سوريا وأمريكا: انفتاح مُعلَن يعزز النفوذ الخفي للطرفين

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: مع اجتماع كبير دبلوماسيي واشنطن مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق عقب يوم واحد فقط من تعيين الرئيس أوباما لأول سفير للولايات المتحدة في هذه الدولة العربية منذ عام 2005، تكون القطيعة الدبلوماسية بين عاصمتي البلدين قد انتهت على أساس الأمر الواقع.

وهذا ليس كل شيء، فقد عملت وزارة الخارجية الأمريكية في الوقت نفسه على إلغاء التحذير الأمريكي الرسمي الذي كان لا يشجع الرعايا الأمريكيين على السفر إلى دمشق.

والحقيقة أن الخطوات الأمريكية هذه جاءت بعد سلسلة من الزيارات قام بها مسؤولون اوروبيون كبار الى سورية في الآونة الاخيرة وحثوا عقبها ادارة اوباما على التعامل مع دمشق على اكمل وجه، غير ان الرغبة باضعاف علاقة سورية الوثيقة بايران هي التي دفعت واشنطن برأي الدبلوماسيين والمحللين لمد اليد لدمشق.

هذه النقطة وردت على نحو ضمني في كلام وليام بيرنز، وكيل وزارة الخارجية الامريكية للشؤون السياسية بعد اجتماع مع الرئيس السوري ليكون بذلك اعلى مسؤول امريكي يزور دمشق منذ اكثر من خمس سنوات، فقد وصف بيرنز المناقشات التي اجراها مع الاسد بانها مستفيضة ومثمرة جدا وغطت مجالات الخلاف، لكن كان هناك مسائل اخرى مشتركة يمكن البناء عليها.

واضاف بيرنز: بالطبع ثمة تحديات على الطريق، لكن وجودي في سورية هو مؤشر واضح على استعداد امريكا بعد 5 سنوات من غياب سفيرها عن دمشق لتحسين العلاقات مع العاصمة السورية، والتعاون في البحث عن سلام شامل بين العرب والاسرائيليين. بحسب صحيفة الوطن الكويتية.

ويُذكر ان ادارة الرئيس بوش كانت قد سحبت سفيرها السابق من دمشق عقب اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير 2005م بزعم تورط سورية في تلك العملية.

غير ان اوباما عين يوم الثلاثاء الماضي روبرت فورد، الذي يعمل حاليا نائبا للسفير الامريكي في بغداد، سفيرا جديدا لواشنطن بدمشق.

الا ان هينا روس ليتينن التي هي واحدة من اعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الامريكي - جمهورية - انتقدت بحدة ما اسمته تعامل الادارة الامريكية «الطائش» مع سورية، وقالت: تخاطر سياستنا الخارجية بهذا التعيين بتوجيه رسالة مفادها «من الافضل ان تكون عدوا عنيدا لامريكا بدلا من ان تكون حليفا مخلصا لها»، واضافت ان سورية تواصل رعاية الجماعات المتطرفة كحزب الله وحماس، كما تعمل لتقويض سيادة لبنان وتسعى للاستحواذ على قدرات غير تقليدية كالصواريخ النووية.

لكن على الرغم من شعور ادارة اوباما بالقلق بشأن دعم دمشق للتطرف الاسلامي، الا انها تعترف بالدور الايجابي الذي يمكن ان تلعبه سورية في المنطقة برأي المسؤولين الامريكيين الآن والسابقين منهم.

يقول ادوارد جيرجيان السفير الامريكي في سورية خلال ادارتي الرئيسين رونالد ريغان وجورج اتش. دبليو. بوش: لاشك ان وجود سفارة امريكية تعمل من خلال كافة موظفيها في دمشق هو امر يخدم مصالحنا الامنية الوطنية.

