النفط في العراق... طموح يتجاوز الآمال

دول الخليج تكظم مخاوفها والشركات الأجنبية تواجهه التحديات

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: صناعة النفط العراقية التالفة، التي ينهشها الخراب على وشك أن تبدأ مرحلة إعادة هيكلة جذرية فيما يعتقد الخبراء أنه بحلول نهاية العقد فإن العراق قد يصبح أكبر دول العالم إنتاج للمادة الخام.

إلا أن ثمة تحديات أساسية تقف في وجه صناعة النفط العراقية، وعليها أن تجتازها، غير أن نجاح العراق في الوصول إلى هذا الطموح يعتمد على تنوع الاستثمارات الدولية في هذا المجال.

مؤخراً، منحت وزارة النفط العراقية عقود استغلال وتطوير لحقولها النفطية لما يزيد على 10 شركات ومؤسسات عملاقة من مختلف أنحاء العالم بحيث يتم زيادة الإنتاج العراقي من النفط خلال السنوات السبع المقبلة إلى 11 مليون برميل يومياً.

وتشكل هذا الرقم، أي 11 مليون برميل يومياً، خمسة أضعاف الإنتاج العراقي الحالي من النفط، كما أنه يضع العراق في مصاف أكبر دولتين منتجتين للنفط في العالم، روسيا والسعودية.

ويرى المحللون أن عقود تطوير حقول النفط العراقية التي أعلنت في ختام جولة التراخيص الثانية، تمثل خطوة مهمة لزيادة الإنتاج النفطي وتطوير البنية التحتية في البلد، فيما عبر البعض عن مخاوفهم بشأن طبيعة عقود الخدمة مشيرا الى إنها “تميل لصالح الشركات.

معادلة الإنتاج

حيث يمتلك العراق تحت أرضه ما لا يقل عن 115 مليار برميل من احتياطي النفط، ما يجعله ثالث أكبر بلد في الاحتياطي النفطي بعد السعودية وكندا.

ويعتقد المحللون أن هناك كميات أخرى غير مكتشفة من النفط، ما يعني أن احتياطيات العراق من النفط ربما تكون أكبر بكثير من المعلن، خصوصاً وأن الصحراء الغربية لم تخضع لعمليات استكشاف بحثاً عن النفط. بحسب (CNN).

يشار إلى أن صناعة النفط العراقية كانت قد عانت من عقود من سوء الإدارة والحصار الاقتصادي والحرب.

في السنوات القليلة الماضية أبعد العنف في العراق والأوضاع الداخلية المتردية والخلافات على عوائد النفط شركات النفط الدولية عن البلاد، غير أن الأمور تغيرت خلال الصيف الماضي، حيث فازت شركة البترول البريطانية BP وشركة النفط الصينية CNPC بعقود تطوير حقل الرميلة النفطي الضخم القريب من مدينة البصرة بجنوب العراق.

وكان الحقل قد لفت اهتمام شركات النفط العملاقة، غير أن شروط منح الامتياز العراقية كانت صارمة للغاية، بحسب كولن لوثيان، المحلل في مؤسسة استشارات الطاقة "وود ماكينزي".

على أي حال، فقد حصلت العديد من الشركات، التي شكلت ائتلافات فيما بينها، على عقود استغلال وتطوير العديد من حقول النفط العراقية، ومن  بين هذه الشركات "إكسون" و"شل" والبترول البريطانية BP و"لوك أويل" Lukoil الروسية والنفط الصينية CNPC و"بتروناس" الماليزية وغيرها.

وخلال هذه الفترة سيبقى إنتاج النفط العراقي في الحدود الحالية، أي حوالي مليونين ونصف المليون برميل يومياً

غير أن معظم الخبراء يقولون إن الوصول إلى هدف إنتاج 11 مليون برميل يومياً هدف بعيد المدى، غير إن إنتاج ما بين 6 - 10 ملايين برميل يومياً يظل أمراً محتملا وأكثر واقعية.

ويظل السلام في العراق أكبر تهديد ماثل أمام تطور صناعة النفط، بالإضافة إلى ذلك فإن الوصول إلى 11 مليون برميل يومياً سيكون أمراً باهظ التكلفة حتى على دولة نفطية كالعراق، كما يقول بعض الخبراء، ناهيك عن التقيد بحصص الإنتاج التي تقررها منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" للدول الأعضاء.

