امن الطاقة الصيني: السعودية بديلاً لإيران

واشنطن تستخدم النفط العربي لكسر التحالف الصيني الإيراني

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: كشف تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية، يتناول موقف الصين وتحليلها لامتلاك إيران القدرة على تطوير قدراتها النووية ونظرتها إلى أزمة الملف النووي الإيراني، أن هناك جدلا داخل أوساط صنع السياسة الخارجية الصينية حول ما إذا كانت مثل هذه القدرة تشكل خطرا وما هي تأثيراتها على سياسة الصين ودورها المستقبلي، مشيرا إلى وجود مدرستين أو اتجاهين الأول يرى أن سلوك إيران وتصرفاتها قد تعرض السلام والاستقرار في الشرق الأوسط للتهديد، وبالتالي فإنه مضر ويعرض مصالح الصين الإستراتيجية في المنطقة للخطر. والآخر يرى أن سياسة حافة الهاوية النووية الإيرانية يمكن أن تستمر بلا عواقب أو انعكاسات سلبية جدية، وأن الولايات المتحدة لن تشن هجوما عسكريا على إيران أو تدخل في مواجهة عسكرية مع النظام الإيراني.

وتزامناً مع هذه التطورات تشهد العلاقات النفطية الوثيقة بين السعودية والولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم تغيراً، إذ أن تقلص الطلب على الطاقة في الغرب ينبئ بأن المملكة ستنافس بضراوة من أجل الهيمنة على سوق آسيا المتنامية خصوصا في الصين.

فيما تشجع الإدارة الأمريكية دول الخليج على رفع صادراتها النفطية إلى الصين في سياق مسعى لتقليل اعتماد التنين الآسيوي على النفط الإيراني وبالتالي تليين موقف حكومة بكين تجاه فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية الصارمة ضد الجمهورية الإسلامية.

ووفقا لتقرير مجموعة الأزمات الدولية نفسه فإن الاتجاه الأول في الصين لا يخفي قلقه من احتمال تفاقم التوتر خاصة في حال أصبحت الولايات المتحدة جزءا من مواجهة عسكرية محتملة داعيا القيادة السياسية الى فهم ووعي حقيقي لتحركات طهران وتوجهاتها التصعيدية التي لا ينبغي ان يستهان بها او التقليل من تأثيراتها السلبية على الصين، ما يستلزم العمل بنشاط والقيام بوساطة بين طهران وواشنطن.

ويتناول التقرير الاتجاه الاخر المعاكس الذي يرى ان سياسة «حافة الهاوية» النووية الايرانية يمكن ان تستمر بلا عواقب او انعكاسات سلبية جدية، وان الولايات المتحدة لن تشن هجوما عسكريا على ايران او تدخل في مواجهة عسكرية مع النظام الايراني. بحسب صحيفة الوطن.

ويبين التقرير ان هذا الرأي او الاتجاه تدعمه شركات النفط والغاز التابعة للدولة وأنصارها في الحكومة ممن يعتبرون ان أمن الطاقة مسألة ملحة لهم تهمهم أكثر من نشاطات ايران النووية مشددا على «ان مصالح هذه الشركات والصناعات الكبرى في البلاد ولاسيما في قطاع الطاقة هي التي تلعب الدور الاكبر في صنع السياسة الصينية الخاصة بايران».

وبحسب التقرير فإن الصين تحصل على %11.4 من احتياجاتها النفطية من ايران ما يجعل من الجمهورية الاسلامية ثالث اهم مصدر نفطي لها بعد السعودية وانغولا، كاشفا عن ان «الولايات المتحدة اقترحت العام الماضي ان تزيد السعودية كميات صادراتها النفطية الى الصين، ولكن بكين ترددت في البداية لكنها ما لبثت ان وافقت على المساعي الامريكية التي اسفرت عن زيادة وارداتها النفطية من دولة الامارات من 50 الف برميل يوميا الى 200 الف برميل مع منتصف 2010، اضافة الى زيادة العراق والكويت والسعودية صادراتها الى الصين للعام الجاري بحوالي %100 و%50 و%12 على التوالي» وقال «ان الفكرة الاساسية التي حملتها وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون خلال زيارتها الاخيرة الى الخليج تبرز اهتمام الادارة الامريكية بمواقف عربية في هذا الاتجاه».

