حزب الله وإسرائيل: الحرب الشاملة اقرب من الاحتواء

نيتنياهو ينفي والحريري يبدي خشيته

 

شبكة النبأ: في الوقت الذي تلوح في الأفق حربا جديدة بين الدولة العبرية وحزب الله يتفق السياسيون والمحللون على إن الحزب أصبح قوة مما كان عليه عام 2006، فيما تجزم الاعتبارات إن إمكانيات حزب الله العسكرية تصنفه من مجرد ميلشيا تجمع بين تكتيكات حرب العصابات الكلاسيكية إلى إستراتيجية وقدرات وعتاد الجيش النظامي العامل.

ويذهب آخرون في مقارنة ما استطاع حزب الله تحقيقه في معاركه الأخيرة، كمنجز وأداء فاق أداء الجيوش العربية التي خاضت حروبا تقليدية مع إسرائيل في السنوات الماضية.

الحرب الشاملة

في تحرك يقول المحللون انه يهدد بتوسيع دائرة اي صراع مستقبلي بين حزب الله واسرائيل ليتحول الى حرب شاملة بينها وبين لبنان كدولة، عمد الحزب في الايام القليلة الماضية الى توزيع صواريخه البعيدة المدى في مناطق لبنان الشمالية ووادي البقاع.

يحدث هذا في وقت يقوم فيه اكثر من عشرة آلاف جندي من جنود الامم المتحدة باعمال الدورية في الاراضي التي كان يسيطر عليها حزب الله تقليديا في جنوب لبنان على طول الحدود مع اسرائيل.

وكان آلاف عدة من جنود الجيش اللبناني قد انتقلوا الى هذه المنطقة ايضا. بحسب واشنطن بوست.

سبب هذا التواجد الدولي في الواقع هو الغارة التي كان قد شنها مقاتلو الحزب عبر الحدود في صيف 2006 واثارت حربا استمرت شهرا وادت لمقتل اكثر من الف شخص.

والآن تبدو الامم المتحدة واثقة من ان وجود جنودها بشكل كثيف في تلك الرقعة الصغيرة من الارض نسبيا يساعد في تقليل احتمال اندلاع صراع جديد في المنطقة ويقلل قدرة حزب الله على نقل السلاح والعتاد الى جنوب لبنان.

والحقيقة ان اعادة نشر حزب الله لقواته واعادة تسليح نفسه يشيران الى ان صدامه الُمقبل مع اسرائيل لن يتركز على الارجح على منطقة الحدود بل سيكون بعيدا عنها داخل لبنان مما سيشكل تحديا لحكومته وجيشه.

دروس

حول هذا يقول الجنرال الاحتياط اهرون زيفي فاركش الرئيس السابق لاستخبارات الجيش الاسرائيلي من الواضح ان حزب الله تعلم من دروس حرب 2006 حينما مكنت المعلومات الحيوية قوات الجيش الاسرائيلي من تدمير مواقع اطلاق الصواريخ البعيدة المدى لحزب الله خلال الايام الاولى من الصراع.

وهكذا اصبح نهر الليطاني الآن هو خط الحدود مع حزب الله الذي عمد على ما يبدو الى نشر صواريخه شمالي بيروت هذه المرة.

ويذكر ان البريقادير جنرال افيف كوشافي رئيس العمليات في الجيش الاسرائيلي كان قد قال في ديسمبر الماضي ان لبعض صواريخ حزب الله الآن مدى يصل لاكثر من 150 ميلا مما يجعلها قادرة على الوصول الى تل ابيب حتى لو جرى اطلاقها من بيروت.

وكان الحزب قد تحدث صراحة عن جهوده في مجال اعادة بناء ترسانته التي تعتقد اسرائيل انها تحتوي الآن على حوالي 40.000 صاروخ معظمها من مدى قصير.

تقول جوديث بالمر هاريك المتخصصة بشؤون حزب الله في بيروت لقد عمل الحزب على تعزيز الكثير من المواقع في مناطق مختلفة من لبنان ومع وجود قوات الامم المتحدة فقط على طول الحدود نتوقع ان تكون دائرة المعركة المقبلة واسعة بكل معنى الكلمة.

بالطبع يسود هدوء نسبي منطقة الحدود منذ حرب 2006 ويعود الفضل في ذلك ولو جزئيا على الاقل لقوة الامم المتحدة التي ترسل كل يوم دورياتها للتفتيش عن مخازن الاسلحة ولمنع انتهاك الحدود.

يقول الميجر اس. كيه ميسرا الذي يتحدث باسم الكتيبة الدولية التي تراقب الجنوب اللبناني اننا نغطي في اعمالنا كل بوصة مربعة من الارض لذا من المستحيل ان يتحرك شيء دون ان نراه.