التهديد في خطط العراق التوسيعية

من جهته اكد وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح ان دول مجلس التعاون الخليجي لا تشعر بالتهديد من خطط العراق لزيادة انتاجه النفطي، وذلك في ختام القمة السنوية للمجلس التي عقدت في الكويت.

وقال الشيخ محمد "لا نشعر بالتهديد من خطط العراقي لتوسيع انتاجه النفطي". واتى تصريح وزير الخارجية الكويتي ردا على سؤال عما اذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي تشعر بالتهديد من عزم العراق زيادة انتاجها بشكل كبير في غضون السنوات المقبلة مع سعيها لانتاج 12 مليون برميل من الخام يوميا. بحسب فرانس برس.

وتملك دول مجلس التعاون الخليجي 40% من النفط العالمي وتنتج حاليا حوالى 15 مليون برميل من الخام يوميا. وتملك دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية والكويت والبحرين والامارات وقطر سلطنة عمان) 45% من احتياط النفط الخام المثبت وربع احتياط الغاز في العالم. وتضخ هذه الدول نحو 15 مليون برميل من النفط الخام في اليوم، اي قرابة خمس الاستهلاك العالمي.

وان منح استغلال سبعة حقول نفطية عراقية يومي الجمعة والسبت الى تحالفات دولية بعد طرح ثلاثة مشاريع اخرى في المزاد في حزيران/يونيو، سيسمح للعراق بانتاج 12 مليون برميل من النفط يوميا في 2016، مقابل 2,5 مليون برميل يوميا الان.

واكدت قمة الكويت في بيانها الختامي "الثقة في متانة اقتصاديات دول المجلس وقدرتها على تجاوز تبعات الازمة" الاقتصادية العالمية التي تاثرت بها دول الخليج بقوة.

كما وجهت القمة بانشاء مجلس النقد وطلبت من مجلس ادارته العمل على وضع جدول زمني لاصدار العملة الخليجية الموحدة التي كان يفترض ان تصدر في 2010 بحسب الجدول الزمني الاساسي.

عائدات العراق النفطية

الى ذلك اعلنت وزارة النفط العراقية ان حجم عائدات تصدير النفط خلال العام 2009 بلغت حوالى 41 مليار دولار، اي اقل بما نسبته 34% من عائدات العام 2008.

وافاد بيان للوزارة ان "العائدات المالية من تصدير النفط خلال العام 2009 بلغت اكثر من 41 مليار دولار". وكان حجم العائدات بلغ حوالى 62 مليار دولار خلال العام 2008.

واستطاع العراق خلال جولتي استدراج عروض خلال العام المنصرم، التعاقد مع كبريات الشركات العالمية النفطية لتطوير حقوله املا بزيادة انتاجه الخام الى 12 مليون برميل يوميا خلال السنوات الست المقبلة. بحسب فرانس برس.

ويعتمد اقتصاد العراق بصورة رئيسية على النفط الخام الذي تشكل عائداته قرابة 85 في المئة من موارد البلد. ويصدر العراق النفط عبر موانىء جنوبية عبر الخليج اضافة الى ميناء جيهان التركي.

قلق من طبيعة العقود

من جانب آخر يرأى المحلل السياسي قاسم حنون، ان “الهدف من جولة التراخيص الثانية هي محاولة لزيادة الإنتاج النفطي، وقد انطوت على قدر كبير من الشفافية إذ جرت أمام الرأي العام والصحافة”، موضحا ان “العقود تستهدف اعمار البنية التحتية للقطاع النفطي الذي يتطلب عشرات المليارات، وهو ما لم تستطع الموازنة الاتحادية توفيره”.

وقال حنون ان “هناك من يثير اللغط حول القضية وبدوافع مختلفة، فهناك جهات إقليمية محسوبة على الأوبك تريد أن يبقى إنتاج العراق وفق المعدل الحالي أي بحدود ثلاثة ملايين برميل، فضلا عن جهات تدفع الى أن لا تتمكن الحكومة من اعمار البنية التحتية للبلاد ومواصلة الاعمار والاستثمار”. بحسب أصوات العراق.

