الإرهابيون الجدد.. عُملاء مزدوَجون وعُلماء اجتماع

خروقات كبيرة تجسِّد حِِدّة المواجهة بين القاعدة وطالِبانها والغرب

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: يُشير قتل ضباط بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية على يد مهاجم انتحاري أُشيد به على شبكة الانترنت بوصفه جيمس بوند المتشددين إلى أن حلفاء تنظيم القاعدة في جنوب آسيا طوّروا قدرة لم يسبق لها مثيل على تعطيل جهود الغرب في مجال المخابرات وإمكانية اختراقها على أعلى المستويات.

ومن جانب آخر أدانت هيئة محلفين أمريكية عالمة الأعصاب الباكستانية، عافية صِدّيقي، التي يُعتقد أنها على صلة بتنظيم القاعدة، بسبع تُهَم موجّهة إليها، بينها محاولة القتل واستخدام السلاح ضد عناصر من الجيش الأمريكي.

فيما يقول خبراء بمكافحة الإرهاب أن هذه الحوادث تُظهر مدى عزيمة مراكز المتعاطفين والممولين والمؤيدين المنتشرة على مستوى العالم التي رعاها أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة مع خضوعه لضغوط متزايدة من جراء هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار في جنوب آسيا حيث يُعتقد أنه مختبئ.

ويظهر الهجوم الذي نفذه عميل أردني مزدوج ايضا أن حرص المتشددين على قتل عناصر المخابرات الغربية بات اكثر من حرصهم على اختراقهم مما يبرز التحدي المثبط للهمة الذي تواجهه أجهزة المخابرات الغربية التي تسعى الى زرع مرشد بين قيادات القاعدة البارزة.

وفجّر العميل همام خليل ابو ملال البلوي نفسه في 30 ديسمبر كانون الاول داخل قاعدة تشابمان وهو مجمع أمريكي حصين في اقليم خوست بجنوب شرق أفغانستان فقتل سبعة ضباط بالمخابرات المركزية الامريكية وضابطا أردنيا.

وأسعدَ الهجوم وهو ثاني اكبر هجوم من حيث عدد القتلى في تاريخ (سي. اي.ايه) أوساط مروجي الدعاية لتنظيم القاعدة على مستوى العالم الذين ابتهجوا لاكتشافهم أن البلوي مؤلف بعض اكثر التعليقات المناهضة للغرب شهرة على الانترنت وكان ينشرها تحت اسم مستعار.

وتساءل اسد الله الشيشاني وهو أحد أنصار تنظيم القاعدة في تعليق من يكون جيمس بوند الخاص بنا وأجاب السؤال قائلا انه ابو دجانة وشعاره.. دعوني أموت او أعيش حرا. وابو دجانة هو الاسم المستعار الذي كان البلوي يستخدمه في الكتابة. بحسب رويترز.

ويدرس محققون الصلات المحتملة بين هجوم 30 ديسمبر وحليفين محليين على الاقل لتنظيم القاعدة هما حركة طالبان الباكستانية وشبكة حقاني المرتبطة بطالبان الافغانية التي تقاتل القوات الامريكية في أفغانستان. وزادت موجة من الدعاية قادها متشددون وأحاطت بالهجوم من هذا التركيز.

وذكرت قناة الجزيرة الفضائية التلفزيونية أن البلوي قبيل الهجوم الانتحاري سجل شريط فيديو يحث فيه على الانتقام لقتل بيت الله محسود زعيم طالبان الباكستانية في هجوم بطائرة أمريكية بدون طيار العام الماضي.

إدانة عالِمة أعصاب متعاونة مع القاعدة

ومن جانب آخر أدانت هيئة محلفين أمريكية عالمة الأعصاب الباكستانية، عافية صديقي، التي يعتقد أنها على صلة بتنظيم القاعدة، بسبع تهم موجهة إليها، بينها محاولة القتل واستخدام السلاح ضد عناصر من الجيش الأمريكي، وذلك بعد أكثر من 48 ساعة من المناقشات التي أجراها أعضاء الهيئة بعيداً عن الأضواء.

