار، كل في موقع عمله الحالي.
ثالثا: لقد تعلمت الائتلافات والاحزاب والزعامات، الكثير من تجربة
انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة، والتي لقنتهم درسا في الثواب
والعقاب لن ينسوه، ولذلك تراهم اليوم غيروا من لهجتهم، الانتخابية على
الاقل، ومن اساليبهم وكذلك في اختيار مرشحيهم، ولهذا السبب فان في كل
قائمة انتخابية الكثير من المرشحين الجديدين والجيدين الذين يمكن
تمييزهم من بين الاف المرشحين.
كما ان فيهم الكثير من (ابناء الولاية) على حد قول العراقيين، ممن
يعرفهم الناس بطريقة او باخرى، وليس فيهم مجهول او نكرة الا اللمم، ما
يعني ان حسن الاختيار ممكن اذا نشط الناخب عقله وتفكيره وضميره بعض
الشئ.
رابعا: يتذكر العراقيون، خاصة ضحايا النظام البائد واسرهم وعوائلهم،
كيف انهم ناضلوا ضد الديكتاتورية وجاهدوا ضد الاستبداد، من اجل
استبدالها بالديمقراطية التي تتجلى بابهى صورها في المشاركة في عملية
الاختيار والمساهمة في بناء الدولة ومؤسساتها، وفي سن القوانين وتشريع
اللوائح وتنفيذ الخطط، من خلال المساهمة في اختيار من ينوب عن المواطن
في تحمل مسؤولية كل هذه الامور.
وكلنا نتذكر كيف ضحى العراقيون بارواحهم ودمائهم واعراضهم
وممتلكاتهم واحيانا بوطنهم عندما هاجروا الى بلاد الغربة ليتحملوا هناك
معاناة البعد عن مسقط الرأس ومحل الصبا، وكل ذلك من اجل اسقاط
الديكتاتورية واستبدالها بالديمقراطية، فهل يعقل ان يعزف المواطن اليوم
عن المشاركة فيما بذل كل جهده من اجله؟.
هل يعقل ان يعزف المواطن عن المشاركة في يوم كان في حلم واصبح اليوم
حقيقة؟.
ان على الناخب العراقي ان يميز بين امرين، الاول هو اصل العملية
الانتخابية التي يتجلى فيها النظام الديمقراطي من خلال صوته الذي يدلي
به في صندوق الاقتراع، والثاني هو فشل المسؤول وعدم تقديره لثقة
الناخب.
الامر الاول، يجب ان لا يشك في صحته وجدوائيته الناخب طرفة عين، لان
عكسه هو الديكتاتورية والاستبداد والنظام الشمولي القائم على نظرية
الحزب الواحد والزعيم الاوحد والقائد الضرورة، اما الثاني فهو الامر
الذي يجب ان نتفكر به لنستنتج بان فشل مسؤول لا يلغي اصل الموضوع او
يطعن بشرعيته او يقلل من شانه ابدا، وللتوضيح، دعنا نسوق المثل التالي:
لو كنت مسلما شيعيا، مواظبا على دفع الحقوق الشرعية عند راس كل سنة،
وصادف مرة انك دفعت الحقوق لـ (معمم) ظننت انه موضع ثقة، وبعد ايام
رايته عن طريق الصدفة في بار يحتسي الخمرة باموال الحقوق، فماذا سيكون
رد فعلك؟ اذا تمالكت اعصابك واستحضرت الدين والعقل والمنطق، فستقول مع
نفسك، يبدو انني اخطات الاختيار فان هذا (المعمم) غير جدير بالثقة
ولذلك فسوف لن اسلمه فلسا واحدا من اموال الحقوق في المرات القادمة، ثم
تقرر ان تفتح عينيك جيدا في المستقبل، قبل ان تدفع الحقوق لمن تعتقد
انه موضع ثقة.
هذا هو رد الفعل الطبيعي والمعقول والمنصف والرزين والرشيد ازاء مثل
هذه الامر.
اما اذا ركبك الشيطان واثارك الخطا وغضبت بشدة وظننت انك سلمت
الحقوق لملائكة وليس الى بشر قد يخطئ وقد يصيب، حتى اذا كان (معمما)
عندها سيكون رد فعلك هو التالي:
تلعن ابو الساعة التي تعرفت فيها على هذا (المعمم) ثم تبادر الى
تعميم خطاه على كل (المعممين) ثم تقرر ان لا تعطي فلسا واحدا من الحقوق
لاي بشر كان، فكل الناس لصوص ولا يستحقون الحقوق.
اما اذا تطرفت اكثر فستكفر بالله واليوم الاخر وتبادر فورا الى
البحث عن كل فلس من الحقوق الشرعية كنت في يوم من الايام دفعته الى
انسان.
اتذكر يوم ان كنت طالبا في الصف الاول في الجامعة، تعرفت على زميلة
لي في نفس الشعبة من مدينة النجف الاشرف وقد كانت علوية من اسر السادة
الاشراف، الا انها كانت غير محجبة، فحاولت اقناعها بان الحجاب واجب
شرعي ينبغي ان ترتديه، خاصة وانها تصوم وتصلي وهي ملتزمة ببقية واجبات
الدين الحنيف.
