الطوائف الإسلامية... خلاف بلا حل

مؤتمر إسلامي في القاهرة حول إمكانية التقارب بين السُنة والشيعة

 

شبكة النبأ: يشكل الصراع الدائم بين طوائف العالم الاسلامي احد ابرز العقبات في طريق التواصل الفكري والاجتماعي على اكثر من صعيد. فعلى الرغم من المحاولات المتعاقبة للتوفيق بين الاراء المقاطعة والاجتماع على كلمه سواء.

فيما يعد الخصام الفكري بين السنة والشيعة من اكثر تلك الاراء المتقاطعة المستعصية على الحل، الامر الذي يعزوه بعض الى التعصب المستفحل لدى بعض العلماء.

فقد أظهر مؤتمر إسلامي بدأت أعماله بالقاهرة، انقساماً بين علماء مجمع البحوث الإسلامية حول إمكانية التقارب بين السُنة والشيعة، بسبب وجود ما اعتبره البعض "خلافات عقائدية"، في الوقت الذي اتهم فيه آخرون ما أسموه "الإعلام غير المسؤول"، بتهويل الخلاف بين الجانبين.

فبينما شدد شيخ الأزهر، الدكتور محمد سيد طنطاوي، على أهمية التقارب بين السُنة والشيعة، فقد أكد أن كل من يتعمد الإساءة إلى أحد من صحابة النبي محمد، يُعد خارجاً عن الإسلام، كما اعتبر أن الإسلام "بريء منه" تماماً، مرجعاً ذلك إلى الدور الذي قام به الصحابة في بناء الأمة الإسلامية. بحسب نقل الـ (CNN).

وأكد شيخ الأزهر، في كلمته أمام المؤتمر الـ14 لمجمع البحوث الإسلامية، والذي بدأت أعماله في مقر "الأزهر الشريف" بالعاصمة المصرية القاهرة، تحت عنوان "صحابة رسول الله"، على أهمية الاستفادة من علم وأخلاق وزهد وسيرة أصحاب رسول الله، لتحقيق نهضة الأمة الإسلامية.

كما أكد على أهمية التقريب بين السُنة والشيعة، لعدم وجود خلاف جوهري بينهم، وذلك من أجل وحدة الأمة الإسلامية، ودعا إلى أن يقتصر البحث في هذا على العلماء والمختصين، محذراً في الوقت نفسه من "مغبة التهويل في هذا الخلاف من أعداء الأمة الإسلامية"، حسب قوله.

من جانبه، حذر وزير الأوقاف الأردني، وعضو مجمع البحوث، الدكتور عبد السلام العبادي، مما وصفه بـ"الإعلام غير المسئول"، الذي يهول الخلاف بين السُنة والشيعة لأغراض سياسية أو مذهبية، مؤكداً دور "أهل العلم والاختصاص" في بحث التقريب بين المذاهب الإسلامية.

وطالب العبادي، في كلمته أمام المؤتمر، حسبما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، بتعديل بعض المناهج الدراسية في المؤسسات العربية، لتنقيتها من أي فكر لا يشجع على التقارب بين المذاهب، محذراً من التوترات السياسية في العالم الإسلامي بسبب الخلافات المذهبية.

كما شدد الدكتور على الهاشمي، مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للشئون الدينية، وعضو المجمع، على ضرورة التقريب بين المذاهب الإسلامية، خصوصاً السُنة والشيعة، لما لذلك من دور حيوي في وحدة العالم الإسلامي، مشيراً إلى جهود الأزهر في هذا الصدد، من أجل إزالة أي خلافات مذهبية في الأمة الإسلامية.

وبدوره، أوضح الدكتور محمد عمارة، عضو مجمع البحوث، ضرورة أن يتولى أهل العلم والاختصاص بحث أي خلاف مذهبي أو عقائدي، وعدم نقل ذلك الخلاف للعامة ووسائل الإعلام، خصوصاً "غير المسئولة" منها، لأثر ذلك في توسيع الخلاف وتفريق الأمة الإسلامية.

