طالبان وعمليات قَص جناحيها الأفغاني والباكستاني

الأفغانية تفقد زعيمها والباكستانية تضيع قائدها العسكري

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: لم تكن فكرة لعب زعماء طالبان دوراً سياسياً في أفغانستان لتخطر على بال قبل عام مضى وما زالت غير مقبولة رسميا لكنها بدأت تتسلل إلى جدول الأعمال حيث تسعى الحكومات القلقة من الحرب التي لا تحظى بشعبية إلى إنهائها.

ويقول البعض أن هذا يمكن أن يفتح الباب للمفاوضات إذا كانت طالبان تعتقد أنها تستطيع من خلال المحادثات الحصول على تسوية أفضل من انتظار رحيل القوات التي تقودها الولايات المتحدة ثم القتال للوصول إلى الحكم بخوض حرب أهلية جديدة.

وتزامناً مع هذه التطورات أكدت ثلاثة مصادر طالبانية مقتل زعيم طالبان الباكستانية، حكيم الله محسود، في حين ذكرت وسائل الإعلام الأميركية وعلى رأسها صحيفة نيويورك تايمز أن القائد العسكري لطالبان أفغانستان أُسرَ في جنوب باكستان من قبل عملاء في الاستخبارات الأميركية والباكستانية، الأمر الذي يهدد بقَصِّ جناحي هذه الحركة الإرهابية ويضعف موقفها التفاوضي بالتزامن مع بدء اكبر هجوم غربي عليها في جنوب أفغانستان.

وقال دبلوماسي مشارك في المناقشات بشأن أفغانستان "طالبان تعلم أنها لا تستطيع السيطرة على البلاد. سيرأسون دولة تعاني من فقر وصراع داخلي متأصلين وطويلين."

ولم تتحدث الولايات المتحدة وحلفاؤها حتى الان الا عن المصالحة مع عناصر طالبان التي تنبذ العنف وتقطع علاقاتها بتنظيم القاعدة وتقبل بالدستور الافغاني.

كما ترسل واشنطن قوات اضافية قوامها 30 الف جندي الى أفغانستان في استعراض للقوة يهدف الى انتزاع شروط أفضل في اي اتفاق للسلام يتم التوصل اليه في نهاية المطاف وتحاول تجريد طالبان من مقاتليها من خلال برنامج "لاعادة الدمج".

ومن غير المرجح أن ترغب طالبان في التفاوض ما دامت تعتقد أنه ما زال بوسعها تحقيق مكاسب في ميدان المعركة. بحسب رويترز.

وقال السناتور جون مكين عضو مجلس الشيوخ الامريكي عن الحزب الجمهوري للصحفيين مطلع هذا الاسبوع "طالبان لابد في اعتقادي أن تكون مقتنعة بأنها لن تستطيع الفوز قبل اجراء مفاوضات ذات مغزى."لكن في النهاية لا يستطيع أي من الجانبين الفوز بالسبل العسكرية وحدها مما يدفع الكثيرين الى التطلع لليوم الذي ستتحدث فيه واشنطن مع زعماء التمرد.

وقال مكين "بصراحة أنا أثق في رغبة ادارتنا بأن تبحث على الاقل توقيت احتمال حدوث هذا."

ويقول الكثير من المحللين انه ستكون هناك حاجة الى مشاركة زعيم طالبان الملا عمر في المحادثات رغم أن الغرب يدينه لرفضه تسليم زعماء القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 .

وقال وادير صافي استاذ العلوم السياسية بجامعة كابول "ما دامت المحادثات لا تشمل الزعماء فمن غير الوارد توقع سلام ذي مغزى."

وقد يكون ثمن التسوية غاليا بالنسبة للغرب اذ قد يكون على سبيل المثال اعادة تأهيل الملا عمر ليصبح الزعيم الاعلى لافغانستان حتى لو لم يدر الحكومة بشكل مباشر.

من جانبها يتوقع أن تتعرض حركة طالبان لضغط من باكستان للتفاوض لمحاولة انهاء حرب تمتد اثارها من افغانستان اليها بشكل متزايد.

