
شبكة النبأ: يوحي هدوء لم يسبق له
مثيل لأعمال العنف في الجزائر بأن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي
ينقل نشاطه الذي يضمّ الكمائن والتفجيرات وعمليات الخطف جنوباً الى
الصحراء الكبرى الشاسعة، فللمرة الاولى منذ أوائل التسعينيات من القرن
العشرين مرَّتْ خمسة شهور على الجزائر دون أن تشهد سوى هجوم كبير واحد
من المتمردين.
من جهة ثانية أثار نجاح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في كبح
جماح العنف الاسلامي تحدياً يتمثل في أن الناس يطالبون الان حكومتهم
بتوفير مزيد من الوظائف وزيادة الرواتب، فيما احتفلت الجزائر المصدرة
للنفط بمرور عشرة أعوام منذ طرح بوتفليقة سياسة للمصالحة الوطنية لعبت
دوراً محورياً في الحد من العنف الذي كان سائداً.
مع تراجع أعمال العنف.. نشاط القاعدة ينتقل
جنوباً
وللمرة الاولى منذ أوائل التسعينيات من القرن العشرين عندما نشب
صراع شامل بين قوات الحكومة الجزائرية واسلاميين مسلحين مرت خمسة شهور
على الجزائر دون أن تشهد سوى هجوم كبير واحد من المتمردين.
لكن محللين يقولون ان مقاتلي القاعدة في شمال افريقيا لم يهزموا
تماما لكنهم نزحوا الى منطقة صحراء الساحل التي تضم أجزاء من الجزائر
ومالي وموريتانيا والنيجر.
وقال ليس بوقراع نائب رئيس المركز الافريقي للدراسات والبحوث حول
الارهاب وهو مؤسسة بحثية يمولها الاتحاد الافريقي انه لم يعد يوجد ما
يسمى بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي بل أصبح هناك ما وصفه بأنه
تنظيم القاعدة ببلاد الساحل الاسلامي. بحسب رويترز.
ويثير الوجود المتنامي للقاعدة في الساحل قلقا اضافيا للحكومات
الغربية التي تخشى أن يكون التنظيم قد وجد ملاذا آمنا له في الصومال
واليمن.
وتمنع الحدود التي يسهل اختراقها حكومات منطقة الساحل من التصدي
للامر وكذلك نقص القوات والمعدات لمراقبة منطقة شاسعة تعيش فيها قلة من
الناس لكن بها مخزونات كبيرة من النفط والغاز واليورانيوم وغيرها من
المعادن التي يطمع فيها العالم الصناعي.
ويضغط العدد المتزايد لعمليات خطف السائحين الاجانب والعاملين في
مجال المساعدات والدبلوماسيين عام 2009 على حكومات المنطقة حتى تحرز
تقدما في الوفاء بوعودها لتعزيز التعاون فيما بينها لقتال القاعدة في
الصحراء الكبرى.
وقالت ان جيديسيلي وهي خبيرة في شؤون أمن المغرب العربي بمؤسسة
تيروريسك الاستشارية في باريس "سيكون هذا العام اختبارا مهما لما يمكن
أن تقوم به الجزائر مع شركائها الجنوبيين لمواجهة توسع هذه الجماعات
المختلفة في مناطق الحدود."وأضافت "بدأ الامريكيون في دس أنوفهم
وسيتدخل الاوروبيون أكثر ... يتوقف الكثير على ما يحدث في هذه المنطقة."
أعمال شغب تكشف عن غضب جيل كامل
يعتبر محمد خير فلاح الشُبّان في حيه الذين رشقوا الشرطة بالحجارة
والقنابل الحارقة بالعاصمة الجزائرية هذا الأسبوع يؤدون خدمة لمجتمعهم.
فخير فلاح (66 عاما) مثل جيرانه ضاق ذرعا من انتظار أن تعطيه
الحكومة مسكنا جديدا. وقال وهو يقف في شقته الصغيرة المكونة من غرفة
واحدة ويعيش بها مع 11 من أفراد أسرته الكبيرة "الوضع هنا دوما مثل
الكابوس."
وشهد حي ديار الشمس حيث يعيش أعمال شغب هذا الاسبوع بسبب مشكلة
الاسكان والبطالة. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه
في محاولات فاشلة لتفريق مثيري الشغب وأصيب العديد من الضباط.
وسلطت الاضطرابات وهي أسوأ اضطرابات جماهيرية في العاصمة الجزائرية
خلال سنوات الضوء على مشكلة عميقة الا وهي الغضب والاحباط اللذان يشعر
بهما ملايين الفقراء بهذه الدولة المنتجة للطاقة من حكومة يعتقدون أنها
خذلتهم.
وقال خير فلاح "الشبان حققوا ما لم نستطع تحقيقه بالوسائل السلمية.
انهم ينصتون لنا لان الشبان أثاروا الكثير من الجلبة." بحسب رويترز.
