من أين لك هذا؟

بداية للإصلاح

علي ال غراش

بمناسبة الإعلان عن الميزانية الأخيرة التي تعتبر الأكبر في تاريخ الوطن والمنطقة، والتي تأتي بعدما شهد الوطن كارثة مفجعة في جدة، وما أعقبها من غضب وطني عارم، ودعوة إلى فتح ملف الفساد في الإدارات وفي إقامة المشاريع والاستغلال للمناصب، ومحاسبة المقصرين والمفسدين. وقد تفاعل الشارع العام مع هذه الدعوة، وفي أحد الأسواق التقى اثنان من المواطنين المحببين للوطن، الأول اسمه سعيد والآخر اسمه صالح.

فقال سعيد: - ومشاعر الفرح تملأ قلبه - الحمد لله إن الميزانية هذا العام خير وبركة وهي الأكبر في تاريخ الوطن، وان شاء سيصل الخير والفائدة لكل مواطن، فربع الميزانية ستصرف على التعليم، ونحو ثلث الميزانية على الصحة والباقي وزع على بقية الخدمات وبالذات على البنية التحتية، وكل ذلك لصالح المواطن.

فرد»صالح»: نعم الحمد لله إن الميزانية كبيرة، ولكن المشكلة كما جاء على لسان خادم الحرمين الشريفين للوزراء: «المهم عليكم إخواني اتمامها - الميزانية - بجد وإخلاص والسرعة، وعدم التهاون في كل شيء يعوقها، لأن هذه أسمعها أنا من الناس وأحسها بنفسي، بعض المشاريع إلى الآن ما بينت، ضائعة».

إذن هناك مشكلة فساد وتهاون في عملية تطبيق وتنفيذ الخطط، وضياع المال على مشاريع «ضائعة»، فهناك وزارات لم تقدم للمواطن شيئا، وهناك مشاريع كبيرة تم الإعلان عنها ولم تر النور ولم تستفد الناس منها «ضائعة». فعلى سبيل المثال خصصت أموال طائلة لإقامة مشاريع عملاقة في مدينة جدة وبعد ذلك تم الكشف ان المدينة تفتقد لأدنى بنية تحتية!.

وبثقة حدد «صالح» خطة الطريق لإصلاح الفساد في الوطن قائلا: إن الحل الصحيح لمشكلة الفساد في الوطن يتوجب أولا: سن قانون من أين لك هذا؟ لكل مسؤول في الدولة.

ثانيا: فتح ملفات كل مسؤول استغل منصبه، وإعادة ما تم استغلاله لأنه حق للشعب، وتعميم وتفعيل وإيجاد الوسائل الأنجع والأفضل والأشد في المحاسبة.

ثالثا: تفعيل مجلس الشورى، وإعطاؤه الدور الحقيقي في التشريع ومحاسبة السلطة التنفيذية وتقييم دورها، والمطالبة بحقوق الشعب، ومنها البحث عن الأسباب الرئيسة لعدم تمكن 60 في المئة من المواطنين من الحصول على متر مربع لإقامة منزل ملك لاسيما إن عدد سكان السعودية قليل مقارنة بالمساحة الكبيرة التي تزيد على مليوني كيلو متر مربع، بينما هناك من يملك الآلاف من الأمتار، واتساع طبقة الفقراء وتقلص الطبقة الوسط في المجتمع نتيجة التضخم رغم الدخل القومي الهائل والفائض بالميزانية حيث لا يزال الشعب السعودي الأقل دخلا بين المواطنين الخليجيين ذات الدخل النفطي الكبير.

 وتطبيق الحرية في ممارسة المعتقد لكل مواطن، ومحاسبة كل من يثير النعرات الطائفية والمذهبية، وتنظيف الكتب الدراسية من التطرف والتكفير، وفتح ملف الحرية الإعلامية والسماح بفتح صحف ومجلات وإذاعات وقنوات حرة أهلية.

 وتأسيس جمعيات أهلية مدنية في جميع المجالات، وتأسيس النقابات، ووضع خطة مدروسة للقضاء على البطالة في الوطن بين الشباب، والشابات، وتفعيل دور المرأة في المجتمع، والسماح لها بقيادة السيارات.

رابعا: وقبل أن يكمل حديثه رد عليه سعيد: عفوا أنا مشغول والجدران لها آذان، ثم اختفى وكأنه فص ملح وذاب!!

وأكمل «صالح» كلامه مع نفسه قائلا: وهناك ملفات وقضايا أكثر سخونة وأهمية مسكوت عنها لا احد يريد أن يقولها أو يسمعها عن الفساد والاستغلال..، ثم اخذ يلتفت، وهو يردد بصوت عال: يا لليل يا لليل ما أطولك!.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/كانون الثاني/2010 - 27/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م