العالم الثالث...الجنوب...العالم النامي أسـماء تـُطلق ومن باب
المجاملة على الدول المتخلفة... على الدول الفقيرة... على الدول
المسلمة... على الدول العربية وغير العربية... والسـؤال إذا كانت تلك
الدول متخلفة فقيرة:
لماذا إستشرقَ الآخرُ، فأنكبَ على دراسة الدول المتخلفة، ومنذ قرون
ثلاثة، فكان الإستشراق، ومن ثم مزحة نهاية عصر الإستشراق، فإعلان
بداية حقبة مابعد الإستشراق مؤخراً، وفي عصر طوفان الدراسات
السوسيولوجية والانتروبولوجية ودراسات الشرق الأدنى والأوسط؟!
هل المعرفة أصبحت وسيلة للسيطرة على العالم بعد أن كان العلم وسيلة
لمعرفة العالم من باب المعرفة للمعرفة فتحولَ الى وسيلة للتغيير نحو
الأفضل أو الأسوء؟
أمْ أن دراسة الغرب المتواصلة للشرق هي تأكيد لحيوية وتقدم
وإستثنائية الغرب العلمية؟
في الوقت الذي يردد الشرقُ ما في مورثه المقدس مثل:
- المروي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): المؤمن علوي لأنه
علا في المعرفة (1)
- أوحى الله إلى موسى (عليه السلام): أن اتخذ ْ نعلين وعصا من حديد،
ثم سح في الأرض، فاطلبْ الآثار والعبر، حتى تحفو النعلان، وتنكسر العصا
(2).
- داود (عليه السلام): قلْ لصاحب العلم يتخذ عصا من حديد، ونعلين من
حديد، ويطلب العلم حتى تنكسر العصا، وتنخرق النعلان (3)
في المقابل، وبعد ثلاثة قرون من ولادة الإستشراق:
لماذا تجاهلت الدول المدروسة طوال العقود الأخيرة الدعوة الى دراسة
الطرف الآخر ليولد الإستغراب يتيماً؟!
هل لأن الشرق بمفهومه المتعدد فقير متخلف أمْ أنها شماعة المؤامرة...التدجين
والإفقار المعولم المستدام؟!
أمْ - بخلاف الغرب - لأن دولنا وجامعاتنا ومعاهدنا كحوزاتنا
وكمجتمعاتنا والمتمولين فيها لم تعترف بالإستغراب فلم تقدم الدعم
المادي والمعنوي له لأنها لم تستوعب بعد مفهوم وأبعاد وانواع الإستغراب
وأهميته ونتائجه الإيجابية العظيمة؟
ولذلك كانت هذه الدراسة لصنـّاع الرأي والقرار.
لكن الغرب يعترف بالإستشراق ويدعمه ويوجهه ويتدخل في تحديد مخرجاته
(إستنتاجاته)، وتأييداً لذلك ننقل ما قاله المستشرق (رودي بارت):
(الإستشراق في ألمانيا حالياً وفي العالم الأوروبي الحديث كله مادة
علمية معترف بها من الجميع...نعترف شاكرين بأن المجتمع ممثلاً في
الحكومات والمجالس النيابية يضع تحت تصرفنا الإمكانات اللازمة لإجراء
بحوث الإستشراق للحفاظ على نشاطنا التعليمي في هذا المضمار...وما تطلبه
الدولة والمجتمع مناـ معشر المستشرقين ـ هو بصفة عامة العمل كمدرسين
وباحثين متخصصين...أما التصرف في أمر الموضوعات الخاصة التي ينصب عليها
الدرس والبحث فمتروك لنا) (4).
بينما المستشرق (أوليريش هارمان) يناقضه حيث يقرّ بضغوط مقدمي
الدعم المالي على المستشرقين قائلاً:
(… طبعاً هناك أيضاً الضغط الملح من قبل أولئك الذين يقدمون الأموال
لدعم النتائج التي تؤدي إلى إحتواء العالم العربي الإسلامي والتشبث به،
باعتباره منطقة اضطراب، حيث تكمن إهتمامات الغرب ومصالحه)(5).
