القاعدة في أفريقيا: من شعارات الجهاد إلى تجارة المخدرات وخطف المدنيين

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: بضلوعه في جرائم خطف رهائن وتهريب مخدرات يهدد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي دولاً ضعيفة في غرب أفريقيا بجرائم تصيبها بالشلل، فضلا عن تقويض العلاقات مع دول أوربا عن طريق خطف السائحين ورجال الأعمال لغايات مادية تحت شعارات جهادية بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام السمحاء التي تحرّم الفساد وتجرّم ترويع المدنيين وإرهابهم وخطفهم أياً كانت الأسباب والمبررات، لكن هذا هو حال تنظيم القاعدة عموماً والذي تشظى وتفتت من قاعدته في أفغانستان وباكستان لينشر الشرور والفساد في أنحاء العالم.

وتوفِّر الفدى والأموال التي يجنيها التنظيم من تجارة المخدرات في دول مثل موريتانيا ومالي والنيجر تمويلا قد يجذب متشددين من دول فقيرة في وقت تتعرض فيه قيادة التنظيم في الجزائر إلى ضغوط.

لكن الأثر الرئيسي المترتب على أنشطة التنظيم سيكون على الأرجح تصاعد الجريمة المنظمة العنيفة في المناطق ذات مشاريع الموارد المزدهرة مقارنة بهجمات لها دوافع أيديولوجية يريد التنظيم منها أن يتصدر العناوين ويقتل العشرات.

وقال سوميلو بوبيي مايجا وهو وزير دفاع سابق في مالي يعمل الآن مستشارا أمنيا "يستمد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي قوته من ضعف الدول... تفكر الدول في أغلب الأحيان في استمرارها السياسي بدلا من الإستراتيجية. "وهذه منطقة ستصبح مهمة بشكل متزايد للغاية" في إشارة إلى وجود مخزونات كبيرة من النفط والغاز والمعادن في المنطقة. بحسب رويترز.

ويحتجز التنظيم في الوقت الحالي ست رهائن غربيين وتربطه صلات بتجارة الكوكايين بين دول منطقة الصحراء الكبرى تقدر بملايين الدولارات. وأثار الجناح الجنوبي من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي مخاوف أمنية في الشهور القليلة الماضية.

وقال ريتشارد باريت وهو رئيس لجنة تابعة للامم المتحدة تتولى مراقبة شؤون القاعدة وحركة طالبان لرويترز "اذا قمت بحساب الامر على أساس تلقي فدية تقدر بنحو ثلاثة ملايين يورو لكل رهينة فهذه مبالغ طائلة. تلقوا هذه الاموال في الماضي مقابل رهائن."

ويعتقد محللون أن جماعات محلية هي التي غالبا ما تخطف الرهائن ثم تسلمهم الى اسلاميين في المنطقة. وتتضمن المفاوضات مزيجا من مطالب جهادية معلنة وطلبات خاصة بدفع فدى بملايين الدولارات.

تنظيم القاعدة يحرس مهرّبي المخدرات في الصحراء

وبموازاة ذلك قال مسئول جزائري بارز أن قوات الأمن الجزائرية اشتبكت مرارا مع متمردين من تنظيم القاعدة يقدمون حراسة أمنية مسلحة لمهربي مخدرات في الصحراء.

وهذا التصريح دليل جديد على التعاون بين تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي وبين مهربي المخدرات في منطقة الصحراء وهي شراكة يرى مسؤولو الامن انها ستجعل من الجماعتين خطرا اشد قوة.

وقال العقيد جمال زغيدة مدير مكتب التحقيقات بالدرك الوطني ان متمردي القاعدة يوفرون الحماية لقوافل المخدرات مقابل المال وهم يعرفون المنطقة جيدا.

وقال العقيد زغيدة للاذاعة الحكومية الجزائرية انهم يستخدمون اسلحة حربية مثل بنادق الكلاشينكوف لحماية القوافل وتم الاشتباك معهم اربع مرات في عام 2008 و15 مرة في عام 2009.

ويشعر مسؤولو الامن بالقلق بصفة خاصة من استخدام المتمردين التابعين لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الاموال التي يحصلون عليها من تهريب المخدرات في تجنيد مقاتلين جدد وتمويل هجمات عنيفة.

ويقول مسؤولون امريكيون ان المهربين يستخدمون الصحراء كمنطقة تجميع لنقل المخدرات جوا من امريكا الجنوبية الى اوروبا وان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي يمكن ايضا ان يتسلل الى شبكات المهربين بما لديها من طائرات وممرات هبوط سرية. بحسب رويترز.