وأشار حنون الى ان “تحقيق الاعمار مرتبط بتحسن الوضع الأمني، لذلك يسعى الإرهاب ويواصل عرقلة جهود البناء وخصوصا تطوير القطاع الاقتصادي وتحديدا القطاع النفطي”.

فيما رأى نائب مدير تحرير جريدة المنارة موفق الرفاعي ان “عقود الخدمة تميل لصالح الشركات الرأسمالية، خاصة أن العراق في وضع لا يمكنه سياسيا وقانونيا من خوض غمار مثل هذه العقود، فليس لديه الإمكانات والبدائل”.

وقال الرفاعي ان “العراق يفاوض تحت ضغط ضعف مركزه الاقتصادي، مما يجعله ليس في المركز الأقوى في مثل هكذا مفاوضات، وبالتالي ستميل الكفة حتما لصالح الشركات الكبرى”.

واضاف “جولة التراخيص الأخيرة ذهبت إلى مجموعة من الشركات الكبرى، مما يؤشر الشهية الكبيرة والرغبة في تقاسم ثروات العراق”.

وتابع “نحن نعرف امكانات هذه الشركات ومدياتها في فرض سياساتها على الدول الكبرى وليس على العراق فحسب”، مستدركا “إذا كانت دولة مثل أمريكا بجبروتها وقوتها تحركها سياسيا الاحتكارات الكبرى، فماذا يجري على الدول الصغيرة”.

من جهته قال المواطن عبد الواحد سعد (65 عاما) موظف متقاعد، “لا تهمني قضية التراخيص الجديدة،  فلن يدخل جيوبنا أي شيء بوجود تراخيص أو دونها، قضيت هذا العمر الطويل في عوز وحاجة دائمة”.

وأضاف “ليس للفقراء أمثالي أي رأي بمثل هذه الأمور، لأنها تهم غيرنا أو تهم المسؤولين على وجه خاص، نسمع بأننا دولة نفطية لكننا لم نلمس هذا في أي عصر”.

وتابع “إذا كانت هذه الحكومة ترى أن مثل هذه العقود ستزيد الإنتاج فهنيئا لهم، نأمل أن يعطونا ما يسد الكفاف، فالنفط كما يقولون ثروة وطنية وليس وقفا”.

لكن محمد مشاري (35 عاما) موظف، كان له رأي آخر ، فرأى ان “الاستثمار في القطاع النفطي هو الطريق الوحيد لتطوير هذا القطاع”.

وقال “بعيدا عن المخاوف وعن الوطنية المفرطة أرحب بهذه العقود، لأنها طريق لتطوير البلد”.

وأوضح ان “العالم تطور من خلال الاستثمار وليس العراق استثناءا من ذلك، وخصوصا في ظل المحاصصة والتقاطعات السياسية التي تحكم الراهن العراقي فليس أمامنا سوى أن نسلك هذا الطريق”.

وأضاف “سمعت أن العقود التي أبرمت هي عقود خدمة وليست عقود مشاركة، أي سيتقاضون مبلغا محددا عن كل برميل”. وتساءل ” ما الضير في ذلك، وما فائدة المزايدات في هذا المجال”.

وكان وزير النفط حسين الشهرستاني، قد قال في مؤتمر صحفي عقب ارساء العقود، ان “مجموع الانتاج من الحقول السبعة في الجولة الثانية مع الحقول الثلاثة التي تأهلت في الجولة الاولى مع الانتاج الوطني الحالي سترفع الانتاج النفطي في العراق خلال السنوات الست المقبلة الى اكثر من 12 مليون برميل يوميا”.

ولفت الشهرستاني ان “الاسعار التي تقدمت بها الشركات كانت تنافسية ولا مثيل لها في البلدان المجاورة”، مبينا ان العراق حريص على التعاون مع الشركات الفائزة لإنجاح مهمتها”، منوها الى ان “العقود المقدمة هي عقود خدمة وليست مشاركة بالانتاج”.

تحديات العمل

من جهة أخرى سيكون على شركات عالمية مثل بي.بي البريطانية وايني الايطالية التعامل مع عمال لم يألفوا التكنولوجيا وطرق العمل الحديثة وشركة حكومية عرضة لتغييرات متكررة في ادارتها والتدخل السياسي.