هل الشرق لم يهتم بالإستغراب لأنه لم يشرع بعد في دراسة ذاته،
ومازال كالغرب بمفومه المتعدد (الجغرافي، الجيوسياسي، الديني،... الـخ)
أسيراً لوهم " نحن رقم واحد " في كل شئ؟
أينْ نحـن مِـن كل ذلك؟
وما هي مسؤولياتنا الحضارية في هذه الحقبة القاتمة المشرقة في آن
واحد، والتي يدعي نظرياً كلُّ طرف أنه ينتج معرفة تعايشية لاتنشد
التذويبَ !؟
مسؤولياتنا كبيرة وخطيرة، ولاسيما أن الإستشراق (الشريك المرتقب
للإستغراب خلافاً لما يـُشاع مازال حيـّاً يـُرزق، بينما الإستغراب لمْ
يولد يتيماً بل ولـِدَ ميتاً، وغاية ما في الأمر إن الإستشراق انتحلَ
لنفسهِ إسماً جديداً بل اسماءاً جديدة فصارت الدراسات الإستشراقية تسمى
بدراسات الشرق الأدنى والأوسط أو الدراسات السوسيولوجية
والأنتروبولوجية لأن اسم الإستشراق لم يعد بريئاً، وعاد عبئاً على منْ
يحمله لأسباب عديدة منها ما تكشف عنه إستنتاجات مستوعبة بعد دراسات
طويلة معمقة مثل:
- قول روجيه غارودي حرفيّاً: (لم يدرس الغربُ الإسلامَ دراسة صحيحة،
حتَّى في الجامعات الغربيَّة، وربما كان هذا مقصوداً مع الأسف) (6)
- قول أليكسي جورانفسكي: (…نجد أن "علم الإسلاميات" هذا يشكل بدوره
عددا ضخماً من "الأساطير" و"الخرافات" الغربية الجديدة حول الإسلام،
ولم يفعل شيئا مهماً، اللهم إلا أنه أضفى صبغة علمية على الأضاليل
القديمة، والخرافات والقوالب النمطية الغربية العنيفة عن الإسلام)(7).
- قول المستشرق آربري ان المستشرقيين في معالجاتهم ومناقشاتهم
لعقائد الإسلام يقومون:
"باقتطاع النصوص من سياقها،وبالتحليل السطحي.." (8)
هذا ومن طريف الأخطاء المميتة إن المسـتشرق الكبير إغنتس غولدزيهر
I. Goldziher في ترجمته للمصطلح الحديثي (حديث لا يسر القلبَ)، وهو
مصطلح سائد عند المشتغلين بالأثر النبوي الشريف، ويعني أن الحديث ضعيف
فترجمه بقوله:
This tradition does not give the heart pleasure
فأخطأ خطأً فاحشاً في فهم المعنى الإصطلاحي للتعبير. والمستشرق
غولدزيهر هو الذي زعمَ في مؤلفه الأشهر (دراسات إسلامية) أنه لا يوجد
حديث صحيح واحد في الإسلام !! (9)
نعم الإستشراق مازال حيـّاً ينتج إنتاجاَ سرياً وعلنياً غزيراً
ويبذل قصارى جهده لتسويق العلني منها بمختلف الوسائل والسبل فهناك
أستاذ أمريكي من أصل عربي اسمه جاح شاهين ركز طوال حياته على دراسة
وسائل الإتصال والأفلام، فقام بمراجعة 900 فيلم، ووجدَ اغلبها ما عدا
15 % تقدم وجهة نظر سلبية للعرب والمسلمين !!
وليس هذا فحسب بل عُهد إلى بعض المستشرقين مهمة وضع قوانين محلية
لبعض البلاد الإسلامية في حقبة الاستعمار المباشر نذكر على سبيل المثال
لا الحصر أنه لما احتلت فرنسا تونس عام 1881م، استدعى المقيم العام
الفرنسي المستشرق (سانتلانا دافيد DAVID SANTILLANA 1858ـ1931م) ليكون
عضـواً في لجنة تكلفت بتقنين القوانين التونسية، ولمكانة «سانتلانا»
وشهرته بالاهتمام بالشريعة الإسلامية، كُلّف بوضع مشروع قانون بحسب
الشريعة الإسلامية مرتباً حسب منهج وشكل القوانين الأوروبية، ومكنته
هذه الطريقة في المقابلة بين القانونَيْن المتباينَيْن من الخروج
بخلاصات واستنتاجات بعيدة عن حقيقتهما.
