العالم يبتدع المايكروويف وتنور الطين يتناحر مع الزمن

تقرير: نهله جابر

 

شبكة النبأ: كائنات طينية خرافية تأبى أن تفارق العوائل العراقية لاتخضع لتقلبات الزمن ولامتغيرات سياسته لايمكن ان تعد من التراثيات لانها تتواجد في بيوتات العراقيين رغم تطور الزمن، إذ تفضل وتتمسك كثيرمن العوائل ساكني الارياف اضافة الى عدد من ساكني المدن التنور الطيني رغم تقادم السنون وتطور الالات الطبخ من الغاز الى المايكرويف ال.......، لآن نكهة الخبز كما يؤكد القرويون والمدنيون الذ واطيب من التنور الغازي، فضلا عن ان كلفة التنور  الطيني هي 5 الى 7 آلاف بينما التنور الغازي تتراوح كلفته من 25 الى100 ألف، وحسب الحجم والصناعة والمتانة.

بينما لا تحتاج عملية بناء تنور الطين الى وسائل وامكانيات صعبة المنال وغير متوفرة، اذا يتم بناءه من تحضير الطين الذي يؤخذ من اكتاف الانهر "اي من الجرف" لانها تكون اطيان حمراء تسمى "الطين الحر" عندما ينعرض الى النار تصبح قاسية جدا، تضاف الى مادة الطين "النفاش "الذي يؤخذ من رؤوس البردي الذي ينمو في مناطق الاهوار وتبدء عملية خلطه بالطين الى ان تتحول الى مرحلة بناء التنور مأن تتماسك الجزيئات مع بعضها، لتتم العملية من الاسفل الى الاعلى رويد رويد لتستغرق العملية من 2 الى3 يوم، ويترك ليجف في الهواء.

وتذكر الحاجة "ام احمد" والتي تبلغ من العمر 65 عاما خلال حديثها لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، انها تعمل ببناء الاشكال الطينية من الستينات ولازلت تمتهن تلك الحرفة الى هذا اليوم، تتنهد متنحية عن جلستها المعتادة والتي احدودب ظهرها منها ! نعم ! صناعة التنور الطيني لايحتاج الى مهندسين واختصاصين، بل يحتاج الى خبرة ودراية بعمل الاشكال الطينية،  مشيرة الى الطريقة التي يتم بها بناء التنور الذي تقول عنه بانه عبارة عن وعاء حلزوني مجوف يتخذ شكلا مخروطيا يبدء بقاعدة عريضة لتضيق في القمة،  وعلى جانبية فتحتان احدهما في اليسار واخرى في اليمين، احد هذه الفتحات لدخول الأوكسجين والأخرى لخروج الدخان.

وتضيف سيدة اخرى تعمل ببناء التنور الطيني في منطقة "مطيحة "قرب ابو الخصيب، نحن نعتاش على صناعة وبناء تلك الحرف الشعبية، لكن في الوقت الحاضر اصبحت لاتلبي حاجتنا، بسبب قلة الطلب على تلك المواد، وقالت بان التنور الطيني يحظى بشعبية واسعة من قبل المواطنين في المناطق الريفية بسبب استخدامه لعدد متتالية من النهار لتناول الخبز الحار، وعدم توفر المخابز والافران التي تتواجد في المدينة، وبينت "ام تحسين"عن طريقة "سجر التنور الطيني " نقوم ببناء التنور وتثبيته على الارض ثم نقوم بوضع مادة الخشب والبردي وبكثرة لكي تبدء عملية صنع الخبز بعد ان يحمر التنور لتتناول الخبز الغير ملوث واللذيذ.

وتعالت الضحكات عالية قرب ابو خالد والشيوخ العجائز الذين ينتظرون خروج اول رغيف حار ليتناولونه مع الشاي الحار الذي يصر على شربه بعد ان يخدر على نار الحطب، لافتا الى ان اول رغيف يخرج من التنور يسمى رغيف العافية وكما يشار له في جنوب العراق، ويضيف خطار ابو خالد، ان الخبز الذي يعد في تنور الطين له نكهة وطعم خاص لايضاهيه الخبز الذي يعد في التنو الغازي.

