
شبكة النبأ: ينامون في غرف ضيقة مكتظة
داخل منازل سيئة الحال ومنخفضة الارتفاع ويمضون ساعات داخل حافلات
مزدحمة في طريقهم للعمل.. هذه صورة لحياة الموظفين الحكوميين الأفقر
الذين يُجبرون على العيش في أطراف المدن الصينية الأكثر ثراء.
يقول البعض أن أمثال هؤلاء من خريجي الجامعات الذين يكافحون في
حياتهم ويتدفقون خارج منازلهم المكتظة ويتجهون إلى أعمالهم في المدن
مترامية الأطراف كل صباح يشبهون العاملات في مستعمرات الحشرات. وكثيرا
ما يوصفون بأنهم "قبيلة النمل" في الصين وهو وصف لا يدعو للاندهاش.
إن تزايد أعداد "العاملات من النمل" يمثل تحديا لزعماء الحزب
الشيوعي في بكين في الوقت الذي تحبط فيه أسعار العقارات المرتفعة وتدني
فرص العثور على عمل طموح الكثير من الخريجين في أن ينعموا بحياة مريحة
للطبقة الوسطى.
وفي تانغجيالينغ وهي قرية في ضواحي بكين تقطعها الطرق المتربة يمثل
كونغ تشاو فني برامج الكمبيوتر الذي تلقى تعليما جامعيا الحياة
المتقشفة للكثير من الخريجين أمثاله.
قال كونغ (24 عاما) "هذا صعب.. لكن ليست هناك وسيلة أخرى." وهو
محظوظ نسبيا لان لديه دورة مياه ومكان للطهي في غرفته الضيقة لذلك فهو
ليس مضطرا لمشاركة آخرين.
يدفع كونغ 550 يوانا (81 دولارا) شهريا في الإيجار أي نحو عشرة في
المائة من أجره الشهري. أما غرفة مماثلة في وسط بكين فستلتهم أغلب
راتبه. بحسب رويترز.
وقال "ترون كيف أن بكين مدينة مزدحمة... نحن الشبان نأتي سعيا وراء
العمل. لكن يمكننا تحمل الصعاب."
وربما يصبح العدد المتزايد للخريجين الذين يعيشون على حافة الفقر في
أكبر المدن الصينية تحديا اجتماعيا واقتصاديا للحكومة الصينية وأكبر ما
تخشاه هو أن يؤدي الركود الاقتصادي إلى تعميق الاستياء بين الطبقات
المتعلمة داخل المدن مما يشعل احتجاجات تمثل تحديا لحكم الحزب الشيوعي.
وعلى الرغم من أن مسئولي الصين سعوا لتكوين طبقة كبيرة في المناطق
الحضرية من عائلات الطبقة الوسطى "التي تتمتع بمظاهر الثراء" فان
الافتقار إلى إجراء سياسي منسق لمواجهة مشكلة "النمل" الآخذة في
الاتساع ربما تميط اللثام عن مخاطر سياسية محتملة لبكين في السنوات
المقبلة.
وقال توم دوكتوروف وهو باحث في مجال اتجاهات المستهلكين ومقيم في
شنغهاي " عندما يكونون في سن 26 أو 27 أو 28 عاما يقولون.. أحتاج لشراء
منزل.. لان هذا يعني إنهم يصبحون مؤهلين للزواج... اذا حان وقت الزواج
ولا يمكنك الشراء فان هذا يسبب قلقا."
وتقدر صحيفة تشاينا ديلي الحكومية أن عدد الخريجين الذين تخطوا سن
العشرين ويكافحون للحياة على كل ما هو رخيص يصل إلى نحو مليون منهم
عشرة في المائة في بكين. ويمثل ارتفاع أسعار العقارات النقطة الرئيسية
لهذه المشكلة.
إذ انه خلال الشهور الاثنى عشر المنصرمة ساعدت قلة تكلفة الإقراض
على انتعاش طلب العائلات والمضاربين على العقارات مما أدى إلى رفع
الأسعار بنحو الثلث في بعض المدن وتحويل احتمال أن يمتلك الكثير من
الأزواج منازلهم إلى حلم بعيد المنال.
ومنذ أن بدأ الانتعاش في المدن الصينية في التسعينات وبدأت قوة
العمل تفضل حاملي المؤهلات عن عمال المصانع التقليديين أصبح سكان
الاجزاء الاكثر فقرا في الصين ينزحون الى المدن لنيل قسط من التعليم ثم
الحصول على عمل.
وبدأت الصين توسع الالتحاق بالجامعات في عام 1996 لتلبية الطلب
المتزايد على الموظفين مما أدى الى ارتفاع عدد الخريجين على مدى العقد
المنصرم. وتخرج نحو 6.1 مليون طالب في العام الماضي بزيادة نحو نصف
مليون عن عام 2008 .
قالت بيسي لي المدير التنفيذي الصيني لمجموعة (جروب ام) الاعلامية
"هذا أحد المجالات الذي وضعت فيه الحكومة مجموعة سياسات كانت النية
منها طيبة لكنها لم تسر على ما يرام."وأضافت "لم يبحثوا ليعرفوا ما اذا
كانت فرص عمل كافية ستتوفر."
ويقول عاملون انه نتيجة للعدد الكبير من طالبي الوظائف والازمة
المالية لجأت شركات في مدن شهيرة مثل بكين الى خفض الاجور الشهرية بنسب
تزيد عن 50 في المئة لتصل الى أقل من ألفي يوان في بعض الاحيان.
ويقترح بعض الخبراء أن توجه الحكومة أصحاب المهن من الشبان الى مدن
مثل تشنغدو وشيامين لتقليل الضغط على بكين وشنغهاي.
ومن الوسائل التي ربما تخفف من الضغط تشجيع الخريجين على الانتقال
الى مدن في مناطق نائية بالصين حيث ستتاح لهم فرصة أفضل لشراء منازلهم
الخاصة وربما يساهمون في جهود الحكومة لتحفيز الاقتصادات المحلية هناك.
لكن بالنسبة للوقت الراهن في تانغجيالينغ فان الكثير من السكان مثل
لي شينغشين الذي يعمل في المبيعات في شركة تكنولوجيا متقدمة يريدون
البقاء ومحاولة الارتقاء بأنفسهم تدريجيا. حصل لي على غرفة قيمة
ايجارها 500 يوان ولها دورة مياه خاصة بدلا من غرفة ايجارها 200 يوان.
لكن هذه الخطوة المتواضعة هي كل ما بوسعه انجازه في الوقت الراهن. وقال
لي "اذا أقمت في شقة حقيقية لكلفني هذا ألف يوان.. مما يعني أنه لن
يتبقى معي مال." |