رادع

على اي حال، ثمة جدل مستعر داخل الدوائر السياسية والعسكرية بين اولئك الذين يقولون ان الضرر الكبير الذي اسفرت عنه حرب 2006 اوجد رادعا على نحو ما بين اسرائيل وحزب الله وبين اولئك الذين يعتقدون ان المسألة هي مسألة وقت فقط قبل ان يندلع الصراع من جديد.

وفي هذا السياق، يقول مروان حمادة، عضو البرلمان اللبناني ومؤيد تآلف حاكم يحاول التصدي لسلاح حزب الله ولنفوذ سورية وايران في لبنان.

لما كانت ايران تدعم حزب الله وتزوده بالسلاح، ولما كانت الولايات المتحدة تدعم اسرائيلي وتزودها بالسلاح سوف يكون لبنان هو ساحة المعركة لانه المكان الذي توجد فيه الصواريخ الايرانية والمكان الذي تستطيع الطائرات الاسرائيلية الوصول اليه.

جدير بالذكر ان حزب الله كان خسر مئات من مقاتليه في الحرب السابقة، واصبح في موقف دفاعي على الساحة السياسية الداخلية في لبنان عندما اثار البعض مسألة ما اذا كان من حقه ان يتخذ قرار الحرب او السلام مع اسرائيل.

كما خسرت اسرائيل بدورها اكثر من 100 جندي بالاضافة لعدد كبير غير مسبوق من الدبابات وطائرات الهليكوبتر والعتاد مما دفع المؤسسة العسكرية الاسرائيلية لاعادة صياغة عقيدتها العسكرية، وتعديل تصورها لمليشيا حزب الله وهكذا اصبح المحللون العسكريون لا يعتبرون قوة حزب الله العسكرية مجرد ميلشيا بل يعتبرونها منظمة تجمع بين تكتيكات حرب العصابات الكلاسيكية واستراتيجية وقدرات وعتاد الجيش النظامي العامل.

يقول المحلل ستيفن بايدل في تقرير كتبه لمعهد الدراسات الاستراتيجية في الولايات المتحدة عام 2008 ان اداء حزب الله في الحرب كان افضل من اداء الجيوش العربية التي خاضت حروبا تقليدية مع اسرائيل في السنوات الماضية.

في بيروت يتفق السياسيون والمحللون على ان الحزب اصبح اقوى عسكريا مما كان عليه عام 2006 وهذا واضح من خلال كلام امينه العام حسن نصرالله الذي قال اخيرا ان الصراع اذا ما اندلع سيغير وجه المنطقة.

وفي اسرائيل يرى الكثيرون في المواجهة مع الحرب جزءا من صراع اوسع على النفوذ الاقليمي بين ايران والدول العربية المعتدلة.

اخيرا ليس ثمة سبب يدعو للاعتقاد ان الهدوء الراهن لا يمكن ان يستمر برأي الميجر جنرال المتقاعد جيورا ايلاند، مستشار الامن الوطني الاسرائيلي السابق الذي يستطرد قائلا: لكن اذا ما اندلع القتال لن تتمكن اسرائيل من احتواء حزب الله الا اذا دخلت في مواجهة عسكرية شاملة مع الدولة اللبنانية نفسها.

حرب جديدة

من جهته رأى وزير اسرائيلي ان حربا جديدة تلوح في الافق بين الدولة العبرية وحزب الله بعد الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان في صيف 2006 مستهدفة الحزب الشيعي اللبناني.

وقال يوسي بيليد الوزير بدون حقيبة "اننا نتجه نحو مواجهة جديدة في شمال (اسرائيل) لكن لا يمكن لاحد التكهن بتوقيتها، مثلما كنا نجهل في اي وقت كانت حرب لبنان الثانية ستندلع".

وقال بيليد القائد السابق لمنطقة شمال اسرائيل العسكرية في كلمة القاها في بئر السبع (جنوب) "مع ان حزب الله عضو في الحكومة اللبنانية، الا انه ليس لديها اي نفوذ عليه. وان ضرب العنف شمال (اسرائيل) فسوف نحمل سوريا ولبنان المسؤولية".

وتابع "خلافا لكثيرين غيري (من المسؤولين السياسيين) اعتبر ان السلام ليس هدفا بحد ذاته بل مجرد وسيلة لضمان وجودنا".

من جهته، عزا مسؤول منطقة جنوب لبنان في حزب الله الشيخ نبيل قاووق ازدياد التهديدات الاسرائيلية للبنان خلال الفترة الاخيرة الى خشية اسرائيل من اقتراب الذكرى الثانية لاغتيال القائد العسكري البارز للحزب عماد مغنية والذي هدد الحزب الشيعي بالانتقام له.

وقال في احتفال محلي "ان العدو يعلم بان دماء الشهيد مغنية ستبقى تلاحقه حتى هزيمته الكبرى".

واغتيل مغنية في 12 شباط/فبراير 2008 في دمشق في تفجير سيارة مفخخة. واتهم حزب الله اسرائيل باغتياله. واكد الامين العام لحزب الله حسن نصرالله لاحقا ان الحزب يحتفظ لنفسه بحق الرد على مقتل مغنية.

