حرب اليمن: من فتح صندوق الشرور؟

قاعدة وفقر وفساد ومَطالب بالانفصال والقائمة متواصلة

 

شبكة النبأ: اكتسب اليمن أرض الجمال الآسر والشعب الودود صورة سيئة منذ أعلنت جماعة مرتبطة بالقاعدة تتخذ من البلاد مقراً لها مسؤوليتها عن هجوم فاشل وقع في 25 ديسمبر كانون الاول على طائرة أمريكية. لكن محللين يقولون انه يجب ألا يكتفي الغرب وحلفاؤه العرب بمكافحة الارهاب اذا كانوا يريدون مساعدة البلاد في اخماد خطر المتشددين الذين يستغلون الصراعات الداخلية والفقر وضعف السلطة المركزية.

وقالت جيني هيل الخبيرة في شؤون اليمن "يجب أن يتبنى الغرب نهجا (يشمل الحكومة بكاملها) يحدد أهدافا فورية لمكافحة الارهاب في اطار عمل أوسع نطاقا يحاول معالجة الضغوط الاقتصادية الابعد مدى ويقلل من حدة التوترات السياسية."

وتابعت هيل التي كتبت بحثا عن اليمن لمؤسسة تشاتام هاوس البحثية قائلة لرويترز ان هذا سيتطلب موقفا غربيا موحدا ودعما من جيران اليمن العرب فضلا عن شريك في اليمن يملك الارادة والقدرة.

وتجتمع الولايات المتحدة وحلفاؤها في العاصمة البريطانية لندن يوم الاربعاء لبحث سبل مكافحة التشدد وتشجيع الاصلاح في اليمن الذي يحكمه الرئيس علي عبد الله صالح (67 عاما) منذ ما يقرب من 32 سنة.

وكيفية تعامل القوى الغربية مع الزعيم اليمني المرواغ مسألة حساسة للطرفين اللذين لا تتشابك مصالحهما الا جزئيا. بحسب رويترز.

وسعى صالح الحريص على الحصول على الدعم والتمويل الامريكيين الى تصوير أعدائه الداخليين وهم المتمردون الحوثيون في الشمال والانفصاليون الجنوبيون الغاضبون من الحكومة على أنهم مرتبطون جميعا بتنظيم القاعدة بطريقة او أخرى.

الفساد والفقر يغذّيان التطرف

من جهة اخرى قال خطيب خلال صلاة الجمعة في العاصمة اليمنية صنعاء ان الفساد يزيد الارهاب ويسهل على الجماعات المتشددة مثل تنظيم القاعدة تجنيد أعضاء جدد.

وقال خطيب المسجد الجامع للمصلين ان التواجد الجديد لتنظيم القاعدة في اليمن سوف يضر بمصالح البلد. وطلب من الحكومة اليمنية المساعدة في منع تجنيد الناس من قبل الجماعات المتطرفة.

ويقول محللون انه يتعين على الولايات المتحدة أن تتصرف بحذر في اليمن اذا أرادت أن تتجنب توسيع نطاق جاذبية القاعدة في بلد يعاني من الفقر والفساد والصراعات. بحسب رويترز.

ودفعت المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة أمريكية في يوم 25 ديسمبر كانون الاول التي أعلن تنظيم القاعدة في اليمن مسؤوليته عنها واشنطن الى زيادة المساعدات لحكومة الرئيس علي عبدالله صالح.

ومن جانب آخر قال وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي ان اليمن يحتاج الى معونة امنية من الولايات المتحدة وحلفائه الاخرين لمساعدته في محاربة متشددي القاعدة لكن لن يضمن النجاح في الاجل الطويل الا الانقاذ الاقتصادي.

وتركزت الاضواء على اليمن منذ قال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب انه مسؤول عن محاولة فاشلة لتفجير طائرة متوجهة الى الولايات المتحدة يوم عيد الميلاد.

وقال القربي لرويترز ردا على اسئلة أرسلت اليه بالبريد الالكتروني " أجهزتنا الامنية قادرة على رصد التهديدات الارهابية" مضيفا ان وحدات مكافحة الارهاب وخفر السواحل تحتاج الى دعم خارجي في مجالات التدريب والتجهيز بالمعدات وتبادل المعلومات.

وتابع "غير ان الحل الامني او العسكري ليس كافيا. ولذا ينبغي للمجتمع الدولي ان يولي مزيدا من الاهتمام لحاجات اليمن الاقتصادية والتنموية وهذا هو النهج الواقعي للتصدي للارهاب."

