
شبكة النبأ: في خضم اختراقات أمنية
متتالية واتهامات من الجمهوريين بالإرتباك وضعف التصدي للإرهاب، يستعد
البيت الابيض لنشر تقرير قال مسؤولون كبار انه سيسبب صدمة للأمريكيين
بشأن الأخطاء الامنية التي سمحت لنيجيري أن يقترب من تفجير طائرة متجهة
الى ديترويت يوم 25 ديسمبر كانون الاول. فضلاً عن نكسة لم يشهد لها
جهاز الاستخبارات الامريكية مثيلا منذ عقود عندما فجرَ الانتحاري
الاردني (البلوي) نفسه ليقتل العديد من ضباط ومنتسبي السي آي أيه في
أفغانستان، ومن قبل ذلك حادثة مقتل العديد من الجنود الامريكيين في
اكبر قاعدة على يد الضابط العربي الذي كان على اتصال مع الداعية
المتشدد المدعو العولقي..
ومن جهة اخرى ألقى روبرت جيتس وزير الدفاع الامريكي بثقله وراء
منتقدين للمخابرات العسكرية الامريكية في أفغانستان وزاد الضغط عليها
حتى تحوّلَ تركيزها من قتل المتمردين الى كسب عقول وقلوب المواطنين
الافغان.
صدمة متوقعة من تقرير الادارة الامريكية
ويستعد الرئيس باراك اوباما ليحدد في تصريحاته الخطوات التي تتخذها
الحكومة الامريكية لمحاولة دعم أمن الطيران المدني واضعا في اعتباره
هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 على الولايات المتحدة التي استخدمت
فيها طائرات مخطوفة.
ومن المقرر أيضا ان ينشر البيت الابيض مراجعة سرية للاخطاء التي
سمحت بوقوع محاولة التفجير يوم عيد الميلاد التي اتهم فيها النيجيري
عمر الفاروق عبد المطلب (23 عاما) بمحاولة تفجير شحنة ناسفة مخبأة في
ملابسه الداخلية.
وربما يسعى اوباما بنشر هذه المراجعة الى الحد من الضرر السياسي
لحكومته قبل مراجعة لجان الكونجرس لمحاولة الهجوم.
وسعى الجمهوريون الى اظهار الرئيس الديمقراطي في صورة ضعيفة فيما
يتعلق بالامن القومي. واعترف اوباما بالفعل بوقوع تقصير في حادث يوم 25
ديسمبر.
وقال مستشار الامن القومي بالبيت الابيض جيمس جونز لصحيفة يو.اس.ايه
توداي عن التقرير "فور ان يقرأه الناس اعتقد انه ستكون هناك صدمة مؤكدة...
وسيشعر رجل الشارع بالدهشة من عدم الربط بين هذه المعلومات."بحسب
رويترز.
وقال مسؤول آخر ان ما يسبب الصدمة حقيقة ان خيوطا متعددة لمعلومات
المخابرات كانت متوفرة واذا ربط بينها بطريقة صحيحة لاظهرت على الفور
ان المفجر المشتبه به كان ينبغي ان يوضع في قائمة "عدم الطيران" التي
تمنعه من الصعود الى اي طائرة.
وقال جونز "نحن نعرف ما حدث ونعرف ما لم يحدث ونعرف كيف نصلحه."
واضاف "ينبغي ان يكون ذلك عاملا مشجعا. ولن يكون علينا ان نعيد اختراع
اي شيء للتأكد من عدم حدوث ذلك مرة أخرى."
ومن بين السقطات الامنية ان والد عبد المطلب توجه الى السفارة
الامريكية في نيجيريا وابلغ المسؤولين هناك ان ابنه اصبح يتبنى وجهات
نظر متطرفة لكن لم يتم الاستفادة من هذه المعلومة على الاطلاق.
وقال مسؤول يمني ان تنظيم القاعدة جند عبد المطلب في لندن وانه
التقى برجل الدين الاسلامي المتطرف انور العولقي في اليمن. وكان
العولقي على صلة بالمسلح الذي قتل 13 شخصا في قاعدة للجيش الامريكي في
فورت هود بولاية تكساس في نوفمبر تشرين الثاني.