لبنانى يتهم الشيعة بالتجسس لصالح إيران

هذا وقد تحولت الجلسة الأولى من المؤتمر السنوى الرابع عشر لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد بالقاهرة إلى سجال فكرى بين الأعضاء حول قضية صحابة الرسول ومكانتهم فى الإسلام حيث اشار الدكتور القصبى زلط النائب السابق لرئيس جامعة الأزهر إلى قضية سب الصحابة لدى الشيعة وتأثيرها على علاقتهم بالسنة كان سببا فى اتخاذ المناقشات منحا آخر حيث قال زلط إن التقريب بين السنة والشيعة ((لا يمكن حدوثه)) وذلك حسب قوله وجود فواصل وخلافات ثابتة بين المذهبين ولكن ما ينبغى العمل عليه هو الأمور المتفق عليها بينهما.

وهو الرأى الذى رفضه الشيخ السيد على الهاشمى المستشار الدينى لرئيس دولة الإمارات، قائلا لم نجد أحدا من الشيعة يسب الصحابة علانية حتى لدينا فى الخليج لم نلحظ هذا ولكن كل ما نرجوه هو عدم توسيع رقعة هذا الخلاف سياسيا كما فعلت أمريكا فى العراق واتسعت الآن الرقعة على الراقع ونحن فى دول الخليج أكثر ما يشعرون بالضرر من هذا الأمر وإن كان أثره لا يظهر بقوة فى دولة مثل مصر ليس بها شيعة.

فيما أكد الدكتور محمد عمارة عضو المجمع و المفكر الإسلامى أنه لا حرج من الحديث عن الخلاف بين الطوائف الإسلامية ولكن شرط أن يكون الهدف منه الحوار بين العقلاء والحكماء والعلماء من هذه المذاهب مطالبا بألا تصل هذه المناقشات والحوارات إلى العامة أو وسائل الإعلام لأنه حسب وصفه أمورا حساسة مضيفا أن موقف بعض الشيعة من الصحابة ما زال ثابتا حتى أن بعضهم يقول عنهم كلاما لا يوصف سوى بأنه "فحش فكرى، حتى أن بهاء الأعرجي وهو رمز شيعى عراقى قال منذ أيام إن الشيعة مضطهدون منذ عهد أبى بكر وحتى عهد محمد حسن البكر" وأضاف عمارة أن الشيعة يؤولون كل النصوص بما يشهد لهم إلا أن هذا لا ينفى أننا نرحب بأى تطور فكرى للحوار بين المجالين.

وعلق الدكتور عبد الفضيل القوصى نائب رئيس جامعة الأزهر على هذا الأمر بأن ثبات عقيدة الشيعة أمر أصيل لديهم ولكن خطورته تكمن فى إشاعة هذه العقيدة ونشرها وأضاف متسائلا "كيف يطلب منا أن نتعايش مع الشيعة وهذا الفحش فى القول أن اتجاه الصحابة ما زال موجودا".

وكان للشيخ يحى الرافعى القاضى الشرعى بلبنان النصيب الأكبر فى إشعال الخلاف أثناء الجلسة حيث شن هجوما حادا على بعض شيعة لبنان متهما إياهم بالتجسس لصالح إيران مؤكدا أن هناك أمورا لا يريد الشيعة التنازل عنها مثل ولاية الفقيه وذكر الإمام على فى الآذان كما أنهم ما زالوا يسبون الصحابة ويطبقون الشعار الذى يرفعونه فى عاشوراء "يا ثارات الحسين" وتسائل الرافعى "هل تعلمون ممن يريدون الثأر؟ منا نحن ومنكم ولكنكم لا تشعرون بهذا لأنكم لا تعيشون بينهم" عند هذا الحد تدخل الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الجامع الأزهر موضحا أن موضوع المؤتمر عن الصحابة وليس عن السنة والشيعة منهيا الجلسة عند هذا الحد.

من جهته اكد شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، أن من يسىء إلى أحد من صحابة الرسول أو يسبهم مصراً أو متعمداً فهو خارج عن ملة الإسلام، مؤكدا أنه سيطلب توصية من مجمع البحوث الإسلامية بتأييد هذا الأمر، وقال إن صحابة رسول الله هم عدول ولن نرضى لأى منهم بالإهانة أو الشتم.

