المرأة العراقية في الانتخابات... مشروع حقيقي او مجرد تمنيات؟

مطالبات باختيارالاجدر واخرى بمضاعفة الكوتا

شبكة النبأ: على الرغم من التغيير الكبير الذي حدث في العراق والتحول الايجابي في مسار العملية السياسية الا ان المرأة العراقية لا تزال تلعب دورا محدودا جدا على ذلك الصعيد بحسب اغلب المتابعين.

فلم تحد الكوتا النسوية التي اقرها الدستور العراقي من ظاهرة مصادرة راي المرأة العراقية ووتهميش اي دور فاعل كان يمكن ان تؤدية.

الامر الذي تقره اغلب البرلمانيات العراقيات، ويسعين خلال حملاتهن الانتخابية التقليل من وطئ الامر على الناخب العراقي، فيما تسعى العديد من المرشحات الى ايصال رسالة الى المجتمع العراقي لحصد اكبر عدد من الاصوات وكسب الثقة عن طريق التعهد باداء حازم وفعال للمرأة اثناء الدورة البرلمانية القادمة، فيما بدى جليا حجم الانقسام في طبيعة المرشحات الايدوليجية والسياسية.

المرأة العراقية

حيث ومن بين وجوه الانتخابات القادمة في العراق سلامة الخفاجي التي توزع منشورات خلال حملتها تقدم للناخبين دليلا بمواعيد الصلاة وترتدي عباءة سوداء تغطي كل شيء في جسمها ما عدا وجهها.

والوجه الثاني هو ميسون الدملوجي ذات الشعر الاشقر التي تبتسم وهي ترتدي ملابس على النمط الغربي وتظهر صورتها على ملصقات تنتشر في أنحاء بغداد.

وتمثل هاتان المرأتان الاتجاهات المتنافسة التي تهيمن على المجتمع العراقي منذ عام 2003 بعد الاطاحة بنظام صدام حسين الذي كان علمانيا في أغلبه ومجيء الاحزاب الشيعية الى السلطة. بحسب رويترز.

ودور المرأة في الفترة السابقة على الانتخابات التي ستجري في السابع من مارس اذار والادوار التي ستتولاها المرأة في الحكومة القادمة يعطي مؤشرا للاتجاه الذي سيسير فيه العراق وهو يكافح لانهاء العنف وخلق الاستقرار قبل انسحاب الولايات المتحدة.

وقالت الخفاجي وهي واحدة من بين 1800 امرأة رشحت نفسها سعيا للفوز بمقعد بعد أقل من عقد من ارساء واشنطن ما تأمل في ان يصبح ديمقراطية شاملة في الشرق الاوسط "أنا أؤمن بالحريات والحقوق لكن ضمن التقاليد العراقية." وأضافت "في المرحلة القادمة ستختلف الامور."

وميسون الدملوجي مهندسة تخوض الانتخابات على قائمة العراقية العلمانية ولا تشير بصورة علنية الى الدين على موقعها الخاص بالانتخابات على الانترنت.

وقالت "هذا انا والانتخابات هي الفيصل ولم اخدع أحدا. ليس كبعض الرجال، في بعض الاحيان يلبس (الرجل) عقالا وفي احيان اخرى يلبس قبعة او يلبس كرجل غربي وفي بعض الاحيان يلبس عمامة. أنا لست كذلك. المهم الجوهر... غير مهم الشكل." وأضافت انه يجب فصل الدين عن السياسة.

ويشعر كثير من العراقيين بالانزعاج لصعود الاحزاب الاسلامية منذ الاطاحة بصدام حسين في عام 2003 حتى انهم يلقون باللوم عليها في اذكاء العنف الطائفي والفشل في تقديم الخدمات.

وفي مواجهة مد المحافظين يتوق العراقيون الى الايام التي كانت فيها بغداد من أكثر عواصم المنطقة تحررا وكان بامكان النساء فيها ارتداء التنورات القصيرة في الحدائق الواقعة بجوار النهر.

وفي العراق كانت المرأة تدرس الطب في الثلاثينات وتولت أول امرأة منصب وزيرة بعد انتهاء الملكية بوقت قصير في اواخر الخمسينات.