لا خطط لمهاجمة لبنان

من جانب آخر أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل ليس لديها نية لشن هجوم على لبنان، وذلك بعد ساعات من تصريح الوزير الإسرائيلي يوسي بيليد توقع فيه "حتمية" اندلاع  مواجهة جديدة مع "حزب الله" في الشمال.

ونفى نتنياهو توقعات الوزير الليكودي في بيان جاء فيه: "أن إسرائيل لا تبحث عن أي نوع من المواجهة مع لبنان.. إسرائيل تسعى للسلام مع جميع جيرانها." بحسب (CNN).

ويذكر أن باراك، قد توعد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي باستهداف لبنان، وليس حزب الله، رداً على أي هجمات قد تقوم بها الجماعة اللبنانية في تصعيد للتوتر على حدود إسرائيل الشمالية.

وقال إنه يحمل لبنان مسؤولية أي صراع مع حزب الله، مضيفاً "حزب الله ليس هدفنا، في مثل هذه الحالة.. هدفنا سيكون دولة لبنان."

ويذكر أن الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصرالله، أكد في خطاب ألقاه في 15 من الشهر الجاري أن أي "مواجهة مقبلة" مع إسرائيل ستنقلب إلى هزيمة لإسرائيل و"ستغير وجه المنطقة."

وقال نصرالله: "أعدكم أمام كل التهديدات والتهويلات التي تسمعونها يوميا للبنان أنه في أي مواجهة مقبلة مع الصهاينة، سنفشل أهداف العدوان وسنهزم العدو وسنصنع النصر التاريخي الكبير وسنغير وجه المنطقة."

وأضاف نصرالله: "هناك تهديد إسرائيلي دائم ومتكرر على لبنان وغزة لشن حرب جديدة، غير أن إسرائيل فقدت قدرتها على الفعل التي كانت لها في الماضي.. لكن لو فرضت علينا الحرب سنواجه ونقاتل قتال الكربلائيين، فنحن نرفض الذلة لن تنال إسرائيل منا، هيهات منا الذلة."

لا توتر على الحدود 

في سياق متصل نفى مسؤول كبير في الجيش الاسرائيلي الاحد تصاعد التوتر على الحدود مع لبنان.

ونقلت الاذاعة العسكرية الاسرائيلية عن غادي ايزنكوت قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي ان الحديث عن "ارتفاع في حدة التوتر على الحدود الشمالية ليس واقعيا".

واشار الى ان حزب الله اللبناني "لم يشن اي هجوم على اسرائيل منذ حرب لبنان الثانية". غير ان الجنرال غادي ايزنكوت حذر من ان حزب الله ضاعف ترسانته الصاروخية معربا عن اعتقاده في ان الحزب نجح في تخزين اسلحته في 160 موقعا جنوب لبنان. بحسب فرانس برس.

وقال اثناء مؤتمر في تل ابيب ان الرد الاسرائيلي سيكون "غير متوازن" في حال شن حزب الله هجوما على اسرائيل.

عملية اسرائيلية

من جهته عبر رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري في حديث لصحيفة "لوموند" الفرنسية، عن خشيته من وقوع "عملية اسرائيلية" في لبنان، مشيرا الى تكثف الطلعات الجوية الاسرائيلية فوق الاراضي اللبنانية في الفترة الاخيرة.

وقال الحريري، "نخشى عملية اسرائيلية، حصلت 25 طلعة للطيران الاسرائيلي في يوم واحد في المجال الجوي اللبناني".

واضاف "هل تعتقد اسرائيل انها، بضربها جنوب البلاد، لا تعتدي على لبنان باكمله؟، او عندما تضرب الضاحية (الجنوبية لبيروت حيث معقل حزب الله) لا تضرب لبنان؟". وتابع "ماذا فعل الاسرائيليون في 2006؟ تم تدمير كل الجسور في لبنان. اليس ذلك اعتداء على لبنان؟".

وكان الحريري يشير الى حرب تموز/يوليو 2006 بين اسرائيل وحزب الله التي تخللتها غارات اسرائيلية على عدد كبير من الجسور والمرافق وعلى منطقتي الجنوب والضاحية الجنوبية بشكل اساسي. وتسبب النزاع بمقتل اكثر من 1200 شخص في الجانب اللبناني و160 في الجانب الاسرائيلي. بحسب فرانس برس.

وتعليقا على القول بان اسرائيل شنت الحرب في 2006 ردا على اعتداء نفذه حزب الله، قال "هل هذا كاف لتدمير لبنان؟"، مضيفا "في امكان اسرائيل ان تتحجج باي امر، لا بل هي لا تحتاج الى ذرائع وهي لا تفعل شيئا من اجل عملية السلام". واضاف "نخشى ان يخلقوا نزاعا جديدا كما فعلوا في الماضي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/كانون الثاني/2010 - 12/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م