غير ان اوليفير غيتا عضو مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات يقول ان من بين الاسباب التي تقف وراء انفتاح واشنطن على دمشق هي الرغبة في دق اسفين بين سورية وايران كي يصبح من السهل الضغط على طهران بعد ذلك.

من المعروف ان اوباما كرر اكثر من مرة عروضه للتعامل مع ايران، لكنها قابلت ذلك بالصد كما رفضت طهران محاولات الغرب تبديد القلق من برنامجها النووي الذي يخشى كثيرون ان يكون لاغراض عسكرية، ولايزال هناك قلق ايضا حول طموحات سورية النووية، فقد ذكرت ادارة بوش في ابريل 2008 ان المنشأة النووية السورية التي بنتها دمشق بمساعدة كوريا الشمالية كانت على وشك الاكتمال عندما قصفتها اسرائيل في سبتمبر 2007.

يقول جيرجيان: لن تتغير علاقة سورية بايران ما بين عشية وضحاها، لكن كلما تعاملنا مع دمشق بشكل بناء اكثر نستطيع عندئذ التقليل من اهمية علاقتها بطهران، وبذلك يمكننا زيادة المسافة بينهما.

الا ان للسيد غيتا رأياً آخر فهو يقول: ان العلاقات السورية - الايرانية عميقة جدا بحيث لن يكون للمحاولات الامريكية تأثير رئيسي عليها، وعلينا ان نتذكر ان دمشق ليست مستعدة للتخلي عن تحالفها مع طهران، وسبب هذا هو تمويل ايران الاقتصاد السوري مما سيتعين على الاسد البحث عن سبيل آخر لاستمرار عملية التمويل هذه في حال اراد الابتعاد عن ايران.

وينتهي غيتا الى القول، حتى الآن ليس هناك ما يشير الى امكان حدوث صدع حقيقي بين دمشق وطهران، ان السياسة الامريكية الجديدة هذه مكتوب عليها الفشل منذ البداية.

اليد الأمريكية الممدودة لسوريا تشكل صفعة لإيران

وتناولت الصحف البريطانية قضية تطورات العلاقات السورية الامريكية مع تعيين سفير امريكي لدى سوريا بعد 5 اعوام من القطيعة، بالاضافة الى زيارة مساعد وزيرة الخارجية الامريكية للشؤون السياسية وليام بيرنز لدمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الاسد.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة الاندبندنت مقالا لاندرو تابلر (الذي يصدر له كتاب قريبا بعنوان: داخل الحرب الامريكية على سوريا الاسد) يقول فيه ان اليد الامريكية الممدودة لسوريا هي في الوقت نفسه صفعة لايران.

ويقول تابلر ان تعيين السفير تزامنا مع زيارة بيرنز هما جزء من دينامية دبلوماسية امريكية في الشرق الاوسط تهدف الى عزل ايران حليفة سوريا.

ويضيف الكاتب ان الامور لم تحسم نهائيا بعد اذ يجب مراقبة ما اذا كانت اليد الامريكية الممدودة لدمشق ستؤدي الى ما تتمناه الولايات المتحدة وهو رؤية دمشق تمنع تسلل المقاتلين من اراضيها الى العراق، والعودة الى طاولة المفاوضات مع اسرائيل اذ يعتقد الامريكيون ان ذلك هو السبيل الوحيد لفك ارتباط سوريا بكل من حماس وحزب الله ، خاتما بالقول ان تحسن العلاقات الامريكية السورية مرتبط مباشرة بمدى واقعية توقيع معاهدة سلام اسرائيلية سورية .

وفي الاندبندنت ايضا، كتب محرر الشؤون الامريكية ديفيد اوزبورن قائلا ان سوريا انتقلت من دولة منبوذة الى حليفة للولايات المتحدة.

ويصف المحرر الانفتاح الامريكي على سوريا بـ المقامرة حيال قدرة دمشق على اتخاذ خطوات تعزز مقومات السلام في الشرق الاوسط .

