الدعارة والبغاء.. بين الانتشار القسري وقلّة التحصين الديني والأخلاقي

 

شبكة النبأ: مابين أجواء الاضطرابات والفقر والجهل التي تمثّل بيئة مناسبة لظهور الدعارة والبغاء ومابين افرازات هذه الآفة الاجتماعية التي أخذت تتزايد في أنحاء عديدة من العالم تظل مسالة الاتجار بالجنس قيد الكتمان وعصيّة على المكافحة في ظل مجتمعات لا تتمتع بالوعي الديني أو الواعز الأخلاقي والمثل الإنسانية.

ففي فلسطين يعدُّ الحديث عن البغاء القسري والاتجار بالنساء في الأراضي الفلسطينية أمراً نادراً، إلا أن تقريراً صدر مؤخراً كشفَ عن انتشار الظاهرة وطالبَ باتخاذ إجراءات للتصدي لها.

وفي اليونان خرجت عشرات من العاهرات للمطالبة بتعديل قانون بيوت البغاء في مسيرة أمام مكاتب حكومية بالعاصمة اليونانية أثينا.

ووفق ما نقلت "دير شبيغل" الألمانية في موقعها الإلكتروني، فإن عمدة مدينة ريت بيرغارد أرسلت بطاقات بريدية إلى 160 فندقاً في العاصمة حثت فيها الضيوف والوفود على الامتناع عن "شراء" الجنس.

ومثل أشخاص كثيرين آخرين فرَّت نساء إلى اليمن هرباً من الفوضى والحرب القبلية والمجاعة التي أصابت الصومال لكي تجد نفسها في مواجهة صراع آخر من أجل البقاء في اليمن الفقير حتى اضطرت العديد منهن لامتهان البغاء من أجل العيش.

بغاء قسري في فلسطين

ودعا تقرير أعدته مؤسسة فلسطينية غير حكومية تدعى "سوا" ومدعومة من صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة "يونيفيم،" إلى سن قانون في المجلس التشريعي يصنف البغاء القسري كعنف جسدي ويكفل معاملة الفتيات والنساء كضحايا للجريمة وليس كجناة.

وحمل التقرير الذي جاء في 26 صفحة عنوان "الاتجار بالنساء والبغاء القسري بين الفتيات والنساء الفلسطينيات: نماذج لعبودية العصر."

وطالب التقرير الذي يعد الأول من نوعه، إلى "استكشاف أبعاد الاتجار البشر لأغراض جنسية من الأرض الفلسطينية وعليها، وتوثيق حالات البغاء والاتجار بالفتيات والنساء لأغراض جنسية في إطار قانون حقوق الإنسان."كما دعا المؤسسات الرسمية الفلسطينية إلى صياغة القانون ودعم مسؤولي إنفاذه وتزويدهم بالتدريب والتوجيه لحماية النساء والفتيات ضحايا الاستغلال الجنسي.

وطالب المؤسسات غير الحكومية باتخاذ تدابير وقائية من خلال إعداد برامج للتوعية تستهدف الرجال والنساء والشباب حلول قضايا البغاء القسري وحقوق المرأة الإنسانية، وتعزيز خدمات الدعم بما في ذلك البيوت الآمنة لحماية النساء الضحايا وتيسير إعادة دمجهن بالمجتمع.

وقال التقرير "إن عدم وجود حدود معترف بها دوليا بين إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، إلى جانب عدم تحكم البلد المحتل بالحدود التي يتم تحديدها بشكل تعسفي، وغياب دولة فلسطينية وتفتيت الوحدة الجغرافية بين الضفة وغزة، وشرقي القدس، أدى إلى ضعف وعدم فاعلية مكافحة الاتجار بالنساء."

وتابع "ووفق هذا السيناريو فإن إسرائيل بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال ليست مسؤولة فقط عن تنفيذ المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي طرف فيها في المناطق التي تخضع لسيطرتها، ولكن عليها أن لا تعيق حركة الأطراف الفلسطينية مثل القضاة وضباط الشرطة والمحامين ومقدمي الخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية بين الضفة وغزة وإسرائيل."