وقال مسؤول في حكومة اوباما ان ضباط الجمارك وحماية الحدود كانوا
يعتزمون استجواب عبد المطلب لدى وصوله الى ديترويت معترفا بانهم وجدوا
سجلا متعلقا به على قاعدة بيانات للمخابرات.
وقال المسؤول "كانوا سيوجهون اليه بضعة أسئلة إضافية بعد هبوطه قبل
السماح له بدخول البلاد" مشيرا الى انه لم تظهر اية معلومات جديدة عن
عبد المطلب اثناء تحليق الطائرة.
واضاف ان عبد المطلب لم يكن ليمنع من صعود الطائرة في امستردام او
ليخضع لفحص اضافي لانه لم يكن على اي قائمة حكومية للمراقبة.
جيتس يقف وراء منتقدي المخابرات الامريكية في
افغانستان
وألقى روبرت جيتس وزير الدفاع الامريكي بثقله وراء منتقدين
للمخابرات العسكرية الامريكية في أفغانستان وزاد الضغط عليها حتى تحول
تركيزها من قتل المتمردين الى كسب عقول وقلوب المواطنين الافغان.
وقدم الميجر جنرال مايكل فلين نائب رئيس الاركان لشؤون المخابرات في
أفغانستان لدى الجيش الامريكي ودول حلف شمال الاطلسي تقييما سلبيا لدور
المخابرات منذ اندلاع حرب أفغانستان قبل ثماني سنوات ووصفها بالجهل
وقال انها بعيدة عن نبض الشعب الافغاني.
وسلط هذا النقد العلني النادر الاضواء على ما يصفه مسؤولون بحرب من
وراء الستار بين الجيش الامريكي ووكالات الاستخبارات الامريكية حول
تحديد الاولويات.
وفي تقرير صدر عن مؤسسة مركز الامن الامريكي الجديد البحثية قال
فلين ان مسؤولي المخابرات الامريكية في أفغانستان " يجهلون الاقتصاد
المحلي وملاك الاراضي ولا يعلمون على وجه الدقة الاشخاص المؤثرين في
المجتمع وكيفية التأثير فيهم... كما أنهم بعيدون عمن هم في المواقع
الامثل لمعرفة الاجابات."
ونقل التقرير عن ضابط عمليات قوله ان الولايات المتحدة " تجهل ما
يدور" لانها تفتقر للمعلومات اللازمة عن أفغانستان.
ونقل تقرير فلين عن ضابط عمليات في قوة مهمات أمريكية تساؤله عن
السبب في أن المخابرات لا تستطيع الحصول على مزيد من المعلومات حول
الشعب الافغاني وقال "لا أريد أن أقول اننا نجهل ما يدور ولكننا كذلك.
فهمنا للاجواء سطحي للغاية."
وبينما تغيرت استراتيجية الجيش الامريكي تحت قيادة الرئيس باراك
أوباما الى شن حملة ضد المتمردين بغرض تهميش طالبان من خلال كسب تأييد
الشعب الافغاني قال فلين ان وكالات المخابرات الامريكية لازالت تركز
بدلا من ذلك على اعتقال او قتل متمردين من المستوى المتوسط والعالي.
وتعرضت العمليات الامريكية لملاحقة وقتل المتمردين على الحدود
الافغانية الباكستانية والتي تتم عادة بطائرات بلا طيارين تطلق
الصواريخ للادانة من جانب جماعات مدافعة عن حقوق الانسان وزادت من
مشاعر الكراهية للامريكيين.
وصرح جيف موريل المتحدث الصحفي باسم وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون)
بأن وزير الدفاع وجد تحليل فلين "ذكيا" وما توصل اليه "كاشفا."
لكن موريل صرح بان جيتس لديه تحفظات على اختيار فلين لجهة النشر."
وكان نشر مؤسسة بحثية خاصة لتقرير فلين قد اثار دهشة مسؤولين في
البنتاجون.
واعتبره البعض كسرا للتسلسل القيادي المتبع في الجيش ونقدا علنيا
غير معتاد لاجهزة المخابرات التي يقودها فلين في أفغانستان.
