كاديما الحزب الفتي

إلى الأمام... يتراجع إلى الخلف

المحامي لؤي زهيرالمدهون

كاديما (بالعربية إلى الأمام)، هو حزب إسرائيلي تأسس في نوفمبر 2005 من قبل أريئيل شارون بعيد انشقاقه عن حزب الليكود على خلفية الخلاف حول الانسحاب من غزة وتبنيه  لخطة فك الارتباط و مضيه قدما في إخلاء المستوطنات الإسرائيلية بقطاع غزة، وقد انضم إليه العديد من أركان الدولة الاسرائيلية وأبرز مؤسسيها أمثال شمعون بيرس ونخبة من قيادات حزب العمل وأعضاء كنيست من حزب الليكود وأحزاب أخرى ليصبح اكبر الاحزاب الاسرائيلية جماهيريا معتليا سدة الحكم في اسرائيل.      

بعد مرض شارون تولى قيادة الحزب ايهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الاسبق ومن ثم تسيبي ليفني زعيمة المعارضة في اسرائيل، اشترك الحزب في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية وحاز على 29 مقعدا من أصل 120 في الكنيست وأصبح بذلك يمثل أكبر كتلة في الكنيست بقيادة تسيبي ليفني التي قررت عدم المشاركة في حكومة ائتلافية برئاسة بنيامين نتنياهو، وأنها ستقود الحزب من مقاعد المعارضة لإيمانها بأهمية المفاوضات مع الفلسطينيين و تطبيق حل الدولتين على العكس من رؤية زعيم الليكود وكتلته البرلمانية، إلا أن نتنياهو رئيس الحكومة وزعيم حزب الليكود ومن خلال موقعه المتنفذ وتحصنه بالتوجه اليميني المتشدد للمجتمع الاسرائيلي عمد على شرخ حزب كاديما من الداخل لاضفاء صفة الفشل على زعيمته التي لم يتمكن من تلويث سمعتها داخل الوسط الاسرائيلي لما تحظى به من شعبية واسعة واتصافها بالنظيفة والنقية لبعدها عن الشبهات وقضايا الفساد رغما عن قلة خبرتها في الشؤون الامنية والسياسية ليتمكن من الضغط عليها من جديد للانضمام إلى حكومته اليمينية المتطرفة، وهذا ما لم يكن له لولا أن باتت حالة التشرذم والانقسام في حزب كاديما واضحة عندم انقسم نوابه في الكنسيت في تصويتهم على قرار المجلس الوزاري المصغر بتأخير الاستيطان مدة عشرة اشهر في ارجاء الضفة الغربية مع استثناء البناء الاستيطاني بمدينة القدس المحتلة حيث بات واضحا عدم وجود رؤية حزبية او توجه حزبي نحو برنامج الحزب بإتخاذ موقف موحد وخاصة وان الرجل الثاني في الحزب شاؤول موفاز وبعضا من أعضاء الكنيست عن الحزب كانوا قد صوتوا لصالح قرار الحكومة مخالفين في الوجهة لرئيسة الحزب تسيبي ليفني التي صوتت ضد قرار الحكومة فيما يتعلق بقرارها بتأجيل الاسيتطان.

 حيث كانت البداية التي شجعت رئيس الحكومة زعيم حزب الليكود التمادي في اجراءاته الهادفة إلى تمزيق كاديما من الداخل معززا حالة الانقسام بإجتذابه عدداً من أعضاء كاديما للانضمام إلى الليكود والتلويح لهم بإسناد مناصب وزارية هامة، من بينها وزراء ونواب وزراء ورؤساء لجان برلمانية لإغوائهم وحثهم على الانشقاق عن الحزب بهدف اجبار ليفني لقبول انضمامها الائتلاف الحكومي الجديد الذي ينوي تشكيله في حالة الطلب منها، وخاصة بعد نجاح الليكود في شق الحزب واستقطاب 6 من أعضاء كتلته النيابية بالكنيست للانضمام إلى الائتلاف الحكومي الحالي ومن ثم الانضمام بعد ذلك لصفوف حزب الليكود، على عكس ذلك دعا زعيمة الحزب إلى الانضمام إلى حكومة وحدة وطنية دون ان يتلقى حزبها اي حقيبة وزارية وانما المشاركة بأربعة أعضاء في المجلس الوزاري الامني السياسي المصغر الكابينيت وليس اكثر من ذلك، بهدف مجابهة التحديات الوطنية والدولية التي تعصف بالدولة الاسرائيلية والتي يصعب مواجهتها بمعزل عن حزب كاديما، وكنتيجة لحالة التشرذم التي تسبب في وجودها نتنياهو رئيس الحكومة  فلم تتسرع تسيبي ليفني هذه المرة في الرد على دعوة رئيس الحكومة بل وضعت دعوته قيد الاختبار الجدي للتدارس مع اعضاء كاديما ما اذا كان بوسع كاديما والليكود أن يكونا شريكين حقيقيين فيما يتعلق بمواجهة التهديدات التي تواجهها اسرائيل والقرارات الحاسمة التي يتوجب اتخاذها في الموضوع الفلسطيني.

 وخاصة بعد التصويت على تقرير غولدستون، وقرار الاتحاد الاوروبي فيما يتعلق بالقدس، ونشاطات الدبلوماسية الفلسطينية وخاصة فيما يتعلق بإجراءات اعلان الدولة وترسيم الحدود، والملاحقات القضائية والتي بدأت بزعيمة حزب كاديما.            

بتقديري لا مخرج أمام  زعيمة حزب كاديما وزعيمة المعارضة تسيبي ليفني أمام هذا التحدي الجسيم الذي يعصف بالحزب مهددا بتمزقه واذابته إلا الموافقة على دعوة رئيس الحكومة بالانضمام إلى حكومة إئتلاف وطني كضمانة للمحافظة على وحدة الحزب وخاصة بعد الكشف عن كبر حجم الازمة التي يعانيها الحزب بعد حالة التشرذم والانشقاق داخل صفوفه بإستقطاب بعضا من نوابه بإنضمامهم إلى حزب الليكود والتي استغلها جيدا الرجل الثاني في الحزب شاؤول موفاز  بتعزيز تطلعاته بإقصاء زعيمة الحزب مطالبا إياها اجراء انتخابات تمهيدية لاختيار قيادة حزبية جديدة تعرف كيفية اتخاذ القرارات الصائبة بغية الحفاظ على المصالح الوطنية، وكنتيجة ايضا لضغوطات العديد من قيادات الحزب أمثال رونيت تيروش،و نحمان شاي، المطالبين ليفني بضرورة الانضمام إلى الحكومة الجديدة والتي هددت رونيت تيروش انه في حال قررت رئيسة كاديما تسيبي ليفني عدم الانضمام إلى الحكومة لأسباب لا مبرر لها فأنها ستنضم بشكل فردي إلى الليكود حيث لم يكن أما ليفني أما هذا التحدي الكبير لها داخل اروقة الحزب إلا أن طالبتهم بالتصدي لجهود حزب الليكود الهادفة إلى شق صفوف كاديما لائمةً كبار قادة الحزب لمساعدتهم نتنياهو في جهوده.

* عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا

Loayzohir@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/كانون الثاني/2010 - 16/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م