المقدمة
يضفي القانون الدولي لحقوق الإنسان حقوقا والتزامات على الدول
والأفراد , وهذه الحقوق والالتزامات تسعى إلى حماية قيم إنسانية وتدور
في فلك حماية ذاتية الإنسان دون النظر للعنصر والجنس او اللون، و هذه
تتصف الحقوق الإنسانية بالشمولية والعالمية، ومرجعيتها بعض الشرائع
السماوية ومنها الشريعة الإسلامية السمحاء و الشرعة الدولية لحقوق
الانسان المكونة من ميثاق لأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان
والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان
والميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان، ولا يخلوا أي دستور في معظم بلدان
العلم من الإشارة إلى حقوق الإنسان وان كان بشكل نسبي ومتفاوت.
ومن بين هذه الحقوق هو حق التعبير عن الرأي وحرية المعتقد التي
تدور في فلك حق الحصول على المعلومة، ويندرج الحق في الحصول على
المعلومة من ضمن الحقوق المدنية والسياسة وان كان البعض من كتاب
القانون الدستوري والنشطين في مجال حقوق الإنسان يعتبرون الحق في
الحصول المعلومة يتداخل مع كافة الحقوق سواء كانت مدنية او سياسة او
اقتصادية.
وهذا الحق يمثل مصداقية الدول في احترام حقوق مواطنيها فإذا مكن
الفرد في ممارسة هذا الحق فانه سيتمكن من الوصول الى كل معلومة تتعلق
بنشاطه الإنساني الذي يغطي كافة الحقوق الأخرى، وعد تقييد الحريات هو
أسوء صور الفساد الإداري، لذا سعت الدول التي تتمسك بأهداب القانون
والديمقراطية تحرص على تمكين المواطن من حق الحصول على المعلومة تحت
مسمى الشفافية ذلك المصطلح الذي أصبح من مفردات التداول اليومي،
للدلالة على ان الدولة التي تتمسك بهذا المبدأ الشفافية ليس لديها ما
تخشى منه، وتوحي بذلك إلى أن حق المواطن في الحصول على المعلومة هو
منحة من الدولة، على الرغم من وجود المرجعية القانونية الدولية الممثلة
بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تؤكد إن هذا الحق واجب على الدولة
أن توفره لمواطنيها، وبعض القوانين الوطنية تفرض عقوبة على الموظف الذي
يمنع الفرد من ممارسته.
ونجد المشرع العراقي مثل بقية المشرعين لم يصرح بهذا الحق صراحة
وإنما ضمنا في مواد متفرقة أدرجها ضمن باب يسمى باب الحريات، وعد ذلك
الامر من الواجبات الملقاة على الدولة التي تكفل للمواطن ممارسة تلك
الحقوق التي تضمنها، ولايجوز مخالفتها بمعنى انه حق للمواطن على الدولة
وليس هبة أو مكرمة يتفضل بها الحاكم على المواطن، وسأتناول هذا الموضوع
بمطلبين مفهوم حق الحصول على المعلومة والثاني الأصول القانونية لهذا
الحق.
الفرع الأول
مفهوم حق الحصول على المعلومة
من اجل الوصول الى معرفة بهذا المفهوم لا بد من تحليل مكوناته لأنه
مفهوم احتوى ثلاثة مفردات لكل منها عدة معاني لغوية واصطلاحية وسأعرض
لكل مفردة من حيث المعنى اللغوي والاصطلاحي وحسب المقتضى، حتى تكون
الصورة واضحة تجاه إدراك القيمة الفعلية لهذا المفهوم عند المطالبة به
أو المناداة له وكما يلي:
أولا: مفهوم الحق
إن الحقوق والواجبات حقيقتان اجتماعيتان لهما جذورهم الراسخة في
حياة كل إنسان منذ العهود الغابرة وحتى هذا اليوم، فلو توغّلنا في الحق
وتعريفه، لوجدنا أنفسنا أمام نظريات وآراء متنوعة، تطرح سؤالاً واحداً،
هل إن كلمة الحق مجرد اصطلاح ظهر نتيجة العادات والممارسات، أم هو شعور
داخلي - نفسي ينبع من الكينونة، ومن واقع الحياة التي تستكمل به شروط
استمرارها؟ أم هو هبة من عالم ما وراء الطبيعة؟[1]، لذلك فان الحق في
اللغة هو نقيض الباطل ويعرفه الخليل بن احمد الفراهيدي بقوله. حق الشيء
يحق حقا أي وجب وجوبا. وتقول: يحق عليك أن تفعل كذا، وأنت حقيق على أن
تفعله. وحقيق فعيل في موضع مفعول. وله معنى آخر معناه محقوق كما تقول:
واجب. وكل مفعول رد إلى فعيل فمذكره ومؤنثه بغير الهاء، وتقول للمرأة:
أنت حقيقة لذلك، وأنت محقوقة أن تفعلي ذلك[2] وذكر الجوهري في صحاحه
بان الحق خلاف الباطل. والحق واحد الحقوق. والحقة أخص منه. يقال: هذه
حقتى، أي حقى[3].