الاستخبارات الاميركية تشكل لجنة مستقلة
للتحقيق في اخفاقاتها
وأعلن مدير اجهزة الاستخبارات الاميركية (دي ان آي) دنيس بلير تعيين
مسؤول كبير سابق في "سي آي ايه" رئيسا للجنة مستقلة مهمتها التحقيق في
اخفاقات الاستخبارات الاميركية بعد محاولة تفجير طائرة "نورث ويست"
ومجزرة قاعدة "فورت هود".
وقال بلير في بيان صادر عن مكتبه ان المدير السابق بالانابة لوكالة
الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) جون ماكلافلين سيدير
مجموعة صغيرة من الخبراء في مجال الامن القومي مهمتها اجراء تحقيق "دقيق"
في الحادثتين.واضاف البيان ان هذه المجموعة "ستقدم اقتراحات لمعالجة
الاخفاقات المحتملة (...) التي كشفتها هاتان الحادثتان". بحسب رويترز.
ولفت بلير في بيانه الى ان "جون ماكلافلين يتمتع بكفاءة عالية
لادارة تحقيق مستقل في هذا المجال ولتقديم توصيات صادقة وبناءة".
أوباما لا يطيق صبراً على الاصلاحات الأمنية
من جهته قال رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة الاميرال مايك
مولن ان الرئيس باراك أوباما "لا يطيق صبرا" ويطالب بتغيرات فورية في
أمن الطيران لسد الثغرات التي سمحت لمسافر بمحاولة نسف طائرة يوم عيد
الميلاد.
كما أقر مولن أيضا بأن هناك قلقا لدى الولايات المتحدة بشأن احتمال
أن يسعى متطرفون محتملون لتقليد المحاولة الفاشلة التي قام بها رجل
نيجيري لتفجير طائرة متجهة الى ديترويت باستخدام عبوة ناسفة مخبأة في
ملابسه الداخلية.
وقال مولن في ندوة بجامعة جورج واشنطن "بالتأكيد هناك بواعث قلق
بخصوص احتمال أن يؤدي هذا الى.. ويولد مزيدا من الدعم من جانب الشبان
الصغار الذين قد يكونون في حالة تردد بشأن ما يمكن أن يفعلوه
بحياتهم."بحسب رويترز.
وعقد أوباما اجتماعا استمر ساعتين مع فريقه الخاص بالامن القومي
ووصف حادث عيد الميلاد بأنه خطأ لاجهزة المخابرات كاد يؤدي الى كارثة.
وقال مولن ان جزءا من المشكلة يعود الى تبادل المعلومات بين أجهزة
المخابرات وغربلة الكمية الهائلة من المعلومات التي تجمعها وكالات
التجسس الامريكية.وأضاف "انها (المشكلة) تخص تبادل المعلومات وهي تخص
الاجهزة البيروقراطية الضخمة. كما أننا نجمع كمية غير عادية من
البيانات."
ومضى يقول "لقد تعلمنا الكثير نتيجة لما حدث وسوف نجري تغييرات طبقا
لهذا. والرئيس لا يطيق صبرا بشأن ذلك على الاطلاق. هذه التغييرات يجب
أن تجرى فورا."
السي آي ايه: البلوي كان سيخضع للتفتيش عندما
فجّر نفسه
من جهة اخرى كشفَ ليون بانيتا مدير وكالة الاستخبارات الاميركية (سي
آي ايه) في مقال ان الانتحاري الاردني كان سيخضع للتفتيش عندما فجر
نفسه في قاعدة عسكرية اميركية في افغانستان مما ادى الى مقتل سبعة من
عملاء الوكالة وضابط اردني.
وكتب بانيتا في المقال الذي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" ان "الامر لا
يتعلق بأن نثق بمصدر استخباراتي محتمل حتى لو قدم معلومات يمكن التحقق
منها بشكل مستقل".
واكد ان "الامر ليس ابدا بتلك البساطة ولا احد تجاهل المخاطر".