وقال المحلل الافغاني خليل رومان "يبدو أن الوضع السياسي الاقليمي يتغير وأعتقد أن السلطات الباكستانية خلصت الان الى أنه ينبغي السماح بضم طالبان للمحادثات."

وقال كامران بخاري من مجموعة ستراتافور لتحليل معلومات المخابرات العالمية "سيكون هذا أمرا صعبا للغاية سياسيا لكل من الملا عمر والحكومة الامريكية."

وأيا كان ما سيحدث فمن المتوقع أن تظل التصريحات العلنية من الجانبين تعكس المواقف القائمة. وتقول طالبان ان على جميع القوات الاجنبية الانسحاب قبل أن تخوض مفاوضات فيما تقول واشنطن انها يجب أن تقطع علاقاتها مع تنظيم القاعدة وتنبذ العنف.

وقال بخاري "طالبان تدرك أنها لن تتدفق على كابول حين يرحل الامريكيون... انه (الملا عمر) يحتاج الى التفاوض في نهاية المطاف."

لكن حتى اذا توفرت الرغبة لدى الجانبين للتفاوض فان العثور على الاشخاص الملائمين لخوض المحادثات يمثل مشكلة كبيرة.

طالبان ترفض عرض المصالحة من كرزاي

وكانت طالبان الأفغانية قد رفضت محاولة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي الأخيرة للتواصل معها باعتبارها "غير مجدية" و "مضحكة" ولكنها قالت أنها مستعدة لإجراء محادثات لتحقيق هدفها بإقامة دولة إسلامية.

وقال بيان نشر بالانجليزية على موقع طالبان "ليست هذه المرة الاولى التي يريد فيها نظام كابول والدول الغازية ذر الرماد في اعين شعوب العالم باعلان المصالحة بالكلمات ولكنهم في الواقع يستعدون للحرب.

"وعلى نحو مماثل فهم يطرحون شروطا ترقي الى مرتبة تصعيد الحرب وليس انهائها. وعلى سبيل المثال فهم يريدون من المجاهدين ان يلقوا باسلحتهم ويقبلوا الدستور وينبذوا العنف. لا احد يمكن ان يسمي هذه مصالحة".

واستخدم كرزاي مؤتمرا في لندن في الشهر الماضي ليكرر دعوة للمصالحة مع "اخوانه غير الواهمين" في طالبان. ومنذ ذلك الحين توجه الى السعودية ليطلب من قادتها المساعدة في التواصل مع المتشددين.

ووافقت الحكومات الغربية في المؤتمر على لغة في بيان قال ان الافغان الذين يتخلون عن العنف ويقبلون الدستور يتعين ان يتم قبولهم في العملية السياسية في اشارة الى دعم جهود كرزاي للمصالحة.

غير ان بيان طالبان رفض الدعم الغربي لجهود كرزاي للمصالحة باعتبارها "كلاما مضللا" يهدف الى اقناع الناخبين المعارضين للحرب في الغرب ان قادتهم يريدون السلام حتى فيما يستعدون لهجوم جديد على اقليم هلمند. بحسب رويترز.

ووصف بيان طالبان شروط كرزاي بانها دعوة للاستسلام غير ذات جدوى لان تأثير المقاتلين ينتشر.

وحدد البيان اهدافا من بينها الاستقلال الكامل واقامة نظام اسلامي مضيفا "اولويتنا الاولى هي تحقيق هذه الاهداف من خلال المحادثات والتفاوض".

وتابع "ولكن مالم تكن القوى الغازية في افغانستان غير مستعدة لاعطاء الافغان حقوقهم الطبيعية..فان مجاهدي الامارة الاسلامية عازمون على القتال حتى يتم تحقيق الاهداف المشار اليها".

بريطانيا: لا نسعى الى استسلام غير مشروط لطالبان

من جهة اخرى قال بوب اينسوورث وزير الدفاع البريطاني ان القوى الغربية لا تسعى الى "استسلام غير مشروط" لمتمردي طالبان في أفغانستان لان العديد منهم يمكن أن يكونوا طرفا في تسوية.

