لماذا لا يشكل العراق محورا ثالثا؟

في ظل المحاور الإقليمية

جمال الخرسان

تعد المنطقة التي يعيش فيها العراق من اكثر المناطق الجغرافية في العالم التي تعاني حالة من التخندق والانقسام الحاد في المواقف، وعلى هذا الصعيد يصنف اغلب اللاعبين في الشرق الاوسط على محورين رئيسيين خصوصا فيما يتعلق بموضوع التعاطي مع الطرح الامريكي وما يرتبط بالموقف من عملية السلام او الصراع العربي الاسرائيلي بشكل عام.

اول هذه المحاور يطلق عليه جبهة الممانعة التي تضم سوريا وايران وبعض التيارات المنسجمة معهما في المواقف السياسية، اما المحور الثاني فيضم معضم  دول الخليج بالاضافة الى مصر والاردن التي التحقت لاحقا بعد ان كانت في زمن صدام حسين تلعب على جميع الحبال حيث يقول في هذا الصدد الراحل الحسين بن طلال: بأن (الاردن دولة لا تملك اقتصاد لكنها تملك التاثير على الواقع)، وهكذا فان هذين المحورين يرسمان ضفتين مختلفتين للمواقف الشرق الاوسطية فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع القضايا السالفة الذكر.

العراق من جهته بقي على علاقة غير مستقرة وقلقة مع كلا المحورين.. واذا ما كان هناك تفسير ربما يكون منطقيا لطبيعة العلاقة المتشجنة بين العراق وبين محور الممانعة باعتبار ان العراق صديق للولايات المتحدة الامريكية وهذه الاخيرة تمثل عدوا لبلدان المحور المذكور اعلاميا على الاقل، فانه في نفس الوقت مالايمكن تفسيره هو ذلك الفتور الملحوظ وربما العلاقات المتشنجة مع المحور الآخر الذي تعتبر معظم بلدانه صديقة للولايات المتحدة الامريكية بل بعضها يحتضن قواعد عسكرية امريكية من الوزن الثقيل ساهمت في اسقاط  حكومة صدام حسين، كما ان بعض تلك البلدان يقتات على المساعدات الامريكية!

وهذه ربما حالة غريبة وملفتة للنظر في طبيعة العلاقات الدولية.. الغريب ان العراق الذي يستضيف اكبر سفارة امريكية في العالم حيث يصل عدد العاملين فيها الى 3000 عنصر بالاضافة الى الوجود العسكري الامريكي الواضح ومع ذلك فان معظم البلدان الصديقة للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة تعتبر الحكومة العراقية تنفذ اجندات ايرانية رغم ان تلك الحكومة تسير برعاية امريكية! وهذا ما دعى الجانب السعودي لكي يرفض استقبال زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي على سبيل المثال، بل ويتردد كثيرا بالتعاطي مع الحكومة العراقية الحالية، ذلك الواقع لم يغير منه جدول المؤتمرات المزدحم جدا الذي يخص دول الجوار العراقي والذي يعقد كل بعضة اشهر.

ان كل طرف من هؤلاء يريد للعراق ان لايقف في مسافة واحدة عن الكل بل يريد للعراق ان يرفع السلاح بوجه الطرف الاخر! وان سياسة التوازن والوسطية التي يتبعها العراق مع الجميع في وجهة نظره تعد موقفا سلبيا على طريقة (اما ان تكون معنا او مع الارهاب )!

ان ذلك الواقع قد يدفع بالعراق الى تشكيل محور ثالث ياخذ بعين الاعتبار خصوصية الحالة العراقية التي تختلف بعض الشئ عن كلا المحورين ويرتكز على الخطاب المرن المتوازن.. وهذه امنية وان كانت صعبة الى حد ما في ظل الارباك الذي تعاني منه الدولة العراقية الا انها امنية لو تحققت تشكل للعراق وللمنطقة محورا اكثر توازنا من سابقيه.

* كاتب عراقي

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/كانون الثاني/2010 - 2/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م