تركيا وإسرائيل... تحالف هش على واقع متناقض

أنقرة تستدعي سفيرها وتل أبيب تحتج على مسلسل تلفزيوني

 

شبكة النبأ: يبدو أن أزمة العلاقات التركية الإسرائيلية عادت من جديد بعد أن أدانت إسرائيل بشدة ما وصفته بتطاول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على إسرائيل من خلال التصريحات التي أدلى بها في أنقره بعد مباحثاته مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، والتي اتهم فيها إسرائيل باستخدام القوة المفرطة بحق الفلسطينيين.

فيما جاء الرد الإسرائيلي على بث تركيا مسلسل تلفزيوني يعرض بعض الجرائم بحق الأطفال تقوم بها العصابات الإسرائيلية عبر واهانة السفير التركي في تل أبيب وإذلاله بشكل غير مسبوق في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

إسرائيل تندد

حيث نددت اسرئيل بشدة لم يسبق لها مثيل برئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان قائلة ان انتقاده العلني الذي كثيرا ما يتسم بالحدة لسياساتها قد يعرض العلاقات الثنائية للخطر.

وتركيا حليف رئيسي للدولة اليهودية وتوترت العلاقات بين تركيا واسرائيل منذ حرب غزة التي دارت قبل عام وقتل فيها نحو 1400 وانتقدها اردوغان أشد الانتقاد.

وانتقد اردوغان خلال لقاء مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في انقرة هجوما اسرائيليا قتل فيه ثلاثة نشطاء في غزة. بحسب رويترز.

واشار الى ان تركيز الغرب على خطط ايران النووية جائر نظرا لترسانة اسرائيل النووية المفترضة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان "اسرائيل حريصة على احترام تركيا وتسعى لاستمرار العلاقات السليمة بين البلدين لكننا نتوقع المعاملة بالمثل" واصفة تعليقات اردوغان بانها "لمزة من لسان منفلت".

واضاف البيان "لدولة اسرائيل كامل الحق في حماية مواطنيها من صواريخ حماس وحزب الله وارهابهما والاتراك هم اخر من يمكنه تقديم موعظة اخلاقية لدولة اسرائيل وقوة الدفاع الاسرائيلية."

والانتقاد المغلف للسلوك العسكري لتركيا يعد خروجا على التكتم الرسمي الساري منذ فترة طويلة بشأن هذا الموضوع.

وتم توبيخ جنرال بالجيش الاسرائيلي من قبل القيادة في فبراير شباط لقوله في مقابلة صحفية ان تركيا يجب ان تتذكر معاملتها السابقة للاكراد والارمن والقبارصة اليونانيين قبل ان تتحدث نيابة عن الفلسطينيين.

وعندما سئل بشأن مغزى بيان وزارة الخارجية قال دبلوماسي اسرائيلي تحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه انه استهدف تجنب ما ترى اسرائيل انه اضعاف للعلاقات من جانب اردوغان.

وقال الدبلوماسي "نحن نقدر الاتراك ونريد منهم ان يفيقوا ويدركوا ما يخاطر رئيس وزرائهم بعمله."

وكان اردوغان قام بالوساطة في مفاوضات سلام لم تستمر طويلا بين اسرائيل وسوريا في عام 2008 وعبر عن الاستياء ازاء رفض الحكومة الاسرائيلية الحالية العودة الى المحادثات غير المباشرة.

وقال بعض المسئولين الإسرائيليين ان تصريحات اردوغان بشأن هجوم غزة وقيامه في احدى المناسبات بتوجيه انتقاد علني الى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس وعلاقاته المزدهرة مع ايران تجعله لا يصلح كوسيط. غير ان إسرائيل منزعجة من استشراء مشاعر العداء بين الأتراك العاديين.

وشكت وزارة الخارجية الى السفير التركي بشأن تمثيلية تلفزيونية تركية صورت دبلوماسيين اسرائيليين على انهم العقول المدبرة لعصابة خطف اطفال ووصفتها بأنها معادية للسامية.

وفي المؤتمر الصحفي مع الحريري شكك اردوغان في مبرر اسرائيل لهجومها على غزة. وقال "لماذا تقصفون غزة؟ ماذا كان هناك؟ هل ستقولون انهم كانوا يطلقون الصواريخ مرة اخرى؟ اننا نبحث الامر بأنفسنا. والان لا توجد صواريخ تأتي من غزة."