وهذا التعريف اللغوي يكاد لا يختلف عن التعريف الاصطلاحي حيث يرى
الفقهاء بان الحق في الاصطلاح وردت في بيان معناه تعاريف كثيرة، ورُجح
فيه أنه: مكنة أو مركز شرعي أو استئثار بقيمة معينة يحميه الشرع أو
القانون بغية تحقيق مصلحة مشروعة[4]. ويذكر الفراهيدي بان الحق موضع
التقاء الحكم فيه، وهو ما يفصل الحق من الباطل[5]، ويستشهد بقول الشاعر
زهير بن أبي سلمى
وإن الحق مقطعة ثلاث * شهود أو يمين أو جلاء
ويرى البعض بان كلمة الحق تعتبر من كلمات التذكير؛ مثل العدل
والصواب والخطأ، وتشير كلمة الحق في معناها العام إلى جملة من المعايير
التي تهدف إلى تنظيم العلاقات البشرية، وتأمين المصالح الإنسانية. وقد
اختلف العلماء عند محاولتهم وضع تعريف شامل للحق؛ فقال البعض منهم بأنه
سلطة إرادية تثبت للشخص وتخوله أن يجري عملاً معيناً.. وتوالت التعاريف
المختلفة لهذا اللفظ مما جعلهم يؤكدون أن تعريفه بصورة شاملة ينطبق على
مفاهيمه في كل زمان ومكان. و يرتبط بالمجموعات البشرية ومفاهيمها
ويتطور بتطورها، ويظل دائماً أمراً اجتماعياً محدداً بجملة من المعايير
والقوانين، وهو بذلك ليس مقولة إنسانية مجردة، وإنما هو تعبير تاريخي
وضرورة ملحة لتنظيم علاقات المجتمع[6].
ويعد من أخطر ما يهدد الإنسانية جمعاء هو نسبية الحقائق، وأكثرها
خطراً ما تعتبر مقومات الحياة الاجتماعية والنظام فيها، كالحق والمصلحة
والحرية والعدل والقانون والمشروعية و اللامشروعية والأخلاق والدين،
فكان لا بد من إثباتها بحقائقها من خارج ذات الإنسان من[7] خلال ما
تقدم يتبين لنا سعة نطاق الحق فهو يشمل كل ما فيه نفع ومصلحة للإنسان
وبعبارة أخرى فإنّه يشتمل على ما يفضي إلى مصالح الدين والدنيا.
ثانيا: مفهوم المعلومة
الاصطلاح المتداول لمفهوم المعلومة يتباين من حيث الغرض المراد
استعماله فيها، يرى البعض أن المعلومة هي عبارة عن منتجات كالأجهزة و
المواد، و يرى البعض الآخر أنها عمليات أي أسلوب تفكير و عمل يؤدي إلى
الحصول على المنتجات بينما يذهب الآخرون إلى أنها نظام تتفاعل فيه
المنتجات مع العمليات ولا يمكن الفصل بيتهم كأجهزة الحاسوب التي تجمع
بين الأجهزة و المواد – البرامج- و في إطار شامل موحد، و يقصد
بالمعلومة أيضا الأسلوب المنهجي المنتظم الذي نتبعه في استخدام تراثنا
المعرفي يعد ترتيبه و تنظيمه في نظام خاص بهدف الوصول إلى حلول مناسبة
لبعض من مشاكلنا.و لذلك’ لا يمكن حصر نظام أو عمليات المعلومة في مفهوم
الأجهزة لان الأغلبية من المجتمعات التي تصبو إلى التطور في هذا النظام
ترى أن اقتناء الأجهزة دون الالتزام بالعمليات التي تتضمنها المعلومة
في تحليل مكونات العمليات أو لنظام في الطريقة الصحيحة[8]، ووجد هذا
المفهوم مكاناً له في علم النفس إذ صار مفهوم المعلومة بمثابة مفهوم
أساسي في علم النفس المعرفي.
