
شبكة النبأ: لا يسع موسكو سوى أن تشعر
بالارتياح لفوز فيكتور يانوكوفيتش في الانتخابات الرئاسية الأوكرانية
بحسب النتائج الجزئية، وهو فوز يثأر للإهانة التي لحقت بروسيا مع
الثورة البرتقالية في كييف.
ويعتبر فوز يانوكوفيتش بالرئاسة انتقاما لموسكو بعد أن أدارت جارتها،
اكبر جمهورية سوفيتية سابقة، بتشجيع من الغرب ظهرها للعلاقات الممتدة
منذ قرون مع الكرملين.
وعندما اتضح أن يانوكوفيتش أصبح على وشك أن يكون الرئيس المقبل
لأوكرانيا، شعرت روسيا بان الإهانة التي لحقت بها جراء الثورة
البرتقالية قد انتهت وأن كل شيء عاد إلى ما كان يجب أن يكون عليه.
ولم تكن النتائج النهائية في الانتخابات الأوكرانية قد ظهرت بعد
عندما هللت الصحف الروسية الموالية للحكومة ببداية عهد جديد في
العلاقات بين موسكو وكييف.
وخرجت صحيفة "ازفيستيا" اليومية بعنوان على صفحتها الاولى "الغروب
البرتقالي"، في اشارة ساخرة من الثورة البرتقالية التي اندلعت العام
2004 وجولة اعادة الانتخابات الاوكرانية في كانون الثاني/يناير 2005
التي وضعت الزعماء المعارضين لروسيا في السلطة. اما صحيفة "روسيسكايا"
الناطقة الرسمية باسم الحكومة، فعنونت "النصر".
وياتي فوز يانوكوفيتش ليمحو آثار الضربة الجيوسياسية التي منيت بها
روسيا جراء الثورة البرتقالية التي اعتقد كثيرون انها ازاحت يانوكوفيتش
الذي تفضله موسكو، عن الساحة السياسية الى الابد.
وكانت خسارة روسيا المفاجئة لنفوذها في البلد الذي كان يعتبره
الكرملين انه يدور في فلكه، مؤلمة بشكل خاص نظرا لان موسكو دعمت
يانوكوفيتش علنا في 2004.
وواجه فلاديمير بوتين الذي كان رئيسا لروسيا في ذلك الوقت، انتقادات
دولية بعد ان قدم تهاني بلاده علنا ليانوكوفيتش قبل اعلان النتائج
الرسمية.
وتعلمت روسيا من اخطائها. فعلى الرغم من ان الكرملين يحتفل بفوز
رجله في اوكرانيا، الا انه لم تظهر مؤشرات علنية على الفرحة بين القادة
الروس.
ورفضت الرئاسة الروسية التعليق، فيما قال متحدث باسم بوتين الذي
يتولى الان منصب رئيس الوزراء لكنه لا يزال يعتبر الرجل القوي في
البلاد، ان الحكومة لن تعلق الا بعد ظهور النتائج العلنية في كييف.
وصرح ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين لوكالة فرانس برس "ما زلنا لا
نعلم من الذي فاز هناك".
ويرى المحللون انه بغض النظر عن الفائز، فان شيئا واحدا يبدو اكيدا
وهو ان العلاقات بين اوكرانيا وروسيا ستتحسن. ونافس يانوكوفيتش رئيسة
وزراء اوكرانيا يوليا تيموشنكو التي ورغم دورها البارز في الثورة
البرتقالية، سعت الى تطوير علاقات اوثق مع بوتين وموسكو في السنوات
الاخيرة.
وصرح غليب بافلوفسكي المحلل السياسي المرتبط بعلاقات وثيقة مع
الكرملين لوكالة فرانس برس انه "لا شك اننا نامل في تحسين العلاقات".
واضاف "بعد يوشينكو، فاي مرشح هو افضل بالنسبة لروسيا"، في اشارة الى
الرئيس الاوكراني السابق فيكتور يوشينكو الذي خرج من المنافسة الرئاسية
في الدورة الاولى من الانتخابات الشهر الماضي. بحسب فرانس برس.
ويعتقد 44 بالمئة من الروس ان العلاقات مع اوكرانيا ستتحسن، فيما
يعتقد 28 بالمئة ان العلاقات ستصبح ودية، حسب استطلاع نشره معهد "في تي
اس اي او ام" للاستطلاعات الاثنين. وتوقع 9% فقط تدهور العلاقات بين
البلدين.
