عتبة الأربعين عند الرجل

 مراهقة جديدة أم خليط من مؤشرات النضج وازدياد الهموم

عبد الكريم العامري/ باحث اجتماعي

 

شبكة النبأ: الكثير منّا لا يعتقد بأن الرجل يمر ويعاني من متغيرات العمر مثل المرأة، إن التغيرات النفسية والأسباب المسؤولة عن هذه التغيرات لا يختلف فيها رجل الأربعين عن امرأة الأربعين في النوع، لكن يختلف في الدرجة، وبالتالي فإن المحاور التي تدور حولها نفسية رجل الأربعين هي ذاتها التي تدور بها امرأة الأربعين، ويمكن تحديدها بعدّة مؤشرات هي:

1-الشكل:

الميراث الاجتماعي يخبر رجل الأربعين أن (الرجال مخابر وليس مناظر) وتراه سعيد بهذا إلا أن ذلك لا يمنع من أن هناك أزمات خريفية تظهر، يقف أمام المرآة كما تقف المرأة، يتحدث معها بأسى، يرى الخطوط التي بدأت تحت عينيه. شحم بطنه بدأ يترهل. تصيبه كآبة فقدان الشباب.

ومن تأثيرات الشكل على نفسية الرجل الصلع، يعتبره أزمة جمالية، تغير من شكله، وقد يبحث عن دهون معينة أو دواء لوقف الصلع أو يساعد في نمو الشعر وزرعه.

والشيب يقلق الرجل، لكن ازدواجية المعايير الاجتماعية قائمة، حيث تعتبِر (إذا شاب الرجل فهو وقار وإذا شابت المرأة فهي عجوز) الأمر الذي يساعد في رفع معنوياتة.

2- الحياة الجنسية والعاطفية:

القدرة الجنسية هاجس آخر يقلق رجل الأربعين، اشتهاءه للحب الزوجي. يكون شبحا حقيقيا حين يلحظ أن نشاطه ليس كالسابق. وقد جد بالاستبيانات أن الرجال لا يعطون إجابة صحيحة عن قدراتهم الجنسية على الغالب.

إن كلا من الرجل والمرأة يتأثران جنسياً بحالتهما النفسية، التي تتحكم بها ظروف غالبا ما تكون خارجة عن الإرادة، كما إن هموم الحياة وصراعاتها واضطراباتها، تخلق إحباطاً وقدرا من الحزن.  

الخسارة المادية، العوز، عدم الاقتناع بالوظيفة، احباطات العمل كلها معاول تقوّض همّة  الرجل. فالرجل في العصر الراهن أصبحت همومه متشعبة خارج نطاق العمل والمال، ما عاد ذلك الإنسان البسيط الذي تهمّه فقط لقمة عيشه، ورضا والديه، وحسن تربية أولاده. بل تعدّت اهتماماته إلى متابعة الأوضاع الاقتصادية والسياسية ومعالجة المتعقّد من نواحي العيش والعلاقات العامة والخاصة..

ومن الناحية العاطفية رجل الأربعين يحتاج بإلحاح للعاطفة المتمثلة بالحب، الحنان، الإعجاب، الحديث الدافئ، لأنه أصبح يرى الدنيا نصفين، نصف مليء بالحيوية قد مضى ولن يعود، ونصف آت لا يعرف كنهه، لكن التقاليد تدعوه لأن يكون رزيناً ثقيلاً.

3- الأسرة:

تمثل مساحة الهموم في تقييمات رجل الأربعين جزء كبير من حياته، يضع أولاده كاهتمام أول ثم زوجته. الحياة العصرية همها المادي والتربوي أصبح شراكة بين الأم والأب، حيث تلعب المرأة الدور التربوي الأكبر، بينما يشعر الرجل بأنه رب البيت المسؤول عن النتائج.

4- الوضع المادي:

يعتبر تعلّق الرجل بوظيفته وتأثير الوظيفة على نفسيته ضمن الموروث الاجتماعي. وتراه يربط ذاته بالعمل حيث يصبح تقييمه من منطلق نجاحه في العمل، والمركز الذي وصل إليه. ولقياس سيطرة العمل على عقل الرجل، وسيطرة البيت على عقل المرأة يمكننا ملاحظة المساحة التي يشغلها حديث كل منهما حول هذا الاهتمام. فإذا كان الرجل القديم يستعرض معاركه فخرا لأبنائه فإن الرجل الحديث يعتبر جزءا من فخره هو تأثيره في عمله.

إن أزمته في هذه الناحية تكون في مرحلة ما بين 45 إلى 65 سنة، حيث قلما يوجد تغيير في خطط المستقبل فالترقيات تتوقف ولا تجدد..

والبعض من الرجال يمارس مغالطة مع عمره الحقيقي فيعيش أحلام شاب العشرين الراغب بالتغيير والتجديد. والتقاعد قد يكون أملاً منتظراً أو شبحاً مرفوضا. بينما العمل ضرورة وأساساً لوجوده.

5- الصحة:

يلحظ رجل الأربعين انحدار صحته، حين يحمل أغراضه في المنزل، يلهث، ينتهي من معاشرة زوجية، يلهث، فيصاب بفيروسات عديدة.

كما إن النساء تتعامل مع الرجل في المنزل كمسؤول عن المهمات الصعبة، على الرغم من تذمره من تحريك الأثاث أو نقل اسطوانة  الغاز أو دق مسمار في الحائط.. إلا أن خلف هذا التذمر زهو رجولي.. عندما تأتي همزات وضحكات من الزوجة والأولاد فإنه وإن أخذها على محمل الضحك تبقى في داخله مرارة. البعض تأخذه (العزة بالإثم) يمضي في بذل مجهود رجل العشرين، لكنه يقع عليلاً بعد كل جهد يكتنفه الضغط غير الطبيعي..

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/شباط/2010 - 6/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م