أما النشاط العقلي لدى الإنسان، وهذا هو المقصد بالنسبة إلى
المنظور الجديد، فإنه يعمل على تدبير ومعالجة هذه المعلومة لتحويلها
إلى أشكال ومظاهر سلوكية يتحقق من خلالها التفاعل والتوافق مع البيئة،
ومفهوم المعلومة information يعتبر مفهوم مركزي بالنسبة لمجموع العلوم
المعرفية، وذلك لكونه يفي بالغرض سواء على مستوى ما هو نظري أو تقني أو
إجرائي عملي[9].
أما في القانون وجدت تعريف قانوني لمفردة المعلومة في مشروع قانون
حق الحصول على المعلومة الفلسطيني، إذ عرفها بما يلي (هي المعلومة
الموجودة في أي من السجلات والوثائق المكتوبة أو المحفوظة إلكترونيا،
أو الرسومات، أو الخرائط، أو الجداول، أو الصور، أو الأفلام، أو
الميكروفيلم، أو التسجيلات الصوتية، أو أشرطة الفيديو، أو الرسوم
البيانية، أو أية بيانات تقرأ على أجهزة خاصة، أو أية أشكال أخرى يرى
المفوض العام أنها تدخل في نطاق المعلومة وفقا لهذا القانون). أما في
المنظومة القانونية الأردنية فإنها لم تعبر بصريح القول عن مفهوم
تعريفي للمعلومة إلا إنها عدت المعلومة هي ((الحقيقة والمعرفة)) وهو
معنى واسع يتيح للجميع الحصول على جميع المعلومات في أي مجال كان لان
المعرفة لا تقف عند حد والحقيقة تطال كل شيء وذلك على وفق ما ورد في نص
الميثاق الوطني الأردني الصادرفي9/6/1991 أن يكون للمواطن الحق في
التماس الحقيقة والمعرفة من خلال مصادر البث والنشر المشروعة في داخل
البلاد وخارجها، ولا يجوز أن تحول الرقابة على المصنفات الإعلامية دون
ممارسة هذا الحق وفي قوانين عالمية أخرى منها القانون السويدي الذي يعد
من أول القوانين التي تصدت لهذا المفهوم إذ أشارت إلى المعلومة بأنها
الوثائق الرسمية المودعة لدى الحكومة وعلى وفق نص المادة (1) من الفقرة
الثانية من قانون الصحافة السويدي عام 1776على أنه ((يحق لكل مواطن
سويدي الحصول على الوثائق الرسمية)) وتعرِّف المادة الثالثة من القانون
الوثائق الرسمية بأنها ((الوثائق المحفوظة لدى سلطة حكومية وحتى يتم
اعتبارها بموجب المادتين 6 و 7 من القانون فهي التي تم استلامها أو
إعدادها أو كتابتها من قبل سلطة معين))[10]، ومما يؤسف له ان المنظومة
القانونية العراقية لم تتطرق الى مفردة المعلومة ولم تبدي اهتماما لحق
المواطن في الحصول عليها وهذا مرده إلى طبيعة الأنظمة التي كانت تحكم
العراق وفلسفتها تجاه حقوق الإنسان، والتشريعات التي صدرت بعد عام
2003، وان كانت قد ركزت على المفهوم من خلال الحقوق والواجبات والحريات
التي كفلها دستور العراق لعام 2005، الا انه لم يذكر ذلك الحق بالقول
الصريح في طياته.