ويرتكز الكاتب في مقاله على انتقاد المعارضة الجمهورية للسياسة الخارجية للادارة الامريكية بالقول انها قد ترسل اشارات خاطئة لدمشق مفادها انه من الافضل لدولة ان تكون عدوا عاصيا لواشنطن بدل ان تكون حليفا وفيا .

وفي صحيفة الجارديان، تطرق الصحفي كريس فيليبس للموضوع نفسه واختار عنوانا قريبا جدا لما اوردته الاندبندت اذ قال ان سوريا الاسد تنتقل من حالة الدولة المنبوذة الى وسيط للسلام في الشرق الاوسط .

ولكن فيليبس يتطرق الى المسألة من نافذة العلاقات اللبنانية مجريا مقارنة بين وقوف الاسد امام مجلس الشعب ضعيفا ومعزولا ليعلن انسحاب جيشه من لبنان ، وبين الحالة السائدة اليوم في ما يتعلق بالعلاقات العربية العربية التي تتميز على حد قوله بانهاء الدول العربية حروبها الباردة واهمها تلك التي كانت قائمة بين سوريا والسعودية على خلفية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الاسبق رفيق الحريري عام 2005، وتجلي نهاية هذا النزاع مع زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى دمشق بايعاز من الرياض.

وتقول الجارديان انه بينما كان البعض يتساءل عام 2005 عن العمر المتبقي لنظام بشار الاسد، تفاجأ هؤلاء المشككون منذ فترة بالقدرة الدبلوماسية التي يمتلكها الاسد على النهوض .

ويختم فيليبس بالقول ان بشار الاسد تمكن من استبدال النفوذ الذي كان سائدا على لبنان قبل عام 2005 والذي كان مباشرا وعسكريا بنفوذ يمكن وصفه بقوة ناعمة تمارس من خلال حلفاء سوريا في الداخل اللبناني .

توصيات مجموعة الأزمات الدولية

ونشرت صحيفة الحياة ملخصاً لتقرير أعدته مجموعة الأزمات الدولية عن سورية، والعلاقات الأميركية - السورية بعد وصول الرئيس الأميركي باراك اوباما الى السلطة، ويتضمن التقرير توصيات للادارتين الأميركية والسورية. في ما يأتي أبرز ما ورد فيه:

يعتري السياسة الخارجية السورية قدر هائل من التناقضات الظاهرية التي طالما حيرّت المراقبين الخارجيين. فالهدف المعلن لهذه السياسة هو تحقيق السلام مع إسرائيل؛ غير أن سورية عقدت تحالفات مع شركاء عازمين على تدمير إسرائيل. ثم ان سورية تفخر بكونها معقلاً للعلمانية لكنها تتبنى القضايا نفسها التي تتبناها حركات إسلامية..

قد تقوم سورية بتعديل سياساتها، لكنها ستفعل ذلك فقط إذا اطمأنت إلى أكلاف ذلك، من حيث الاستقرار الداخلي والمكانة الإقليمية. وهذا يتطلب العمل مع سورية على إيضاح ما ستحصل عليه مقابل مضيّها في رحلة غير مألوفة، وتنطوي بالضرورة على كثير من المخاطرة.

يتمثل جوهر المشكلة بوجود قدر كبير من عدم التوافق بين توقعات الطرفين. فالغرب يريد أن يعرف ما إذا كانت سورية مستعدة لتغيير سياساتها في شكل جوهري – الحد من علاقاتها مع إيران، و «حماس» و «حزب الله» أو قطع هذه العلاقات؛ وتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل – كوسيلة لتحقيق الاستقرار في المنطقة. أما سورية، فتريد أن تعرف، قبل التفكير في أي تحوّل استراتيجي مهم، الاتجاه الذي ستتخذه المنطقة وصراعاتها الأكثر تقلباً، وما إذا كان الغرب سيقوم بدوره في تحقيق الاستقرار، وما إذا كانت مصالحها ستكون مضمونة.