وبعد احاديث دينية وعلمية عديدة قررت الطالبة ان ترتدي الحجاب،
والحمد لله.
في العام الدراسي التالي، نجحنا الى الصف الثاني الا هذه الطالبة
التي رسبت في صفها.
في يوم من الايام صادفتها في طريقي ففوجئت انها خلعت حجابها مرة
اخرى وعادت سافرة.
سالتها مستغربا، عن السبب؟ فاجابتني بعصبية:
ولماذا تريدني ان اظل مرتدية الحجاب وقد رسبت في صفي؟.
اجبتها: وهل انك ارتديت الحجاب من اجل ان تنجحين؟ ام طاعة للخالق
المتعال والتزاما باوامر الدين الحنيف؟.
ايها الناخب.....ايها المواطن:
انت لم تشترك في العمليات الانتخابية الماضية لهدف صغير ومحدود
ابدا، انما اشتركت لتساهم في بناء العراق الجديد، وهذه مهمة لم تكتمل
بعد، وقد كان الاشتراك مسعى منك لاختيار الرجل المناسب في المكان
المناسب، وهذه هي الاخرى مهمة لم تنته عند حد معين او زمن محدد، كما ان
اشتراكك كان من اجل تحسين اداء مؤسسات الدولة حديثة العهد في التاسيس
والتشكل، وهو امر لم ينته بعد، كما ان اشتراكك كان لاجل ان تضع لبنة في
صرح النظام الديمقراطي التعددي الدستوري واللامركزي، وهو هدف لم يكتمل
بعد.
لذلك فان عليك ان تشترك هذه المرة كذلك وفي كل مرة يمر فيها العراق
باستحقاق انتخابي من اي نوع كان، لتتحول العملية الانتخابية الى ثقافة
وعرف وقضية حياتية في كل مناحي الحياة وليس فيما يخص مجلس النواب، من
اجل ان نمارسها في كل مواقع التشريع والتنفيذ، في المدرسة وفي المحلة
وفي المعمل وفي الجامعة وفي مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وفي كل
مكان، لينبثق المسؤول من الناس واليهم، ليشعر هو بانه مسؤول امامهم
ولهم حق اسقاطه اذا قصر او فشل او تكاسل، وليشعروا بانه نتاج اصواتهم
فيعينوه على المسؤولية ويساعدوه في المهام، وليظلوا يراقبونه ما زال في
موقع المسؤولية يمثلهم.
بادر في السابع من هذا الشهر الى التمتع بحقك الدستوري وبحق
المواطنة، ولا تتنازل عن هذا الحق ابدا، مهما كان الظرف قاس والتجارب
السابقة مرة، فالعراق لم يعدم الطيبين ولم يخل من المخلصين الكفوئين
النزيهين.
بادر اليوم الى المشاركة، حتى لا تندم غدا، فتظل تلوم نفسك وتاكلك
الحسرة على ما فرطت من حقك في يوم الانتخابات.
تذكر الماضي الاسود لتنتخب المستقبل المشرق.
تذكر الانقلابات العسكرية لتنتخب، وتذكر (بيان رقم واحد) لتنتخب،
وتذكر اخوك الفقيد لتنتخب، وتذكر صديقك الشهيد لتنتخب، وتذكر بنت
الجيران التي انتهكت الديكتاتورية شرفها لتنتخب، وتذكر الحروب العبثية
لتنتخب، وتذكر عمليات الاعدام الجماعي لتنتخب، وتذكر المقابر الجماعية
لتنتخب، وتذكر حلبجة والانفال لتنتخب، وتذكر التدمير المنظم للاقتصاد
لتنتخب، وتذكر التعذيب والمطاردة وتكميم الافواه ومسيرات التاييد التي
اجبرت عليها لتنتخب، وتذكر بيتك المهدم واملاكك التي تم الاستيلاء
عليها كرها لتنتخب، وتذكر الامل والبسمة التي غابت عن شفاه الاطفال وفي
عيونهم لتنتخب، وتذكر الجنسية العراقية التي اسقطتها الديكتاتورية عن
ابناء البلد لتنتخب، وتذكر عمليات التعذيب والقتل في الشوارع لتنتخب،
وتذكر عمليات الذبح وحز الرؤوس وقطع الالسن لتنتخب، وتذكر عمليات القتل
بالتلغيم والتحكم عن بعد لتنتخب، وتذكر الميليشيات، اليد الضاربة
للحاكم الظالم، والاجهزة القمعية التي اسستها الديكتاتورية لتنتخب،
وتذكر البلد المحطم والنفس المكسورة والروح المهزومة لتنتخب، وتذكر
غربتك القسرية عن بلدك لتنتخب، وتذكر منع الشعائر الحسينية وشهداء
الاربعين في طريق كربلاء والنجف لتنتخب، وتذكر الفقهاء والعلماء
الشهداء لتنتخب، وتذكر ابويك الذين ماتا كمدا وعينهما شاخصتان على
الطريق ينتظران عودة اخيك الذي غيبته الديكتاتورية واختك التي لم تعد
من المدرسة او الدائرة لتنتخب.
انك على موعد مع عرس جماعي من نوع آخر، انه عرس الديمقراطية، فبادر
للمشاركة فيه لتنال شرف الحناء بلون النصر المؤزر، اللون البنفسجي.
[email protected] |