وهكذا لبَّى الرغبة الفرنسية مضحياً بالحقيقة العلمية، وقد دام عمر
هذا العمل زهاء ثلاث سنوات تضمن ما يقرب من 2479 مادة. وإلى «سانتلانا»
التجأت الحكومة الإيطالية في وضع التشريعات الخاصة بليبيا، فكلفته
وزارة المستعمرات الإيطالية هو و «انجنتسيو جويدي» بترجمة وشرح «مختصرالشيخ
خليل» في الفقه المالكي عن اللغة الفرنسية إلى الإيطالية، تكلف «جويدي»
بترجمة قسم العبادات، وتكلف «سانتلانا» بالباقي، وظهرت ضمن مطبوعات
وزارة المستعمرات.
هذا وإستعان الغرب ايضاً بعلم السوسيولوجيا فالأنتروبولوجيا يقول في
ذلك أحد الباحثين:
(ولا أوضح على ذلك من التدليل بالجهود التي قام بها الأنتروبولوجيون
في سبيل تسهيل الطريق للسلطة السياسية الحاكمة، بتقديم خلاصة أبحاثهم
وحصيلة معرفتهم المتعلقة بكيفية التعامل مع هذا (الآخر)، لقد آثرت
الأنتروبولوجيا البريطانية منذ بدايتها الأولى أن تقدم نفسها على أنها
العلم الذي بإمكانه تقديم الخدمات النافعة للإدارة الكولونيالية، وذلك
لأسباب واضحة، أهمها أن الحكومات الكولونيالية، وجماعات المصالح هي
أفضل من سيقدم الدعم المالي لمثل هذا العلم) (10).
هل الخطاب العدائي الغربي توقفَ وبات من مورث الصراع السياسي القديم؟
خلال حرب الخليج توجه الإعلامي الفرنسي برنار بيفو إلى المستشرق
الفرنسي المعروف جاك بيرك قائلا:
(أمامك ثلاثون ثانية كي تقول للفرنسيين ما إذا كان القرآن أداة حرب
أم لا؟) !! (11).
طبعاً هناك نماذج مقابلة تمكنت أن تفلت من "جهل المخيلة المنتصرة"
حسب تعبير"سودرن" أو من المركزية أومن عقدة التفوق أومن جنون العظمة
منها، وعلى سبيل المثال:
- قال (ليبري) في تأثير الحضارة الإسلامية على الحضارة العالمية
المعاصرة: (ارفعوا العرب َمن التاريخ تتأخر النهضة ُفي أوربا قروناً
عدة).
- قال (ويلز): (كانت طريقة العربي أن ينشد الحقيقة بكل إستقامة
وبساطة وأن يجلوها بكل وضوح وتدقيق، غير تارك منها شيئاً في ظل الإبهام،
وإن هذه الخاصة التي جاءتنا نحن الأوربيين من اليونان، وهي النور إنما
جاءتنا عن طريق العرب، ولم تهبط على أهل العصر الحاضر عن طريق اللاتين)
(12)
- (جان دوانبورت) البريطاني، كتابه (إعتذار لمحمد والقرآن)، اعتذرَ
فيه عن التَّصوُّرات والأحكام التي كانت شائعة في الغرب حول نبي
الإسلام، والقرآن الكريم (13).
- الدكتور حسين مؤنس صاحب العديد من الأعمال الموسوعية في حقلي
التاريخ والجغرافيا، يقول، في مقدمة الطبعة الأولى من مؤلفه الضخم "
تاريخ الجغرافيا والجغرافيين في الأندلس:
" كلامنا عن العلوم عند العرب كثير، وحديثنا عن فضلهم على الحضارة
العالمية أكثر، ولكننا إذا استثنينا قلائل منا صرفوا العناية إلى
التأليف في العلوم عند العرب وخدموا هذا المطلب بالبحث والتأليف من
أمثال: أحمد عيسى، ومصطفى نظيف، ومصطفى الشهابي، ونفيس أحمد، وزكي
وليدي، وبهجة الأثري، وقدري حافظ طوقان وغيرهم من أجلاء العلماء، وجدنا
أن معظم ما نفخر به في هذا المجال إنما هو من كشوف غيرنا، من أمثال:
جورج روشكا، وهانز فون مجيك، وجورج سارتون، وكارلو نللينو، وبول كراوس،
وألدو مييلي، وهاينريش سوتر، وماكس مايرهوف، وكونراد ميللر، وخوان
بيرنيت، وغيرهم كثيرين جدا، ممن أنفقوا - وينفقون - العمر في دراسة
المخطوطات العربية في العوم وحل رموزها وإثبات فضل العرب وأهل الإسلام
على هذا العلم أو ذاك بالحجة والبرهان الساطع " (14).