من وجهة نظر سورية، فإن ثمة أسباباً مقنعة للتمسك بالوضع الراهن، فهذا الوضع ناسب سورية تماماً لحوالى أربعة عقود: فعلى رغم وجود جوار مضطرب ومعادٍ، فقد أثبت النظام قدرته على البقاء في كل الظروف. لقد استعملت سورية علاقاتها بمختلف المجموعات والدول للحصول على الدعم السياسي والمادي، ولعبت دوراً إقليمياً يتجاوز حجمها ومواردها الحقيقية. فما مصلحة سورية في التخلي عن حلفاء كهؤلاء أو التحول عن هذا السياق؟

غير أن الرضا عن الماضي لا يعني الاسترخاء حيال المستقبل؛ فالبلاد تفتقر الى الموارد الطبيعية الكبيرة أو رأس المال البشري، والأبرز من ذلك انها تفتقر إلى عمالة مؤهلة وطبقة أعمال تتمتع بروح الريادة. والسوريون يرون المخاطر على كل الجبهات؛ فاقتصادها يترنح، وبنيتها التحتية مهترئة. وعلى عكس الماضي... لم يعد في وسع سورية الاعتماد على السند أو المدد الخارجيين. كل هذا، خصوصاً عندما يأتي في إطار سوق عالمي تنافسي وأزمة مالية، يحتم إجراء إصلاحات هيكلية من شبه المؤكد أن النظام لا يستطيع القيام بها من دون مساعدة غربية او توافر بيئة إقليمية هادئة.

في ما يتعلق بالديناميات الاجتماعية، فإن سياسات النظام تعزز الميول الإسلامية التي يمكن، بمرور الوقت، أن تعرّض الأساس العلماني للنظام للخطر. كما أضعف تخفيض الدعم وانهيار نظام الرفاه الاجتماعي، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، الدعامات الأيديولوجية للنظام؛ وقد حل محل الخطاب القومي تدريجاً خطاب «المقاومة» الذي يحوي عوامل مشتركة مع الحركات الإسلامية أكثر مما يرتبط بـ «بعث» الماضي.

ثمة اشتباكات بين قوات الحكومة والمتشددين الإسلاميين أحياناً، يتراجع تواترها عندما يتبنى النظام القضايا الإسلامية الإقليمية في شكل واضح، ما يؤدي إلى إضعاف رؤيته العلمانية. إن الموقف الذي تم تبنيه خلال السنوات القليلة الماضية، والمتمثل في العلاقات الوثيقة مع إيران وحماس وحزب الله، ودعم المقاومة ضد إسرائيل وكذلك دعم ما شكّل توجهاً سلفياً للجماعات المسلحة العراقية، أدى إلى تشجيع نزعات تهدد التلاحم الاجتماعي الطويل الأمد.

يمكــن أن يتبيـــن أن المكاســـب الأخيرة المتحققــــة فـــي المنطقـــة هي مكاسب موقتة. مهما شعر القادة بأن موقفهم كان صحيحاً في ما يتعــلــــق بالعـــراق (حيث عارضوا الحرب الأميركية)، وفي لبنان (حيث لم يتمكن الائتلاف المدعوم من الغرب من تركيع سورية، وثبات حزب الله في مواجهة إسرائيل) أو في فلسطين (حيث اكتسب حلفاؤها الإسلاميون النفوذ)، فإنهم يظلون منشغلين بالصراعات وخطوط التماس التي ما زالت قائمة. إن انتشار الطائفية وانعدام اليقين على حدود سورية الشرقية والغربية، والطريق المسدود الذي وصلت إليه عملية السلام العربية – الإسرائيلية وخطر المواجهة في شأن البرنامج النووي الإيراني ما زالت تلبّد الأفق بالغيوم...