وقال اينسوورث ان التعهدات الغربية الاخيرة بارسال المزيد من القوات والمساعدات من شأنها أن تظهر للمتمردين أن قوات حلف شمال الاطلسي عازمة على البقاء في أفغانستان حتى يمكن بدء تسليم السيطرة للسلطات المحلية.

وقال وزير الدفاع البريطاني على هامش مؤتمر ميونيخ السنوي للامن "لكن عليك أن تقدم لهم سبيلا حقيقيا اخر... هذه ليست الحرب العالمية الثانية التي نتكلم فيها عن استسلام غير مشروط. هذا بناء أفغانستان."

وأضاف اينسوورث ان قبائل البشتون وهي القبائل التي ينتمي اليها أكثر مقاتلي طالبان هم جزء لا يتجزأ من أفغانستان وحث الحكومة الافغانية على "التواصل معهم."

وأكد مسؤولون غربيون وأفغان على الحاجة الى زيادة الجهود لاعادة ادماج العناصر المحلية المتمردة من أجل دق اسفين بينهم وبين المتمردين الاجانب المنضوين تحت ألوية شبكات متشددة مثل تنظيم القاعدة.

وقال اينسوورث ان هناك "فرصا هائلة" لتشجيع متمردي طالبان على التوافق مع الحكومة الافغانية وان بريطانيا وحلفاءها في حلف شمال الاطلسي يرغبون في مساعدة كابول "بأي طريقة نقدر عليها من أجل شق صف التمرد."بحسب رويترز.

ومضى قائلا "اذا أعطيناهم فرصة العودة الى الامان حيث يكونون مستعدين لاحترام الدستور والقاء السلاح فسيكون بمقدورنا أن نجرد التمرد من حصة كبيرة."

وقال اينسوورث ان مؤتمر لندن بشأن أفغانستان الذي عقد الاسبوع الماضي حقق تقريبا كل ما نواه الجنرال ستانلي مكريستال قائد قوات حلف شمال الاطلسي. وقال ان المؤتمر لم يتمكن فقط من توفير ما يكفي من المدربين للقوات الافغانية. وأضاف اينسوورث "انا أكثر تفاؤلا بكثير عما كنت قبل ستة أشهر.

السيطرة على معقل طالبان ستكون إلى الأبد

وفي نفس السياق قال البريجادير جيمس كوان قائد القوات البريطانية في اقليم هلمند بجنوب أفغانستان ان سيطرة جنود قوات حلف شمال الأطلسي وحلفائهم الأفغان على الأراضي التي سينتزعونها من حركة طالبان في عملية كبيرة وشيكة بالاقليم ستكون "الى الأبد."

وتستعد قوات بريطانية وأمريكية الى بسط سيطرتها على بلدة مرجه آخر معقل كبير لطالبان في هلمند وذلك في واحدة من كبرى العمليات في الحرب المندلعة في أفغانستان منذ ثماني سنوات.

وكانت قوات قد داهمت مرجه في الماضي لكنها افتقرت الى الأعداد الضرورية للسيطرة عليها. وصرح قائد القوات البريطانية في هلمند وعددها يقترب من عشرة آلاف جندي بأن القوات ستأتي هذه المرة لتبقى بموجب استراتيجية "التمشيط والسيطرة والبناء" لمكافحة التمرد.

وقال كوان لتلفزيون رويترز من مقره في مدينة لشكركاه عاصمة الاقليم "ما هي مكافحة التمرد؟.. لا تعني هزيمة العدو بالطريقة القديمة بل تعني كسب الناس."

وأضاف "اذا كنا سنكسب من أجل الناس فان المرحلة الحاسمة في هذه العملية لن تكون التمشيط وانما استمرار السيطرة...لن أتكهن بالمدة التي سيستغرقها التمشيط لكنني سأكون مُحددا للغاية بالنسبة للسيطرة. مغزى السيطرة هو أن تبقى الى الأبد."بحسب رويترز.