- كتاب: الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) كما عرفه علماء الغرب،
الذي يقع في في 450 صفحة تقريبا، وهو لمجموعة من الباحثين الأجانب، ومن
ترجمة نور الدين آل علي، الكتاب شهادة من علماء الغرب لعالم وإمام من
أئمة المسلمين حيث أن جامعة ستراسبورغ التي عُرف عنها اهتمامها
بالدراسات الشرقية والإسلامية منذ اوائل القرن 19 الميلادي، اعتادت على
عقد ملتقيات علمية عالمية بعد دعوة كبار العلماء والباحثين من أنحاء
العالم لإعداد بحث علمي خلال مدة لا تقل عن سنة أوسنتين...وفي عام 1968
نظم مركز الدراسات العليا المختصة في تاريخ الأديان التابع لهذه
الجامعة دورة علمية تناولت دراسة الشيعة الإمامية وتاريخها العلمي
وخاصة حياة الإمام جعفر الصادق عليه السلام، وقد دعت نخبة من علماء
الاستشراق وأساتذة الجامعات في فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وسويسرا
وبلجيكا وأمريكا، وغيرها وكان عدد المشاركين 25 مشاركا ً ثم قامت (دار
المطبوعات الجامعية الفرنسية) في باريس عام 1970 بنشر هذه الأبحاث
الأكاديمية بالفرنسية، ثم ترجم إلى اللغة العربية وفي الكتاب يعترف
العلماء المذكورن بنبوع وعبقرية الإمام الصادق عليه السلام في اللغات
والعلوم المختلفة كالطب والكيمياء والنجوم وغيرها.
- ومن النماذج الحديثة لذلك أن الكاتب الأمريكي المعروف جون
أسبوزيتو، كتب مؤخرا (مارس 2002) كتابا جديدا يحمل عنوان: (الحرب غير
المقدسة، الإرهاب باسم الإسلام " طرح فيه تصوره للسياق الصحيح الذي
ينبغي أن توضع فيه أحداث الحادي عشر من سبتمبر، محذراً من أن صدى
مضاعفات الماضي ما زال يتفاعل في النفس المسلمة. فلقد أحدثت تركة
الاستعمار الأوروبي - حسب رأي أسبوزيتو - جرحاً غائراً في المسلمين في
كل مكان.
وكان الإسلام، بالنسبة للغربيين، ديانة السيف والجهاد أو الحرب
المقدسة، بينما كانت المسيحية، بالنسبة للمسلمين دين الحروب الصليبية
وطموحات الهيمنة. كذلك يقدم إسبوزيتو في كتابه عروضاً موجزة عن حركات
إسلامية كالإخوان المسلمين في مصر، وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين،
وحزب الله في لبنان، وجبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر، وهو يشير إلى
أن عدداً من دول الشرق الأوسط تشهد حالياً انبثاق ما يصفه بأنه: " تيار
إسلامي غير عنيف، فعال سياسياً، لا يرفض الديمقراطية، وليس مناهضاً
للغرب) (15).
- قال مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية في باريس، شارل سان برو: (أن
على الغرب أن يتفهم بأن الإسلام قابل للتوفيق بين الأصالة واحترام
الحداثة، وأنه ليس ماض فحسب، بل يحاول إعادة بناء الماضي بأدوات العصر)،
مشيراً في هذا الصدد إلى الأكاذيب التي تقول إن باب الاجتهاد في
الإسلام قد أغلق أوأن الاجتهاد لا يتحرك أو يساير الواقع.
