
شبكة النبأ: يبدو ان ازمة الحكم في
مصر تلقي بظلالها على تطور الأحداث السياسية، فهناك مخاوف من عودة
الإرهاب التكفيري الى مصر بعد غياب كامل للأفق الديمقراطي والتداول
السلمي للسلطة، ويبدو ان الحكومة المصرية المتشبثة بالسلطة الى ابعد حد
غير ممتعضة من عودة التشدد لما فيه من نتائج لبقاء حكم الطواريء
واستمراره.
حيث تقوم مصر منذ شهور بإلقاء القبض على شبّان تتهمهم بإقامة صِلات
مع جماعات إسلامية متشددة بسبب اشتباه متزايد بأن الفكر المتشدد يغري
مجندين جدداً بالقيام بأعمال عنف بين الحين والآخر.
ومن جهة أخرى حذر المرشد العام لجماعة الأخوان المسلمين في مصر محمد
بديع من عودة الارهاب من جديد في البلاد إذا واصلت الحكومة حملة تشنها
على "الإسلام الوسطي".
فيما يقول محللون أن الحاجز الذي تشيده مصر مع قطاع غزة يعكس قلق
القاهرة من تسلل نشطين يستلهمون فكر القاعدة الى البلاد بعد قيام حركة
حماس بطردهم من القطاع.
وليس ثمة دلائل على عودة تمرد يماثل ما حدث في التسعينات حين خاضت
قوات الأمن المصرية معارك بالرصاص لضرب تمرد إسلامي منظم استهدف إقامة
دولة متشددة في البلاد. لكن القلق إزاء تصاعد أنشطة المتشددين
الإسلاميين في اليمن حول الأنظار إلى مصر مسقط رأس الرجل الثاني في
تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وعدد من المنظرين الإسلاميين عبر عشرات
السنين.
وفي الوقت الحالي فان الحملة التي تشنها مصر على أي اسلاميين - بمن
في ذلك أعضاء جماعة الاخوان المسلمين - التي نبذت العنف منذ امد طويل
ربما تكون أوقفت أي تدفق من المتشددين الى الخارج لكن جماعات صغيرة
يمكن أن تظهر لتملا فراغا تركه الاسلاميون المعتدلون الذين تلاحقهم
الحكومة.
وقال خليل العناني المتخصص في الحركات الاسلامية "المتوقع هو ظهور
جماعات عنيفة وعشوائية من الشبان غير المرصودين أمنيا."بحسب رويترز.
وشنت حكومة الرئيس حسني مبارك الذي اغتيل سلفه أنور السادات برصاص
متشددين اسلاميين حملة على شبان يعتبرون مجنديين محتملين منذ مقتل سائح
في انفجار قنبلة عام 2009 في القاهرة وكان الهجوم الاول من نوعه منذ
عام 2006.
ويقول محامون موكلون للدفاع عن معتقلين ان شبانا - يتصفحون مواقع
الانترنت التي تتضمن معلومات عن صناعة الاسلحة أو التي تجمع تبرعات
لقطاع غزة أو حتى الذين يترددون على المساجد التي تعلم تلاوة القران -
ألقي القبض عليهم بتهم التخطيط لهجمات وما زالوا محتجزين لاجل غير مسمى.
ويقول يحيى عبد الفتاح العزب الذي يؤم الصلاة في مسجد في مدينة
المنصورة في دلتا النيل ان ابنه كان من بين أكثر من 20 شابا ألقي القبض
عليهم في أكتوبر تشرين الاول. ومنذ ذلك الوقت لا يعرف العزب عن ابنه
شيئا.
وقال لرويترز "أنا وابني كنا نتكلم عن الحرب (الاسرائيلية) على غزة
وندعو الناس لمساندة المجاهدين."واضاف "اذا كان غير المسلمين في الخارج
في أوروبا فعلوا ذلك فكيف لا يشارك المسلمون هنا.."ونفي العزب أن يكون
لابنه أي صلة بجماعات أو دعوات العنف.
مرشد الإخوان المسلمين يحذر من عودة الإرهاب
من جهة اخرى حذر المرشد العام لجماعة الأخوان المسلمين في مصر محمد
بديع من عودة الارهاب من جديد في البلاد إذا واصلت الحكومة حملة تشنها
على "الإسلام الوسطي".
وقال في مقابلة مع رويترز ان من يتبنون الاسلام الوسطي في البلاد
ليس هم الاخوان فحسب وان على رأسهم مؤسسات الأزهر التي قال ان الاخوان
مستعدون أن يكونوا جنودا لها في نشر "هذا المفهوم الصحيح للاسلام."
وقال بديع الذي اختير هذا الشهر مرشدا عاما للجماعة خلفا لمهدي عاكف
"عندما مُنعنا من أن نقوم بدرونا في نشر هذا الاسلام الوسطي نبت الشوك
في أرض مصر ونبت الارهاب في أرض مصر."
ويشير بديع (66 عاما) فيما يبدو الى فترة السبعينات والثمانينات
التي ظهرت خلالها الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد اللذين تبنيا العنف
وخاضا معارك دموية مع قوات الأمن في التسعينات أوقعت أكثر من ألف قتيل
من الجانبين ومن المواطنين والسائحين الأجانب.
واغتال متشددون إسلاميون الرئيس المصري الراحل أنور السادات بالرصاص
خلال عرض عسكري عام 1981. وقبل ذلك بسنوات خطف متشددون إسلاميون من
جماعة سميت التكفير والهجرة وزير الأوقاف محمد حسين الذهبي وقتلوه
وقبضت الحكومة على زعيم الجماعة شكري مصطفى ونفذ فيه حكم بالاعدام.