وقال مراقب لقطاع النفط العراقي طلب عدم ذكر اسمه "سيبحثون كيفية التكيف مع شركة نفط الجنوب التي كانت معزولة لفترة طويلة جدا. مجرد الحفاظ على مستوى الانتاج كان عملا استثنائيا من جانبها وحققت ذلك باستخدام الموارد القليلة المتاحة." بحسب رويترز.

والبنية الاساسية النفطية في العراق متهالكة بعد سنوات من الحرب والاهمال. ولم تستطع شركة نفط الجنوب التي تشرف على معظم انتاج العراق من الخام سوى ادخال تحديثات أغلبها شكلية على معداتها. وعادة ما يبحث المهندسون عن قطع غيار وسط الخردة.

وتعرض كثير من المنشآت وخطوط الانابيب لتفجيرات أو هجمات في سنوات من الفوضى أعقبت الغزو الامريكي وفر معظم العمال المؤهلين الى خارج البلاد.

وقال مسؤول كبير بقطاع النفط رفض ذكر اسمه "رحل عدد كبير من العمال المؤهلين بما يجعلني أتساءل ان كان لدى شركة نفط الجنوب كوادر مؤهلة حتى لمجالس الشركات المشتركة الجديدة.

"سيكون هناك نوع من الصدمة الثقافية وسيكون على شركات النفط الكبيرة تدريب العاملين. قد يتسبب ذلك في تأخيرات."

وشركات النفط الاجنبية الكبرى ملتزمة في عقودها بتوظيف عراقيين وتدريبهم.

وستجري اعارة كثير من عمال شركة نفط الجنوب الى الشركات الاجنبية مما يغذي شكوكا بين العراقيين الذين يخشون فقد وظائفهم الحكومية ويسبب صداعا اداريا محتملا لشركات النفط الاجنبية.

وتساءل وزير النفط الاسبق ابراهيم بحر العلوم عن هيكل المرتبات وهل سيكون مستقلا عن هيكل رواتب شركة نفط الجنوب . وتوقع بحر العلوم أن يخلق ذلك مشاكل بين العمال.

وعلى الجانب المشرق قال كثير من المهندسين انهم سيحرصون على العمل مع كبرى الشركات النفطية بعد أن أحبطتهم سنوات لم تشهد تطورا يذكر في الحقول. وقال مسؤول كبير بقطاع النفط في ثاني جولة لترسية عقود في العراق انتهت يوم السبت ان المجموعات الاولى من عمال النفط لاقت استقبالا ايجابيا.

وأضاف "هناك الكثير ممن يرغبون في انجاز الامور... تسير الامور بشكل جيد جدا حتى الان."

وستمتلك شركة نفط الجنوب حصة 25 بالمئة في اتحادات الشركات التي فازت بعقود الحقول الجنوبية في جولتي ترسية العقود ومن المتوقع أن تعين أعضاء في مجالس ادارات تلك الاتحادات وعمالا في العمليات المشتركة.

لكن تكرار تغيير ادارة الشركة التي تتخذ من البصرة مقرا قد يعقد الامور. وتعاقب على الشركة ثلاثة رؤساء خلال نحو 18 شهرا وهو معدل اذا استمر من شأنه أن يجعل تنفيذ اتفاقات الخدمة التي مدتها 20 عاما مع الشركات النفطية الاجنبية أمرا صعبا.

وقال محمود الجبوري الخبير لدى شركة نفط الجنوب ان عمليات الشركة تحتاج تخطيطا بعيد المدى وهو أمر غير ممكن مع تعيين مدير جديد كل شهر.

وتقول مصادر مطلعة داخل قطاع النفط العراقي ان من بين أسباب التغييرات حدوث خلافات شخصية مع وزير النفط العراقي.

كما أن النفط هو مصدر كل عائدات العراق تقريبا مما يضع شركة نفط الجنوب تحت ضغط سياسي حتى تحسن أداءها.

وربما ينبع التدخل السياسي أيضا من مخاوف انفصالية أو مساع لحصول جنوب العراق على قدر أكبر من الاستقلال.

وتراجع مثل هذا الحديث في العامين الاخيرين لكن الاكراد في شمال العراق استطاعوا استخدام عائدات حقول النفط هناك لدعم طموحاتهم للحصول على حكم ذاتي.