واستعرض التقرير مساهمات وشهادات تم جمعها من أشخاص مطلعين (أصحاب فنادق، ومسؤولين في الشرطة، ونساء تم الاتجار بهن، وسائقي سيارات أجرة) من خلال مقابلات أجريت خلال النصف الأول من عام 2008، وتتضمن تحليلاً مبدئياً غير مسبوق لقضية الاتجار بالنساء والبغاء القسري في الأرض الفلسطينية.

وتناول التقرير ست دراسات حالة اثنتان منها لأبوين باعا بناتهما، وثلاث حالات لممارسي الاتجار، وحالة لامرأة تعمل في البغاء، مع التركيز كذلك على مسارات الاتجار المحتملة: من إسرائيل إلى الضفة الغربية، ومن الضفة الغربية إلى إسرائيل والقدس الشرقية، وداخل الضفة الغربية، ومن قطاع غزة إلى إسرائيل.

ويأتي نشر التقرير نشر في إطار "حملة الـ16 يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة،" التي تنفذها "يونيفيم" في الأرض الفلسطينية عشية اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وذلك لإبراز "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ينطوي عليها كل من الاتجار بالبشر والبغاء."

وحسب دراسات الحالة في البحث فإن غالبية الضحايا في أوائل العشرينات من العمر، وأن غالبية الضحايا طالبات جامعيات، وأن معظمهن سبق وأن تعرضن لإساءة وعنف من قبل عائلاتهن وخاصة الآباء وبعضهن أجبرن على الزواج ومنهن من تركن التعليم في سن مبكرة.

وحول العوامل الاجتماعية والاقتصادية أفاد التقرير أن "غياب الأمان الاقتصادي وارتفاع مستويات البطالة والفقر تلعب دورا رئيسيا في دفع الفتيات والنساء لممارسة البغاء أو جعلهن معرضات بشدة للاستغلال."

وقال التقرير إن "النساء اللواتي يمارسن الاتجار هن متزوجات ويعرف أزواجهن وعائلاتهن بطبيعة عملهن، ومستوى تعليمهن منخفض، ومعظمهن سبق وأن عملن في البغاء قبل أن يتحولن إلى قوادات، والعديد من النساء اللواتي يعملن لصالح هؤلاء من المتوقع أن يتحولن إلى ممارسة الاتجار مستقبلا."

عاهرات يطالبن ببيوت بغاء قانونية في اليونان..

وفي اليونان خرجت عشرات من العاهرات للمطالبة بتعديل قانون بيوت البغاء في مسيرة أمام مكاتب حكومية بالعاصمة اليونانية أثينا. وارتدت الكثيرات منهن نظارات شمسية وقبعات.

وقال المحامي الذي يمثل هؤلاء العاهرات ويدعى ديمتريس موراتيس ان هناك أكثر من 520 بيت بغاء في منطقة أثينا الكبرى ولا يوجد سوى بيت واحد حاصل على رخصة قانونية.

وعلى الرغم من أن البغاء مباح في اليونان غير أن الحكومة أصدرت قانونا عام 1999 ينص على ضرورة أن تبتعد بيوت البغاء مسافة 200 متر على الاقل عن الكنائس والمدارس ورياض الاطفال والميادين حتى تحصل على الرخصة.

وتريد العاهرات تقليل هذه المسافة حيث يؤكدن أنه من المستحيل تجنب هذه المناطق داخل العاصمة اليونانية المكدسة بالسكان. وأضاف المحامي موراتيس "نريد تغير القانون فيما يخص المسافة لانه من حقهن الحصول على رخصة قانونية."

وبيوت البغاء في اليونان لا تستطيع العمل دون رخصة حكومية وكثيرا ما تقوم الشرطة بعمليات تفتيش وتغلق هذه البيوت وتقبض على العاهرات العاملات فيها.

وقالت عاهرة تدعى ديمترا كانيليبولو "هذا سخف. لا نستطيع العيش في العصور الوسطى."وأردفت "لا يمكن أن يستمروا في اغلاق منازلنا ويقومون بسحبنا مكبلين بالقيود. يجب أن يتخذوا قرارهم بشأن الرخصة. نريد أن ننتهي من هذه القضية. نريد أن نعيش حياتنا وأن نمارس مهنتنا بكرامة."