ويرى اخرون هيمنة الاحزاب التي تمثل الغالبية الشيعية والذين يتبنى كثيرون منهم تقاليد محافظة على انها حق من حقوقهم.

والبرلمان القادم في العراق سيضم في عضويته 82 امرأة على الاقل لكن غالبيتهم يرون ان ذلك يحدث لان الدستور الذي اعد تحت تأثير النفوذ الامريكي في عام 2005 يضمن للمرأة ربع المقاعد.

والان ترأس المرأة لجانا اقل نفوذا في البرلمان ووزارات ليس لها نفوذ يذكر وتشكو المرأة التي تمارس السياسة من ان يتم ابعادها عن دائرة السلطة الصغيرة.

وقالت صفية السهيل وهي علمانية تخوض الانتخابات على لائحة رئيس الوزراء نوري المالكي ان الزعماء السياسيين تحدثوا عن الحقوق لكنهم يميلون فيما يبدو الى تشجيع النساء اللاتي يمثلن الاحزاب فقط. وقالت "هذه واحدة من الاشياء التي مازلنا نفتقدها."

وتقول هناء ادوار من منظمة الامل لدعم حقوق المرأة ان المرشحات في الانتخابات السابقة التي جرت بعد عام 2003 لم تظهر وجوههن على ملصقات الحملة بسبب الخوف من المهاجمين الاسلاميين وقاموا بتصوير أزواجهن بدلا منهن.

وقالت ان هذه علامة على ما تعرضت له المرأة العراقية التي تحملت عبء الصراع خلال سبع سنوات من الحرب.

وفي مدينة البصرة الجنوبية كانت تلقى في الشوارع جثث النساء اللاتي يرى المتشددون الشيعة انهن لا يتحلين بدرجة كافية من المباديء الاسلامية.

وفي بغداد أجبرت الميليشيات الاسلامية التابعة لتنظيم القاعدة في بعض المناطق والميليشيات الشيعية في مناطق اخرى النساء على ارتداء الحجاب والتوقف عن قيادة السيارات في ذروة اعمال العنف قبل عامين.

وانضمت سلامة الخفاجي وهي شيعية التحقت بالعمل السياسي في عام 2003 الى تحالف شيعي ينافس المالكي الذي يسعى لتولي فترة ثانية استنادا الى برنامج عمل يقوم على ارساء القانون والنظام.

وتسعى المجموعتان الى تقديم صورة جديدة ستروق أكثر على الارجح للعراقيين الذين سئموا من تقاعس الاحزاب عن تحقيق وعودها.

ونجح هذا الاسلوب مع المالكي الذي ينتمي لحزب الدعوة في انتخابات محلية جرت في عام 2009 . لكن كثيرا من العراقيين يشكون في ان التغيير سيكون عميقا.

وربما تنتهج بعض المرشحات مواقف احزاب غير مواتية للمرأة مثل اجراء يقضي بمنح رجال الدين سلطة أعلى من المحاكم المدنية في الطلاق والمواريث وحضانة الاطفال.

وقالت هناء ادوار "مازال لدينا الكثير لنعمله."

كثرة النساء

في السياق ذاته وصفت نائبات في البرلمان، الكثرة الملحوظة من النساء المرشحات للانتخابات البرلمانية المقبلة دليل على وعي المرأة العراقية ونضجها السياسي بعد تجارب خاضتها كناخبة ومرشحة منذ عام 2003، وأعربن عن أملهن في ان يكون الصوت النسائي في البرلمان القادم فاعلا ومؤثرا في العملية السياسية والتشريعية.

النائبة المستقلة صفية السهيل، ان “مشاركة عدد كبير من المرشحات في البرلمان القادم هو ظاهرة صحية جدا تستحق الثناء، ليس فقط لدور المرأة، وإنما لدور القوى السياسية التي تعتمد على وجود نساء  بأعداد كبيرة”. بحسب اصوات العراق.

مؤكدة ان هذه الظاهرة “تعزز الفهم الحقيقي للمجتمع والقوى السياسية لدور المرأة في بناء المؤسسات العراقية وعلى رأسها السلطة التشريعية “.