وتزيد أعداد القوة التي يقودها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان الآن على 114 ألف جندي ومن المقرر أن ترتفع الى قرابة 150 ألفا العام الحالي بموجب قرار بارسال قوات إضافية أصدره الرئيس الامريكي باراك أوباما في ديسمبر كانون الاول.

مصادر طالبانية تؤكد مقتل زعيم طالبان الباكستانية

وأكدت ثلاثة مصادر طالبانية لـCNN، وفاة زعيم "طالبان الباكستانية"، حكيم الله محسود، وهو الأمر الذي يناقض ما جاء من تأكيد على لسان الناطق باسم الحركة بأن محسود لا يزال حي يرزق ويقود مقاتليه من أحد المخابئ، وذلك ردا على تقارير باكستانية زعمت مقتله في غارة لطائرة أمريكية دون طيار الشهر الماضي.

وأوضحت تلك المصادر أن محسود لقي حتفه قرب مدينة "ملتان" بينما كان في طريقه لعيادة طبية في "كراتشي"، وذلك دون أن تكشف (المصادر) عن أسباب توجهه للمركز الطبي.

ويناقض نبأ مقتل حسود تصريحات أدلى بها عظيم طارق المتحدث باسم "طالبان" الباكستانية لشبكة CNN الخميس الماضي، مؤكداً أن زعيم الحركة على قيد الحياة ويقود الحركة من أحد المخابئ."

وقال طارق: "إن حكيم الله محسود على قيد الحياة وما يزال زعيمنا وقائد المجاهدين.. وكل التقارير عن مقتله مجرد حرب إعلامية،" لافتا إلى أن "محسود موجود في أحد المخابئ بسبب استهدافه من قبل الولايات المتحدة."

والأسبوع الماضي، قال الجيش الباكستاني إنه يحقق في مدى صحة التقارير التي نقلها التلفزيون الرسمي حول مقتل محسود.

وقال حينها الناطق الرسمي باسم الجيش، العميد آثار عباس لـCNN، إن قيادة الجيش "لم تتمكن بعد من تأكيد هذه المعلومات،" في وقت نقلت قناة PTV أن محسود جرح بغارة نفذتها طائرة من دون طيار، يعتقد أنها أمريكية، قبل شهر، وقضى متأثراً بجراحه وجرى دفنه.

من جهته، قال وزير الداخلية الباكستاني، رحمن مالك، لـCNN، إن وزارته تلقت بدورها تقارير حول مقتل محسود، لكنها غير قادرة على تأكيدها حتى اللحظة، وقد أدلت مصادر استخباراتية أمريكية بمعلومات مماثلة.

يذكر أن مصير محسود كان مدار جدل طوال الفترة الماضية، بعد أن أشارت تقارير إلى أنه كان هدفاً لغارتين من طائرات تعمل دون طيار.

وسبق أن أعلنت مصادر أمنية مقتل محسود مطلع العام، غير أن حركة طالبان فندت تلك التقارير في 16 من يناير/كانون الثاني الفائت، بتسجيل صوتي لزعيمها، تحدث فيه عن محاولة "إضعاف معنويات الحركة" باستخدام وسائل الإعلام.

وقال التسجيل: "في الوقت الحالي، وسائل الإعلام أيضاً جزء من هذه الحرب..العدو ومن خلال الإعلام يسعى لتحطيم معنويات طالبان.. ففي بعض الأحيان يدعون استشهاد حكيم الله، وفي أحيان أخرى يقولون إننا أنهينا عملية جنوب وزيرستان.. وهذا لن يحدث أبدا ".

اعتقال القائد العسكري لطالبان افغانستان

وفي نفس السياق ذكرت وسائل الاعلام الاميركية وعلى رأسها صحيفة "نيويورك تايمز" ان القائد العسكري لطالبان افغانستان اسر في جنوب باكستان من قبل عملاء في الاستخبارات الاميركية والباكستانية لكن المتمردين الاسلاميين نفوا ذلك.