ويستنتج التقرير ان تمسك الصين ببقاء النظام في طهران يعود الى مخاوفها على مصالحها النفطية والاقتصادية ما يدعوها الى محاولة حماية «الحرس الثوري» من عقوبات يبدو ان واشنطن تريد ان تكون موجهة بقوة الى مؤسساته خاصة في القطاع النفطي والمالي والتجاري والصناعات الحربية والصناعات المدنية في البناء التي تمتلك الشركات الصينية شراكة واسعة في تنفيذها.

السعودية تستضيف تشو لكنها تخطب ود الصين

وتزامناً مع تطورات الموقف الإيراني مع الغرب تشهد العلاقات النفطية الوثيقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم تغيرا اذ أن تقلص الطلب على الطاقة في الغرب ينبئ بأن المملكة ستنافس بضراوة من أجل الهيمنة على سوق آسيا المتنامية خصوصا في الصين.

ويقوم ستيفن تشو وزير الطاقة الامريكي بزيارة للرياض ولكن جاذبية بكين لموردي النفط قويت واشتدت في عامي 2008 و2009 مع تنامي الطلب بدرجة أكبر في الصين وتراجعه في الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت ذاته.

وعززت السعودية الصادرات الى الصين وانخفض تدفق النفط الخام من المملكة الى الولايات المتحدة. وبلغ تدفق الصادرات النفطية الى الولايات المتحدة أقل مستوياته في 22 عاما خلال 2009 اذ تسبب الكساد في هبوط استهلاك الوقود وقادت السعودية تخفيضات منظمة أوبك لامدادات المعروض حتى يتناسب الطلب مع المعروض.

وكان النفط دائما هو محور الراوبط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي تربط الرياض بحليفتها واشنطن. وقال محللون ان هذه العلاقة قد ترتخي لكن النفط سيستمر في دعم الروابط السعودية الامريكية.

ان ما يمنح المملكة تأثيرا لدى واشنطن وبكين ومستهلكين اخرين لم يعد هو الصادرات المباشرة بقدر ما هو قدرة السعودية على موازنة سوق النفط العالمية.

والرياض هي المنتج الوحيد الذي يحوز فائضا كبيرا من الطاقة الانتاجية وهو ما يجلعها الملجأ الرئيسي لمعالجة أي نقص كبير مفاجئ في الامدادات العالمية.

وقال ديفيد كيرش مدير استخبارات السوق لدى بي.اف.سي انرجي في واشنطن "كان النموذج القديم يتمثل في أن السعودية ترى اهميتها من ناحية الجغرافيا السياسية في أنها أكبر مورد الى أكبر سوق في العالم."

وتابع كيرش قائلا "انها لم تعد ترى ذلك المحرك الرئيسي. بدلا من ذلك ... فان السعودية لديها طاقة انتاجية فائضة ...ومستعدة لتعديل الانتاج صعودا ونزولا لتلبية احتياجات السوق."

وبرغم انخفاض شحنات النفط الى الولايات المتحدة فان السعودية مع ذلك قامت بتوريد أكثر من عشر الواردات الامريكية من الخام العام الماضي.

وقال فرانك فيراسترو رئيس برنامج الطاقة والامن القومي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان السعودية اصبحت موردا موثوقا به على المدي الطويل للسوق الامريكية بدرجة أكبر من منافسين مثل فنزويلا أو نيجيريا.

واضاف فيراسترو "يضع ذلك السعودية في وضع متميز كمحور لسوق النفط على طرفي العالم." "السعودية مهمة جدا للولايات المتحدة من الناحية الاستراتيجية وهناك ادارك بأننا لا نستطيع فقد السعوديين في أي وقت قريب."ويعكس تغير تدفق الامدادات ايضا التحول في الطلب على النفط على المدي الطويل.

الصين ليست بحاجة إلى نصائح السعوديين

وفي هذه الغضون أعربت الرياض عن تحفظاتها من امكان التدخل لدى بكين لاقناعها بدعم مشروع اميركي لاستصدار قرار عن مجلس الامن الدولي يفرض عقوبات جديدة على ايران بسبب ملفها النووي المثير للجدل.

واعلن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل عقب محادثات مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاثنين في الرياض ان الصين ليست في حاجة الى نصائح السعوديين لتحديد موقفها من فرض عقوبات محتملة ضد ايران.