ثالثا: مفهوم الحصول على المعلومة
التركيز على كلمة الحصول دون الوصول ينبع من خلال دلالة فعل المفردة
لان الوصل إلى المعلومة ممكن دون الحصول عليها وتداولها أما الحصول فهو
التملك على وفق ما اشير اليه في المعنى اللغوي وتمكين المواطن من
تداولها دون ان يشكل ذلك جرما يعاقب عليه لان تداول المفردة يدخل ضمن
مفهوم الشفافية التي تعد من وسائل محاربة الفساد الاداري وعلى وفق ما
اشرت الى ذلك في مقدمة البحث، وبعض مشاريع القوانين عدت مفهوم الحصول
على المعلوم هو الالية التي يتبعها الفرد لتحقيق هذا الميتغى ففي نص
المادة (7) من مشروع قانون حق الحصول على المعلومة الفلسطيني حددت عدت
وسائل لتمكين المواطن من الحصول على المعلومة وكما يلي:
يتوجب على المؤسسات العامة نشر تقارير سنوية تتضمن على الأقل:
1. معلومات إدارية حول آلية عمل المؤسسة العامة تتضمن التكاليف،
والأهداف، والحسابات المدققة، والقواعد، والإنجازات.
2. الإجراءات التي يستطيع الأفراد على أساسها التعرف على السياسة
العامة والمشاريع الخاصة بالمؤسسة العامة.
3. أنواع المعلومات التي تحتفظ المؤسسة العامة بها، والحالات التي
تحفظ بها.
4. مضمون أي قرار أو سياسة قد يؤثران في الشعب، وأسباب اتخاذ القرار
و الأهداف المرجوة منه.
5. أية معلومات أخرى يرى المفوض العام ضرورة نشرها.
كما الزم القانون المذكور أنفا المؤسسات الصناعية العامة والخاصة
على نشر تقاريرها
وعلى وفق نص المادة (8) وكما يلي:
1. على المؤسسات الصناعية، العامة منها والخاصة، أن تنشر تقارير نصف
سنوية تبين بها على الأقل المعلومات الآتية:
2. مواقع المواد السامة المستعملة وطبيعتها ومخاطرها.
3. كمية الإنبعاثات الصادرة عن التصنيع.
4. كيفية التخلص من النفايات.
ولم يقتصر الإلزام على الأنشطة الإدارية والفنية بل تعداه إلى
الاجتماعات العامة حيث أشار القانون في نص المادة (9) إلى ما يلي ((على
كل مؤسسة عامة تنوي عقد اجتماع عام، أن تعلن عن موعد ومكان هذا
الاجتماع والهدف منه، ولا يجوز أن يمنع الجمهور من حضور هذا الاجتماع
إلا وفقا للاستثناءات المحددة في هذا القانون))[11].
ومن خلال ما تقدم نجد إن حق الحصول على المعلومة يعد من الحقوق
الإنسانية الشمولية، التي لا يستغني عنها أي إنسان، وإنها من العوامل
الإنسانية المشتركة بين جميع الناس، مما جعل الفكر الإنساني يتعامل
معها على إنها من بين مفردات شرعة حقوق الإنسان الدولية.
الفرع الثاني
السند القانون لحق الحصول على المعلومة
عرضت في المطلب الأول إلى أن حق الحصول على المعلومة من الحقوق
الإنسانية، وتعرفنا على مفهوم الحق ولاحظنا إن الحق لا يعد حقا ما لم
يكن له مصدر يتصف بالمرجعية القانونية الصادرة من المؤسسات التي تملك
حق التشريع أو التوصيف القانوني، وهذا الحق وجد مصدره في عدد من
الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية والإقليمية، كما وجد له مرجعية
في التشريعات الوطنية (المحلية) لذلك سأعرض للأمر على ثلاثة أوجه الأول
المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية والثاني التشريعات الوطنية
العربية والاجنبية الثالث التشريعات العراقية وكما يلي:
أولا: المواثيق والمعاهدات الدولية
والإقليمية
تعتبر المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية من أهم مصادر وجود حق
الإنسان في الحصول على المعلومة، ويرى بعض فقهاء القانون الدستوري إن
للاتفاقيات الدولية علوية حتى على الدساتير والقوانين الوطنية ولها قوة
الزام على الدول التي توقع او تصادق عليها، ومن ها ما يلي:
1. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم(59) الصادر عام 1946 الذي
نص على (إن حرية الوصول إلى المعلومات حق أساسي للإنسان وحجر الزاوية
لجميع الحريات التي تنادي بها الأمم المتحدة)[12]
2. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تمت المصادقة عليه بقرار
الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر
1948. حيث نص في المادة 19 منه على (لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي
والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى
التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة
ودونما اعتبار للحدود)[13]
3. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966،
الذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة
للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966تاريخ بدء
النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49 من ميثاق الأمم
المتحدة، حيث نصت الفقرة (2) من المادة (19) منه على ما يلي (. لكل
إنسان الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف
ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دون اعتبار للحدود،
سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها)[14]
4. إعلان الجمعية العامة للامم المتحدة حول التقدم والإنماء في
الميدان الاجتماعي الصادر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة
2542 (د-24) المؤرخ في 11 كانون الأول/ديسمبر 1969، حيث نص في الفقرة
(ب) من المادة (5) على ما يلي (نشر المعلومات القومية والدولية بغية
جعل الأفراد علي بينة بالتغيرات التي تطرأ علي المجتمع بأسره)[15]
5. الإعلان الخاص باستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي لصالح السلم
وخير البشرية الذي اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة
للأمم المتحدة3304 (د-30) المؤرخ في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1975، حيث
نص في الفقرة(6) على ما يلي (علي جميع الدول أن تتخذ تدابير تهدف إلي
تمكين جميع طبقات السكان من الإفادة من حسنات العلم والتكنولوجيا وإلي
حماية هذه الطبقات، اجتماعيا وماديا، من الآثار الضارة التي يمكن أن
تترتب علي سوء استخدام التطورات العلمية والتكنولوجية، بما في ذلك
إساءة استعمالها علي نحو يمس بحقوق الفرد أو الجماعة، ولاسيما فيما
يتعلق باحترام الحياة الخاصة وحماية شخصية الإنسان وسلامته البدنية
والذهنية.)
6. إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية حيث نص في الفقرة (20) من
القسم الثالث على ما يلي (كفالة أن تكون فوائد التكنولوجيات الجديدة،
وبخاصة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، متاحة للجميع، وفقا للتوصيات
الواردة في الإعلان الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لسنة2000) وفي
نص في الفقرة (24) من القسم الخامس (كفالة حرية وسائط الإعلام لكي تؤدي
دورها الأساسي، وضمان حق الجمهور في الحصول على المعلومات.)
هذه المواد القانونية الواردة على شكل توصيات أو إعلان أو ميثاق أو
بروتوكول تدل بوضوح على أهمية هذا الحق والمطالبة به من قبل الشعوب منذ
تشكيل عصبة الأمم المتحدة، وأشارت بعض من هذه الفقرات القانونية إلى
وجود قيود ترد على هذا الحق منها ما يتعلق بالأمن الوطني أو القومي سوف
لا أتطرق إليه لان موضوع البحث لا يتسع له وإنما من الممكن أن افرد له
بحثا مستقلا في المستقبل.
ثانيا: الدساتير والقوانين الوطنية في بعض
البلدان العربية والأجنبية
لم يقتصر الأمر على المواثيق الدولية بل عمدت بعض الدول إلى الإشارة
إلى هذا الحق على سبيل التصريح أو التضمين في طيات قوانينها أو مواد
دساتيرها وسأعرض لبعض الأمثلة وعلى وفق ما يلي:
1. الدستور الأسباني الصادر في 29/12/1978المعدل، حيث نص في الفقرة
(5) من المادة (20) على ما يلي (لا يجوز حظر المطبوعات والتسجيلات وأية
وسائل أخرى للحصول على المعلومات إلاّ بموجب حكم صادر عن القضاء).
2. الدستور الفنلندي الصادر في 11/6/1999، حيث نص في الفقرة (2) من
المادة (12) على ما يلي (الوثائق التي في حوزة السلطات تكون مباحة، إلا
إذا كان نشرها قد تم تقييده لأسباب ضرورية خاصة في القانون).
3. الدستور الألماني حيث نص في الفقرة (1) من المادة (5) المتعلقة
بحرية التعبير على ما يلي (سيكون لكل شخص الحق في حرية التعبير عن رأيه
بالقول والكتابة والتصوير، وأن يملك الحق في حرية الحصول على المعلومات
من مصادر يمكن الوصول إليها بشكل عام، كما أن حرية الصحافة وحرية
التغطية بواسطة الإذاعة أو الأفلام شيء مضمون، ولن تكون هناك رقابة)[16]
4. الدستور المصري لعام 2007، حيث نص في المادة (49) على ما يلي (تكفل
الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي
وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك) والمادة (210) التي تتعلق
بالصحافة وتنص على (للصحفيين حق الحصول على الأنباء والمعلومات طبقا
للأوضاع التي يحددها القانون ولا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون).