والتشدد الاسلامي ليس الا واحدا من التحديات الاقتصادية والامنية الكثيرة التي تواجه الرئيس علي عبد الله صالح.

ومن بين الاعراض الاخرى لضعف الحكومة المركزية تمرد الحوثيين في الشمال والنزعة الانفصالية في الجنوب بينما يعوق استشراء الفساد وتناقص ايرادات النفط اي جهد للتصدي للفقر والبطالة ونقص موارد المياه.

وقال القربي ان عدد متشددي القاعدة في اليمن بولغ فيه ولا يتجاوز على الارجح 300. وأضاف ان تأييد القاعدة المعلن للمتمردين الشماليين والانفصاليين الجنوبيين اظهر "شكلا من اشكال التنسيق بين هذه الاطراف الثلاثة برغم اختلاف عقائدها."ما يجمعهم هو العداء للحكومة. وعلاوة على ذلك فالجهادي السابق طارق الفضلي هو الان زعيم للحركة الجنوبية ويؤوي بعض متشددي القاعدة في مناطقها."

مساعدات مدنية وعسكرية أمريكية

ومن الناحية الامريكية قال مسؤولون ان ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما تعتزم ان تجمع بين الدعم العسكري الموسع لليمن في حربه ضد القاعدة وبرنامج للمساعدات الاقتصادية يهدف الى الحد من قدرة الاسلاميين على جذب مجندين.

والى جانب التعاون العسكري الذي يشمل التدريب ومساعدات اخرى للقوات اليمنية التي تحارب الارهاب تعمل وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) مع وزارة الخارجية الامريكية والوكالة الامريكية للتنمية الدولية على برنامج للتنمية واعادة الاعمار يستهدف الشبان ومن يعيشون في الريف والمناطق القبلية.

وتأمل واشنطن ان تؤدي التنمية الاقتصادية طويلة المدى الى القضاء على شعبية القاعدة بين 50 في المئة من سكان اليمن ممن تقل اعمارهم عن 15 عاما. بحسب رويترز.

ويصف مسؤولون امريكيون حكومة اليمن المركزية بانها "غير كفء" ولا تتمتع بنفوذ كبير خارج المراكز السكانية الكبيرة تاركة أراض مفتوحة امام القاعدة وجماعات أخرى.

وبعد محاولة مزعومة فاشلة لتفجير طائرة ركاب أمريكية متجهة الى ديترويت يوم عيد الميلاد أعلن المسؤولية عنها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب زاد في واشنطن التأييد لاتخاذ اجراءات أقوى لمحاربة الارهاب في اليمن.

وقال مسؤولون امريكيون ان الشاب النيجيري المتهم بمحاولة نسف طائرة الركاب الامريكية في 25 ديسمبر كانون الاول تلقى تدريبا في معسكر للقاعدة في اليمن. وتقدر المخابرات الامريكية عدد الكوادر النشطة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ببضع مئات.

وقال مسؤول امريكي في وزارة الدفاع "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب...لا يشكل تهديدا لليمن فحسب بل للامن الاقليمي والدولي أيضا."

وحرص البنتاجون ووكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي. اي.ايه) على عدم تسليط الضوء على دورهما المتنامي في اليمن خوفا من أن يأتي ذلك بأثر سلبي على الحكومة اليمنية التي تواجه الى جانب القاعدة تمردا شيعيا في الشمال ونزعة انفصالية في الجنوب.

وطلبت واشنطن من اليمن التوصل الى حل عن طريق التفاوض مع المتمردين الحوثيين الشيعة الذين يقاتلون القوات اليمنية في الشمال ويشتكون من التمييز ضدهم اجتماعيا ودينيا واقتصاديا.

اليمن يسعى لمساعدات اقتصادية بقيمة 4 مليارات دولار

وقال وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي ان اليمن الذي يواجه مجموعة كبيرة من المشكلات الامنية والاقتصادية يحتاج مساعدات بنحو ملياري دولار سنويا لتلبية الحد الادنى من احتياجاته ويحتاج الى مثلي هذا المبلغ لإحداث تحول في الاقتصاد.

وتحولت الانظار الدولية الى البلد العربي الفقير منذ أن أعلن جناح لتنظيم القاعدة في اليمن أنه وراء محاولة فاشلة لتفجير طائرة متجهة الى الولايات المتحدة في 25 ديسمبر كانون الاول.

