حسد عيشة

لطيف القصاب

اعترف مقدما كاي انسان ولُد وسوف يموت في العراق باني اعاني من عقد نفسية كثيرة ليس اولها الاحساس بالمغبونية والاضطهاد وليس اخرها الحسد لاسيما ما يسمى بحسد العيشة، وبما ان على كاتب العمود الصحفي  التركيز على فكرة واحدة منعا للتشويش وتحاشيا لاستطرادات لايتحملها ذهن القاريء المعاصر فانني ساتناول موضوع الحسد في هذا العمود واؤجل الحديث عن عقدة الاضطهاد الى عمود اخر.

 لا اخفيك اخي القاريء الكريم انني ومنذ ان سمحت مفوضية الانتخابات للمرشحين بتعليق دعاياتهم على سطوح الابنية والمنازل وفوق واجهات المحلات الكبيرة والصغيرة وبين تقاطعات الطرق الرئيسية والفرعية وكل مكان تقريبا ماعدا بعض جدران المساجد والحسينيات والاضرحة والمقابر،  اقول انني منذ ذلك التاريخ الاكشر وانا اعيش حالة من الحسد لاتطاق تجاه قريب لي القى بزجاجة العرق جانبا بعد عام 2003م ليتحول بسبب موهبته الموروثة  بقراءة اليتيمة والدارمي الى واحد من اشهر معارضي النظام السابق المتدينين وبالتالي الى اشهر الوجهاء في عموم المحافظة.

 هذا القريب  الغثيث لم يحدث ان دخل باب خير  طوال حياته ولا عمل معروفا بحق قريب او غريب بيد انه غدا الاسم الاكثر قربا من المحافظ السابق والحالي ورئيس مجلس المحافظة السابق والحالي ومدير بلدية المحافظة السابق والحالي وزعيم مافيا حبوب المحافظة السابق والحالي.

 هذا العركجي الرخيص اصبح منذ سنوات صاحب اكبر دكان لترويج بضاعة احد الاحزاب البائرة، وكما يؤكده  بعض اعضاء هذا الحزب المشهور ممن يمهرون توقيعاتهم الشاحبة بعبارة بسمه تعالى فان هذا الشخص هو المرشح الاوفر حظا في الفوز باحد مقاعد البرلمان المخصصة لمحافظتنا للدورة التشريعية المقبلة وانني بسبب هذه التوقعات التي لم ولن اشك بمصداقيتها ابدا مازلت احس بدرجة غليان الحسد تتصاعد في قلبي ساعة بعد ساعة وبوخزة الغيرة تنهش اعصابي دقيقة بعد دقيقة.

 وقد ادرك المقربون مني ما اكابده من الام الحسد والغيظ فحاول بعضهم ان يحول بيني وبين تصديق فكرة ان هذا الصعلوك سوف يغدو نائبا في البرلمان لامحالة لكنهم  لم يفلحوا في التخفيف عني مطلقا بل حدث العكس من ذلك تماما فهؤلاء الطيبون الذين ارادوا ان يخلصوني من عقدة الحسد وقعوا هم في ذات الورطة وما عادوا يهجعون الليل بسبب احساسهم بالغيرة والحسد والغيظ تجاه نائبنا المنبوذ.

 وانا عندما غيرت مجرى تفكير المتفائلين الطيبين من ابناء عمومتي وجعلتهم يقاسمونني مشاعر العداوة لعضو مجلس النواب القادم ليس لانني قاطع رحم او مريض بفايروس انفلونزا الحسد المعدية وليس لانني قافل مية وثمانين وليس لانني ماهر في اقناع المتفائلين ولكن لان المناقشة المنطقية لطبيعة الاحداث الانتخابية الماضية واسترجاع ذكرياتها الاليمة تفضي دائما بالناس سواء الحساد منهم والطيبون الى التسليم بحقيقة مرة مفادها ان هذا وامثاله هم من سوف يتحكمون بالملعب الديمقراطي في نهاية المطاف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/شباط/2010 - 13/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م