5. قانون الصحافة المصري رقم (96) لسنة (1996) حيث نص في الفقرة (8)
على ما يلي (للصحفي حق الحصول على المعلومات والإحصاءات والأخبار
المباح نشرها طبقا للقانون من مصادرها سواء كانت هذه الجهة حكومية أو
عامة كما يكون للصحفي حق نشر ما يتحصل عليه منها وتنشأ من الجهة
المختصة إدارة أو مكتب للاتصال الصحفي في كل وزارة أو هيئة أو مصلحة
عامة لتسهيل الحصول على ما ذكر أعلاه).
6. قانون الصحافة السويدي عام 1776، حيث نص في المادة (1) من الفقرة
الثانية من القانون على أنه يحق لكل مواطن سويدي الحصول على الوثائق
الرسمية وتعرِّف المادة الثالثة من القانون الوثائق الرسمية بأنها
الوثائق المحفوظة لدى سلطة حكومية وحتى يتم اعتبارها بموجب المادتين 6
و 7 من القانون فهي التي تم استلامها أو إعدادها أو كتابتها من قبل
سلطة معينة.
ثالثا: التشريعات العراقية
1. دستور العراق لعام 2005 لم ير فيه نص صريح حول حق الحصول على
المعلومة إلا إن بعض مواده التي نظمت حرية الرأي والتعبير والصحافة دلت
على انتهاجه منهج القبول بهذا الحق وعلى وفق جملة من المواد وكما يلي:
أ- المادة:(14): العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب
الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو
المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي
ب- المادة 34 ثالثاً:ـ تشجع الدولة البحث العلمي للأغراض السلمية
بما يخدم الإنسانية، وترعى التفوق والإبداع والابتكار ومختلف مظاهر
النبوغ
ج- المادة (36): تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام
والآداب:اولاً:ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.ثانياً:ـ حرية
الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.ثالثاً:ـ حرية الاجتماع
والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون.
د- المادة (42):لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة.
2. قانون ديوان الرقابة المالية رقم (6) لسنة 1990 المعدل[17]، حيث
نص في الفقرة (ثالثا) من المادة (3) على ما يلي (يعلن الديوان وينشر
على نحو واسع النتائج النهائية لنتائج عمله , بضمن ذلك كل تقييمات
الاداء والتدقيق والخطط والتقارير. فصليا على الاقل , او ينشر الديوان
قائمة التقارير المدققة الاخيرة وتوزع القائمة على نحو واسع بقدر
الامكان , وباستخدام الانترنت ان توفر. توفر كل التقارير الى الصحافة
واي شخص مهتم من خلال تقديم طلب مكتوب. هذا القسم لا ينطبق على
المعلومات المحظورة من قبل الوكالات المخولة لاغراض الامن القومي) وفي
الفقرة (رابعا) من المادة (7) على ما يلي (رابعا – عندما لا يتم توفير
السجلات الضرورية خلال فترة منطقية لممارسة ديوان الرقابة المالية
اعماله في التدقيق او تقييم الأداء فللأخير ان يقدم طلبا مكتوبا الى
المفتش العمومي للوزارة التي هي تحت المراجعة , وينص الطلب على سلطة
تفتيش السجلات وسببه , وعلى الوزارة صاحبة العلاقة خلال 20 ان توفر
السجلات ل ديوان الرقابة المالية , او تصف الأسباب التي أدت إلى
الامتناع عن تقديم السجلات. ان لم يقتنع الديوان بان أسباب الامتناع
منطقية فللديوان احالة الموضوع الى مفوضية النزاهة العامة للتحقيق وان
كان ضروريا اجبار الجهة على الالتزام بالنشر).
3. أمر سلطة الائتلاف رقم (55) الصادر في 28/1 2004 المتعلق بمفوضية
النزاهة العامة[18]، حيث نص في الفقرة (3) من القسم (7) على ما يلي (تتيح
المفوضية للجمهور إمكانية الإطلاع على المعلومات وفحصها ونسخها هي
والاستمارات المقدمة لها عملا باللوائح التنظيمية الصادرة بموجب
القانون النظامي والتي تقتضي من المسؤولين الكشف عن مصالحهم المالية).
4. قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل، حيث نص في
الفقرة (1) من المادة (61) على ما يلي (تكون المرافعة علنية إلا إذا
رأت المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب احد الخصوم إجراءها سرا
محافظة على النظام العام ومراعاة للآداب العامة ولحرمة الأسرة).
5. قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (32) لسنة 1971 المعدل حيث نص
في المادة (152) على ما يلي (يجب إن تكون جلسات المحاكمة علنية ما لم
تقرر المحكمة أن تكون كلها أو بعضها سرية لا يحضرها غير ذوي العلاقة
بالدعوى مراعاة للأمن أو المحافظة على الآداب ولها أن تمنع من حضورها
فئات معينة من الناس).
6. النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي الصادر بتاريخ 15/6/2006،
حيث نص في المادة (29) على ما يلي (ولاً: تكون جلسات المجلس علنية إلا
إذا تطلبت الضرورة غير ذلك بطلب من رئيس الجلسة أو باقتراح من مجلس
الرئاسة أو رئيس مجلس الوزراء أو بطلب من 35 عضواً من أعضائه وبموافقة
المجلس بأغلبية الحاضرين. وفي هذه الحالة لا يحضر أحد الجلسة حتى من
موظفي المجلس ويقوم النائبان ومن يُنَسب من قبل هيأة الرئاسة بتنظيم
المحضر.ثانياً. تنشر محاضر الجلسات بالوسائل التي تراها هيأة رئاسة
المجلس مناسبة).
ومما تقدم نجد إن المشرع العراقي لم يغفل هذا الحق الحيوي للمواطن
حينما اشر الى حرية التعبير في نص الدستور، كذلك بإشارته إلى البحث
العلمي وسواها من الإشارات التي عرضت أنفا، كما إن بعض التشريعات ألزمت
بعض المؤسسات بعلنية بعض اجر ائتها ونشر التقارير التي تتعلق بالأمور
المالية والحسابية على وفق ما نص عليه قانون ديوان الرقابة المالية
وقانون مفوضية النزاهة العامة، ويعد ذلك تطور مهم على مستوى التشريع
العراقي، وخصوصا الإشارة الصريحة التي وردت في قانون مفوضية النزاهة في
القسم السابع حول حق الحصول على المعلومة، كما إن بعض القوانين
الإجرائية في المحاكمات أوجبت أن تكون الجلسات علنية وما أشار إليه
النظام الداخلي لمجلس النواب حول علنية الجلسات وعدها الأصل والاستثناء
هو السرية وهذا ينسجم مع الحق موضوع البحث لان وجوب العلنية يمكن
المواطن من الإطلاع على ما يجري أثناء المحاكمات أو أثناء مناقشات مجلس
النواب.
الخاتمة
بعد العرض الموجز لمفهوم حق الحصول على المعلومة من حيث المعنى
اللغوي والاصطلاحي والمرجعية القانونية لهذا الحق والتعرف على مدى
إلزامية هذا الحق بموجب تلك الوثاق الدولية والمحلية، نرى بان المنظومة
القانونية العراقية لم تكن بعيدة عن تطبيقات هذا الحق اذا ما علمنا ان
العراق كان قد وقع وصادق على ميثاق الأمم المتحدة والعهدين الدوليين
للحقوق المدنية والسياسية، وأصبحت جزء من المنظومة الوطنية القانونية
في العراق، ومع ذلك لم تخلوا القوانين والأنظمة العراقية من الإشارة
إليه ضمنا، وصراحة أحيانا، وهذا يؤكد إن البيئة القانونية العراقية
مهيأة لاستقبال تشريع يتناول الحق بشكل مباشر ويركز أحكامه بنصوص واضحة،
تلزم كافة الدوائر والمؤسسات باحترامه، لتعلقه بالمواطن وحقوقه
الأساسية، وبهذا الصدد أود ذكر بعض الملاحظات التي يجب مراعاتها عند
إصدار التشريع وكما يلي:
1. تعريف واضح وصريح وشامل لمفردة المعلومة دون تركها لعموميات
اللفظة، التي ستفقد محتواها عند التطبيق من خلال تعدد التفاسير لها
2. بيان نوع المعلومة المستهدفة من القانون المقترح المراد تشريعه،
وحصرها بالمعلومة العامة التي تتعامل بها المؤسسات الحكومية والعمومية،
دون المعلومة المتعلقة بخصوصيات الأفراد، لان هذه الخصوصيات مصانة
بموجب الدستور.
