لا اقصد به الذي يؤمن بالله واليوم الاخر، فليس في العراق من هو ليس
كذلك، انما اقصد به المرشح الذي يؤمن بما يلي:
1ـ بالعملية السياسية الجديدة، وبادواتها في تداول السلطة، وتقف على
راسها صندوق الاقتراع، فلا يسعى للسلطة عن طريق السرقات المسلحة (الانقلاب
العكسري) او بالتامر والقتل والاغتيال، ما يتطلب منه العمل على تكريس
ثقافة الديمقراطية واعرافها في المجتمع العراقي.
لانريده منافقا، يجتمع في النهار تحت قبة البرلمان، ثم يتسلل الى
اجتماعات الارهابيين في خلسة من الليل والناس نيام.
2ـ بالمواطن كولي نعمة، وليس مجرد صوت، يتودد اليه ايام الانتابات
ثم يغيب عنه حتى القابل، بمعنى انه يؤمن بانه مدين بجلوسه تحت قبة
البرلمان الى الناخب الذي منحه الثقة فحمله بصوته الى حيث يجلس اليوم.
لا يقدم مصالح اي احد على مصالح الناخب، لان الهدف الاول والاخير
للعملية السياسية يتلخص في تحقيق مصالح الناس، ولذلك تراهم يقفون عند
عتبة صندوق الاقتراع، ليس من اجل ان يصعد المرشحون على اكتافهم لنيل
الامتيازات العظيمة، وانما من اجل ان يخدمونهم من خلال تامين مصالحهم
بسن وتشريع القوانين الصالحة التي تحقق ذلك.
3ـ بالوطن كاغلى جوهرة يجب عليه ان يدافع عنها بالغالي والنفيس من
اجل ان يصونه من اي اعتداء خارجي او مؤامرة داخلية تفقده امنه
واستقراره وسيادته ونظامه الديمقراطي.
فيؤمن بوحدته وبتاريخه وحاضره ومستقبله، لا يفرط بشبر ولا يتنازل عن
رمز ولا يتجاوز على حدود.
4ـ بالحوار كاسلم طريق للوصول الى الحقيقة، وافضل اسلوب لتحقيق
الاهداف، بعيدا عن لغة التهديد والوعيد، وبعيدا عن لغة التخوين وسياسة
التسقيط.
5ـ بالدستور كميثاق اتفق عليه العراقيون لتنظيم علاقاتهم مع بعضهم
البعض الاخر، ومع الجيران ومع المجتمع الدولي، ليلجا الى نصوصه والى
القوانين المنبثقة عنه كلما اعترضت العراق والعراقيين مشكلة.
عليه ان يتعهد بتفعيل كل المواد الدستورية، خاصة المتعلقة بمنافع
الناس، والتي لا زالت معطلة لحد الان، ولعل من اهمها قوانين المواطنة
والجنسية والتي لا زال الملايين من العراقيين محرومون منها وتاليا من
جواز السفر، بسبب تعطيل المواد الدستورية المتعلقة بهذا الشان تحديدا.
كذلك، كل ما يتعلق الامومة والطفولة والطبقات الضعيفة والفقيرة في
المجتمع، فالتنمية في اي بلد، لا تتحقق قبل ان يرتفع المستوى المعيشي
للطبقات المسحوقة الى الحد المعقول، لترتفع معه مستويات التعليم والصحة
والعمل وغير ذلك من الامور التي تعتبر عصب التقدم والتطور والتمنية في
اي مجتمع.
6ـ بالاعلام كسلطة اولى، يلعب الدور الاهم في مراقبة اجهزة الدولة
والكشف عن الفساد بالاضافة الى تبيان المنجزات الحقيققة التي تخدم
الوطن والمواطن، فلا يعتدي بحماياته على صحفي ولا يحقر فني ولا يطرد
مراسل.
ومن اجل ان يثبت لنا ذلك، فان عليه ان يتعهد لنا بان يمرر قانون
حماية الصحفيين قبل ان ينتهي الفصل التشريعي الاول، فالى متى يضل
الاعلاميون مكشوفين للارهاب والعنف بلا حماية لا لهم ولا لعوائلهم؟
والى متى يتعرض الاعلاميون للمخاطر والعدوان كلما حاولوا الوصول الى
المعلومة الصحيحة والى مصادر الخبر الدقيق، او كلما سعوا الى الكشف عن
ظاهرة معينة تظهر فشل السلطة او تقصير المسؤول؟.
7ـ بحرية الرأي فلا يتضايق من الاخر ولا ينفجر غضبا بوجه ناقد.