قد يكون التجسيد الأفضل لتذبذب سورية – اعتمادها على التحالفات القائمة من جهة وسعيها إلى الخروج من الوضع الحالي من جهة أخرى – في التوازن الذي تسعى إليه في العلاقة مع إيران وتركيا. يجادل المشككون بالنظام بأنه لن يقطع علاقاته مع إيران، وهم محقّون...

غير أن هذا يشكل نصف الصورة فقط؛ أما النصف الآخر فيتكون من بناء العلاقات مع أنقرة. بالنسبة الى دمشق، فإن هذه العلاقات تشكل فرصة للتحفيز الاقتصادي من خلال زيادة عدد السياح والاستثمارات وإمكانية قيام منطقة أكثر تكاملاً يمكن سورية أن تلعب دوراً مركزياً فيها. علاوة على ذلك، فإن هذه العلاقات تتمتع بقيمة استراتيجية هائلة بصفتها بوابة تنفتح على أوروبا ووسيلة لتعزيز شرعية النظام في أعين مواطنيه وأعين مواطني العالم العربي السنّة في شكل عام.

إضافة إلى ذلك، فإن الأمور ليست هادئة تماماً على الجبهة الإيرانية؛ فقد أصبحت العلاقة أقل تكافؤاً وعلى نحو متزايد مع ارتفاع حظوظ طهران. إن قرب سورية الشديد من إيران أضر بمكانة سورية في أعين العرب ولم يعد في الإمكان إخفاء الخلافات العميقة. تراقب سورية بقلق توسع النفوذ الإيراني، من العراق (الذي تعتقد سورية بوجوب بقائه في الفضاء العربي وحيث تعارض دعم إيران للأحزاب الشيعية الطائفية) إلى اليمن (حيث وقفت سورية مع الرياض في ما يبدو أنه حرب بالوكالة ضد طهران). وباختصار، فطالما بقي محيط سورية غير مستقر، فإنها ستحتفظ بعلاقاتها القوية مع إيران؛ وستسعى في الوقت نفسه لبناء علاقات مكمّلة مع آخرين (تركيا وفرنسا وأخيراً مع السعودية) لتوسيع حقيبتها الاستراتيجية والتوجه نحو مستقبل قد يكون مختلفاً.

كان من المتوقع أن تكون جهود الرئيس أوباما شاقة ومضنية لتجاوز إرث صعب من عدم الثقة المتبادل. للمشككين في سورية نظراؤهم في دمشق الذين يعتقدون بأن واشنطن لن تقبل فعلياً بأن يكون لبلد عربي دور إقليمي مركزي. إن تحركات الإدارة البطيئة والحذرة ليست بالضرورة أمراً سيئاً. ثمة حاجة الى الصبر والواقعية. إن المنطقة تحفل بعدم الاستقرار في شكل لا يسمح لسورية بأن تتحول فجأة؛ فالعقوبات الأميركية مرتبطة بسياسات سورية تجاه «حماس» و «حزب الله»، وهذه بدورها رهن تحقيق اختراق مع إسرائيل والذي لا يبدو أن الظروف نضجت لتحقيقه. كلا الطرفين غير مستعدّين لقفزة مفاجئة، وكلاهما لديهما مشككون داخليون وخارجيون عليهما التصدي لهم.

غير أن تحقيق التقدم لا يثير القلق كالتوجه الذي يسير فيه. يبدو أن الإغراء في واشنطن يتمثل في اختبار حسن نيات سورية، هل ستفعل المزيد لإلحاق الضرر بالجماعات المسلحة في العراق، وتساعد الرئيس عباس في فلسطين أم تحقق الاستقرار في لبنان؟ من شبه المؤكد أن هذا وحده لن ينجح. الولايات المتحدة ليست الطرف الوحيد الذي يبحث عن الأدلة. سورية أيضاً تريد أن ترى أدلة على أن المخاطر التي تتخذها أقل من المكاسب التي ستحققها. إن تقلّب أحوال المنطقة يدفعها إلى الحذر وإلى أن تتحوط لرهاناتها بانتظار قدر أكبر من الوضوح حول الاتجاه الذي ستتخذه المنطقة، وخصوصاً ما ستفعله واشنطن...