ويرى المؤرخ والمحلل السياسي سان برو أن بعض المفكرين ووسائل
الإعلام في الغرب، عملوا على إظهار الإسلام بأنه يشكل خطراً وتهديداً،
وربطوا بينه وبين الإرهاب، خدمة لبعض النزاعات السياسية التي ارتبطت
ببعض الصراعات الإقليمية الكبرى.
كما أكد سان برو، في محاضرة ألقاها في مركز الإمارات للدراسات
والبحوث الإستراتيجية بأبوظبي، أن مصدر الحركات المتطرفة يعود إلى
أسباب سياسية، وليست دينية) (16).
الـنـتـيجـة:
على الرغم من النماذج المذكورة التي تمكنت أن تفلت (في الأقوال لا
الأفعال) من قبضة المركزية الغربية أومن عقدة التفوق الغربية فإن القدح
أوالتحيز مازال مشهوداً ضد الشرق والمسلمين والعرب حتى في الإستشراق
الناعم (على غرار القوة الناعمة ومسايرة لمناهج الدبلوماسية العامة)
وفي الدراسات الكلاسكية القديمة الإستشراقية وأخواتها (الجديدة) مثل
بعض دراسات الشرق الأدنى والأوسط وبعض دراسات الـ «ثينك ثانك»(THINK
THANKS) والدراسات السوسيولوجية والإنتربولوجية عن الشرق وكأن البعض
منها تريد التمهيد لعصر الدول المجهرية عبر تقسيم المقسم، وتجزئة
المجزأ، والخطير أن الفن والسينما والإتصالات (الممتدة الى المعلوماتية
والالكترونيات والهاتف) إلتحقت بالإعلام (السلطة الرابعة التي وجدت
لإيصال الحقيقة الى الجمهور) في تسويق نتائج تلك الدراسات المبرمجة ليل
نهار مما دفع البعض في الغرب والشرق للتحذير من ذلك كالإمام المجدد
السيد محمد الحسيني في كتابه: فقه الرأي العام والإعلام،ودعوة انياسيو
رامونه (Ignacio RAMONET) إلى تأسيس السلطة الخامسة لأنه يتصور بأن "السلطة
الرابعة" قد أفرغت من مضمونها وفقدت شيئاً فشيئاً وظيفتها الأساسية
كسلطة مضادة بحسب تعبيره، وذلك لأسباب عديدة منها بروز ونفوذ وسيطرة
المجموعات الاعلامية الكبرى وإحتكاراتها مثل الامبراطورية الإعلامية
لوليم راندولف هيرست في بداية القرن، ومجموعة "فينينفست" لسيلفيو
برلوسكوني في ايطاليا، وفي فرنسا نفوذ مجموعات "لاغاردير" او "داسو،
والمجموعات الإعلامية الاميركية الكبرى المعروفة، ولأنه للإعلام قدرات
هائلة في النمذجة والأسطرة، وللتفصيل راجع كتاب الباحث الأنتروبولوجي (مارسيا
الياد) "مظاهر الأسطورة" حيث يوجه إصابع الإتهام لوسائل الإعلام
والنخبة ورجال الفكر عموماً، في تعميق الأسطورة وتعميمها، هذا وكشفت
الباحثة البريطانية ف. س. سوندرز (F.S.Saunders) في كتابها بعنوان: (الحرب
الباردة الثقافية) (المخابرات المركزية الأمريكية وعالم الفنون والآداب)
, والصادر بالإنجليزية بمدينة نيويورك عام 2000 (صدر بالعربية عن
المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة سنة 2002) عن دور الثقافة في الصراعات
والحروب حيث مثلت الثقافة ُسلاحاً ناجعاً من أسلحة الحرب فراجعْ، ولذلك
لابد من التحوط والدقة في التعامل مع المعلومات التي تـُنشر فيما يرتبط
بالمعرفة المتقابلة بين الشرق والغرب.