واضاف ان "الرجل كان سيخضع للتفتيش من قبل عناصر الامن لدينا --
الموجودون على بعد مسافة عن عملاء الاستخبارات -- عندما قام بالتفجير".
وتابع المقال ان الوكالة كانت تريد ان تبحث مع الانتحاري همام خليل
ابو ملال البلوي في سبل قتل ايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم
القاعدة الذي لا يزال فارا.
وفجر البلوي وهو اردني من اصل فلسطيني يشتبه في انه عميل مزدوج،
نفسه في قاعدة عسكرية اميركية في خوست بالقرب من الحدود الباكستانية في
30 كانون الاول/ديسمبر، في هجوم هو الاسوأ الذي تتعرض له الوكالة منذ
1983.
ومن الضحايا ضابط اردني استخباراتي رفيع المستوى يتحدر من الاسرة
الملكية كان هو من جنّدَ البلوي. وادى الانفجار والاف الشظايا
الفولاذية المتطايرة الى مقتل كل الذين كانوا حول البلوي.
واضافت الصحيفة ان بين الضحايا خبيرة في السي آي ايه في الخامسة
والاربعين من العمر هي ام لثلاثة اطفال ومتخصصة منذ عشرة اعوام في
مكافحة الارهاب. وكانت في قاعدة خوست منذ ستة اشهر. وتابعت نقلا عن
مسؤولين اميركيين ان ستة اشخاص اخرين على الاقل اصيبوا بجروح من بينهم
المسؤول الثاني في السي آي ايه في افغانستان.
وقال البلوي في تسجيل فيديو بثته قناة الجزيرة الفضائية السبت انه
نفذ الهجوم للانتقام من الاستخبارات الاردنية والاميركية. وتابع "نقول
ان اميرنا رحمه الله بيت الله محسود لن ننسى دمه ابدا وسيبقى ان نأخذ
ثأره في اميركا وفي خارج اميركا هو امانة في عنق كل المهاجرين".
واكد البلوي "لن ننساه ابدا لن ننساه حين قال ان الشيخ اسامة بن
لادن ليس في ارضنا لكنه ان اتى سنحميه باذن الله ولقد صدق ولقد دفع من
دمه عن هذه الكلمة".
وقال ان "هذه رسالة لاعداء الامة من مخابرات الاردن ومن المخابرات
المركزية الاميركية، مفادها ان المجاهد في سبيل الله لا يعرض دينه في
سوق المساومات وأن المجاهد في سبيل الله لن يبيع دينه ولو وضعت الشمس
في يمينه والقمر في يساره". واكد خليل البلوي لوكالة فرانس برس لاحقا
ان الرجل في التسجيل هو ابنه الذي "استغلته" عدة جهات استخباراتية لم
يحددها.
واعرب بانيتا عن غضبه للانتقادات التي وجهت الى الوكالة لطريقة
تعاطيها مع البلوي الذي نشر العديد من التعليقات المعادية للغرب على
الانترنت. واستنكر خصوصا الايحاء بان "الذين ضحوا بحياتهم انما جلبوا
ذلك على انفسهم بسبب ضعف احترافهم".
وتركز الانتقاد على كيفية تمكن البلوي من عبور عدة نقاط تفتيش
والسماح له بالدخول الى القاعدة العسكرية التي لم يزرها من قبل.
وقال عميل سابق للسي آي ايه لصحيفة واشنطن بوست "عندما يأتي احد
نحتفل بقدومه. من الجيد ان نجعلهم يشعرون بانه مرحب بهم وانهم مهمون".
واضاف ان الاردني "كان يعتبر عميلا استثنائيا (...) لذلك عندما يأتيك
زائر مهم وتخرج لملاقاته.. هل هذا سلوك مهني سيء؟ بالطبع".
وكتب بانيتا في مقاله ان "العبرة الاساسية من هذا الهجوم هي ان
عملاء السي آي ايه هم في الخطوط الامامية لمواجهة القاعدة وحلفائها مثل
جنودنا تماما". وختم بالقول "انهم يخاطرون لمواجهة العدو ويجمعون
معلومات لتدمير شبكاته وتعطيل عملياته". |