ويمثل ذلك مشكلة لحكومة بغداد التي يقودها العرب الشيعة والتي تحاول تشكيل سلطة مركزية. وليس من المرجح أن تغامر الحكومة بتخفيف سيطرتها على الجنوب.

واذا حققت اتفاقات النفط الجديدة في العراق المرجو منها فان انتاجه قد ينافس انتاج السعودية أكبر منتج للخام في العالم مما سيغير من وضع العراق الاقتصادي والسياسي في المنطقة بشكل جذري.

وقال الجبوري ان الحكومة تعمل جاهدة لاحكام قبضتها على شركة نفط الجنوب لانها تعرف أنها مركز السلطة هناك.

شركة نفط الشمال

من جانب آخر عين العراق مسؤولا شيعيا مخضرما في قطاع النفط كمدير عام لشركة نفط الشمال الحكومية في خطوة اغضبت بعض الاكراد والعرب السنة في مدينة كركوك بشمال البلاد حيث يقع مقر الشركة.

وقال متحدث باسم وزارة النفط العراقية انها عينت حميد الساعدي مديرا عاما لشركة نفط الشمال ليحل محل مناع عبد الله العبيدي الذي تقاعد بعد حياة مهنية طويلة مع الشركة.

وجاء القرار المثير للجدل في الوقت الذي يسعى فيه العراق لاستكمال عقود مع شركات أجنبية من شأنها أن ترفع العراق الى مصاف أكبر منتجي النفط في العالم.

ويملك العراق ثالث أكبر احتياطيات نفطية في العالم لكن انتاجه من النفط يبلغ حاليا نحو 2.5 مليون برميل يوميا فقط. بحسب رويترز.

وأمر وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني أيضا باستبدال ثلاثة اخرين من كبار المديرين في الشركة التي تشمل حقولها الانتاجية حقل كركوك العملاق الذي يقع شمالي بغداد.

وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط لرويترز "تشيد وزارة النفط بدور كل المديرين بمن فيهم مناع العبيدي الذي عمل في أصعب الاوقات لاعادة الانتاج العراقي من النفط الى معدلاته الطبيعية."

وتطالب كل الحكومة العراقية المركزية في بغداد والمنطقة الكردية شبه المستقلة في الشمال بتبعية كركوك لها.

وتمثل المدينة التي تبعد 250 كيلومترا شمالي العاصمة قلب صناعة النفط في شمال العراق ويعيش بها مزيج سكاني من العرب والاكراد والتركمان.

وقدم بعض مسؤولي الشركة بينهم أكراد وعرب شكوى فورية بشأن القرار متهمين وزير النفط بمحاولة السيطرة على الشركة من خلال تعيين مدير جديد أصوله من خارج كركوك.

ونفى جهاد وجود أي دوافع سياسية وراء تعيين الساعدي.

وعمل الساعدي الذي كان نائبا للعبيدي في الاونة الاخيرة موظفا لفترة طويلة في شركة نفط الشمال في كركوك. لكن أصوله تعود الى محافظة ميسان بحنوب العراق لذا يعتبره الكثيرون في كركوك دخيلا.

وقال بيشتيوان محمد وهو مهندس بشركة نفط الشمال "نرفض هذا التعيين كليا." وتابع "ينبغي أن يكون أي شخص يتم اختياره كمدير لشركة نفط الشمال من محافظة كركوك وأن يحظى باجماع كل الاطراف السياسية."

وأثنى العبيدي على خبرة الساعدي لكنه قال ان تعيينه "لا يناسب الوضع الخاص لكركوك".

وأضاف "ينبغي لوزارة النفط أن تضع في الاعتبار أن كركوك لها وضع سياسي معقد. سيسبب تعيين حميد الساعدي على الارجح مشكلات في المستقبل داخل وخارج شركة نفط الشمال."

وقالت نقابة عمال النفط في كركوك انها بعثت رسالة الى مجلس محافظة كركوك للاعتراض على تعيين الساعدي.

وقال زعيم نقابي كبير في كركوك "ننتظر تحرك الحكومة المحلية.. والا فلن ندخر جهدا بما في ذلك تنظيم اعتصام أو مظاهرة لرفض قرار وزارة النفط."

خطة جديدة للتطوير

في السياق ذلته قال المدير العام الجديد لشركة نفط الشمال في العراق حميد الساعدي ان الشركة وضعت خطة لزيادة انتاج النفط المستخرج من حقولها الشمالية ويجري تنفيذها حاليا.