وقال موقع "نيويورك تايمز" الالكتروني ان الملا عبد الغني باردار اسر "قبل ايام" في عملية سرية مشتركة في كراتشي جنوب باكستان وانه يستجوب حاليا من قبل الاستخبارات الباكستانية بحضور عملاء اميركيين.

وقال المتحدث باسم طالبان يوسف احمدي في اتصال هاتفي اجرته معه وكالة فرانس برس "ننفي نفيا قاطعا المعلومات التي تحدثت عن اعتقال (...) الملا باردار انها شائعات غير صحيحة اطلاقا. انها اكاذيب". واضاف "في الوقت الراهن انه معنا في افغانستان حيث يقود العمليات الجهادية. انه معنا ونحن على اتصال معه".

ووصفت مصادر حكومية اميركية لم تكشف هويتها للصحيفة الاميركية الملا باردار بانه اهم شخصية اعتقلت منذ بدء الحرب في افغانستان في نهاية 2001 وبانه الرجل الثاني في حركة طالبان افغانستان بعد مؤسسها وقائدها الاعلى الملا محمد عمر.

ورفض مسؤولون كبار في الشرطة والاستخبارات الباكستانية والسفارة الاميركية في اتصالات هاتفية اجرتها معهم وكالة فرانس برس في اسلام اباد تأكيد نبأ الاعتقال او نفيه.

ولم تكن تفاصيل عملية الاعتقال واضحة لكنها نفذت من قبل عملاء في وكالة الاستخبارات الباكستانية وعملاء في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) بحسب الصحيفة الاميركية.

وقالت الصحيفة انها تبلغت الخميس نبأ اعتقال باردار لكنها ارجأت نشره بناء لطلب البيت الابيض لعدم الحاق الضرر بعملية لجمع معلومات استخباراتية. ونقلت قناة "اي بي سي" الاميركية عن مسؤول اميركي كبير طلب عدم كشف اسمه قوله ان اسر باردار "حدث مهم".

وقال مسؤول اميركي في مكافحة الارهاب طلب عدم كشف اسمه لقناة "اي بي سي"، "في حال لم يعد في ساحة المعركة ستكون ضربة موجعة لطالبان وخصوصا للملا عمر الذي اعتمد كثيرا عليه في السنوات الاخيرة".

وذكرت بطاقة معلومات للانتربول ان الملا باردار يبلغ من العمر 42 عاما وانه كان نائبا لوزير الدفاع في نظام طالبان (1996-2001) وانه قد يكون موجودا عند الحدود بين باكستان وافغانستان.

ما الذي يعنيه احتجاز قائد طالبان العسكري؟

والملا عبد الغني بارادار هو أهم شخصية من طالبان تُحتجز منذ مُستهل الحرب الافغانية. وقالت صحيفة نيويورك تايمز انه رهن الاحتجاز في باكستان منذ عدة أيام وأن المخابرات الباكستانية والامريكية تستجوبه.

وفيما يلي بعض الاسئلة والاجوبة بشأن تأثير القاء القبض على بارادار، بحسب رويترز:

لماذا في هذا التوقيت؟

في الوقت الذي يتردد فيه الكثير من التكهنات بان هذا له صلة بعملية أمريكية بريطانية أفغانية مشتركة في أفغانستان الا ان من المرجح بدرجة أكبر أن تكون الخطوة التي اتخذتها باكستان ضد بارادار في كراتشي مرتبطة بتجدد حملة لاجراء محادثات بين الحكومة الافغانية وطالبان.

وترغب باكستان أن يكون لها كلمة في شؤون أفغانستان في فترة ما بعد الحرب للحد من نفوذ الهند. وحتى يتسنى لها ذلك فانها تحتجاج الى اخضاع طالبان الافغانية التي لم تكن طرفا يعتمد عليه بالنسبة لاسلام اباد على مدى السنين حتى تكون لها كلمة عليا في أي محادثات سلام.