اما الدكتور عبد السلام العبادي وزير الأوقاف الأردني، وعضو مجمع البحوث، فقد حذر مما وصفه بـ"الإعلام غير المسئول"، الذي يهول الخلاف بين السُنة والشيعة لأغراض سياسية أو مذهبية، مؤكداً دور "أهل العلم والاختصاص" في بحث التقريب بين المذاهب الإسلامية، وطالب العبادي بتعديل بعض المناهج الدراسية في المؤسسات العربية، لتنقيتها من أي فكر لا يشجع على التقارب بين المذاهب، محذراً من التوترات السياسية في العالم الإسلامي بسبب الخلافات المذهبية.

ولاية الفقيه مبدأ سنى والقرآن نقد الصحابة

من جانبه اتهم المستشار الدمرداش العقالى الكاتب الشيعى علماء الأزهر فى موقفهم من الشيعة بأنهم أسرى للنقل، ويرفضون استخدام عقولهم فى نقد الصحابة، لأن العلوم التى تلقوها فى مؤسسة الأزهر قائمة على فكرة عدالة الصحابة وعدم نقدهم بأى شكل من الأشكال حتى لو كانوا على خطأ، وقال "نقد الصحابة يهدم الأساس الذى قام عليه تعليم الأزهريين، وهذا هو السبب فى هجومهم على الشيعة بغير حق"، بحسب صحيفة اليوم السابع المصرية.

ووجه العقالى انتقادات حادة للمشاركين فى المؤتمر الرابع عشر لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد برعاية الدكتور سيد طنطاوى شيخ الأزهر، بسبب هجومهم على أتباع المذهب الشيعى واتهامهم بسب الصحابة، مشيراً إلى أن القرآن الكريم يبين أن الصحابة ارتكبوا جرائم، ولم يكونوا عادلين عدالة مطلقة، فبعض الآيات ومن بينها "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" نزلت على صحابى، وصفه القرآن بالفاسق، ويصر علماء الأزهر أن يجيزوا النقل عن أمثاله، عن رسول الله، ووصف العقالى علماء الأزهر بأنهم يمارسون إرهاباً فكرياً أعتى من حمل السلاح، إلا أن شيعة مصر وهم بالملايين، حسب تعبيره، أكثر أدباً من أن يتعرضوا لهم بالرد مبدياً أسفه على كون المدافع الوحيد عن الشيعة فى المؤتمر هو المستشار الدينى لرئيس الإمارات، وقال "كان علماء الأزهر أولى منه بها".

وانتقد العقالى استخدام مبدأ ولاية الفقيه كحجة ضد الشيعة، مشيراً إلى أن ولاية الفقيه أساسها قرآنى، ومعترف بها من قبل علماء السنة، الذين يؤمنون بأن الفقهاء فى الدين من واجبهم أن ينذروا قومهم، ويفقهوهم فى الدين، وتلك ولاية لا تتم إلا لصاحب سلطة، وقال "عندما يجرؤ علماء السنة على نقد حكامهم يقولون أن العلماء أولياء على الحكام، وتلك هى ولاية الفقيه"، ودلل الدمرداش العقالى على كلامه بأن كلية الآداب جامعة عين شمس أجازت رسالة ماجستير ديسمبر الماضى حول أن أصل ولاية الفقيه سنى وليس شيعى، مشيراً إلى أن أحد المشرفين على مناقشة الرسالة هو الدكتور محمد داوود العالم الأزهرى.

ونفى المستشار العقالى أن يكون من بين الشيعة من يستبدلون الشهادة باسم النبى محمد، بالإمام على فى الآذان، مشيراً إلى أن ذكر الإمام على فى الآذان بعد شهادة أن لا إله إلا الله، محمد رسول الله واجبة شرعاً، مستنداً إلى حديث الرسول فى خطبة الغدير قبل وفاته والواردة فى كتب السنة، بأن "يا أيها الناس من كنت وليه فعلى وليه، ومن كنت أميره فعلى أميره"، مشيراً إلى أن تلك هى الشهادة الثالثة التى حض عليها الرسول، وينكرها السنة فى الآذان، وأضاف "كيف يقول السنة أن الشيعة يحرفون الآذان، ويتجاهلون أن عبارة الصلاة خير من النوم أضيفت بأمر من عمر بن الخطاب، فالسنة هم من أضافوا للآذان وليس العكس"