وقال القربي لرويترز ردا على سؤال عن حجم المساعدات المطلوبة لانقاذ اقتصاد البلاد الذي يكافح زيادة حادة في عدد السكان وانخفاضا في عائدات النفط "لست خبيرا اقتصاديا لكنني أعتقد أننا نتحدث عن نحو أربعة مليارات دولار سنويا."بحسب رويترز.

وأضاف أن الحد الادنى للمساعدات التنموية التي يحتاجها اليمن سنويا هو مليارا دولار لكنه قال "اذا أردت تأثيرا حقيقيا وتغيرا حقيقيا في الاقتصاد ومستويات معيشة السكان وتلبية الاحتياجات الاساسية للشعب اليمني فإننا نحتاج أكثر من ذلك."

ودعت بريطانيا لعقد مؤتمر دولي بشأن اليمن في 27 يناير كانون الثاني لمناقشة كيفية مواجهة التطرف وتنسيق المساعدات. ويقول دبلوماسيون ان الغرب يريد أن تكون الحكومة اليمنية مسؤولة أمامه عن الاصلاحات الاقتصادية لكي يضمن انفاق أموال المعونة بالشكل الملائم في بلد يستشري فيه الفساد.

وقال القربي ان اليمن حقق "تقدما بطئيا" في الاصلاحات الاقتصادية لكنه لم يذكر أي تفاصيل. وأكد وزير الخارجية على عرض مشروط للحكومة للحوار مع أعضاء القاعدة الذين ينبذون العنف لكنه قال ان اليمن غير قادر على تمويل برنامج واسع النطاق لاعادة تأهيلهم.

خط الصدع والسماح للقاعدة بالازدهار في اليمن

ويقول تحقيق لصحيفة الاندبندنت البريطانية: إن الرجال الأتقياء المتجهمين الخارجين بعد الصلاة في مسجد الرحاب في عدن كانوا حريصين على التحدث عن حكومتهم.

ويضيف انهم على الرغم من حرصهم في اختيارهم الكلمات، إلا أنهم لم يتركوا مجالا للشك في الفوضى التي تعتري مدينتهم التي خرج منها البريطانيون قبل 42 عاما.

وينقل التحقيق عن شخص يدعى سامي سمير، وهو مدرس في الرابعة والعشرين من عمره، أن هناك حقا فسادا، إلا أنه يرى أن الرئيس علي عبد الله صالح رجل جيد، لكنه يضيف إن الحكومة تحت قيادته تلعب بالبلاد. إننا نريد حكومة أكثر ديمقراطية تلتزم بالقانون. ويضيف: إن القبائل الشمالية تحصل على وظائف جيدة ورواتب جيدة ونحن لا .

أما الجندي السابق البالغ من العمر 40 سنة، فقد كان أكثر حدة. وقال للصحيفة: في الجنوب نحن نعيش في ظلم ونعامل على أننا مواطنون وقد رفض أن ننشر اسمه قائلا إنه يمكن أن يتعرض للسجن.

ويمضي التحقيق ليقول: بطبيعة الحال، ليس هناك شيء جديد حول العداء بين الشمال والجنوب

التحقيق يتناول تاريخ اليمن منذ الاستقال، الحرب الأهلية التي نتجت عن الانفصال بين اليمنين، الشمالي والجنوبي، ثم الجهود الأمريكية التي تبذل منذ فترة لحث الحكومة على بذل المزيد من الجهد لطرد مقاتلي طالبان والقاعدة، ثم انشغال الحكومة حاليا بمحاربة الشيعة الحوثيين، ومحاربتها دعاوى الانفصال في الجنوب بدلا من التصدي لحل المشاكل الحقيقية التي تدفع الجنوبيين إلى التحدث عن الانفصال عن الشمال.

ويشير التحقيق إلى ما يشعر به هؤلاء الجنوبيين من استغلال الحكومة عائدات النفط في الجنوب لصالح الشمال، والتمييز ضد الجنوبيين في توزيع الوظائف العامة.

ويقول التحقيق إن بعض المعارضين لتنظيم القاعدة وللانفصاليين الجنوبيين، حاولوا دون نجاح، إيجاد صلة بين الطرفين، عن طريق التركيز على طارق الفضلي، الجهادي السابق الذي حارب السوفيت في أفغانستان وكان يستخدم من قبل الرئيس صالح في معركته ضد الشيوعيين في عام 1994 والذي أصبح الآن من الانفصاليين البارزين.

إلا أن الحركة الجنوبية تنفي بشدة وجود أي علاقة لها به وتقول ان الرئيس يحاول تشويه سمعة الحركة عن طريق زرع أشخاص يشيع انهم من أتباع تنظيم القاعدة.