نريده ان يؤمن بان الراي والراي الاخر هما عصب نتاج الافكار الصحيحة
والمناسبة لكل مرحلة زمنية من مراحل العملية السياسية والتغيير الحضاري
المرجو للعراق الجديد.
نريده ان يتحسس من عبارة (سجناء الرأي) فلا يدع العراق يشهد مثل ذلك،
ولا حتى لسجين واحد، فان ذلك بداية الديكتاتورية التي يجب ان يناضل
المرشح من اجل ان لا يتكرر عهدها في العراق ابدا.
8ـ يؤمن بمبدا تكافؤ الفرص، بعيدا عن المحسوبية والمنسوبية والفساد
الاداري، يقدم الفرصة لمن يستحق، بالاعتماد على مبادئ الكفاءة والخبرة
والامانة لتحقيق مبدأ (الرجل المناسب في المكان المناسب) فلا تضيع فرصة
في محاصصة او فساد.
لقد ابتلي العراق باسوء فساد اداري نتج عنه تاخر الكفاءات وتقدم
غيرهم، ليس في موقع او موقعين، وانما في كل مواقع الدولة وبكل مؤسساتها،
ما يتطلب السعي لانتجاح مجلس نيابي يحارب كل ذلك، ليتمكن المواطن
العراقي، اي مواطن، ان يتبوا المكان المناسب له لخدمة بلده وشعبه.
9ـ بالقوات المسلحة كجهاز محايد لحماية البلاد والدستور، وليس اداة
سطوة بيد السلطة لقمع الشعب كلما اعترض او تظاهر او اعتصم او اختلف مع
الحكومة.
لقد حولت الانظمة التي تعاقبت على حكم العراق منذ تاسيسه مطلع
عشرينيات القرن الماضي، الى اداة بيد السلطة، ضد الشعب، ولقد استخدمته
بالفعل خلال العهد الملكي فقط اكثر من (57) مرة قمعت به الشعب في
الشمال والجنوب والوسط، في الشرق والغرب، فيما حوله النظام البائد الى
عصا يحملها دائما لم يضعها من يده حتى لحظة واحدة، ولقد سخره لقمع
الشعب طوال (35) عاما من دون انقطاع، فضلا عن تسخيره له كاداة للعدوان
على الجيران وارعاب المنطقة، حتى انتهى به المطاف الى ان يتلاشى ويذوب
كما يذوب فص الملح في الماء على حد قول المثل المعروف.
ولاثبات ذلك، يجب ان يعدنا بالاسراع في اصدار القوانين والتشريعات
التي تحرم على الاحزاب العمل في صفوف القوات المسلحة، وتبعد العسكريين
عن تاثيرات الفئات السياسية والقوى الحاكمة لنصنع منها جهازا اكاديميا
متخصصا حرفيا بعيدا عن المحاصصة والمذهبية والاثنية وغير ذلك من
القضايا التي دمرت قواتنا المسلحة وادخلتها في نفق الولاءات المتعددة،
التي اصبحت فوق الولاء للوطن.
كما يعدنا باصدار التشريعات التي تساهم في بناء القوات المسلحة من
الناحية المعنوية والتربوية والاخلاقية والثقافية والفكرية، فان كل ذلك
عوامل مهمة لضمان تحقيق مثل هذه المهنية التي ننتظرها لها.
10ـ بوظيفته، فلا يتكبر عليها فيرى نفسه فوق البرلمان، وحجمه اكبر
من قبته، والا، فلماذا يرشح نفسه للفوز بمعقد في مجلس النواب؟ اوليس من
اجل ان يحضر جلساته ويشارك في لجانه؟.
يجب ان نتاكد بان المرشح سيواضب على الحضور في جلسات البرلمان،
لانها مكان وظيفته الاول.
ان وظيفة النائب تنحصر في التمثيل والنيابة عن الاصيل الا وهو
الناخب، فاذا كان المرشح يرى نفسه فوق كل ذلك، فليدع الامر لمن يؤمن
بها ويثق بدوره تحت قبة البرلمان.
اريد مرشحا يجلس حصرا تحت قبة البرلمان لينتج مشاريع قوانين ويراقب
اداء السلطة التنفيذية بالنيابة عني، ولكن ليس قبل ان يصغ الي ويستمع
الى حديثي ويتحسس مشاكلي ويتفهم اقتراحاتي، لينتج كل ما من شانه خدمة
البلد وخدمتي، انا المواطن.
11ـ ان العراق لكل العراقيين، فهو ليس لعشيرة دون اخرى، او لمنطقة
دون غيرها، او لحزب دون آخر او لقومية دون غيرها، او لدين او مذهب او
جنس دون غيره، ابدا فالعراق جميل وقوي بفسيفسائه وتنوعه الذي خلقه الله
به.