زعيم القرآنيين يطالب بحرية نقد الصحابة

من جهته وجه الدكتور أحمد صبحى منصور، زعيم القرآنيين، انتقادات حادة لما وصفه بحظر نقد الصحابة والخلفاء الراشدين على يد السنة والشيعة، مشيراً إلى أن تكفير الباحثين التاريخيين فى التراث الإسلامى هو السبب فى الاقتداء ببعض الممارسات التاريخية الخاطئة التى قام بها بعض الصحابة والخلفاء الراشدين كونهم بشرا يصيب ويخطئ، واعتبار كل ما صنعوه أمورا مقدسة، رغم أن بعضها يخرج عن تعاليم الدين الإسلامى. بحسب صحيفة اليوم السابع المصرية.

وقال منصور إن السنة يحظرون التعرض لتاريخ الصحابة الذين كانوا وراء الفتوحات والفتنة الكبرى ولم يتعظوا بالقرآن الكريم، بل ويلجئون فى سبيل الحفاظ على قداستهم إلى استخدام أحاديث منسوبة للنبى محمد - عليه الصلاة والسلام - بعضها كاذب، وبعضها الآخر مزيف ومصنوع، متجاهلين فى ذلك تناقض بعض تلك الأحاديث مع القرآن الكريم.

وضرب صبحى منصور مثلاً بالحديث الذى رواه البخارى عن النبى، وجاء فيه "‏أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد ‏ ‏عصم ‏ ‏منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله"، مشيراً إلى أنه يتناقض مع تشريع عدم الإكراه فى الدين وحرية المعتقد الواردة فيما يزيد على ألف آية قرآنية.

وقال "الحقيقة المرة هى أن الذى انتشر بالسيف ليس الإسلام الحق، وإنما أديان أرضية مشوهة نشرها أولئك الذين ناقضوا الإسلام بالغزو والاعتداء والظلم والسلب والنهب والاسترقاق والسبى" .

وانتقد منصور تكفير من يتعرض لتاريخ الخلفاء الراشدين بالبحث، مشيراً إلى أن البحث الموضوعى للتاريخ يفرض على المسلمين التبين من صحة الروايات الواردة فى التراث من عدمه، مع عدم الإنكار التام للروايات التى تبدو كاذبة فى وجهة نظر البعض، لأنها قد تكون صحيحة فى وجهة نظر باحثين آخرين لهم أدلتهم وحججهم.

مشيراً إلى أن كتابة التاريخ أصبحت هواية لكثير من العاطلين، وأدى تردى مستوى التعليم فى الجامعات وسهولة النشر على الإنترنت لإتاحة الفرصة لكل من هبّ ودبّ أن يفتى ويتصدى بالهجوم على المتخصصين، لمجرد أنه لا يعرف الجديد الذى يكتبونه، رغم أنه لا علاقة لهم بمناهج البحث التاريخى وضوابطه وأصوله، بل ويعتبرون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة التى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.

وقال منصور إن ما فعله الخلفاء الراشدون من الفتوحات هو ظلم لرب العزة قبل أن يكون ظلما لملايين البشر فى آسيا وأفريقيا، لأنهم نسبوا هذا الظلم لله جل وعلا، برغم أن الله تعالى قال إنه لا يريد ظلما للعالمين، وأنه جل وعلا لا يحب المعتدين. بحسب صحيفة اليوم السابع.

وأضاف أن ما فعله الخلفاء الراشدون كانوا فيه الأئمة لمن جاء بعدهم من الخلفاء غير الراشدين، إذ تأسى بهم الأمويون وغير الأمويين فى الفتوحات وقتل المسلمين فى حروب أهلية تمسكا بالسلطة أو للوصول إليها.

وأضاف منصور أن نقد الصحابة ليس ترفاً فكرياً منقطع الصلة بالحاضر، لأن الحاضر المؤلم البائس للمسلمين هو تكرار غبى لما بدأه الخلفاء الراشدون من خروج عن الإسلام عبر الفتوحات والفتنة الكبرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/آذار/2010 - 17/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م