واستمعت صديقي لحكم المحلفين عليها دون أن يرف لها جفن، لكن خلال مرافقة الشرطة لها خارج القاعة قالت "هذا الحكم من إسرائيل وليس من أمريكا.. يجب توجيه الغضب نحو الهدف المحدد.. يمكنني أن أشهد حول هذا ولدي الدليل."

ولم يمنع صراخ صديقي الشرطة من نقلها إلى خارج المحكمة لتعاد إلى زنزانتها بانتظار الحكم عليها في السادس من مايو/أيار المقبل.

من جهتها، أصدرت عائلة صديقي بيانا قالت فيه إن الحكم هو "جزء من سلسلة أخطاء قانونية سمحت للمدعي العام بناء دعوى ضد عافية قائمة على الكراهية عوضاً عن الحقائق."

ووصفت العالمة الباكستانية الحكم بأنه "غير عادل" مشددة على وجوب أن تنال محاكمة عادلة بعد الطعن بالقرار. بحسب سي ان ان.

يذكر أن القضاء الأمريكي كان قد أخضع صديقي، المتهمة بإطلاق النار على جندي أمريكي وعناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، للعلاج والتقييم النفسي بعد إعلانها بأنها كانت سجينة لدى السلطات الأمريكية والباكستانية لخمس سنوات قبل الإعلان الرسمي عن القبض عليها قبل عامين.

ورجح الادعاء أن تكون صديقي قد تحولت إلى عنصر في خلية نائمة تابعة للقاعدة خلال تلك السنوات، نافياً ما جاء في مذكرة محاميها عن تعرضها للتعذيب والاعتقال خلال الفترة ما بين 2003 و2008.

يشار إلى أن الاتهامات التي تواجهها صديقي حالياً تقتصر على محاولتها قتل عناصر من الجيش الأمريكي والـFBI خلال مقاومتها للاعتقال، ولم توجه إليها بعد أي تهم على صلة بالإرهاب.

وكانت واشنطن قد أعلنت مطلع أغسطس/آب 2008 عن اعتقال صديقي بعد مطاردة استمرت لسنوات كانت خلالها صديقي أول امرأة تُصنّف على لائحة الإرهاب لصلتها المفترضة بتنظيم القاعدة.

وقامت صدّيقي، 36 عاماً، بإطلاق النار على عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي في 18 يوليو/تموز الفائت، أثناء اعتقالها في أفغانستان، وذكرت مصادر فيدرالية آنذاك أنها أخطأت الهدف ولم تصب أي من المحققين، الذين تمكنوا من إطلاق النار عليها وشل حركتها.

واعتُقلت صدّيقي خارج مقر حاكم غزني عقب العثور على إرشادات لصناعة متفجرات، إلى جانب وصف لمعالم أمريكية، بالإضافة لمواد محفوظة في أوعية زجاجية، بحسبما ذكر مسؤولون أمريكيون.

وتواجه عالمة الأعصاب التي تلقت تعليمها في الولايات المتحدة، أحكاماً قصوى بالسجن تصل إلى 20 عاماً، في حال إدانتها.

عملية البلوي.. انقلاب في الدعاية لطالبان باكستان

وتركَ تسجيل الفيديو للمفجّر البلوي الذي قتل سبعة ضباط بوكالة المخابرات المركزية الامريكية في أفغانستان انطباعاً بأن حركة طالبان باكستان ربما لعبت دورا رئيسيا في ثاني أكبر هجوم في تاريخ السي.اي.ايه.

لكن محللين يقولون ان طالبان الباكستانية التي يتزعمها حكيم الله محسود لم تقدم في الاغلب سوى مساعدة تنظيمية للعملية التي نفذها الاردني همام خليل أبو ملال البلوي وكانت من تدبير القاعدة على الارجح.