واعتبر الوزير السعودي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع كلينتون ان الصينيين يتحملون بجدية مسؤولياتهم في مجموعة خمسة زائد واحد وليسوا في حاجة لاقتراحات السعودية حول ما يجب عليهم ان يفعلوا.

وادلى سعود الفيصل بهذه التصريحات ردا على سؤال حول امكانية ان تقترح الرياض على بكين ضمانات لامدادها بالنفط ودفعها الى التصويت في مجلس الامن الدولي ضد ايران بشان ملفها النووي.

واضاف الفيصل ان "المملكة تجدد تأييدها لجهود مجموعة 5 +1 لحل الازمة سلميا وعبر الحوار، وندعو إلى استمرار هذه الجهود. كما اننا ندعو ايران الى الاستجابة لها لازالة الشكوك الاقليمية والدولية حيال برنامجها النووي". بحسب رويترز.

وطالب الوزير السعودي "بوضع خطة لمنع انتشار الاسلحة النووية في المنطقة"، مؤكدا ان الرياض "لا تريد ان تنزلق المنطقة الى سباق تسلح"، داعيا في هذا الاطار الى تطبيق معايير حظر اسلحة الدمار الشامل على جميع دول المنطقة دون استثناء بما في ذلك برنامج اسرائيل النووي.

واعتبر الوزير السعودي ان فرض عقوبات على ايران حل على المدى البعيد "لكننا ندرس هذه المسألة على المدى القصير لاننا قريبون من الخطر".

واعلن مقربون من هيلاري كلينتون انها قد تطلب من المسؤولين السعوديين استخدام نفوذهم لدى الصين، التي ترفض فرض عقوبات جديدة على ايران، لحملها على تغيير موقفها.

وقال مساعدها المكلف الشرق الاوسط جيفري فيلتمان ان للصين "علاقات تجارية هامة" مع السعودية التي قد تغتنم تلك العلاقات "للمساعدة على تكثيف الضغط على ايران".

من جانبها اعلنت كلينتون في المؤتمر الصحافي ان "جوانب متزايدة من المجتمع الايراني (...) باتت خارجة عن سيطرة رجال الدين والقادة السياسيين" وتحت سيطرة الحرس الثوري، الجيش العقائدي للنظام.

وفد إسرائيلي لإقناع بكين بخطورة المطامع الإيرانية

وفي نفس السياق الرامي لمحاصرة إيران كتبت صحيفة "هآرتس" ان اسرائيل بعد روسيا تدخل علانية على خط الجهود الدبلوماسية الغربية لفرض عقوبات على ايران وهذه المرة يصل وفد اسرائيلي رفيع الى الصين نهاية الشهر الحالي لحثها دعم فرض عقوبات على ايران.

وقالت مصادر اسرائيلية ان الوفد الاسرائيلي يرأسه وزير الشؤون الاستراتيجية ورئيس هيئة اركان الجيش الأسبق موشيه يعالون ومحافظ بنك اسرائيل المركزي ستينلي فيشر لاجراء محادثات سياسية واقتصادية وامنية مع كبار المسؤولين الصينيين.

واضافت ان زيارة الوفد للصين يأتي بناء على قرار من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في ظل المداولات التي تجريها هذه الأيام الدول الست الكبرى لبحث مسألة فرض عقوبات على ايران.

واعتبرت الصحيفة زيارة الوفد الاسرائيلي للصين خطوة سياسية هامة تجاه بكين منذ تولي نتنياهو رئاسة الحكومة فيما يتعلق بالملف الايراني.

واشنطن تستخدم النفط العربي لكسر التحالف الصيني الإيراني

وتشجع الإدارة الأمريكية دول الخليج على رفع صادراتها النفطية إلى الصين في سياق مسعى لتقليل اعتماد التنين الآسيوي على النفط الإيراني وبالتالي تليين موقف حكومة بكين تجاه فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية الصارمة ضد الجمهورية الإسلامية.

وبدأت الإستراتيجية الأمريكية تأتي أكلها، بإعلان الإمارات العربية المتحدة مؤخراً، زيادة حجم صادراتها من النفط إلى الصين، على مدى الأشهر الستة المقبلة، إلى ما بين 150 ألف إلى 200 ألف برميل يومياً، عن المعدل الراهن، ويبلغ 50 ألف برميل يومياً.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مصدر إماراتي بارز قوله: "إن أبوظبي تخطط لزيادة إضافية هائلة "خلال السنوات الثلاثة المقبلة."

