عندما يتحالف ثالوث الإرهاب والجريمة والفساد

كيف تمول الجماعات الإرهابية أنشطتها؟

 

شبكة النبأ: يرى ديفيد جونسون مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون "المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون، ان معظم المنظمات الارهابية بحسب زعمه قد انخرطت في أنشطة إجرامية كوسيلة لتمويل أنشطتها الإرهابية، وكيف أن تدفقات المخدرات المتزايدة وعمليات الإختطاف وغيرها من الجرائم تخلق فرصاً للجماعات الإجرامية التي قد تتعاطف مع تنظيم «القاعدة» لاستغلال الثروات الناتجة عن الإتجار بالمخدرات وغيرها من الأنشطة غير المشروعة لتمويل عملياتها. كما أن انعدام الأمن وغيره من عوامل زعزعة الإستقرار يتيح الفرص للشبكات غير الشرعية للإزدهار والعثور على ملاذ آمن كما ينشط أفراد لهم علاقات واضحة مع الجماعات الإسلامية الأصولية في عمليات تهريب المخدرات وغسل الأموال وقرصنة حقوق الملكية الفكرية وتهريب الأجانب وتجارة السلاح، ولا يقتصر ممولو الإرهابيين على إخفاء أصولهم التمويلية من خلال صفقات معقدة في النظام المصرفي الرسمي، لكنهم يسخِّرون أيضاً وسائل قديمة لغسل الأموال عمرها قرون. فهم يستغلون آليات غير رسمية لتحويل الأموال، بحسب زعم ديفيد جونسون.

ويأتي ذلك العرض جزء من سلسلة محاضرات يقدمها معهد واشنطن للشرق الادنى،ويشارك فيها كبار المسؤولين الأمريكيين في مجال مكافحة الإرهاب.

فيما يلي خلاصة المقرر لملاحظاته:

التحالفات الخطرة

يقول جونسون: "ركزت العديد من الجماعات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة بشكل حصري تقريباً على استخدام المخدرات كوسيلة لتمويل أنشطتها. فقد لجأت إلى تهريب المخدرات وغيرها من الأنشطة غير المشروعة كمصادر للدخل. ووفقاً لـ "إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية"، فإن 19 مجموعة من بين المجموعات الـ 44 التي صنفتها الحكومة الأمريكية على أنها "منظمات إرهابية أجنبية"، تشارك في تجارة المخدرات غير المشروعة كما تنخرط العديد منها في جرائم مالية وغيرها من الجرائم. بحسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

واضاف: "إننا ننظر إلى منظمات مختلفة مثل «حزب الله» وتنظيم «القاعدة» و"القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) وحركة "طالبان" في أفغانستان و"حزب العمال الكردستاني" و"نمور تحرير التاميل إيلام" (سريلانكا)، وجميعها تشترك أو كانت قد انخرطت في أنشطة إجرامية كوسيلة لتمويل أنشطتها الإرهابية (أو الأنشطة السياسية القائمة على العنف).

كما اشار جونسون: "وفي أماكن مثل غرب أفريقيا، نرى الآن كيف أن تدفقات المخدرات المتزايدة من أمريكا اللاتينية وعمليات الإختطاف وغيرها من الجرائم تخلق فرصاً للجماعات الإجرامية التي قد تتعاطف مع تنظيم «القاعدة» لاستغلال الثروات الناتجة عن الإتجار بالمخدرات وغيرها من الأنشطة غير المشروعة لتمويل عملياتها. وفي الشهر الماضي على سبيل المثال، وجه وكلاء الإدعاء الأمريكيون في المنطقة الجنوبية من نيويورك تهم إلى ثلاثة رجال ادعوا أنهم شركاء مع تنظيم «القاعدة» في مؤامرة لتهريب الكوكايين عبر أفريقيا. وفي أفغانستان، تعلم الولايات المتحدة منذ فترة طويلة أن الضرائب غير الرسمية على مهربي الهروين كانت من بين مصادر تمويل طالبان. وقبل عامين، تمكن المحققون الأمريكيون والكولومبيون من تفكيك عصابة دولية لتهريب الكوكايين وغسل الأموال التي وجهت بعض أرباحها إلى «حزب الله»، الذي صنفته الولايات المتحدة كـ "منظمة إرهابية أجنبية". وفي القرن الأفريقي، تشهد الولايات المتحدة طرق غير مشروعة أنشأتها جماعات إجرامية من أجل تهريب المهاجرين والأسلحة والمخدرات وغيرها من السلع المهربة، وهي تعرف أن هذه الأنشطة غير المشروعة ستخلق فرصاً تستغلها الجماعات الإرهابية.