ومن غير المرجح أن تهدد الاضطرابات حكومة الجزائر لان أحزاب
المعارضة ضعيفة كما أن الدولة تمتلك جهازا امنيا كبيرا لاحتواء
الاضطرابات المدنية.
لكن محللين يقولون ان الاحباط في تزايد مما يوسع الهوة بين الحكومة
والشبان والفقراء الذين يسكنون في المدن بالبلاد التي توفر 20 في المئة
من واردات اوروبا من الغاز وما زالت تحاول الخروج من صراع مع المتشددين
الاسلاميين.
ويقول ناصر جابي وهو متخصص في علم الاجتماع ويقوم بالتدريس في جامعة
الجزائر العاصمة ان الاضطرابات باتت روتينا الان في الجزائر وانها
أصبحت رياضة قومية لان الناس ببساطة لا يرون اي تحسن في ظروف معيشتهم
اليومية.بالمناطق الفقيرة من ديار الشمس تبدو أسباب غضب السكان واضحة.
وتتألف المنطقة من مبان سكنية أقيمت خلال فترة حكم فرنسا الاستعماري
في الخمسينات والى جوارها منطقة عشوائية من الاكواخ البسيطة. وقال سكان
محليون ان هناك 1500 شقة لمجتمع يتكون من نحو 25 الفا.
الجزائريون يتطلعون الى حياة افضل تتجاوز
العنف
من جهة ثانية أثار نجاح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في كبح
جماح العنف الاسلامي تحديا يتمثل في ان الناس يطالبون الان حكومتهم
بتوفير مزيد من الوظائف وزيادة الرواتب .
واحتفلت الدولة المصدرة للنفط بمرور عشرة اعوام منذ طرح بوتفليقة
سياسة للمصالحة الوطنية لعبت دورا محوريا في الحد من العنف على الرغم
من ان متشددين مرتبطين بالقاعدة مازالوا يقومون بهجمات متفرقة.
ولكن بدأ الجزائريون مع اعتيادهم على امن افضل في التطلع الى
الحكومة لكي تستخدم عائدات الطاقة لديها في ان تفعل المزيد فيما يتعلق
بقضايا المعيشة والرفاهية التي لم تحظ باهتمام يذكر خلال عقدين تقريبا
من الحرب الاهلية.
وقال محمد شجران (65 عاما) الذي يمتلك مطعما صغيرا في بلدة الاربعاء
على بعد 50 كيلومترا شرقي الجزائر انه في ذروة الصراع في التسعينات
كانت الجثث المشوهة تلقى في شوارع البلدة كل يوم.
وقال شجران وهو يشير الى الطين الذي يغطي الطريق بعد لحظات قليلة من
المطر " السلام عاد الان ولكننا نريد الوظائف والمنازل لاولادنا كما
نريد خدمات افضل."
والسخط بسبب ما ينظر اليه على انها اوجه قصور حكومية امر واضح من
احداث الشغب المتكررة واضرابات العمال والاف الجزائريين الذي يغامرون
بحياتهم كل عام ليهربوا الى اوروبا بعبور البحر المتوسط.
ويقول المحللون ان الاضطرابات الاجتماعية يمكن ان تحل محل عنف
المسلحين باعتبارها اكبر تهديد للاستقرار في الجزائر رابع اكبر مصدر
للغاز في العالم وثامن اكبر مصدر للنفط.
ويهيمن على حكومة الجزائر جيل خاض حرب الاستقلال عن فرنسا في
الخمسينات والستينات وبعد ذلك رسخ قوته بقتال الاسلاميين.
وقال فاروق قسنطيني وهو محام يترأس لجنة حقوق انسان ترعاها الدولة
ومقرب من بوتفليقة ان النظام السياسي يحتاج الى تجديد الان بعد ان خف
العنف.
وقال لرويترز، انه يعتقد ان بروز طبقة سياسية جديدة هو امر ايجابي
وضروري.وسقطت الجزائر في اتون الحرب الاهلية بعد ان الغت حكومتها
المدعومة من الجيش انتخابات تشريعية في عام 1992 كان سيفوز بها حزب
اسلامي. وخشت الحكومة وقوع ثورة على غرار الثورة الايرانية.
ومع تراجع القتل استخدمت الحكومة الدخل من النفط والغاز لبدء خطط
تنموية تقدر بمليارات الدولارات لاعادة بناء الطرق والمستشفيات
والمدارس وتخفيف ازمة الاسكان المزمنة.
ولكن الملايين من الجزائريين مازالوا بدون مساكن ملائمة وتقول
نقابات العمال ان اجور القطاع العام لاتتماشى مع التضخم ويقول صندوق
النقد الدولي ان البطالة بين الشبان في المناطق الحضرية تقارب 30 في
المئة.
الجزائريون يحصلون على فرصة للاستمتاع بوقتهم
انها ليلة يوم الاحد في وسط البلدة بالجزائر العاصمة والاف الشبان
الجزائريين يملاون الشوارع وهم يتصايحون ويرقصون على الايقاع المنبعث
من مسرح مؤقت.