ولذلك يمكن القول بأن الشرق لايعرف الغربَ لأن ذلك من نتائج
الإستغراب الصحيح الغائب المنتظر كما أن الغرب لايعرف الشرقَ لأن ذلك
من نتائج الإستشراق الذي ينتظر الإصلاح، ولذلك مازال الإسلام بالنسبة
لبعض الغربيين يمثل ديانة السيف بالإستناد الى الفتوحات التي تـُنعت
بالإسلامية، بينما تمثل المسيحية بالنسبة لبعض الشرقيين ديانة السيف
أيضاً بالإستناد الى الحروب الصليبية وطموحات الهيمنة، وذلك مما يؤيد
الحاجة الماسـة للنهوض بالإستغراب الصحيح من جهة، وإصلاح الإستشراق من
جهة أخرى، وسنذكر لاحقاً أمثلة مـؤلـمـة أخـرى تدل على الحاجة إلى ذلك
النهوض والتصحيح والإصلاح لكن قبل ذلك نطرح السـؤال التالي:
هل حقاً الغرب ُ لايعرف الشرقَ كما تقدم َ؟
وإذا كان الأمر كذلك فكيفْ تقدمَ، وتمكنَ من السيطرة على مقدرات
الشرق كما يقول الشرق ُ؟
والسؤال نفسه يتكرر بالنسبة للشرق:
هل حقاً الشرقَُ لايعرف الغرب َ كما تقدم َ؟
الجواب على السؤال المتقدم:
أصاب َمنْ قالَ - وبعيداً عن التعميم والإطلاق -:
ان الغرب َ لايعرف الشرقَ، ومصيب أيضاً منْ قالَ، وفي نفس الإطار
بأن الغرب َيعرف الشرقَ ! لأن المقصود بعدم المعرفة هو أن بعض أو أكثر
المجتمعات الغربية لاتعرف الشرقَ في جوانبه الأكثر أهمية ولأسباب عديدة
ومتنوعة منها تأثير الدراسات الإستشراقية العلنية، بينما المقصود من ان
الغرب َيعرف الشرقَ هو ان بعض أوأكثر الحكومات الغربية تعرف الشرقَ في
جوانبه الأكثر أهمية لتلك الحكومات، وذلك بواسطة الدراسات الإستشراقية
السرية ودراسات الشرق الأدنى والأوسط السرية التي ينجزها الباحثون
والمستشرقون المتمرسون الملمون بالمنهجية العلمية، والمعروفون في
الدوائر الخاصة بتحملهم للمسئولية العلمية والعملية والذين يتحلون
بالأمانة العلمية والمقدرة على التفكير التطبيقي الدقيق التخصصي،
ومانحو ذلك، وبعد كل تلك الدقة والإحكام يخضعون نتائج وتوصيات تلك
الدراسات للفحص بواسطة إختبار الإفتراضات التي قامت عليها بالرجوع إلى
تقنية "لعبة المحاكاة "، فمثلاً في التوصيات المترتبة على السياسية من
الدراسات المذكورة يلجئون الى "لعبة المحاكاة السياسية" لإختبار صحة
الإفتراضات التي قامت عليها الدراسة لتقييم توصياتها أوتنبؤاتها.
نعم هناك دراسات إستشراقية وبحوث سرية كما ذكرنا والبعض منها
إستشراقية إستشرافية (لقراءة المستقبل على نحو الإحتمال) وتـُنجز بطلب
من تلك الحكومات فلابد من التفكيك بين المجتمعات الغربية والحكومات
الغربية من جهة، وبين الدرسات الإستشراقية السرية والعلنية من جهة
ثانية، والتفصيل آت في أقسام كل من الإستشراق والإستغراب، وللتوضيح
نذكر المثال التالي:
نتيجة للدراسات والبحوث السرية المذكورة تعرف بعض الحكومات الغربية
حق المعرفة الروحَ الديمقراطية (الشــورية المــُلـز ِمـة) في الإسلام
المغيبة بين المسلمين منذ قرون، ولأسباب يعرفونها أيضاً، لكن بالرغم من
ذلك يدعمون ويسوقون الدراسات الإستشراقية العلنية التي تتهم الإسلامَ