التوصيات إلى الإدارة الأميركية والحكومة السورية

1- تصميم عملية للانخراط المتبادل تتمحور حول أهداف ملموسة وواقعية؛ وأبرز هذه الأهداف:

أ- احتواء النفوذ الإيراني في ساحات جديدة مثل العراق واليمن (بدلاً من العمل على دق إسفين بين دمشق وطهران)؛

ب- العمل على تحقيق المصالحة الوطنية في العراق، وذلك من طريق الجمع بين النفوذ الأميركي على الحكومة العراقية وقدرة سورية على الوصول إلى الجماعات المسلحة وعناصر النظام السابق؛

ج- تشجيع الحكومة اللبنانية على إعادة التركيز على قضايا الإدارة الداخلية الرشيدة واحتواء مخاطر نشوب مواجهة جديدة بين حزب الله وإسرائيل؛

د- تضافر الجهود السورية لضبط «حماس» وإعادة توحيد غزة والضفة الغربية مع تبني الولايات المتحدة مقاربة أكثر ترحيباً بالمصالحة الداخلية الفلسطينية.

إلى الإدارة الأميركية

1- إنشاء خط تواصل فعّال بواسطة ما يلي:

أ- إرسال سفير إلى دمشق، يكون جزءاً من مهمته بناء صلة مباشرة مع الرئيس بشار الأسد.

ب- تسمية مسؤول رفيع المستوى للانخراط في حوار استراتيجي يهدف إلى تبادل الرؤى حول المنطقة ووضع مخطط للعلاقات الثنائية المستقبلية.

2- إعادة ضبط الجهود الأميركية في ما يتعلق بعملية السلام، وذلك من خلال:

أ- إظهار الاهتمام بالمسارين الفلسطيني والسوري على حد سواء.

ب- العمل على تحسين العلاقات الإسرائيلية - التركية كخطوة باتجاه استئناف المفاوضات الإسرائيلية - السورية تحت رعاية أميركية – تركية مشتركة.

ج- إيضاح أنه، وانسجاماً مع المفاوضات الإسرائيلية – السورية التي أجريت في الماضي، فإن أي اتفاق نهائي ينبغي أن ينص على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من مرتفعات الجولان، ووضع ترتيبات أمنية صارمة وإقامة علاقات ثنائية سلمية طبيعية.

3- إعادة إطلاق المباحثات الأمنية المتعلقة بالعراق، بدءاً بقضايا الحدود، سواء فوراً أو بعد الانتخابات البرلمانية في العراق.

4- تخفيف تطبيق العقوبات ضد سورية وذلك بتوحيد إجراءات الترخيص وتخفيف القيود على أساس من الاعتبارات الإنسانية والسلامة العامة.

إلى الحكومة السورية

1- تسهيل وصول الديبلوماسيين الأميركيين للمسؤولين المعنيين لدى وصول السفير الجديد.

2- الاستفادة من آليات التعاون الأمني القائم مع بلدان مثل بريطانيا وفرنسا لإظهار نتائج ملموسة بانتظار الشروع في محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة.

3- المبادرة إلى توضيح رؤيتها للمنطقة في المحادثات مع المسؤولين الأميركيين.

4- تعزيز العلاقات السورية - اللبنانية المتحسنة وذلك بترسيم الحدود وتقديم أي معلومات متوافرة حول «المفقودين» اللبنانيين.

5- تحديد المساهمات الإيجابية الفورية التي يمكن سورية أن تقوم بها في العراق وفلسطين ولبنان، وما تتوقعه في المقابل من الولايات المتحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/شباط/2010 - 8/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م