عملية اغتيال محمود المبحوح القائد في حركة حماس بمدينة دبي، عملية
إرهابية وإجرامية واعتداء صارخ على هيبة الدولة والنظام في دبي
والإمارات والخليج، وضربة قوية للأجهزة الأمنية العربية الضعيفة، وليس
مجرد قوة لجهاز الموساد بالاختراق، وحتما هناك الكثير من الدروس والعبر
يمكن استخلاصها من هذه العملية.
لقد نجحت دبي في تقديم عرض تلفزيوني مفصل ومثير وممتع لحركة الجناة
المجرمين الذين قاموا بالعملية الإجرامية لقتل المبحوح، ونجحت في تقديم
دليل واضح للعيان على تورط الموساد الإسرائيلي في العملية، وكشف حقيقة
الجوازات المستخدمة الخاصة بدول غربية، وبذلك قدمت دبي درسا للدول
بأهمية تقنية التصوير، ورسالة لكل من يدخل دبي بأنه مراقب وعليه الحذر.
وقد انشغل الإعلام العربي والكتّاب بفيلم العرض التلفزيوني المصور
من قبل شرطة دبي، والحديث بإسهاب عن التقنية والكاميرات المزروعة في كل
مكان بالإمارة الصاخبة والساحرة والجذابة، التي تجمع سكان أكثر من 200
جنسية على أرضها، يشكل الوافدون فيها الأكثرية مقابل أقلية من
المواطنين، إذ يقدر عدد الكاميرات في دبي بالآلاف بسبب الهوس الأمني،
وقد رأى البعض في ذلك انتصارا لشرطة دبي، مطالبين دول الجوار
بالاستفادة من تجربة دبي بزيادة الاهتمام بزراعة المزيد من الكاميرات
السرية في كل زاوية – ونافذة- من البلد، وينبغي ان لا نبخس ونقلل من
قوة النظام الأمني في دبي، وما قام به من فضح عملاء الموساد والإصرار
على بث الفيلم المصور، الذي يصنف بأنه موقف جريء يسجل لدبي.
ولكن في الحقيقة ان هذه التقنية وهذه الكاميرات التي كشفت عن وجوه
الجناة وتورط الموساد، فشلت في منع حدوث الجريمة المروعة وانتهاك نظام
الدولة، وفشلت في تقديم الخيوط للقبض على المجرمين قبل فرارهم، كما
انها كشفت عن ضعف العمل الاستخباراتي في دبي والخليج مقابل العدو
الإسرائيلي.
فما فائدة الفيلم المثير والكاميرات المزروعة وهي غير قادرة على
تقديم معلومات استباقية قبل حدوث الجريمة؟ في الحقيقة ان دبي فشلت في
منع حدوث الجريمة أو القبض على المجرمين، وان العدو الإسرائيلي نجح في
انتهاك القوانين والأمن في الإمارات، ونجح في تحقيق هدفه الإجرامي بقتل
الضحية القائد محمود المبحوح.
والكيان الصهيوني الإرهابي ليس لديه مشكلة في توجيه الاتهام له
بارتكاب عملية الاغتيال وتزوير جوازات دول غربية، فتاريخه مليء بمثل
تلك الأعمال الإرهابية، وربما يقدم اعتذارا لتلك الدول!.
الزبدة - إذا هناك زبدة في ظل الأحداث الساخنة في المنطقة-؛ إن
الشرطة في دبي لم تستطع اكتشاف الجريمة إلا بعدما طارت الطيور بأرزاقها
وبعد ما طاح الفأس بالرأس، وبعدما نفذت إسرائيل مهمتها القذرة.
الحادثة الإجرامية درس لإمارة دبي وللأنظمة العربية بعدم الثقة
بالنظام الصهيوني الإسرائيلي الإرهابي العدواني، الذي لا يحترم
القوانين والمواثيق، والذي يقف وراء أكثر العمليات الإجرامية التي وقعت
وتقع في البلدان العربية وغيرها واستهداف القادة والعقول العلمية.
هل الموساد الإسرائيلي وراء وفاة بعض القيادات في الدول العربية،
وهل يقف خلف عملية اغتيال العالم الإيراني النووي مسعود محمدي في
طهران؟ مجرد أسئلة تبحث عن جواب. |