واضاف ان "الملاكات الفنية والهندسية في الشركة تعمل على تطوير حقل عجيل النفطي (110 كلم جنوب كركوك) بهدف اضافة 28 الف برميل يوميا في الربع الاول من العام الحالي من حوالى خمسة الاف برميل حاليا". بحسب فرانس برس.

واوضح ان "الخطة السنوية والفصلية التي تجري مراجعتها باستمرار وتدقيق تشمل تطوير عموم حقول الانتاج في سبعين بئرا نفطيا من قبل خبرات فنية عراقية".

وتابع الساعدي ان "كوادر الشركة تعمل على تطوير حقل باي حسن، من اكبر حقول نفط الشمال (50 كلم شمال غرب كركوك)، بحيث سيصل انتاجه في الربع الاول من العام الحالي الى 195 الف برميل من 175 الف برميل يوميا".

وقال "لدينا خطط واسعة لكن لا يمكننا الكشف عنها الا بعد المباشرة بها او انجازها، فهدفنا تنفيذ خطط التطوير وزيادة الانتاج ونعمل حاليا بطاقتنا القصوى".

يشار الى ان الطاقة القصوى تعني ان التصدير يبلغ 640 الف برميل يوميا، لكنه احيانا يتوقف او يتراجع الى 300 الف برميل يوميا بسبب وجود خزانات للنفط المستخرج قرب مصفاة بيجي او ضمن ميناء جيهان التركي ويجري التعويض بعد افراغها.

وتنتج "شركة نفط الشمال" حوالى 670 الف برميل يوميا تصدر منها بين 450 و640 الف برميل يوميا فضلا عن الحصة المقررة للاردن ويبلغ حجمها عشرة الاف برميل يوميا.

وللشركة التي يعمل فيها 16 الف موظف امتدادات في تسع مدن تقع على الحدود السورية والايرانية والتركية ومدن وسط وشرق وغرب العراق تضم حقول كركوك وباي حسن وبابا وجمبور وعجيل والخباز ونجمة والقيارة وغيرها.

وتعمل وزارة النفط على تأسيس شركات نفطية في المدن التي يتجاوز انتاجها اليومي 100 الف برميل بدلا من ابقاء شركتي نفط الجنوب والشمال وميسان.

ويحتل العراق المرتبة الثالثة عالميا بعد السعودية وايران من حيث الاحتياطي النفطي المؤكد مع 115 مليار برميل. وينتج حاليا 2,4 مليون برميل يوميا يصدر منها حوالى 1,85 مليون برميل خصوصا من حقول قرب البصرة (جنوب).

من جهة اخرى، قال اسلاعدي ان "الفرق الفنية التي تعمل تواجه صعوبات بسبب التجاوزات الحاصلة على شبكة الانابيب وخصوصا الصغيرة منها بغية سرقة النفط. لكننا نكتشف ذلك من خلال الرقابة الميدانية لمسارات الخط او نتيجة انخفاض ضغط الضخ".

واكد حصول "تجاوزات على شبكة الانابيب الكبيرة ايضا لكننا نكتشفها بسرعة ففحصها اسهل من الانابيب الصغيرة".

والساعدي مهندس ميكانيك خريج بريطانيا متزوج وله ولد وثلاث بنات. وهو من الخبرات التي عملت في شركة نفط العراق قبل استحداث نفط الشمال وقد شارك في تأميم النفط مطلع سبعينات القرن الماضي.

يشار الى ان وزارة النفط عينت الساعدي قبل عشرة ايام في منصبه الحالي ورافق ذلك تهديد موظفين ونقابيين في الشركة بتحركات سلبية اذا لم تتم اعادة النظر في القرار لانه من الجنوب وليس من ابناء المنطقة.

وختم الساعدي "اعمل وفق القانون وخادما لشعب العراق واهل كركوك التي عشت فيها طيلة حياتي وهي تشبه باقة ورد مختلفة الالوان.

لقد تدرجت وظيفيا في الشركة منذ 39 عاما وكنت قبل تولي المنصب الجديد مسؤولا عن هيئة العمليات في نفط الشمال".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/كانون الثاني/2010 - 30/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م