وتندر رؤية هذا المشهد في المدينة التي عانت من سنوات من الصراع بين
الحكومة والمتشددين الاسلاميين. وكانت شوارع الجزائر العاصمة في معظم
الليالي شبه خالية الا من رجال الشرطة المسلحين الذين كانوا يتولون
نقاط التفتيش.
وبعد نحو عقدين من التفجيرات والاكمنة هدأت أعمال العنف بدرجة تسمح
للجزائريين بتبني مفهوم غير مألوف هو الاستمتاع بوقتهم.
وقد استضافت هذه المدينة لاسبوعين مهرجانا افريقيا للرقص والمسرح
والموسيقى والفن الهدف منه هو ان يعرف العالم أن الحياة بدأت تعود ببطء
للجزائر والسماح للناس بأن يتمتعوا بمزيد من الحرية والمرح.
ويقول زواوي بن حمادي مسؤول الاتصال بالمهرجان الثقافي الافريقي
لرويترز "الجزائريون بحاجة الى بعض المرح بعد عقود من الدم والدموع...
الان باتت الحروب والصراعات وراءنا. دعنا نركز على المستقبل."
غير أنه بالنسبة لبعض الناس في الجزائر المحافظة التي يغلب على
سكانها المسلمون فان المتعة قد تمادت كثيرا. وقالت احدى الصحف ان العرض
الذي قدمته راقصات شبه عاريات من افريقيا جنوب الصحراء كان فاضحا
وتساءلت لماذا لم يتدخل الرقباء.
وعلى مدار التسعينات كانت الجزائر ساحة معركة لصراع بين المتمردين
الاسلاميين والقوات الحكومية تقول تقديرات من منظمات غير حكومية انه
أودى بحياة 200 الف شخص.
وألقى كثير من المتشددين السلاح لكن مجموعة متشددة تمارس نشاطها
الان تحت لواء تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي ما زالت تشن هجمات
متفرقة على أهداف حكومية.
وشن المتشددون اكبر هجوم لهم من حيث عدد القتلى خلال نحو عام الشهر
الماضي حين نصبوا كمينا لقافلة تابعة للشرطة مما أسفر عن مقتل 18 ضابطا
من الشرطة شبه العسكرية ومدني واحد حسبما ذكر مسؤولون.
وتم نشر قوات اضافية من الشرطة يبلغ عددها نحو 22 الف فرد لاحباط
الهجمات اثناء المهرجان.ومجرد اقامة المهرجان تظهر التحسن في الاوضاع
الامنية في العاصمة حتى لو استمرت اعمال العنف في اماكن أخرى.
ولم تعان الجزائر من هجوم خطير منذ تفجير مكاتب للامم المتحدة قتل
خلاله اكثر من 40 شخصا في ديسمبر كانون الاول 2007.
وقال منظمو المهرجان انهم جمعوا نحو ثمانية الاف فنان من 48 دولة
منهم الموسيقي السنغالي المعروف يوسف ندور ومغني موسيقى الريجي الفا
بلوندي والمغنية سيزاريا ايفورا الحاصلة على جائزة جرامي وهي من الرأس
الاخضر.
أحدث هجمات المتشددين في الجزائر
وفيما يلي قائمة بأحدث الهجمات التي وقعت في الجزائر حيث يقوم
متشددون مرتبطون بتنظيم القاعدة بحملة تفجيرات وهجمات أخرى على الاهداف
الحكومية، بحسب رويترز:
17 يونيو حزيران - قال مسؤولون ان مسلحين نصبوا كمينا وقتلوا 18 من
أفراد الشرطة ومدنيا في اعنف هجوم منذ ما يقرب من عام. ووقع الهجوم على
طريق رئيسي سريع على بعد نحو 180 كيلومترا شرقي العاصمة الجزائر. وذكرت
الصحف ان افراد الشرطة كانوا مكلفين بمرافقة عمال بناء صينيين.
22 يونيو حزيران - ذكرت عدة صحف ان مسلحين قتلوا خمسة من افراد
الشرطة الجزائرية وخطفوا اثنين اخرين في كمين. وقالت صحيفة الوطن ان
المهاجمين ذبحوا ضحاياهم في الكمين الذي وقع في ولاية خنشلة على بعد
نحو 600 كيلومتر جنوب شرقي مدينة الجزائر.
29 يوليو تموز - ذكرت وسائل اعلام محلية ان مسلحين فجروا قنابل على
جانب طريق واستخدموا الاسلحة الالية في كمين استهدف قافلة عسكرية في
ولاية تيبازة غربي العاصمة مما اسفر عن مقتل 14 جنديا على الاقل. واعلن
تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي مسؤوليته عن الهجوم.
22 اكتوبر تشرين الاول - ذكرت صحف ومصادر امنية ان سبعة من افراد
الشرطة الجزائرية قتلوا في كمين في منطقة تيزي وزو على بعد نحو مئة
كيلومتر شرقي العاصمة الجزائر. |