وأورد المصدر ذاته عن مصادر مطلعة أن السعودية تبدو مستعدة لتعويض الصين عن أي تراجع في احتياجاتها من الطاقة في سياق جهود دولية لمعاقبة الجمهورية الإسلامية.

وتنظر المملكة في كيفية الموازنة بين مشترياتها الضخمة من الصين من أسلحة ومنتجات إستهلاكية واستخدامها كسلاح ضغط لإجبار بكين عن النأي بنفسها عن طهران.

ويشكك دبلوماسيون ومحللون شرق أوسطيون في فرص نجاح الولايات المتحدة والدول العربية، وعلى المدى البعيد، في اختراق هذا التحالف وكسر اعتماد الصين على الطاقة الإيرانية.

ويتساءل المحللون حول كيفية رفع الإمارات والسعودية، العضوان بالأوبك، صادراتهما من النفط للصين، في الوقت الذي تحدد فيه المنظمة حصص إنتاج محددة للأعضاء، وما قد ينجم عن الخطوة من إغراق السوق بفائض من النفط. بحسب سي ان ان.

وترى واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون في الصين كلاعب بالغ الأهمية في أي جهود دولية لممارسة ضغوط اقتصادية على إيران بشأن برنامجها النووي.

ومن المتوقع ارتفاع استهلاك الصين من النفط إلى معدلاتها الحالية عند 540 ألف برميل في اليوم إلى نحو 20 مليون برميل يومياً بحلول 2030.

وخلال الأشهر الخمس الأولى من العام الحالي، زودت السعودية الصين بـ740 ألف برميل نفط في اليوم، لتعد أكبر مصدر للطاقة للمارد الآسيوي، تلتها إيران بـ540 ألف برميل في اليوم.

الصين تقوض جهود أمريكا ضد إيران

وبدأت شركات صينية حكومية هذا الشهر، تزويد إيران بالوقود، وتزويدها ما يقارب ثلث احتياجاتها منه، ما يهدد بتقويض الجهود التي تقودها الولايات المتحدة ضد إيران، بسبب برنامجها النووي.

وتأتي هذه الخطوة، بعد عام على تحركات دولية لوقف بيع البنزين لإيران، شملت وقف شركات كبرى مثل "بريتيش بيتروليوم" البريطانية و "رليانس" الهندية بيع البنزين لإيران، كما بذلت جهود لتسليط الضوء على العقبات التي تعترض تنفيذ العقوبات التي تهدف للحد من طموحات إيران النووية.

ونقلت "فاينانشال تايمز" عن تجار ومصرفيين متخصصين قولهم، إن الفجوة التي خلفها توقف الشركات الكبرى عن بيع البنزين لإيران، ستغطيها الشركات الصينية هذا الشهر.

وعلى الرغم من كون إيران إحدى أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، إلا أنها تستورد كميات من البنزين بسبب تهالك مصافي التكرير لديها، وعدم قدرتها على إنتاج متطلبات السوق المحلي.

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد طالب الرئيس الصيني هو جينتاو في لقاء جمعهما الثلاثاء في نيويورك، بتعاون أكبر من الصين، لمحاولة ثني إيران عن الاستمرار في برنامجها النووي.

ويرى تجار نفط، أن شركات النفط الحكومية الصينية، زودت إيران بالبنزين عن طريق وسطاء، واعتبروا أن ذلك لا يعد خرقاً للعقوبات المفروضة على إيران باعتبار أن تصدير الوقود لإيران لم يدخل بعد ضمن قائمة السلع الممنوع تصديرها لها. بحسب سي ان ان.

وصرح مسؤول صيني في واشنطن أن :"الشركات الصينية تقيم علاقات طبيعية مع إيران، وموقف الحكومة الصينية تجاه التعامل مع إيران واضح جداً .. الصين تعمل مع الأطراف المعنية لحل القضية بالطرق السليمة."ولا تعتبر الشركات الصينية الوحيدة التي تصدر البنزين لطهران، إذا هناك أيضاً شركات أوروبية واسيوية أخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/آذار/2010 - 14/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م