وقال بديع "اذا لم يتقدم الاسلام الوسطي لينتشر في المجتمع المصري
سينتشر الشوك بدل الورود."كل من يحمل هذا الفكر الوسطي وعلى رأسه
مؤسسات الأزهر لا بد أن يقدم لهذه المؤسسات المكانة اللائقة بها كي
تنشر الاسلام الوسطي الصحيح ونحن جنود لها ندعمها في نشر هذا المفهوم
الصحيح للاسلام."وأضاف "اذا ما خرج (انسان على هذا المفهوم) وجد رفضا
من كل الشعب المصري."
وتابع "نرفض الفكر المنحرف.. الفكر التكفيري حتى (يكون ممكنا أن)
ينتشر الفكر الوسطي الذي نحمله."
خطر تدفق متشددين من غزة
وقال محللون في مؤتمر أن الحاجز الذي تشيده مصر مع قطاع غزة يعكس
قلق القاهرة من تسلل نشطين يستلهمون فكر القاعدة الى البلاد بعد قيام
حركة حماس بطردهم من القطاع.
واضاف المحللون ان القاعدة تكتسب نفوذا فيما يبدو في المنطقة وتدخل
مرحلة جديدة مع سعي جيل من النشطين الذين هربوا من العراق وفروا الى
اليمن وغزة لاعادة تجميع صفوفهم والاتصال بجماعات في مصر للتدريب
والقيام بعمليات. بحسب رويترز.
وتبني مصر وهي الدولة الوحيدة -الى جانب اسرائيل- التي لها حدود مع
غزة حاجزا تحت الارض ومرسى على البحر لمنع تدفق المتشددين والسلاح.
ويتهم اسلاميون مصر بالعمل ضد المسلمين من خلال هذا المشروع.
ومع ذلك قال المحللون ان مصر قد تصبح موطنا لجماعات نشطة صغيرة مثل
جند أنصار الله وجيش الاسلام وجلجلت وبعض الحلفاء السابقين لحماس وخصوم
اخرين سحقتهم الحركة منذ سيطرتها على غزة عام 2007.
وقال سمير غطاس المحلل السياسي الفلسطيني أمام مؤتمر عن الامن
الاقليمي بالقاهرة "مؤكد تورط عناصر من الجماعات المتشددة في غزة ...
حماس قدرت على اجهاض هذه الجماعات الجهادية التي تتطلع الان الى مصر
كمكان امن وتسعى لشن عمليات في مصر بالوكالة."
وقال اللواء نشأت الهلالي وهو مساعد سابق لوزير الداخلية المصري
أمام المؤتمر يوم الاربعاء ان أمن الدولة في مصر يجهض تصاعد التطرف.
وأضاف الهلالي "العلاقة بين الفلسطينيين والمصريين موجودة وتاريخية
لكن المصريين والفلسطينيين يعبرون الحدود المشتركة ... في حالة خطر
زيادة التشدد على مصر يسعى الامن المصري لتأمين حدودها."
وقال محللون في المؤتمر ان هؤلاء المتشددين يستلهمون فكر القاعدة في
الجهاد العالمي ويعتقدون ان حماس ابتعدت عن الاسلام بالمشاركة في
سياسات علمانية بدخولها الانتخابات البرلمانية الفلسطينية عام 2006
والسعي لمصالحة مع حركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس.
وتسعى الجماعات للاتصال بالقاعدة بعد فشلها في توطيد تحالفها مع
حماس المنبثقة عن جماعة الاخوان المسلمين في مصر والتي نأت بنفسها عن
القاعدة.
وقال غطاس ان هذه الجماعات الفلسطينية الصغيرة قد تسعى لاستخدام مصر
كساحة ميدان بالوكالة للبرهنة على قوتها أملا في كسب الدعم من القاعدة.
وتابع غطاس "جماعة جلجلت أعلنت على موقعها في الذكرى الاولى لحرب
اسرائيل على غزة قائلة .. حتى الان لم تعترف بنا القاعدة ولكن نسعى
للتقرب منها وشن عمليات ليتم اعتمادنا."
وجماعة جلجلت وجند انصار الله جماعتان سلفيتان جهاديتان تدعوان لشن
حرب لبسط الهيمنة الاسلامية على العالم. وتضم الجماعتان بعض رجال حماس
السابقين.
وتحتجز حكومة الرئيس حسني مبارك شبانا تشتبه في اتصالهم بفلسطينيين
من غزة ونشطين من دول أجنبية لتدبير هجمات. وقال مبارك ان قواته ستسحق
المتشددين وان الجدار يستهدف حماية مصر من المؤامرات الارهابية.
وشارك فلسطينيون في شن هجمات بمصر من قبل. وقاد اياد سيد صالح الذي
كان يقيم في العريش بالقرب من الحدود مع غزة خلية من نشطاء مصريين
لتنفيذ تفجيرات عام 2004 في فندق ومنتجع في طابا مما أسفر عن مقتل 34
شخصا.
وهناك خمسة فلسطينيين من بين 26 متهما يحاكمون في قضية تتصل بحزب
الله بتهمة التخطيط لشن هجمات في مصر.
وقال محللون اخرون ان هناك مصريين بين النشطاء في الجماعات
الاقليمية التي تستلهم فكر القاعدة ولكن غالبية أولئك الناشطين حاليا
هم أجانب يحملون جنسية مزدوجة وليس لهم سجل أمني سابق ويستطيعون التنقل
بحرية.
وقال مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين المصريين ان الهجوم الفاشل على
طائرة ركاب أمريكية ألقي اللوم فيه على نيجيري تدرب في مخيم تابع
للقاعدة في اليمن يظهر قدرة جيل جديد على تنفيذ هجمات دون اتصال مباشر
بالقاعدة ويوضح "ظهور الارهاب العابر للقارات". |