وانتقل الى البرنامج النووي الايراني الذي تصر ايران على انه سلمي بينما يرى الغرب انه برنامج عسكري سري وقال اردوغان "أولئك الذين يحذرون ايران بشأن الاسلحة النووية لا يوجهون نفس التحذير الى اسرائيل. اسرائيل لديها اسلحة نووية."

المسلسل التلفزيوني

كما انتقدت اسرائيل تركيا لبثها مسلسلا تلفزيونيا يصور اليهود على انهم خاطفو اطفال ومرتكبو جرائم حرب ما ادى الى تصاعد التوتر بين البلدين.

واستدعى نائب وزير الخارجية الاسرائيلي داني ايالون السفير التركي في اسرائيل للاحتجاج على المسلسل، بحسب بيان لوزارة الخارجية.

وهذه ثاني مرة تعترض فيها اسرائيل على مسلسل تركي. وجاء في بيان الخارجية "نحتج باسم الحكومة الاسرائيلية على مشاهد من هذا المسلسل التركي تظهر اسرائيل واليهود انهم خاطفو اطفال ومجرمو حرب". بحسب فرانس برس.

واضاف "هذا امر غير مقبول (...) ويهدد حياة اليهود في تركيا ويهدد العلاقات الثنائية".

وكان ايالون يشير الى مسلسل جديد بعنوان "وادي الذئاب" تم بثه اصلا على تلفزيون حكومي واعيد بثه على تلفزيون خاص، قال انه يظهر عملاء من جهاز الموساد الاسرائيلي في صورة سيئة. ولم تعلق السلطات التركية بعد على استدعاء سفيرها.

لكن الشركة التركية "بانا فيلم" التي تنتج الفيلم اوضحت ان "وادي الذئاب" سيستمر في "قول الحقائق والتعرض للمذنبين".

وتساءلت الشركة في بيان بثته وكالة انباء الاناضول "لماذا تشعر السلطات الاسرائيلية التي لا تتردد في قصف الاطفال اللاجئين تحت علم الامم المتحدة (في غزة) بانزعاج من وقائع حقيقية تعرض في وادي الذئاب؟"

وكانت اسرائيل احتجت في تشرين الاول/اكتوبر عندما عرض التلفزيون التركي مسلسلا تركيا يظهر جنودا اسرائيليين يطلقون النار على اطفال فلسطينيين بدم بارد.

وتدهورت العلاقات بين البلدين قبل عام عندما وجهت انقرة انتقادا شديدا للهجوم المدمر الذي شنته اسرائيل على قطاع غزة في شتاء 2008.

تركيا تطالب باعتذار

طلبت تركيا اعتذارا من اسرائيل عما قالت انه معاملة فظة لسفيرها مما يزيد من توتر العلاقات بين الدولتين عشية زيارة لوزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك.

وتركيا حليف مهم للدولة اليهودية بوصفها دولة مسلمة وساعدت في الماضي على اقامة اتصالات بين اسرائيل والعالم العربي لكن العلاقات بينهما فترت بعد انتقادات حادة وجهها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان للسياسات الاسرائيلية بشأن قطاع غزة منذ العام الماضي. بحسب رويترز.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان تركيا تنحاز الى الدول الاسلامية المعادية لاسرائيل مثل ايران وان هذا الانحياز بدأ قبل حملة غزة.

ونقل مسؤول في مكتب نتنياهو عنه قوله في وقت متأخر " هذا مبعث قلق لاسرائيل."

وقال المسؤول ان نتنياهو كان على علم باستدعاء السفير التركي لكنه لم يكن على علم بالطريقة التي عقد بها الاجتماع.

وقال وزارة الخارجية التركية ان داني أيالون نائب وزير الخارجية الاسرائيلي حاول اهانة السفير التركي أوجوز شيليخول أثناء اجتماع للاحتجاج على مسلسل يذيعه التلفزيون التركي يصور الدبلوماسيين الاسرائيليين على انهم العقول المدبرة لعصابة لخطف الاطفال.

ودعا أيالون أطقما اعلامية لحضور بداية الاجتماع في القدس وأشار الى عدم وجود علم تركي على الطاولة. وقال أيضا انه تعمد تجنب مصافحة السفير.

وفي اللقطات التلفزيونية التي أذيعت في تركيا على نطاق واسع شوهد شيليخول جالسا على مقعد منخفض لتأكيد الاحساس بقسوة التأنيب.