واكد ايضا: "كما لا تزال الولايات المتحدة قلقة بشأن الروابط بين الجريمة والإرهاب في عدد متزايد من الأماكن غير الخاضعة للحُكم أو الخاضعة للحكم بشكل غير كافٍ، مثل اليمن وحزام الساحل [الأفريقي]، حيث أن انعدام الأمن وغيره من عوامل زعزعة الإستقرار يتيح الفرص للشبكات غير الشرعية للإزدهار والعثور على ملاذ آمن – وقد تشكل هذه المناطق منصات انطلاق محتملة لهذه الشبكات لكي تقوم بنقل حملاتها الإرهابية إلى الخارج. فعلى سبيل المثال، ينشط أفراد لهم علاقات واضحة مع الجماعات الإسلامية الأصولية في عمليات تهريب المخدرات وغسل الأموال وقرصنة حقوق الملكية الفكرية وتهريب الأجانب وتجارة السلاح، في المنطقة الثلاثية الحدود، على طول الإقليم الذي لا يخضع لسيطرة محكمة على حدود باراجواي والبرازيل والأرجنتين".

وفي السياق ذاته قال السفير جونسون: "لا يقتصر ممولو الإرهابيين على إخفاء أصولهم التمويلية من خلال صفقات معقدة في النظام المصرفي الرسمي، لكنهم يسخِّرون أيضاً وسائل قديمة لغسل الأموال عمرها قرون. فهم يستغلون آليات غير رسمية لتحويل الأموال، مثل "الحوالة" أو "الهوندي" وغسل الأموال القائم على المقايضة واستخدام ناقلي الأموال غير القانونيين كمهربي أموال نقدية ضخمة، وخصوصاً في الدول التي لا توجد فيها ممارسات لإنفاذ القانون بصورة قوية لمكافحة غسل الأموال أو لديها ممارسات ضعيفة".

الفوز بالسلام: الطاقة الذكية والتعاون الدولي

ويؤكد ديفيد جونسون: "تعمل الولايات المتحدة مع حكومات شريكة في الشرق الأوسط وأجزاء أخرى من العالم، من أجل تطوير مؤسسات لإنفاذ القانون وتحقيق العدالة تتسم بالفعالية والديمقراطية والمهارة وتعتمد على القيادة المدنية. فحركة «حماس» و«حزب الله» يواصلان تمويل أنشطتهما الإرهابية بصفة رئيسية عن طريق الدول الراعية للإرهاب، إيران وسوريا، ومن خلال شبكات جمع التمويل المختلفة في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط. وغالباً ما تمر الأموال الموجهة إلى هذه المنظمات عبر عواصم مالية دولية رئيسية، مثل دبي أو البحرين أو هونغ كونغ أو زيوريخ أو لندن أو نيويورك. كما يواصل «حزب الله» الحصول على أرباح من جماعات تهريب المخدرات في وادي البقاع في لبنان.

"ورداً على ذلك، تساعد الولايات المتحدة على تعزيز برامج مكافحة غسل الأموال وبرامج مكافحة تمويل الإرهاب مع الدول الشريكة، تهدف إلى "كشف وتعطيل وتفكيك" هذه النشاطات غير المشروعة".

واضاف: "ففي فلسطين وغزة، تشترك «حماس» وغيرها من الجماعات المسلحة في نشاط الأنفاق وتهريب الأسلحة والنقود وغيرها من البضائع المهربة إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى كون الحركة مسؤولة عن إطلاق مئات الصواريخ وقذائف الهاون والأسلحة الصغيرة إلى داخل إسرائيل. وفي الضفة الغربية، تساعد الولايات المتحدة على دعم "قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية" من أجل توطيد القانون والنظام ومكافحة الخلايا الإرهابية عن طريق المساعدة على بناء القدرة على إدارة مؤسسات العدالة الجنائية. كما ساعدت الولايات المتحدة على تدريب الآلاف من قوات الأمن الفلسطينية -- في مركز تدريب الشرطة الدولي في الأردن -- والتي يمكن أن تنشرها السلطة الفلسطينية بعد ذلك لحماية السلام والإستقرار في الضفة الغربية. وفي لبنان، دخلت الولايات المتحدة في شراكة مع الحكومة اللبنانية، وعلى وجه التحديد مع وزارة الداخلية، في مبادرة لتدريب الجيل التالي من ضباط قوى الأمن الداخلي. هدفنا واضح: دعم تطوير المؤسسات المهنية التابعة لوزارة الداخلية والتي يمكن أن توفر الأمن والخدمات الحيوية للشعب اللبناني.