وتملك طالبان شبكات امداد ومخابيء على الجانب الباكستاني من الحدود ومن خلال القاء القبض على شخصية بارزة مثل بارادار فان الباكستانيين ربما يهدفون الى الضغط على طالبان التي رفضت عروضا من الرئيس الافغاني حامد كرزاي. ويشير اعتقال بارادار فيما يبدو الى أن باكستان تريد أن تجعل قيادة طالبان تدرك أن مصيرها في يد اسلام اباد وأنها تتوقع حماية مصالحها وكبح جماح الهند في أي محادثات مع كرزاي.

ما هو أثر ذلك على القتال في أفغانستان؟

لم يتضح بعد هذا الامر. وطبقا لما رد في موضوع نشر في مجلة نيوزويك العام الماضي فان بارادار مشارك في عملية اختيار قادة طالبان أو عزلهم وأنه يدير المجلس العسكري ومجلس شورى كويتا الذي يضم مجموعة من زعماء طالبان بقيادة القائد الاعلى الملا محمد عمر ومقره كما يقول مسؤولون أفغان وأمريكيون في مدينة كويتا الباكستانية. كما أصدر بارادار باسمه عددا من أهم بيانات طالبان السياسية وسيطر على خزانة الحركة.

وينظر له أيضا على أنه زعيم عادل له شخصية جذابة وقادر على كبح جماح قادة الميدان العناد. ومع بعده عن الساحة ربما تنشب الخلافات بين قادة طالبان حول أموال المخدرات وخطط الابتزاز وهو ما قد يستغله الامريكيون وحلف شمال الاطلسي لتحقيق مكاسب عسكرية.

هل يمثل هذا اتجاها جديدا للتعاون الامريكي الباكستاني؟

يبدو ولا شك أن هناك مستوى جديدا من التعاون نظرا لان أعضاء من المخابرات الباكستانية قادوا هذه العملية بمساعدة من وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.ان.ايه). وكانت الولايات المتحدة تضغط على باكستان للتحرك ضد جماعات طالبان الافغانية وليس فقط المعارضة لاسلام اباد. وقال محلل أمني ان احتجاز بارادار يمثل "تحولا جذريا" في سلوك باكستان التي ظلت لسنوات تدعم طالبان الافغانية لتستخدمها لتحقيق توازن مستقبلي في مواجهة الهند بأفغانستان. لكن من المرجح أن هذا التحول لم يتحقق بدون بعض التنازلات من الامريكيين بشأن دور باكستان -وربما الهند- في أفغانستان.

ما هي التداعيات المحلية في باكستان؟

منذ عدة سنوات وطالبان الافغانية تفقد شعبيتها في باكستان في الوقت الذي يشن فيه أقرانهم المتمركزون على الحدود الافغانية حملة من التفجيرات والاغتيالات.

لكن ساسة منهم نجم الكريكيت السابق عمران خان وأحزابا دينية يتهمون الحكومة والجيش منذ فترة طويلة بالتقرب الشديد الى الولايات المتحدة والتنازل عن سيادة باكستان. ربما تحدث احتجاجات هنا وهناك من جانب تلك الاحزاب الدينية والقومية احتجاجا على دور باكستان في اعتقال بارادار لكن من غير المرجح أن يكون هناك اظهار دعم قوي لطالبان.

وبالنسبة للاثر على طالبان الباكستانية ففي حين أن الحركة الافغانية والباكستانية متحالفتان فلا توجد صلة وثيقة بينهما سواء في العمليات أو في الشؤون المالية. وما من شك أن عددا من فصائل طالبان الافغانية التي لها قواعد في باكستان ابتعدت عن المعركة التي خاضها الجيش الباكستاني مع طالبان الباكستانية. ومن المرجح أن يكون اعتقال القائد الافغاني بارادار ضربة لمعنويات طالبان الباكستانية التي عانت من انتكاسات على مدى العام المنصرم وقيل ان زعيمها قتل في هجوم بطائرة أمريكية بلا طيار الشهر الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 18/شباط/2010 - 3/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م