ويخشى مسؤولو مكافحة التمرد في اوروبا والولايات المتحدة ان يحول تنظيم القاعدة منطقة الصحراء بمساحاتها الكبيرة وحدودها الوعرة الى ملاذ امن لنشاطاتها على طول الخطوط الممتدة الى الصومال واليمن.

وشن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي حملة من التفجيرات الانتحارية والكمائن المسلحة في الجزائر لكنها نقلت جزءا كبيرا من نشاطاتها في السنوات القلائل الاخيرة الى جنوب الصحراء ومناطق الحدود مع مالي والنيجر وموريتانيا.

حركة "الشباب" الصومالية تعلن ولاءها لتنظيم القاعدة

وفي الصومال أعلنت حركة "الشباب" الإسلامية الصومالية بعد موافقتها على توحيد قواتها مع ميليشيات جنوبية أصغر حجما، ولاءها لتنظيم "القاعدة". وتؤكد أجهزة أمنية غربية أن الصومال باتت ملاذا آمنا للمتشددين الإسلاميين بمن فيهم "الجهاديون" الأجانب.

وفي بيان صدر مؤخرا واطلعت عليه رويترز قالت حركة الشباب وجماعة كامبوني المتمردة ومقرها في كيسمايو انهما وضعا خلافاتهما جانبا.

وقال البيان "اتفقنا على الانضمام الى الجهاد العالمي الذي تقوده القاعدة.. واتفقنا ايضا على توحيد مجاهدي الشباب كامبوني من اجل تحرير الطائفة في الشرق وفي القرن الافريقي الواقع تحت اقدام الاقلية المسيحية."

وقال ايضا "توحدنا من اجل احياء وتنشيط القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية للمجاهدين وايقاف الحرب التي اوقدها المستعمرون ولمنع هجمات المسيحيين الذين غزوا بلادنا."

ويعتقد ان كلمة "المسيحيين" في هذا الاطار تشير الى القوات الاثيوبية التي غزت الصومال في اواخر عام 2006 ثم انسحبت والى قوات حفظ السلام القادمة من اوغندا وبوروندي والتباعة لقوة الاتحاد الافريقي في مقديشو.

ويبدو ان البيان موقع من قادة المتمردين مثل الشيخ حسن تركي قائد ميليشيات كامبوني واحمد عبدي جودان زعيم الشباب. ويعتقد خبراء الأمن ان العدد الكلي لمقاتلي الشباب لا يزيد عن 5000 بينما ينتمي عدة مئات لميليشيات كامبوني.

وأدت أعمال العنف لمقتل نحو 21 ألف شخص أو اكثر في الصومال منذ بداية عام 2007 فضلا عن تشريد 1.5 مليون مما أثار واحدة من اسوأ الازمات الانسانية في العالم.

ويطلق متمردون من حركة الشباب المتشددة النار على قصر الرئاسة الذي يقع على قمة تل من أماكن اخرى في مقديشو بشكل متكرر وعادة ما ترد القوات التي تحرس القصر القصف.

حوارات مع الجهاديين الموقوفين في موريتانيا

أما في موريتانيا اكد رئيس اللجنة المكلفة اجراء حوار بين الجهاديين المفترضين الموقوفين في سجن نواكشوط المركزي وعلماء دين مسلمين عينتهم الحكومة الموريتانية لهذه الغاية، ان نتائج هذا الحوار "مشجعة".

وقال محمد مختار ولد امبالة رئيس اللجنة ان نتائج اللقاءات الأولى للحوار الذي بدا الاثنين كانت مشجعة جدا ومرضية.

ويحتجز في سجن نواكشوط المركزي 67 رجلا يشتبه بتورطهم في اعمال ارهابية، من بينهم موريتانيون جرت ملاحقتهم على خلفية مقتل اربع سواح فرنسيين في كانون الاول/ديسمبر 2007 في اليغ (جنوب)، ومقتل اميركي في حزيران/يونيو 2009 في نواكشوط. بحسب رويترز.

وتضم اللجنة مستشارا للرئاسة وموظفين في وزارات الارشاد الديني والعدل والداخلية، اضافة الى مجموعة علماء دين وائمة مساجد. وقد انتدبت اللجنة خمسة من اعضائها لاجراء حوار مع السجناء. وتجري هذه الحوارات من خلال مناظرات تتركز على مواضيع مختلفة.