والى أن ظهر تسجيل الفيديو وأثار تساؤلات بشأن قدرات طالبان باكستان كان محسود يعرف أساسا كزعيم لطالبان لا يعرف الهوادة عاقد العزم على الاطاحة بحكومة اسلام اباد الموالية للولايات المتحدة وليس على التسلل الى مراكز السي.اي.ايه خارج البلاد.

كانت طالبان الباكستانية قد نفذت من قبل هجمات متطورة ضد منشات قوات الامن الباكستانية واستفادت من صلاتها بالقاعدة لكن لم يظهر ما يشير الى انضمامها الى التنظيم الذي يضم جماعات متشددة في مناطق مختلفة من العالم. بحسب رويترز.

ويرى المحللون ان الفيديو يظهر في الاغلب أن بوسع طالبان الباكستانية تقديم مساعدات تتعلق بالامداد والتموين لمتشددين مثل البلوي الذي ربما يكون قد تنقل في مناطق خاضعة لسيطرتها بهدف الوصول الى القاعدة الامريكية في شرق افغانستان حيث فجر نفسه.

يقول كامران بخاري المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط وجنوب اسيا لدى مؤسسة ستراتفور لتحليل معلومات المخابرات "ينحصر عملهم في باكستان وأظن انهم كانوا محظوظين لان هذا الرجل تحدث اليهم."

واعظ إسلامي أمريكي يشيد بمحاولة تفجير طائرة ديترويت

ونقل موقع قناة الجزيرة التلفزيونية على الانترنت عن واعظ اسلامي متشدد له صلات بمسلح اطلق النار في قاعدة للجيش الامريكي في تكساس انه يؤيد المحاولة التي استهدفت تفجير طائرة امريكية لكنه لم يشجع على الهجوم.

وفي مقابلة مع (الجزيرة نت) قال رجل الدين الامريكي المولد أنور العولقي انه كان معلما للشاب النيجري عمر فاروق عبد المطلب المشتبِه به في محاولة تفجير طائرة ركاب امريكية اثناء رحلة من امستردام الى ديترويت في 25 ديسمبر كانون الاول.

ونقلت الجزيرة نت عن العولقي قوله "الاخ المجاهد عمر فارق -فرج الله عنه- هو أحد طلابي.. نعم.. وكان بيننا تواصل ولكن أنا لم أفت عمر فاروق بهذه العملية."

ولم يتضح متى اجريت المقابلة التي بثت في موقع الجزيرة على الانترنت في الثاني من فبراير شباط. ولم تذع القناة الاخبارية العربية فيما يبدو المقابلة في بثها التلفزيوني.

وقال مسؤولون يمنيون ان عبد المطلب التقى العولقي في اليمن حيث كان يدرس اللغة العربية والاسلام. واضافوا ان العولقي ربما قتل في غارة جوية شنت على متشددي القاعدة في اليمن في ديسمبر رغم ان تقارير اخرى قالت انه ما زال هاربا.

وقال العولقي "انا اؤيد ما قام به عمر فاروق بعد ان رأيت اخواني في فلسطين لاكثر من ستين عاما وهم يقتلون وفي العراق يقتلون وفي افغانستان يقتلون."لا تسألني ان قتلت القاعدة أو فجرت طائرة امريكية مدنية بعد هذا كله فثلاثمائة امريكي لا شيء امام الالاف الذين قتلتهم من المسلمين."

وقال جناح القاعدة في شبه الجزيرة العربية ان المحاولة الفاشلة لتفجير الطائرة الامريكية في يوم عيد الميلاد كانت انتقاما من هجوم شنته طائرات امريكية على الجماعة في اليمن. وتنفي السلطات اليمنية ان قوات امريكية شاركت في الضربات التي شنت على متشددي القاعدة في البلاد.