وأعربت السهيل عن أملها في ان يكون للنائبات في البرلمان القادم “كتلة نسوية” قالت انه “سبق وان شكلناها في مجلس النواب الحالي، من دون ان نوفق في تعزيز عملها، بسبب عدة تحديات”. موضحة ان هذه التحديات “لم تكن تحديات العمل المشترك، إنما التحديات العامة للبلاد، والتشنجات التي أوجدت أولويات تتعلق بالاتفاقية الأمنية وتحديات العملية السياسية التي جعلت الملف الإنساني درجة ثانية وليس أولى”.

 وأردفت “وعليه أتمنى ان تكون القوى النسوية داخل البرلمان قادرة على تعزيز العمل النسوي داخل البرلمان من خلال تعجيل مجموعة من القوانين التي تعزز دور المرأة في المجتمع والدولة”.

وكانت مصادر في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق ذكرت إن عدد النساء المرشحات للانتخابات البرلمانية في السابع من مارس/آذار المقبل ارتفع وبشكل ملحوظ بالمقارنة مع انتخابات العام 2005، إذ بلغ العدد الكلي للنساء المرشحات أكثر من 2000 امرأة، من أصل 6172 مرشحا نشرتهم المفوضية على موقعها الالكتروني.

ولم يختلف رأي النائبة عن الائتلاف الوطني إيمان الاسدي عن النائبة السهيل، ورأت في “المشاركة النسوية العالية في البرلمان القادم نضوجا ووعيا سياسيا ومجتمعيا” وبان “الثقة بالعنصر النسوي  بداية للثقافة السياسية في المجتمع، في إمكانية المرأة لتبوء مناصب عليا كالبرلمان”.

وأضافت ان”التجربة التي عاشتها المرأة العراقية في الجمعية الوطنية ومجلس النواب أثبتت قدرة المرأة على ان تتبوأ هكذا مقاعد وتكون امرأة معطاء”.

أما النائبة عن التحالف الكردستاني آلاء الطالباني ان” الدعم القوي أو الأساس في وجود عدد جيد أو لا بأس به من النساء في القوائم والكتل المتنافسة في الانتخابات هو نتيجة وجود النسبة المثبتة في الدستور لتمثيل المرأة في مجلس النواب، أي الكوتا”.

واقر مجلس النواب في (8/11/2009 ) قانون الانتخابات بالأغلبية والذي تم فيه إقرار منح نسبة للنساء لا تقل عن ربع عدد الفائزين في كل قائمة، حيث تبلغ حصة المقاعد (الكوتا) المحددة للنساء 25%.

وأشارت الطالباني إلى ان “صعود مجموعة من البرلمانيات الناجحات أعطى انطباعا جيدا للشارع العراقي، وحتى للسياسيين أنفسهم  بان تضم قوائمهم نساء، فضلا عن وجود نوع من الوعي لدى الناخب والشارع العراقي بضرورة ان تتواجد المرأة في حلبة التنافس الانتخابي وإعطائها الثقة والصوت للترشيح للمجلس القادم”.

وأعربت الطالباني عن أملها في ان “لا ينسى البرلمان القادم الجانب النسوي والدفاع عن حقوقها، وان يعمل على إنصافها من خلال تشريع القوانين في مجلس النواب”.

إعادة النظر

من جهة اخرى طالبت عدد من الناخبات في محافظة ميسان، بإعادة النظر بحصة المرأة خلال الانتخابات البرلمانية والبالغة 25%  وجعلها قرينة بالرجل لتأخذ حقها بدون مساعدة الآخرين، فيما رأت أخريات انه لو لا تلك (الكوتا) لكان عدد النساء في البرلمان قد “لا يتجاوز أصابع اليد”.

الصحفية عهود هاشم ترى في حديثها ان الانتخابات “ظاهرة حضارية لذا لابد لكل امرأة يحق لها الانتخاب الذهاب الى مراكز الاقتراع ومن هذا المنطلق سأشارك في الانتخابات كونه واجب وطني بالإضافة الى تعزيز دور المرأة وتثبيت حقوقها وحضورها الفاعل في المجتمع”. بحسب اصوات العراق.