واثناء حكم يوشينكو، تدهورت العلاقات مع موسكو الى ادنى مستوياتها
بعد الحقبة السوفياتية حيث سعى الزعيم الموالي للغرب الى تصوير بلاده
ضحية لعمليات القمع اثناء الحقبة السوفياتية يدعمه رئيس جورجيا ميخائيل
ساكاشفيلي، العدو اللدود للكرملين. كما دفع يوشينكو الى انضمام
اوكرانيا الى الحلف الاطلسي.
واصبح الخلاف بين اوكرانيا وروسيا حول اسعار الوقود في نهاية كل عام
مشكلة متكررة في السنوات الاخيرة، وفي اب/اغسطس الماضي قررت روسيا وقف
كافة تعاملاتها مع يوشينكو الى الابد.
تيموشنكو وكلمتها الأخيرة
ومن جانبها ترفض رئيسة الوزراء الاوكرانية يوليا تيموشنكو الإقرار
بهزيمتها في الانتخابات الرئاسية على الرغم من الضغوط التي تتعرض لها
من كل حدب وصوب، ما يدعو الى الاعتقاد بان بداية عهد الرئيس المنتخب
فيكتور يانوكوفيتش لن تكون سهلة.
ونقلت المصادر عن تيموشنكو قولها في اجتماع مع مجموعة من النواب
مساء الاثنين "لن اعترف ابدا بشرعية انتصار فيكتور يانوكوفيتش في ظل
اقتراع كهذا"، بحسب الموقع الالكتروني الواسع الانتشار "اوكراينسكا
برافدا". بحسب فرانس برس.
واعلن نواب من كتلة تيموشنكو ان عددا من الشكاوى سيرفع الى المحاكم
في الايام القليلة المقبلة للطعن في نتيجة الانتخابات. وقال النائب
سيرغي سوبوليف في تصريح تلفزيوني "سنقوم بكل ما في وسعنا لنثبت ان هذه
الانتخابات مزورة". واضاف "سنرفع دعاوى امام المحاكم الادارية في
اليومين المقبلين".
وتسعى تيموشنكو الى الحصول على احكام قضائية بابطال نتائج بعض مراكز
الاقتراع في خطوة اولى. وفي حال نجح هذا الامر، فستتقدم بطعن في نتيجة
الانتخابات برمتها، بحسب ما اوضحت النائبة اولينا شوستيك.
واضافت في حديث لوكالة انترفاكس "في حال صدور حكم قضائي ايجابي في (عدد
من) المحاكم، حينئذ سنطعن في النتيجة الشاملة للانتخابات".
وبحسب النتائج شبه النهائية التي اصدرتها المفوضية الانتخابية
الثلاثاء بعد فرز 99,95% من الاصوات، فان المعارض يانوكوفيتش حصل على
48,95% من الاصوات فيما حصلت تيموشنكو على 45,48%. وتلتزم تيموشتكو
الصمت حيال خطتها لما بعد الانتخابات. وقد ارجأت مؤتمرا صحافيا كان
مقررا الاثنين الى وقت غير محدد من اليوم الثلاثاء.
وقال المحلل السياسي المستقل ستانيسلاف بلكوفسكي ان "محاولات الغاء
نتائج الانتخابات هي وسائل للضغط على المعسكر الآخر. تيموشنكو تحاول
كسب الوقت من اجل المساومات السياسية القادمة".
وتواجه تيموشنكو ضغوطا من معسكر يانوكوفيتش الذي يطالبها بالتصرف
بشكل ديمقراطي، وايضا ضغوطا من المجتمع الدولي الذي يدعوها الى احترام
نتائج الانتخابات "الشفافة والنزيهة".
وكتبت صحيفة سيغودنيا المؤيدة ليانوكوفيتش "العالم يدفن يوليا". الا
ان الصحيفة اشارت الى ان "فوز يانوكوفيتش ليس نهائيا" طالما ان الحكومة
الجديدة لم يتم تشكيلها بعد.
وللتخلص من تيموشنكو، يتعين على يانوكوفيتش تشكيل اغلبية نيابية وان
يستقطب المنشقين عن المعسكر البرتقالي. كما يمكنه ان يحل البرلمان
ويدعو الى انتخابات مبكرة، وهو احتمال لا يحبذه بسبب وضع البلاد
المنهكة من الازمات السياسية والانتخابات المتكررة. |