وشجب العولقي الحكومة اليمنية لشنها حملة على اعضاء القاعدة في اليمن ووصفها بانها تابعة للغرب.وقال "الحكومة اليمنية تبيع مواطنيها لامريكا لتأكل بدمائهم اموال السحت التي تشحتها من الغرب. المسؤولون اليمنيون يقولون للامريكان اضربوا ما تشاءون لكن لا تتبنوا هذا الفعل حتى لا تثيروا الناس علينا وبكل وقاحة تتبناه الحكومة اليمنية."

وعاد العولقي -وهو مواطن امريكي من أصل يمني- الي اليمن في 2004 حيث كان يقوم بالتدريس في احدى الجامعات قبل ان يلقى القبض عليه ويودع السجن في 2006 لاتهامه بأن له صلات بالقاعدة والتورط في هجمات.

اتهام صومالي حاول قتل الرسام الدنماركي بالإرهاب

وفي جانب موازِ  وُجهت  الى الصومالي البالغ 28 سنة الذي حاول قتل رسام الكاريكاتور الدنماركي كورت فسترغارد صاحب احدى الصور الكاريكاتورية المثيرة للجدل عن النبي محمد (ص)، تهمة محاولة ارتكاب عمل إرهابي حسب ما أعلنت المدعية العامة المكلفة الملف.

وقالت المدعية ماريان تومسن لوكالة فرانس برس "تم استجوابه في نهاية الاسبوع وقررنا توجيه تهمتي محاولة ارتكاب عمل ارهابي ومحاولة قتل كورت فسترغارد".

واضافت المدعية انه سبق ان وجهت تهمة محاولة قتل الرسام الكاريكاتوري وشرطي، وكذلك تهمة "ارتكاب اعمال عنف ضد عنصر اخر في قوى الامن وانتهاك القانون حول الاسلحة".

وقد يتعرض الصومالي الموضوع في الحبس الموقت حتى 27 كانون الثاني/يناير لعقوبة السجن المؤبد اذا ادين بقيامه بعمل ارهابي بحسب تومسن. واضافت ان التحقيق في هذه القضية "مستمر" وانه "من المبكر تحديد موعد لمحاكمته".

وكان المعتدي الذي لم تكشف هويته بقرار قضائي، اصيب بالرصاص في اليد والركبة عندما اعتقلته الشرطة الدنماركية التي هبت لنجدة فسترغارد.

القاعدة تطالب بإطلاق سراح بوركيني مجنَّد في موريتانيا

وفي نفس السياق أعلن مصدر قريب من التحقيق ان المقاتل الاسلامي البوركينابي الذي يطالب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي باطلاق سراحه شاب في "الخامسة والعشرين من العمر تقريبا" وتم "تجنيده" في موريتانيا.

وقال هذا المصدر في واغادوغو "عندما كان صغير السن توجه الى ساحل العاج ثم عاد الى بوركينا فاسو قبل ان يسافر الى موريتانيا حيث تم تجنيده" من قبل الاوساط الجهادية. واضاف المصدر نفسه "انه البوركينابي الوحيد الذي نعرفه". بحسب رويترز.

وتابع المسؤول نفسه ان الشاب "درس في مدرسة قرآنية في بوركينا فاسو ثم توجه الى موريتانيا لمواصلة دراسته. وقد غادر بوركينا فاسو منذ فترة طويلة".

وتشهد موريتانيا منذ سنتين هجمات وعمليات خطف يقوم بها عناصر تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي الذي جند عددا كبيرا من مقاتليه بين شبان هذا البلد الفقير الواقع بين المغرب العربي وغرب افريقيا.

وهدد تنظيم القاعدة بقتل فرنسي خطف في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر في صحراء شمال مالي اذا لم يتم الافراج عن مقاتليه المعتقلين في مالي قبل 30 كانون الثاني/يناير. والمعتقلون الاربعة هم موريتانيان وجزائري وبوركينابي لم تكشف هوياتهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/شباط/2010 - 23/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م