مثلاً بالدكتاتورية والإستبداد، وللمثال لا الحصرنذكر ما أورده الشيخ
لطف الله الصافي في كتابه: مجموعة الرسائل - ج 2 - ص 425:
قال أحد كبار علماء الألمان في الآستانة لبعض المسلمين وفيهم أحد
شرفاء مكة:
(انه ينبغي لنا ان نقيم تمثالاً من الذهب لمعاوية ابن أبي سفيان في
ميدان كذا من عاصمتنا (برلين). قيل له لماذا؟ قال: لأنه هو الذي حوَّل
نظامَ الحكم الإسلامي عن قاعدته الديمقراطية إلى عصبية الغلب، ولولا
ذلك لعمَّ الاسلامُ العالمَ كله، ولكنا نحن الألمان وساير شعوب أوربا
عرباً مسلمين.) فراجعْ.) 17)
مـاهـي "لعبة المحاكاة السـياسـية"؟
لاعلاقة مباشرة بين بحثنا واللعبة المذكورة لكن القصص من قبيل ما
ذكره الصافي تـُنسب غالبا بحزم وجزم ودون تدقيق إلى نظرية المؤامرة (وهي
من معوقات معرفة الشرق للغرب) التي لايمكن رفضها بصورة مطلقة، كما
لايمكن القبول بها كذلك، ولذلك ولندرة الكتابة عن لعبة المحاكاة، وكثرة
السؤال عنها لابد من التطرق إلى ذلك بتبسيط وبعيداً عن التسطيح:
ألعاب المحاكاة السياسية هي شيء شبيه بألعاب المحاكاة العسكرية
التي يتم فيها لعب الأدوار على سبيل التمثيل من أجل اختبار
السيناريوهات المختلفة. وهذه الطريقة تساعد المشاركين فيها على أن
يسألوا أنفسهم أسئلة من قبيل: ماذا لو؟ أو "وما الذي سيحدث بعد؟"...
الخ وعندما يتم تطبيق قواعد هذه اللعبة بشكل سليم، والاهتمام بمساهمات
كل منْ يشارك فيها، بصرف النظر عن رتبته، وبصرف النظر عما إذا كان هناك
إجماع على الآراء أم لا، فإن ألعاب المحاكاة السياسية يمكن أن تكون
أداة نافعة للغاية في تقييم سلامة الفرضيات، أوالكشف عن أخطائها، بل
يمكنها أحياناً أن تساعد على توقع ردود الأفعال بقدر كبير من الدقة.
ومن النماذج على الاستعانة الأمريكية بهذه اللعبة ذاك الخاص
بيوغسلافيا السابقة. ففي مطلع سبعينيات القرن الماضي، كانت يوغسلافيا
الشيوعية قد نأت بنفسها كثيراً عن موسكو، وهو ما أدى إلى شيوع فرضية
مؤداها أن حلف "الناتو" قد يهرع لمساعدتها إذا ما قام الاتحاد
السوفييتي بمهاجمتها.
وفي لعبة محاكاة سياسية-عسكرية نظمتها قيادة الأركان المشتركة في
ألمانيا، وشارك فيها لاعبون من السفراء ومن الجنرالات (وقام لينكولن بي.
بلومفيلد الأستاذ الفخري للعلوم السياسية بمعهد ماسوشسيتس للتقنية
بإدارتها)، كانت المحصلة غير المتوقعة التي أسفرت عنها تلك اللعبة هي
أن "الناتو" لن يتدخل.
وهناك لعبة أخرى قام بإدارتها بلومفيلد أيضاً في موسكو، وسط أجواء
الحرب الباردة، وأظهرت الإمكانيات التي تنطوي عليها تلك اللعبة بصرف
النظر عن الجنسية والأيديولوجية.
وانتهت تلك اللعبة التي كان يشارك فيها خبراء سوفييت يقومون بتمثيل
أدوار أمام نظراء أميركيين، بالتوصل لخلاصة مؤداها أن الولايات المتحدة
تتبع سياسة معتدلة تسعى إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط، وهو ما كان
يختلف عن الافتراضات الموجودة لدى الخبراء السوفييت من قبل بأن
الولايات المتحدة تنتهج سياسة ذات نوايا عدوانية.