اما بخصوص العراق قال جونسون: "استفاد المتمردون المجرمون من التجارة غير المشروعة للنفط المسروق. وتعمل الولايات المتحدة من أجل استهداف وتفكيك هذه الشبكات غير الشرعية كجزء من جهودنا الأوسع نطاقاً لمكافحة التمرد. وتواصل الولايات المتحدة دعم جهود إعادة الإعمار وتحقيق الإستقرار من خلال المساعدة على تطوير نظام القضاء الجنائي العراقي بحيث يكون نزيهاً وفعالاً بما فيه الكفاية بحيث يثق الشعب العراقي في ذلك النظام ويتحول إليه -- بدلاً من الجماعات والميليشيات الخارجة عن القانون -- لحل النزاعات والسعي لتحقيق العدالة. كما تدعم الولايات المتحدة برامج سيادة القانون التي تركز على الأمن القضائي وبناء القدرات للقضاة والمدعين والمحققين ومدراء المحاكم ودمج المكونات المختلفة في نظام العدالة. كما تعمل الولايات المتحدة مع العراق لإقرار تشريعات لإصلاح قوانينها الجنائية ومواصلة دعم "فريق مهمات الجرائم الرئيسية" تحت قيادة مكتب التحقيق الفيدرالي".

كما اشار: "وفي اليمن، أكملت الولايات المتحدة مؤخراً تقييماً للقضاء ووكالات إنفاذ القانون. وبناءاً على ذلك، تهدف الولايات المتحدة إلى تقديم مساعدات مستهدفة إلى حكومة اليمن بغية تعزيز قدرتها على السيطرة على تحركات الناس والبضائع عبر حدود اليمن وداخلها.

"وفي غرب أفريقيا، وعلى مدار السنوات الثلاث المقبلة، فإن "المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية والمسؤول عن مكافحة المخدرات الدولية وقضايا مكافحة الجريمة يهدف إلى تعزيز مؤسسات العدالة الجنائية، مثل الشرطة والمدعين العامين والمحاكم من أجل أن تنجح في عمليات التحقيق ومحاكمة وسجن المجرمين والشبكات والمنظمات التي تعمل عبر الحدود الوطنية. وتدرس الولايات المتحدة في الوقت الراهن، أفضل السبل لدعم كينيا وغيرها من الدول الشريكة في منطقة القرن الأفريقي لمحاكمة وسجن أولئك الذين اعتقلوا بتهمة القرصنة. وفي الوقت نفسه، يركز "المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون" وغيره في وزارة الخارجية على حل طويل الأجل لمسألة القرصنة – والمتمثل في الاستقرار السياسي واستعادة سيادة القانون ودعم الفرص الاقتصادية في منطقة القرن الأفريقي.

واضاف: "كما تلتزم الولايات المتحدة أيضاً بالعمل مع آخرين لتعزيز التعاون في مجال إنفاذ القانون ومكافحة التهديدات العابرة للحدود الوطنية والتي تشمل تفكيك الشبكات غير المشروعة ومحاكمة المسؤولين الفاسدين رفيعي المستوى وعرقلة التقارب بين شبكات التهديد المختلفة. وفي مناسبات عديدة، قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بتسليط الضوء على التهديد الذي يشكله فساد المسؤولين رفيعي المستوى، ونحن نعمل على تعزيز الأدوات التي لدينا لمكافحة وردع الفساد واستغلال تلك الأدوات بشكل أكثر فعالية".

محاربة الشبكات بالشبكات

الى ذلك يشدد جونسون على حجم المخاطر التي تكتنفها الاعمال الارهابية ضد امريكا فيقول: "كما شاهد العالم في عيد رأس السنة الماضي عندما حاول إرهابي تفجير طائرة تجارية تابعة لإحدى خطوط الطيران، لا يزال تنظيم «القاعدة» حريصاً على إلحاق الضرر بالأمريكيين وغيرهم في جميع أنحاء العالم. وكما ذكرنا بالفعل، فإن الشبكات غير المشروعة التي تقوم بالإتجار في كل شيء بدءاً من الأسلحة وحتى المخدرات، تجعل من السهل على تنظيم «القاعدة» وغيره من الجماعات الإرهابية تميول حملاتها في مناطق في أفغانستان وجنوب شرق آسيا وغرب أفريقيا والصومال واليمن. وكما أكد متشدد من حركة طالبان تم اعتقاله مؤخراً: "هدفنا المشترك هو [إلحاق الضرر بالكفار جميعاً كجزء من الجهاد] سواء كان ذلك عن طريق الأفيون أو رمياً بالرصاص".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/كانون الثاني/2010 - 14/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م