واكد ولد امبالة وهو المتحدث الرسمي باسم اللجنة ايضا، "انا على ثقة من ان نتائج الحوار ستكون مشجعة وفي مصلحة الجميع"، مشيرا الى مواصلة هذا الحوار مع السجناء. وقال ان اللجنة لا تعتزم تجريم اي كان من السجناء، ولا ان تحكم عليهم "فهذا الامر يعود للقضاء"، موضحا ان دور اللجنة يتمثل باجراء حوار بهدف الاقناع وتقديم التوضيحات الدينية.

واشار الى ان البلدان التي تسلك هذا النهج الذي يوفق بين الحوار العقائدي والحلول الامنية، قليلة جدا، وان بلاده اختارت هذا الاجراء بعد دراسة متأنية.

الامن الفلسطيني يعتقل خلية تتبنى فكر القاعدة

من جهة أخرى كشف مسؤول امني فلسطيني رفيع المستوى ان الامن الفلسطيني اعتقل الاسبوع الماضي ستة شبان يتبنون فكر تنظيم "القاعدة" في جنين شمال الضفة الغربية.

وقال العميد ابراهيم رمضان مدير جهاز الامن الوقائي في جنين "ان هؤلاء الشبان الستة الذين اعتقلوا كانوا يجرون تدريبات عسكرية، لكنهم لم يختاروا بعد هدفا لتنفيذ عملية عسكرية".

واضاف"ان الشبان الستة اعترفوا اثناء التحقيق بانهم يحسبون انفسهم على تنظيم +القاعدة+، لكنهم لم يتمكنوا من اجراء اتصالات مع قيادة التنظيم في الخارج".

واوضح "ان المعتقلين كانوا طلبة او خريجين من الجامعة العربية الاميركية في جنين، وانهم من عدد من قرى محافظة جنين". بحسب رويترز.

وأشار الى ان "جميعهم كانوا حليقي الرؤوس، طويلي الذقون ويعتقدون بان حركتي فتح وحماس كافرتان وان البديل يجب ان يكون على نمط تنظيم +القاعدة+".

ونفى المسؤول الامني ان يكون جرى "اي تنسيق مع السلطات الاسرائيلية لاعتقالهم"، موضحا "ان اعتقالهم جرى بالصدفة اثناء التحقيق في مصدر متفجرات عثر عليها في بلدة قباطية" القريبة من جنين.

من جهتها اعلنت وزارة الداخلية الفلسطينية المقالة التي تديرها حركة حماس الاربعاء اعتقال زعيم كبير للجماعات السلفية الجهادية في غزة الذي هرب من السجن اواخر العام الماضي.

مالي: آمال بالإفراج عن الرهائن لدى تنظيم القاعدة

وفي نفس السياق أعرب الرئيس المالي امادو توماني توريه الاحد في باماكو "عن امله في (الافراج) عن كل الرهائن" الاوروبيين -ثلاثة اسبان وايطاليان وفرنسي- المحتجزين لدى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.

واعلن الرئيس توريه لبعض الصحافيين وبينهم مراسل لوكالة فرانس برس "لدي امل في (الافراج) عن كل الرهائن".

واكد وسيط من مالي رفض الكشف عن هويته ان الرهينة الفرنسي بيار كامات "في صحة جيدة ويلقى معاملة حسنة" بعد انتهاء مهلة الانذار الذي اصدرته القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بشانه السبت. وقال لوكالة فرانس برس "ان الرهينة الفرنسي يلقى معاملة حسنة". واضاف "الرهينة الفرنسي في صحة جيدة، وكل (الرهائن) الاخرين كذلك".

واضافة الى الفرنسي بيار كامات الذي خطف في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر في شمال مالي، يحتجز هذا الفرع للقاعدة ايضا ثلاثة اسبان منذ 29 تشرين الثاني/نوفمبر في موريتانيا وايطاليين خطفا في 17 كانون الاول/ديسمبر في موريتانيا ايضا، احدهما امراة تتحدر من بوركينا فاسو. وطالب الخاطفون بالافراج عن اربعة اسلاميين محتجزين في مالي مقابل الافراج عن كامات.

وحكمت محكمة في باماكو على هؤلاء الاسلاميين (جزائريان وموريتاني واخر من بوركينا فاسو) بعد ادانتهم "بحيازة اسلحة حربية بصورة غير قانونية"، وبما انهم امضوا فترة عقوبتهم فانهم بالتالي "احرار" وعلى وشك الافراج عنهم، كما اعلن مصدر قضائي مالي.

