فرنسا والمسلمين: حرب النِقاب تصل إلى أوجها

 

شبكة النبأ: في إطار المواجهة الساخنة بين المسلمين والسلطات الفرنسية حول النقاب أوصت لجنة برلمانية في تقرير لها، بأن تعلن فرنسا رسمياً حظر النقاب، وأن تتخذ إجراءات لمنع ارتدائه في الإدارات والمصالح العامة.

ويبلغ عدد المنقّبات في فرنسا حوالى ألفي امرأة، بحسب الأرقام الرسمية، غير أن الجدل حول هذا الحجاب الإسلامي الكامل احتدم في البلاد منذ ستة اشهر مع التركيز على موضوع مكانة الإسلام في المجتمع الفرنسي.

وبعدما عقدت 200 جلسة استماع، أوصت اللجنة البرلمان بإقرار تشريع "يعلن بان فرنسا بأسرها تقول لا للنقاب وتطلب حظر هذه الممارسة على أراضي الجمهورية".

وهذه التوصية -- اعلان رسمي غير ملزم -- هي الاولى في سلسلة من "18 مقترحا" دعت خصوصا إلى "تبني إجراء يمنع إخفاء الوجه في المؤسسات العامة".

ودعت اللجنة بالإجماع إلى "إدانة حازمة" لارتداء النقاب او البرقع باعتبار ذلك "تحديا لقيم الجمهورية" وعادة "غير مقبولة" تهدد "كرامة النساء". لكنها لا توصي باصدار قانون "عام وجازم" لعدم توافر توافق سياسي. واقرت اللجنة بذلك بانه ليس بوسعها اقتراح حظر في كل الاماكن العامة، اي ايضا في الشارع.

وقال النائب الشيوعي اندريه جيران الذي يترأس اللجنة البرلمانية اليوم الثلاثاء في هذا الصدد "ان المسألة التي تجري مناقشتها هي مسالة قانون عام لحظر تغطية الوجه في الشارع".

لكن التقرير يوضح ان قسما كبيرا من اعضاء اللجنة يؤيد اصدار قانون يمنع "اي لباس يخفي الوجه كليا (...) على اساس مفهوم يتعلق بالنظام العام".

ويؤيد الرئيس نيكولا ساركوزي منع النقاب، الا ان الموضوع بالغ الحساسية في بلاد تضم اكبر عدد من المسلمين في اوروبا يتراوح بين خمسة وستة ملايين شخص.

ولفتت اللجنة الى ان المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية، وهو هيئة ممثلة لمسلمي فرنسا، يعارض بنفسه اي ممارسة تعتبر "اقلية"، لكن حظر ذلك في الشارع يطرح مشكلات قانونية بنظرها. واي حظر كامل قد يواجه رقابة دستورية او ادانة من قبل المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان.

وتتجه فرنسا في الحالة هذه، عبر تدابير تنظيمية او قانون يتناول معايير مرتبطة بالنظام العام، نحو منع ارتداء النقاب في الاماكن المفتوحة امام العامة (وسائل النقل والادارات والمستشفيات وغيرها). وفي حال عدم امتثالهن لهذه القاعدة فان النساء المعنيات سيحرمن من الخدمات التي توفرها هذه المرافق العامة.

الى ذلك توصي اللجنة ايضا بتغيير التشريع الذي ينظم اقامة الاجانب وقانون اللجوء الى فرنسا للتمكن من "رفض تسليم بطاقة اقامة الى الاشخاص الذين يبدون ممارسة متشددة لديانتهم".

واشار استطلاع للراي الى ان 56% من الفرنسيين يرغبون في حظر النقاب في الشارع وتصل النسبة الى 62% بالنسبة لحظره في "الاماكن العامة".

وقد تم تبني التقرير النهائي للجنة في اللحظة الاخيرة على خلفية اجواء بالغة التوتر بين اعضائها. وينقسم اليمين الحاكم حول اهمية اصدار قانون محتمل. ويطالب الاشتراكيون من جهتهم بالتخلي عن مناقشة حول تعريف الهوية الوطنية الفرنسية اطلقتها الحكومة في موازاة ذلك وتنطوي كما يقولون على خطاب عنصري.

وفي هذه الاثناء اقتحم نحو ثمانين شخصا مساء الاثنين مسجد درانسي في المنطقة الباريسية حيث وجهوا تهديدات الى الامام حسن شلغومي الذي عبر مؤخرا عن تأييده لحظر النقاب.

وروى مستشار في مؤتمر الائمة الذي يراسه شلغومي لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف اسمه "ان مجموعة من 80 شخصا مكشوفي الوجه، اقتحمت المسجد حيث كان يتواجد فيه نحو مئتي مصل". ومؤتمر الائمة كناية عن هيئة ملتزمة ب"حوار بين الاديان والترويج لاسلام منفتح".

إمام مسجد في باريس يؤيد حظر النقاب

من جانب آخر أيّد إمام مسجد فرنسي نشط في مجال الحوار الإسلامي مع اليهود قانونا مناهضا لارتداء النقاب مخالفا في ذلك معظم زعماء المسلمين في فرنسا الذين يحثون أعضاء البرلمان على عدم التصويت لصالح "حظر النقاب".

وقال الإمام حسن شلغومي الذي يقع مسجده في ضاحية بشمال باريس حيث يعيش كثير من المسلمين ان النساء اللاتي يرغبن في تغطية وجوههن عليهن أن يرحلن الى السعودية أو أي دولة اسلامية أخرى يكون فيها النقاب تقليدا. بحسب فرانس برس.

ويقول نواب برلمانيون ان من المرجح أن تقر الجمعية الوطنية الفرنسية قريبا قرارا يدين النقاب وأن تحاول في الاشهر القادمة وضع قانون يحظره تماما.

ويصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي النقاب بأنه اهانة لكرامة المرأة ويقول انه غير مرحب به في فرنسا. ويرتدي النقاب - الذي يعرف في فرنسا باسم البرقع- أقل من ألفي امرأة في فرنسا.ويبلغ عدد المسلمين في فرنسا نحو خمسة ملايين.

وقال شلغومي (36 سنة) لصحيفة لو باريزيان اليومية "نعم أؤيد الحظر القانوني للبرقع (النقاب) الذي لا مكان له في فرنسا وهي دولة تملك فيها المرأة حق التصويت في الانتخابات منذ عام 1945."

وأضاف شلغومي الذي تلقى تهديدات بالقتل لترويجه للحوار مع اليهود ان النقاب لا أساس له في الاسلام و"يخص تقاليد أقلية ضئيلة تعكس فكرا يسيء للدين الاسلامي."

وقال شلغومي وهو امام مسجد في درانسي والتي كانت موقعا خلال الحرب العالمية الثانية لمعسكر لاحتجاز اليهود قبل نقلهم الى معسكرات النازي " البرقع سجن للنساء ووسيلة للهيمنة الجنسية وتلقين التشدد الاسلامي."

وانتقد شلغومي بعض الاجراءات الاشد صرامة التي اقترحها سياسيون محافظون مثل فرض غرامات أو قطع الدعم عن أطفال الام المنتقبة.

لكن الامام المولود في تونس والحاصل على الجنسية الفرنسية وافق على أنه لا ينبغي أن تمنح فرنسا الجنسية للمهاجرات المنتقبات.وقال "حمل الجنسية الفرنسية يعني الرغبة في المشاركة في المجتمع والمدرسة والعمل.

"لكن مع وجود قطعة من القماش على وجوههن .. ما الذي يمكن أن تتبادله هؤلاء النساء معنا.. اذا كن يرغبن في ارتداء النقاب فيمكنهن الذهاب الى دولة يكون فيها النقاب تقليدا مثل السعودية."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 31/كانون الثاني/2010 - 15/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م