الخلافات القائمة بين القوى السياسية العراقية التي تتشابك بعلاقات
اقليمية ودولية موزعة على محاور مختلفة ومتنافرة احيانا تلك الخلافات
التي يتصدرها حراك الدكتور اياد علاوي بكل ما بشرت به جبهته الجديدة
التي لمت شتات البعث والبعثيين حتى هذه اللحظة القت بظلالها بشكل ملفت
على اداء العملية السياسية بشكل عام والمشروع الانتخابي بشكل خاص.
فعبر وسائل الاعلام وكذلك خلف الكواليس بدأت الاحزاب الاسلامية
وبشكل حثيث تتكلم بصوت عالي عن مؤامرة هنا وعن خيانة هناك من قبل بعض
الاطراف المساهمة بالعملية السياسية وبدعم اقليمي وحتى دولي على مرأى
ومسمع الجميع.
انها غضبة وثورة على صعيد المواقف السياسية لوحت وتلوح بها بعض
الاطراف السياسية في الفترة الاخيرة وتهدد بوضع النقاط على الحروف عبر
سلسلة من التصريحات التي تتمتع بشئ من المكاشفة علّها تجدي نفعا في
اجبار الاخرين على مراجعة الحسابات.
ان تلك المظاهرات هي الورقة الاخيرة التي ربما لازالت باقية في يد
الاحزاب الحاكمة قبل ان يسحب من تحتها البساط الا ولذلك فانها في
الفترة الاخيرة اخذت تمارس سياسة التعبئة الجماهيرية واسلوب التحريض من
اجل شحن الجو وتهيئة الظروف تحسبا لاي طارئ قد يعصف بالعملية السياسية
وينبئ بعودة البعثيين من جديد.
ورغم ان هذه الظاهرة صحية جدا الا ان ما يثير الاسف فيها هو ان هذه
الغضبة المتاخرة جدا لم تكن من اجل سقوط الضحايا المدنيين.. او من اجل
استهداف البنية التحتية التي تستحق ردة فعل اكبر من ذلك، وانما كانت
هذه الغضبة التي توجّه الرسائل لاطراف عراقية واقليمية ودولية من اجل
الصراع على السلطة.
فمن ذا الذي لا يعرف ان محور السعودية له موقف واضح جدا فيما يخص
الحالة العراقية؟ وذلك لانها وبمعية بلدان اخرى تؤيد اطرافا بعينها
كما انها تستخدم معضم التنظيمات البعثية المتستّرة خلف شعارات سياسية!
كما ان الطرف السوري ورغم كونه على خلاف واضح مع ذلك المحور في
الملف اللبناني الا انه داخل على الخط بطريقة او باخرى ومنسجم مع هذا
المحور في دعم بعض الاطراف عن طريق التنظيمات البعثية او ربما حتى عن
طريق تنظيم القاعدة الذي يجيد الجانب السوري اسلوب التعاطي معه بشكل
جيد.
ومن لا يعرف ان العديد من السياسيين الذين التحقوا بالعملية
السياسية يديرون جماعات مسلحة تستهدف المدنيين العراقيين وتنسف حتى
الجسور؟
وهل كان خافيا على تلك الاحزاب ما حصل مثلا في سلسلة طويلة عريضة من
المؤتمرات المنعقدة في هذا البلد او ذاك يمثل دور البطولة فيها عدنان
الدليمي ومن كان على شاكلته ؟!
لماذا فرطتم يا حضرات الاحزاب المناضلة بالجماهير التي انتخبتكم
وجعلتكم اغلبية؟ فتخليتم عنها في وقت كانت بحاجة الى غضبتكم لكنكم
غضبتم ورفعتم ورقة الشارع حينما احسستم الحاجة الى الجماهير خوفا على
المصالح.
انتم وغيركم سوف تبقون بحاجة الى عمقكم الاول والاخير ولن تنفعكم
تحالفات هشة مع هذا الطرف او ذاك، لقد راهن الجعفري على عروبة العراق
فخر عليه السقف بعدما خذلته جبهة التوافق التي طالب لها بمنصب رئيس
الجمهورية من اجل مراعاة المحيط العربي كما جاء ذلك على لسان المستشار
السياسي للسيد الجعفري.
ان التفريط في الجانب الامريكي هو خطا لا يغتفر على صعيد الرهانات
الدولية اما الخطا الاكثر فداحة من ذلك فهو التفريط في العمق الجماهيري
على صعيد الساحة الداخلية، ولهذا فان من الافضل اعادة الحسابات مع
المواطن العراقي والسعي الحثيث الجاد هذه المرة من اجل انعاش مناطق
النفوذ التي تمثل العمق الاستراتيجي للاحزاب الكبيرة بشئ من المشاريع
العمرانية والخدمية الملحّة.
* كاتب عراقي
gamalksn@hotmail.com |