أقدم مهنة في التاريخ تعاني من الأزمة الاقتصادية

ووفق ما نقلت "دير شبيغل" الألمانية في موقعها الإلكتروني، فإن عمدة مدينة ريت بيرغارد أرسلت بطاقات بريدية إلى 160 فندقاً في العاصمة حثت فيها الضيوف والوفود على الامتناع عن "شراء" الجنس.

ونكاية في العمدة، عرضت "مومسات" كوبنهاغن ممارسة الجنس مجاناً لأي من يسعى لخدماتهن، لقاء واحدة من البطاقات التي عممها المسؤول الحكومي.

وقالت "مجموعة العناية بالعاملات بالجنس"، التي نظمت الرد على طلب العمدة، إن تحرك بيرغارد ينم عن تمييز تام تجاه تلك الفئة.

وقالت سوزان موللر الناطقة باسم المنظمة: "ريت بيرغارد تسيء استخدام منصبها كعمدة بستخير سلطاتها لمنعنا عن ممارسة وظائفنا المشروعة قانونياً."

ويذكر أن بعض المواخير في ألمانيا قدمت في يوليو/ تموز الماضي، حسومات خاصة بلغت 10 في المائة للزبائن الذين يصلون على متن دراجات أو شبكة المواصلات العامة حرصاً منها على البيئة.

وجاء العرض ضمن مجموعة عروض قدمها القطاع، من بينها "عاشر قدر ما شئت" بثمن واحدة، في إطار مساع لتحريك القطاع الذي أصابته لعنات الركود الاقتصادي جراء الأزمة المالية العالمية.

صوماليات يائسات يلجأن للدعارة في اليمن..

وتكره اللاجئة الصومالية (سعدة) ما تفعله لكنها لا ترى ان هناك وسيلة أُخرى لإطعام أطفالها الستة سوى العمل في الدعارة في مدينة عدن بجنوب اليمن.

وقالت المرأة التي في الثلاثينات من عمرها وهي تجلس مع نساء صوماليات أُخريات في حي البساتين الفقير الذي يقع في ضواحي عدن "حياتي رخيصة لكن ما الذي يمكنني عمله. يجب ان أعمل وان أحصل على بعض النقود."

ومثل أشخاص كثيرين آخرين فرت سعدة الى اليمن هربا من الفوضى والحرب القبلية والمجاعة التي أصابت الصومال منذ الاطاحة بالرئيس السابق محمد سياد بري في عام 1991 لكي تجد نفسها في مواجهة صراع آخر من أجل البقاء في اليمن الفقير.

وأمضت عشرة أشهر في اليمن كانت تعيش خلالها على المساعدات وتحولت الى الدعارة منذ ثمانية أسابيع لكي ترسل أموالا الى أقارب في وطنها يعتنون بأطفالها.

وسعدة لا تحصل على أي مبالغ نقدية من زوجها الأول الذي طلقها وسافر للعمل في السعودية. وأُصيب زوجها الثاني بجروح بالغة في القتال في العاصمة الصومالية مقديشو التي تسودها الفوضى. وقالت "ولذلك فانني الآن أعيش بمفردي."بحسب رويترز.

ويستضيف اليمن 171 ألف لاجيء مُسجل معظمهم صوماليون وفقا لاحصائيات المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين لشهر ديسمبر كانون الاول مقارنة مع 140300 قبل عام. ويعتقد ان عددا كبيرا من الصوماليين غير المسجلين يتجولون هناك معظمهم على أمل الانتقال الى دول الخليج الغنية.

ومفوضية شؤون اللاجئين تساعد الصوماليين عند وصولهم لكن كثيرين في حي البساتين يقولون انهم يكافحون من أجل تلبية احتياجاتهم.

وقالت عليشة وهي امرأة صومالية أُخرى مُطلقة انجرفت الى الدعارة انها دفعت أموالا لمهربين ليأخذوها في رحلة مليئة بالمخاطر عبر خليج عدن الى اليمن. وقالت "يتعين علي ان أرعى ابني. يجب ان اشتري له الحليب."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 15/شباط/2010 - 30/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م