مدريد تدفع 5 ملايين دولار للقاعدة للإفراج عن الرهائن

وفي اسبانيا كتبت صحيفة ال موندو ان الدولة قد تكون في صدد دفع خمسة ملايين دولار لتنظيم القاعدة بهدف الافراج عن ثلاثة رهائن اسبان محتجزين منذ قرابة ثلاثة اشهر بيد فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، اعلن متحدث باسم الخارجية الاسبانية صباح الاحد انه لا يملك "اي معلومة رسمية" بشان الاعضاء الثلاثة في جمعية اسبانية كان تم خطفهم في 29 تشرين الثاني/نوفمبر في موريتانيا.

وكتبت ال موندو من دون كشف مصادرها ان اسبانيا "ستدفع خمسة ملايين دولار لارهابيي القاعدة في المغرب عبر احد قادة الطوارق".

واوضحت الصحيفة الاسبانية ان اتفاقا تم ابرامه في نهاية كانون الثاني/يناير بين مدريد والقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بمساعدة سلطات مالي لدفع فدية بقيمة خمسة ملايين دولار. واضافت ال موندو ان "عضوا في الحكومة اكد للصحيفة" هذا المبلغ.

وتابعت ان احد قادة الطوارق اياد اغ غالي يقوم بدور الوسيط و"يتحمل مسؤولية ايصال (...) الخمسة ملايين دولار نقدا الى الارهابيين".

القاعدة تهدد بإعدام رهينة إيطالي

وأذاع تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" ، تسجيلاً صوتياً لرهينة إيطالي اُختطف منذ أكثر من شهرين، مع زوجته، تضمنت إعطاء الحكومة الإيطالية مهلة مدتها 25 يوماً للاستجابة إلى مطالبهم، مع تجديد التهديد بإعدام الرهينتين.

ورافق التسجيل الصوتي، والبيان الصادر عن التنظيم، والذي نُشر على عدد من المواقع الإلكترونية التي تتبنى إذاعة بيانات الجماعات "المتشددة"، صورة قال إنها للرهينة الإيطالي، سرجيو سيكالا، وهو جاث على ركبتيه، بينما يقف خلفه نحو ستة مسلحين يخفون وجوههم.

وناشد سرجيو، بحسب التسجيل الصوتي، الذي جاء بعنوان "نداء إلى حكومة برلسكوني من المختطف الإيطالي سرجيو سيكالا"، وتحدث فيه الرهينة باللغة الإيطالية، ولم يتسن لـCNN التأكد من صحته، ناشد حكومة بلاده العمل على إنقاذ حياته وحياة زوجته.

وجاء في بيان مكتوب للتنظيم، أنه "رغم مرور أكثر من شهرين على اختطاف الإيطالي سرجيو سيكالا، وزوجته الإيطالية الجنسية كابوري فيلوماني باولغبا، ومع اقتراب نفاذ المهلة التي منحها المجاهدون لحكومة برلسكوني، فإن هذه الأخيرة لم تحرك ساكناً لحد الآن، ولم تبذل أي جهد يذكر للحفاظ على حياة مواطنها، في الوقت الذي تكذب فيه على الرأي العام وتتبجح بأنها تبذل جهودها."

وأضاف البيان: "ولأننا نكذب ادعاءات هذه الحكومة، ونود أن نبلغ الرأي العام الإيطالي بعدم جدية حكامهم، واستهتارهم الواضح بحياة مواطنيهم، فإننا ننشر هذا النداء من المختطف سيكالا سيرجيو، وهو نداء يندرج في سياق إقامة الحجة على إيطاليا، وتبرئة ذمتنا أمام الله."

وتابع البيان قائلاً: "ونحن نكرر نداءنا لأهالي المختطفين، وللرأي العام الإيطالي: إن أردتم سلامة الأسيرين، فعليكم بالضغط على حكومتكم المعتدية، ودعوتها للاستجابة لمطالب المجاهدين المشروعة."

وكان سيكالا، البالغ من العمر 65 عاماً، وزوجته (39 عاماً)، قد تعرضا للاختطاف في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أثناء وجودهما في شرق موريتانيا، بالقرب من الحدود مع مالي.

واُختطف الزوجان بينما في طريقهما إلى بوركينا فاسو، البلد الأصلي للزوجة، التي كانت ترغب بزيارة ابنها هناك، حسبما نقلت شبكات التلفزة الإيطالية عن ألكسيا سيكالا، ابنة الرهينة المختطف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/آذار/2010 - 16/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م