اضراب عام في الجنوب

وفي الجنوب قال شهود عيان ان المحافظات تشهد اضرابا عاما بدعوة من الحراك الجنوبي المطالب بحق الجنوبيين في تقرير المصير، وذلك تنديدا ب"اعتداءات" صنعاء وخصوصا اعتقال ناشر جريدة الايام الجنوبية مع اكثر من خمسين شخصا.

وقال شهود لوكالة فرانس برس ان المحلات التجارية اغلقت تماما وتعطلت حركة المواصلات فيما بدت الشوارع شبه فارغة في محافظات الضالع ولحج وابين وشبوة.

في مدينة الضالع، حاولت قوات الامن حث اصحاب المحلات التجاري على فتح ابواب محلاتهم ولكن دون جدوى، بحسب احد الشهود.

من جهته، قال عبدو المعطري العضو في قيادة الحراك الجنوبي ورئيس "مجلس الثورة السلمي الجنوبي" ان "العصيان ينفذ بهدوء تام في مدينة الضالع وفي منطقة ردفان والحوطة في لحج وفي زنجبار (ابين) وفي شبوة".

واضاف المعطري ان "هذا العصيان يؤكد تبنينا اساليب حضارية بشان القضية الجنوبية ورفضنا العنف والارهاب" معتبرا ان التحرك "رد عملي على من اراد الصاق القاعدة بالحراك الجنوبي". وطالب ايضا "بالافراج عن معتقلي الحراك".

الحوثيون يقولون ان زعيمهم بصحة جيدة

من جانب آخر قال المتمردون الحوثيون في اليمن ان زعيمهم عبد الملك الحوثي لم تلحق به اصابة خطيرة ونشروا تسجيل فيديو بموقعهم على الانترنت يظهر الحوثي بصحة جيدة.

وكان مسؤول يمني قال في وقت سابق من الاسبوع الجاري ان الحوثي اصيب اصابة خطيرة وانه اوكل الى أحد اقاربه قيادة التمرد في شمال البلاد بدلا منه.

وفي بيان مصاحب لمقطع الفيديو قال المتمردون انهم نشروا هذا المقطع "بعد اصرار أغلب وسائل الاعلام التي تواصلت بنا على ضرورة اظهار السيد (عبد الملك الحوثي) في مقطع فيديو ليؤكد ما أوضحناه أكثر من مرة عن سلامة السيد وعدم تعرضه لاي أذى.

"وبعد الحاح شديد على السيد وضرورة المقطع لوسائل الاعلام استجاب لنا ومن أجل ألا يبقى للمتحذلقين أي مجال للتشكيك."

وقال مسؤول حكومي يمني في 19 يناير كانون الثاني ان الحوثي أصيب باصابات بالغة مما استلزم بتر ساقه.

ويظهر مقطع الفيديو الحوثي وهو يجلس على كرسي ويتكلم في ميكروفون وساقاه سليمتان ولا تظهر عليه أي اصابات.

وقال ان المزاعم بأنه أصيب لا أساس لها مضيفا أن الحكومة المركزية تريد تبرير ما قال انه قتل للمدنيين.

ولم تتمكن رويترز على الفور من التأكد من موعد تصوير المقطع لكن تعليقاته جاءت اجابة على سؤال بشأن مزاعم الحكومة عن اصابته.

ويقاتل المتمردون الذين ينتمون للطائفة الشيعية الزيدية الحكومة اليمنية منذ عام 2004 حيث يشكون من التهميش.

وازدادت حدة القتال الصيف الماضي ومرة أخرى في نوفمبر تشرين الثاني عندما شاركت فيه السعودية المجاورة. فعندما استولى المتمردون على أراض سعودية شنت الرياض عملية عسكرية كبيرة ضدهم مازالت مستمرة.

كما يشهد اليمن الذي يعيش 42 في المئة من سكانه البالغ عددهم 23 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم حملة كبيرة تشنها القوات اليمنية على القاعدة في عدة محافظات وفي نفس الوقت يحاول احتواء المشاعر الانفصالية في الجنوب.

وأذكى انعدام الاستقرار بصورة متزايدة في اليمن المخاوف في منطقة الخليج من أن تحاول القاعدة استغلال الفوضى لتصعيد العمليات في البلد الواقع في الركن الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة العربية واستخدامه نقطة انطلاق لهجمات على الدول الاخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/كانون الثاني/2010 - 9/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م