انه كالطاووس، جميل بالوانه الزاهية، وتنوعه الذي يتكامل به.
نريد من يؤمن بان العراق لكل مواطن، وان خيراته وارضه ومياهه
وتاريخه وجغرافيته لكل مواطن بلا تمييز لا على اساس القومية ولا على
اساس الدين او الطائفة.
12ـ بان اغلى واقدس شئ في العراق هو الدم، دم المواطن الذي استباحه
النظام البائد، وجماعات العنف والارهاب بعد التغيير، وعصابات الجريمة
المنظمة، والمجموعات الظلامية التي عينت نفسها ممثلا مطلقا عن الله
وتشريعاته، ووصيا على الشعب القاصر، فاقامت (الحدود) على المذنبين
باراقة الدم الحرام، كيفما تحب وعلى هواها ومزاجها، وكان العراقيين (قاصرون)
بحاجة الى من يعلمهم دينهم ومصالحهم، والى من يكون وصيا عليهم لحين
بلوغ سن الرشد الذي لا يتحقق بنظر مثل هذه المجموعات.
والدم لا يصونه الا من يؤمن بالسلم واللاعنف، اما العنيف مع الناس،
الذي يتعامل معهم بشخصيته السبعية الكاسرة، فانه يريق دم الابرياء
لاتفه سبب، فما بالك اذا كان السبب سلطة؟.
13ـ يؤمن بان الصدق طريق النجاة من سهام الناخب وسوء ظنه وشائعاته،
فلا يكذب عليه للحصول على ثقته، ولا يكذب على زملائه لسرقة انجازاتهم،
ولا يكذب على المعارضة لافراغها من محتواها، ولا يكذب على الاعلام، او
يضلله بمعلومات كاذبة لا اساس لها من الصحة ليتهرب من المسؤولية.
14ـ يؤمن بانه مؤتمن وليس قيما، فيحافظ على المال العام من السرقة،
ويحافظ على الفرص، ويحافظ على اسرار الدولة ومنجزاتها، ويحافظ على
ارواح الناس واموالهم واعراضهم.
ولاثبات ذلك، نتمنى عليه ان يعدنا بان يقاتل تحت قبة البرلمان من
اجل تحقيق المساواة في الحقوق المادية (الرواتب والامتيازات) بين نواب
المجلس وبقية المواطنين، فيدعم كل الجهود الرامية الى تعديل قانون مجلس
النواب رقم (50) لسنة 2007 وقانون رقم (23) لسنة 2009، والذي منح
النواب حقوقا ما انزل الله بها من سلطان، ثم يعدنا باعادة آخر فلس حرام
استولى عليه احدهم الى بيت المال.
15ـ يؤمن بالقوة، قوة المنطق والمحاججة والجدال بالتي هي احسن،
ليكون قادرا على قول الحق بلا تردد او خوف، وقادرا على اقناع الاخرين
بالفكرة التي يراها صحيحة وبالمشروع الذي يعتقد بانه مفيدا، وقادرا على
تقديم مصالح الناخب على مصالح الكتلة، ومصالح البلاد على مصالح الحزب،
اذا تعارضت.
كذلك، يكون مؤمنا بان العراق يجب ان يكون قويا، ليس بسلاحه وجيشه،
وانما باقتصاده وصناعاته وزراعته وبالعلم الذي يتمتع به اهله، والذي
يمكن ان ينتج الكثير من التكنلوجيا اذا ما اهتمت مؤسسات الدولة بهذا
الجانب الحيوي والحساس والهام.
لا نريد ان يستعرض العراق عضلاته العسكرية، ففي عالم اليوم لا تقاس
قوة الدول بسلاحها، وانما باقتصادها وعلمها وصناعاتها وفي كل شئ يدخل
عاملا في بناء المدنية الحديثة.
نتمنى ان يعدنا المرشح بان يدعم كل تشريع من شانه صقل ودعم واحتضان
المواهب العلمية الخلاقة، بعد ان كان حال العراق كما وصفه شاعرنا
الكبير محمد مهدي الجواهري مخاطبا الحاكم، بقوله:
شسع لنعلك كل موهبة وفداء زندك كل موهوب
16ـ يؤمن بنظرية التمكن والتمكين، سواء لنفسه او لغيره، فيكون
متمكنا من مناقشة مشروع القرار، ومتمكنا من تنفيذه بعد اقراره، اذا
انتقل الى موقع المسؤولية التنفيذية.