وينوه فاروق خلال حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) الى ان مذاق الخبز في التنور الطيني فارقناه منذ زمن، مثلما فاقنا العديد من المصطلحات والتي صارت من التراث لكننا نعود لها في العراق بسبب توالي الحروب وانعدام توفير الكهرباء، مثال "الجانون "وهو عبارة عن نار تنبعث من كومة الحطب وتستخدم لتحضير الشاي والقهوة.

أما الحاجة ام مهدي 67 عاما، مرت أعوام على ترك تلك الالات التي كنا نستخدمها في تحضير الطعام والشاي والقهوة، تعودنا على استخدام التنور والطباخ الغازي، وأشارت الى ان الحاجة وشحة الغاز وتعرض البلاد الى الحروب دفعنا الى نفض غبار الزمن عنهن والعودة الى تلك المقتنيات، وتقول ام مهدي ان الجانون " عبارة عن موقد صغير له اربعة ارجل يسجر فية الحطب من اجل تحضير الشاي والقهوة.

وتتذمر علآ "من تلك الالات وتقول عنها انها مؤذية خلال الاستخدام وتؤدي الى اثارة العينين، وذلك بسبب الدخان المنبعث منها ,لكننا لاننكر ان التنور الطيني والجانون قدمن خدمة كبيرة لنا في اوقات الضيق.

وبين ابو سامر، "ان الشاي المعد في على الجطب له طعم خاص لايضاهية اي طعم، فهو يزيل الصداع وينشط الدم لدينا،  ويشرب ابو سامر الشاي وهو يدندن اغنية "خدري الجاي خدري _عيوني المن اخدره "منوها الى ان هذه الاغنية كانت لشاي الحطب وليس الغاز.

وقال أستاذ جامعة البصرة /قسم التاريخ انور جاسب، إن البلدان تفتخر بتاريخها وتراثها وتقوم الدولة باقامة متاحف تحفظ فيها ذلك التراث, فلو عرجنا على بيوتات العراقيين لوجدنا انها تحتوي على "الحب "وهو عبارة عن كوز كبير مصنوع من الطين ويفخر بالنار لكي يضع فيه الماء كي يبرد ويشرب منه ولازال يستعمل الى يومنا هذا بعد الانقطاعات المتكررة للكهرباء في فصل الصيف، ونحن نجد ان البيوتات الكبيرة في المدن.

أما كوز الماء هذا فقد اصبح صديق العوائل العراقية في الزمن الحاضر،منوها الى ان التراث العراقي يفخر بوجود العديد من الموجودات والمقتنيات تساعد على اقامة مشاغل ومعارض يدعى اليها وسائل الاعلام لكي تعرف الدول الاجنبية تاريخ العراق العظيم.

من جانبه قالت د.نجاة اسماعيل /جامعة البصرة لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، عاشت العوائل العراقية ردحا من الزمن في حروب جعلتها تفكر ببدائل تغنيها عن اللهاث وراء الغاز والنفط، مما جعلها تقتني التنور الطيني، مشيرة الى كيفية صناعته.

وقالت إن صناعة هذا الصديق "التنور" تتم في المناطق الريفية بصورة كبيرة بسبب عدم توفر المخابز والافران فيها. مبينة الى ان النساء اللواتي يقمن بصناعته من الطين الحر بعد خلطه بمادة تستخرج من البردي ويبنى جزء بعد جزء الى ان يكتمل البناء ليصبح بالتالي على شكلا مخروطيا ذو فتحات للتهوية.

لافتة الى ان الكثير من العوائل لاتستغني عنه بسبب شحة غاز الطبخ في بعض الاحيان.

هذا ويشار الى ان صناعة التنور الطيني تكثر في مناطق الارياف والتي تاتي في مقدمتها الفاو وابو الخصيب "مطيحة" والقكرمة والقرنة اضافة الى مناطق شمال البصرة والاهور لما تتوفر فيها من المواد الاولية التي تتيح للمراة القيام بصناعته.

ولا يقتصر عمل المراة او الرجل على صناعة التنور لطيني بل يتعداه الى صناعات شعبية اخرى تنافس المنتوج الاصلي.  

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/كانون الثاني/2010 - 30/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م