وطالبت عهود “إعادة النظر بحصة المرأة البالغة 25% وجعلها شأن الرجل في ان تدخل الانتخابات بكل ثقة وليس بمساعدة الآخرين وإنما بجدارتها وتأثيرها في المجتمع”.

وأضافت ان الانتخابات “فرصة للمرأة العراقية ومشاركتها فيها تكسبها محتواها الديمقراطي وكسب حقها الشرعي في رسم مستقبل العراق الذي يحتاج الى جميع أبناءه وخاصة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق الذي يحتاج الى جميع أبناءه”.

وحوا اختيارها في الانتخابات، قالت إن “أداء البرلمانيات  في مجلس النواب السابق  غير فاعل، حيث ان بعض النساء في المحافظة لا يعرفن أسماء عضوات البرلمان”، مشددة “لذا سوف يكون صوتي لرجل بطبيعة الحال”.

فيما قررت بلقيس حسين، وهي أرملة مقاطعة الانتخابات بسبب الوعود الكاذبة سواء للمرشحين والمرشحات خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة لإنصاف شريحة الأرامل”.

ولفتت حسين انه “لولا (الكوتا) المحددة للنساء والبالغة 25% لكان عدد البرلمانيات  لا يتجاوز عدد أصابع اليد”.

وأضافت ان “المرشحين يذكروننا فقط مع قرب الانتخابات ويستغلون ظروفنا ومعاناتنا خلال حملاتهم الانتخابية، وعندما يفوزون يتنصلون عن وعودهم التي قطعوها لنا”، وهي تستذكر أنه “وصلت بإحدى عضوات البرلمان السابق بتغيير شريحة الموبايل الخاصة بهاتفها النقال، بينما كانت خلال حملتها الانتخابية توزع الكارتات الخاصة بأرقام الموبايل للاتصال بها عند حصول أي مشكلة”.

في حين، تعتبر الطالبة الجامعية مروة محمد، مشاركة المرأة في الانتخابات مهمة فهي أولا تمارس حقها الدستوري وهي مسؤولية من أجل تحقيق الأهداف والوصول إلى مجتمع ديمقراطي، وهذا يتطلب المشاركة الفاعلة في الانتخابات.

ورأت في حديثها ان مشاركتها وانتخابها لامرأة تتوفر فيها المواصفات القيادية يضمن وصولها إلى مركز القرار وبالتالي “تحقيق بعض المطالب الأساسية التي تحتاجها المرأة في حياتها المعيشية والعائلية لأنها الأكثر دراية بمشاكلها وخصوصيتها”.

ومضت قائلة “يجب ان لا تكون المرأة رقم مكمل للقائمة بل ان تفرض وجودها من خلال إضافة بعض الفقرات التي تخص النساء في البرنامج الانتخابي الذي تدخل فيه القائمة معترك الانتخابات، كما يجب إعادة النظر بنسبة تمثيل المرأة”.

وتابعت “كما على الحكومة ان تأخذ بيد المرأة وتهيأ لها الوسائل اللازمة لكي يكون مكانها جنب الرجل بشكل مساو ومواز له في كافة الميادين”، كما على الحكومة أيضا ان “تحث المؤسسات التعليمية في تهيئة برامج لقبول المرأة وأبرزها على الوجه الصحيح في المجتمع وأهمية المشاركة الفعلية لها في الأمور السياسية”.

وترى ربة البيت أم احمد، بأنه “لا جدوى من الذهاب للانتخابات لكون المرشحين وبالأخص المرشحات يفكرون أولا بأنفسهم وبالامتيازات التي  يحصلون عليها وينسون مشاكل مجتمعهم”، منوهة إلى أنها شاركت في الانتخابات البرلمانية السابقة واختارت إحدى المرشحات في المحافظة، إلا إنها لم تراها ولم تسمع عنها ولم تشاهدها حتى على شاشة التلفزيون.

يذكر ان عدد المرشحات من النساء خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة  في محافظة ميسان، بلغ 51 مرشحة من بين 180 مرشحا ينتمون إلى 16 كيانا سياسيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/آذار/2010 - 17/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م