كذلك، ليكون على استعداد لتمكين زملائه من النجاح، او تمكينهم من
تحسين الاداء والنجاح، فلا يتخذ موقف المتفرج اذا راى احدهم يحتاج الى
مساعدة، ليتركه يسقط لينهض هو، على حد زعمه، فمسؤولية النهوض بالدولة
مسؤولية تضامنية يجب ان يبادر اليها ويتعاون عليها الجميع، بعيدا عن
سياسات التربص والايقاع.
17ـ الرشد، فيحافظ على اتزانه عند الازمات، ولا يفقد اعصابه عند
الملمات، ولا يتهستر اذا نقده ناقد.
18ـ الحفظ، فلا ينسى اليوم ما قاله بالامس، ويتذكر دائما شعاراته
الانتخابية التي منحه الناخب على اساسها ثقته، ليصل الى حيث مقعده تحت
قبة البرلمان.
يحفظ الاسرار ولا يشيع الفاحشة من قول الزور والدعايات التسقيطية.
19ـ العلم، فيكون مطلعا على امور البلاد وحاجات العباد وما يدور في
المنطقة والعالم، فالعراق قطب الرحى، يؤثر ويتاثر، فكيف ننتظر من نائب
في البرلمان ان يقدم مشاريع قوانين ويدافع عن مصالح البلاد والعباد اذا
كان جاهلا بالامور، لا يعرف زمانه، ولا يتذكر شيئا من التاريخ الذي يجب
ان يكون على اطلاع به من اجل ان يعرف كيف يوظفه من اجل حاضر افضل
ومستقبل واعد؟.
وان المتابعة اليومية والقراءة المستمرة والاطلاع الدؤوب على احدث
الافكار والنظريات تساعد في بلورة الرؤية لانتاج افضل، كما ان حرص
النائب على ان يكون قريبا من المفكرين والمثقفين والكتاب واصحاب الرؤى
والراي، يساعده في بلورة مشاريع قوانين تخدم البلاد والعباد.
20ـ الانصاف، فيعترف بفضل الاخرين، ويقر بنجاحات غيره، فلا يصادر كل
شئ لصالحه.
21ـ الاصلاح، فيبادر الى اصلاح الاخطاء التي مرت بها العملية
السياسية الجديدة، والتي اعتمدت حتى الان الثالوث المشؤوم (الفيتو
والمحاصصة والتوافق) ما ساهم في اقصاء الكفاءات وابعاد الصالحين وركل
الخبرات.
كذلك ننتظر منه ان يبادر الى تقديم مقترحات جديدة لاصلاح الدستور
وبعض القوانين التي اعترض عليها الشارع العراقي ، منها على سبيل المثل
لا الحصر، قانون الانتخابات وقانون مجلس النواب الذي منح النواب
وعوائلهم من الامتيازات ما لم يخطر على قلب بشر، على حساب رفاهية
المواطن العراقي الذي لا زال يعاني من شغف العيش وصعوبة الحصول على
لقمة الحلال له ولعياله، وفيهم من يجدها بين النفايات.
22ـ الوفاء، فيفي بوعوده للناخب، الذي لا ينتظر منه اكثر من ان
يلتزم بما الزم به نفسه.
23ـ الشجاعة، فيعترف اذا اخطا، ويصرح اذا قصر، ويخرج على الناس
معتذرا اذا مارس فسادا ماليا او اداريا.
24 ـ بثوابت وقيم واخلاقيات ورموز ومناسبات الناس، فلا يستهزئ بها
او يتهجم عليها او يقلل من شأنها وقيمتها، فالناخب، اي ناخب، الذي منحه
الثقة ليجلس تحت قبة البرلمان، لا بد ان يكون عنده شئ منها، ولذلك فعلى
المرشح الفائز ان يحترم كل ذلك، ليكون جديرا باحترام الناس.
25 ـ باستقلالية القضاء، فلا تتدخل في شؤونه الاحزاب والكتل
البرلمانية والمرجعيات العليا، السياسية وغيرها، والحكومة والرئاسات
الثلاث، فان اخطر جهاز في الدولة العراقية هو جهاز القضاء، فبه نقيم
العدل، ولذلك يجب ان يبقى بعيدا كل البعد عن اي نوع من التاثيرات،
فالعدالة لا تتحقق في البلاد بجهاز قضائي تابع لحزب او لحكومة او لفئة
معينة، فما بالك اذا كان الجهاز القضائي تابعا او متاثرا بضغوط سفارات
الدول الاجنبية؟ فاي عدالة يمكن ان يحققها مثل هذا الجهاز؟ واي حق يمكن
ان ينتزعه مثل هذا الجهاز لمظلوم في طول البلاد او عرضها؟.
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM |