في خلال حملته الانتخابية وتحركاته لحشد مؤيديه قال الرئيس
الفنزويلي هوغو تشافيز " انا الشعب".. وبدا ان الزعيم اليساري المتفرد
الشرس اراد ان يختصر الطريق على شعبه ولا يحمله عناء التفكير والاختيار
والذهاب الى مراكز الاقتراع لان ورقة واحد يضعها تشافيز في صندوق
الانتخابات بيده الكريمة نيابة عن الشعب تكفي الى ان تبقيه سيد كراكاس
الاوحد.
وعلى الرغم من اني ضد حشر الانوف في الشؤون الداخلية للشعوب والامم
ومن اشد المؤمنين بان فنزويلا للفنزوليين ان ارادوا ان يبقوا على
تشافيز او ان يحوله الى رئيس سابق واسبق، مثلما امريكا صارت للأمريكيين
وإيران للإيرانيين والسعودية للسعوديين وسائر بلدان المعمورة لاهلها،
إضافة إلى العراق الذي يفترض ان يكون قطعا للعراقيين فحسب، اقول على
الرغم من كل ذلك الا اني لم استطع أن اخفي عجبي من قول تشافيز ( لست
فردا واحدا،أنا الشعب، اريد ولاء مطلقا لقيادتي) وأكد انه يجسد روح
الشعب الفنزولي متنكرا لجميع الأصوات والإرادات التي تعارض صوته.
ألستم معي إننا عاجزون عن فهم فلسفة عشق معظم الثوريين للديمقراطية
والتحاور واحترام الإرادات، هذا عندما يكونون بعيدين عن السلطة وسدة
الحكم ومتعة التحكم والاستحكام،لكنهم سرعان ما يمقتون الديمقراطية
وتصبح مجرد كلمة فارغة لا قيمة لها عندما يتربعون على كراسي السلطة
وأماكن السطوة.. ثم تدهمهم امراض الغرور والعظمة والتفرد والقيادة
والتسديد الالهي والتأييد الشعبي والتحصن من الخطأ والخطيئة واخيرا
تشريد الخصوم وسحقهم.
لقد ذكرني تشافيز بحشد من الساسة لدينا سواء الذين هم من داخل
العملية السياسية او من الذين يأملون قريبا الدخول في معمعتها أولئك
المتصيدون للكراسي والمناصب اللاهثون وراء الاضواء والفضائيات.. الذين
يعتقدون أنهم بإقامتهم التجمعات النفعية والولائم الثريدية أصبحوا بين
ليلة وضحاها مؤيدين بحشود شعبية مليونية ومسددين بإرادة جماهيرية.
لقد صارت جميع البرامج الانتخابية للكيانات السياسية نسخة واحدة لان
الكل اصبح من اشد المحاربين للطائفية والداعين الى اقامة حكم ديمقراطي
وطني يمثل ارادة الجماهير الطويلة العريضة ويحارب الارهاب والفساد
ويضاعف الخدمات والمعاشات ويسعد التلاميذ في المدارس ويزوج العازبين
والعوانس..
والغريب في الامر ان بعضهم قد جرب حظه ولم نر ايا من مفردات خيراته
ووعوده ولكنه ما زال ينتقد الذين جلسوا مكانه مثلما كانوا يلومونه
وينتقدونه.
ان الشعوب جميع الشعوب البطرانة والجواعنة والمنكسرة على حد سواء لا
تريد من سياسييها الا اشياء معدودة ومحددة منها العيش بسلام، والتنعم
بخيرات البلاد ان زادت وان كثرت، وتجاوز المشكلات المعيشية
والاقتصادية، وقبل كل ذلك صون الكرامة..فمن كان يستطيع ان يحقق هذا
البرنامج الانتخابي البسيط فليتقدم وليقول ملء فمه " انا الشعب". |