3. وضع عقوبات على من يتقاعس او يمانع بعرض المعلومة على الجمهور،
من الموظفين المكلفين بذلك بموجب القانون، والعبرة من ذلك وضع ردع لمن
يسعى لتغيير مسار التشريع عند إصداره، حيث تمتاز فلسفة العقوبة بكونها
تتسم بوصف الردع.
4. تشكيل هيئة مستقلة تتولى متابعة تطبيق القانون وتكون جهة تقبل
الشكوى ضد من يمتنع عن عرض المعلومة وتمكين المواطن من الإطلاع عليها.
5. وضع خصوصية للإعلامي فيما يتعلق بإمكانية حصوله على المعلومة
وفتح الأبواب المغلقة أمامه، لان الإعلامي يتميز بكونه أداة الشعب
المثقفة في الوصول إلى المعلومة، تلك الأداة التي تمتاز بالمهنية
والحرفية في التعامل مع المعلومة، ووسائل الأعلام أكثر حضورا وفعالية
في التصدي لحالات خرق الحقوق وتشخيصها.
وفي الختام أتمنى أن أكون قد وفقت في تحفيز الباحثين للتصدي إلى
موضوع حق الحصول على المعلومة، وهذا البحث المقتضب لا أرى فيه إلا نقطة
انطلاق نحو إيجاد دراسات أكثر شمولية تجاه بيان حقوق الإنسان لأنها
ضمانة الفرد تجاه تعسف السلطة.
.............................................................
المصادر
1. الخليل الفراهيدي - كتاب العين
2. الجوهري- الصحاح تاج اللغة
3. بسمة الحسن ـ دارسة عن قانون ضمان حق الوصول إلى
المعلومات،مركز حماية وحرية الصحفيين
4. حسن كيرة،، أصول القوانين
5. حيدر عادل ـ حقوق الإنسان في الاسلام ـ مجلة
النبأ ـ العدد 63
6. عبد الكريم بلحاج ـ علم النفس المعرفي قضايا
النشأة والمفهوم
7. علي أحمد الهنداوي ـ فلسفة الحق في المنظورين
الإسلامي والوضعي ودور الحقوق المدنية فيها
8. فايز شخاترة ـ المركز الوطني لحقوق الإنسان
9. مكتبة حقوق الإنسان في موقع جامعة مينسوتا في
الشبكة الدولية
10. يوخن رافلبرغ:- بحث بعنوان الأخلاق في وسائل
الإعلام وحرية الصحافة
11. الدستور العراقي
12. قانون المرافعات المدنية
13. قانون أصول المحاكمات الجزائية
14. قانون ديوان الرقابة المالية
15. قانون مفوضية النزاهة العامة
16. النظام الداخلي لمجلس النواب
17. الوقائع العراقية
.......................................
الهوامش:
[1] حيدر عادل ـ حقوق الانسان في الاسلام ـ مجلة
النبأ ـ العدد 63
[2] الخليل الفراهيدي - كتاب العين - ج 3 ص 6
[3] الجوهري- الصحاح - ج 4 ص 1460
[4] حسن كيرة،، أصول القوانين، ص 650..
[5] الخليل الفراهيدي ـ مرجع سابق ـ ج 1 ص 138
[6] حيدر عادل ـ مرجع سابق
[7] علي أحمد الهنداوي ـ فلسفة الحق في المنظورين
الإسلامي والوضعي ودور الحقوق المدنية فيها ـ الدليل الالكتروني
للقانون العربي (الشبكة الدولية للانترنيت) ـ ص 35
[8] نقلا عن احد المواقع في الشبكة الدولية ـ
http://daoud-mohamed.maktoobblog.com/
[9] عبد الكريم بلحاج ـ علم النفس المعرفي قضايا
النشأة والمفهوم ص 75ـ الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) ـ http://www.fikrwanakd.aljabriabed.net
[10] بسمة الحسن ـ دارسة عن قانون ضمان حق الوصول
إلى المعلومات،مركز حماية وحرية الصحفيين ـ ص6 ـ نقلا عن دراسة منشورة
في الشبكة الدولية للمعلومات الانترنيت للباحث فايز شخاترة ـ مستشار و
باحث قانوني ـ المركز الوطني لحقوق الإنسان. |