واستدعت وزارة الخارجية الاسرائيلية السفير التركي بسبب مسلسل يذيعه التلفزيون التركي يصور دبلوماسيين اسرائيليين بأنهم العقول المدبرة لعصابة لخطف الاطفال.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان "نتوقع تفسيرا واعتذارات من السلطات الاسرائيلية على التصرف ضد سفيرنا في تل أبيب اوجوز شيليخول وبالطريقة التي تم من خلالها التعبير عن هذا التصرف."

وأضاف البيان "نطالب وزارة الخارجية الاسرائيلية التي لم يتماش سلوكها وتوجهها تجاه سفيرنا في تل أبيب مع الدبلوماسية أن تحترم قواعد الكياسة."

ورفض أيالون في مقابلة مع راديو الجيش الاسرائيلي الاعتذار. وقال

"فيما يتعلق بالاساليب الدبلوماسية المتاحة هذا اقل ما يمكن نظرا للاستفزازات المتكررة من اللاعبين السياسيين ولاعبين اخرين في تركيا."

وكان هناك غضب مماثل في العام الماضي بسبب مسلسل تركي صور جنودا اسرائيليين يقتلون أطفالا فلسطينيين.

ونفى مسؤولون أتراك يوم الثلاثاء تلميحات في بعض وسائل الاعلام في منطقة الشرق الاوسط باستدعاء سفيرها قائلة انه موجود في تركيا لحضور لقاء للسفراء جرى ترتيبه منذ فترة طويلة.

ويأتي أحدث تبادل للانتقادات بين الدولتين قبل زيارة مقررة ليوم واحد لوزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك. وقال مكتب باراك يوم الثلاثاء ان الزيارة تأتي بناء على دعوة من الرئيس التركي عبد الله جول.

وأصدرت اسرائيل أقوى انتقاد لرئيس الوزراء التركي قائلة ان انتقاداته العلنية الحادة المعتادة لسياساتها قد تقوض العلاقات بين البلدين.

وفي لندن جدد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو انتقادات بلاده لاسرائيل بسبب غزة. وقال ان غزو القطاع في عام 2008 كان نقطة تحول في العلاقات التركية الاسرائيلية في وقت كادت فيه مفاوضات السلام التي تجرى بوساطة تركية على وشك أن تحقق السلام بين اسرائيل وسوريا.

وقال داود أوغلو ""قبل يوم واحد من الهجوم على غزة كنا قريبين جدا من السلام بين اسرائيل وسوريا (و) فجأة هاجمت قوات جوية اسرائيلية غزة."

ومنعت تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي اسرائيل العام الماضي من المشاركة في مناورة عسكرية تابعة للحلف وهو القرار الذي انتقدته واشنطن. وقال اردوغان ان ذلك جاء نتيجة لقلق عام بشأن الحملة العسكرية الاسرائيلية في غزة.

وهناك تعاون عسكري وثيق بين تركيا واسرائيل منذ التسعينات بما في ذلك استخدام سلاح الجو الاسرائيلي للمجال الجوي التركي للتدريب.

وتتبادل الدولتان الاطلاع على معلومات المخابرات وتربطهما علاقات تجارية قوية تشمل بيع معدات عسكرية استراتيجية.

من جانبه اعتذر داني ايالون نائب وزير الخارجية الاسرائيلي عن الطريقة التي تعامل بها مع السفير التركي في تل ابيب لدى استدعائه الى مكتبه احتجاجا على مسلسل تركي اعتبرته اسرائيل معاديا لها وللسامية.

وقال ايالون في بيان صادر عن مكتبه "اصر على احتجاجي على الهجمات التي تستهدف اسرائيل في تركيا.  بحسب فرانس برس.

غير انه ليس من عادتي اهانة السفراء الاجانب، وفي المستقبل ساوضح موقفي عبر قنوات دبلوماسية اكثر قبولا".

المفاوضات السورية الإسرائيلية

وعلى صعيد آخر، قال أردوغان في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الحريري في أنقرة إن الرئيس السوري بشار الأسد رفض وساطة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل.

وحول المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل التي جرت بوساطة تركية قال: "لقد توقفت هذه المفاوضات في الجولة الخامسة ويسألوننا عن كيفية استئنافها."

وأضاف "هناك رأي يقول إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هو الذي سيؤدي هذا الدور فيما الرئيس بشار الأسد يقول 'إننا لا نقبل وساطة الرئيس ساركوزي إنما نريد أن تكون تركيا هي الوسيط وان تتواصل المفاوضات في إطار وساطتها.'"

وتابع أردوغان: "أهم شيء هنا أن نعرف: 'هل تريد إسرائيل السلام أم لا؟'"

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/كانون الثاني/2010 - 30/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م