وهناك لعبة أخرى ساهم في إدارتها بلومفيلد أيضاً وذلك في وزارة
الخارجية الأميركية في بداية التسعينيات، تناولت مفاوضات بين الكوريتين،
تلك المفاوضات التي اعتبرها البعض "عملية" في ذلك الوقت. وأسفرت اللعبة
آنذاك عن محصلة مفادها أنه ليس هناك سوى احتمالات محدودة لنجاح
المفاوضات المذكورة والتي كانت في جوهرها لقاء عقول بين كوريا الجنوبية
المزدهرة وكوريا الشمالية المتجهمة، وهي محصلة لا زالت تعبر عن الواقع
الحقيقي بين الدولتين حتى اليوم.
وهناك لعبة أخرى من ألعاب المحاكاة السياسية، كان أحد طرفيها يمثل
السود والطرف الآخر يمثل البيض، وكان موضوعها المفاوضات الجارية في
حينه حول مستقبل جنوب أفريقيا. وتوصلت اللعبة إلى أن تلك المفاوضات
ستحقق نتيجة إيجابية، وهو ما حدث بالفعل.
ولكي تنجح ألعاب السياسة وتحقق الغرض منها وتخرج بنتائج ذات مغزى،
فإنها تحتاج إلى لاعبين يتميزون بالمهارة والنضج في آن.
ولعبة المحاكاة الحربية التي تم تنفيذها في وزارة الخارجية
الأميركية قبل الإقدام على الهجوم على العراق وإسقاط نظام صدام كان قبل
الهجوم بستة أشهر، وشارك فيها 30 خبيراً، وتوصلت نتائج المحاكاة للخطة
إلى أنه ستكون هناك في فترة ما بعد إسقاط نظام صدام حاجات تتمثل في
الحصول على مزيد من القوات، وتأمين مزيد من الحلفاء، والمحافظة على
الجيش العراقي وعدم حله، وإعطاء الأولوية لتحقيق نتائج سريعة في مجال
الأمن وتوليد الطاقة الكهربائية و... الخ.
يقول (بلومفيلد) رغم ذلك لم يتم استيعاب تلك النتائج بواسطة أعضاء
الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس جورج بوش، لسبب وحيد وهو أن تلك
النتائج كانت تتعارض مع التركيبة الذهنية للرئيس.
ويضيف (بلومفيلد) عادة ما تتم إدارة "ألعاب المحاكاة السياسية" على
المستوى العملي، ولكن الحقيقة هي أنها غير معروفة فعلياً في البيت
الأبيض وعلى مستوى مجلس الوزراء. وإذا لم يقم الرئيس الحالي بإصلاح
منظومة اتخاذ القرارات المعيبة في السياسة الأميركية، فإن الرئيس
التالي سيجد نفسه مضطراً لأن يفعل ذلك رغماً عنه. وإدارة لعبة سياسة
تخطيطية للمستويات العليا تركز على اختبار الفرضيات، سيكون بمثابة
بداية متواضعة في هذا الشأن.
وينوه (بلومفيلد) الى السرية المطلوبة في اللعبة المذكورة ما نصه:
(إن الرؤساء لا يستطيعون أن يمثلوا أدوارهم لأنهم في تلك الحالة لا
يأمنون تسرب بعض الأسرار، ولكن ما رأيكم في الاقتراح الخاص بإدارة
ألعاب محاكاة سياسة يقوم فيها النواب بلعب أدوار رؤسائهم، بشرط أن يكون
أمامهم على الطرف الآخر أفضل الخبراء في البلد، وأن تكون البيئة التي
تتم فيها تلك الألعاب خالية من الترهيب؟).
وكل ذلك لايعني أن جميع ما يـُستنتج من لعبة المحاكاة (التي ذكرنا
السياسية منها كمثال) يكون صحيحاً دائماً لأنها تختبر عملياً صحة
الإفتراضات التي قامت عليها توصيات الدراسة ولذلك تاريخ السياسة
الأمريكية لا يخلو من آن لآخر من الفرضيات المغلوطة. فقبل الهجوم الذي
شنه اليابانيون على ميناء "بيرل هاربر"، كان الأميركيون قد افترضوا أن
اليابانيين لن يقْدموا على الهجوم إلا أنهم هاجموا. وقبل أن يقوم
الجنرال "ماك آرثر" باندفاعته الكارثية نحو نهر "ياولو" عام 1950، كان
هو أيضاً قد افترض خطأً أن الصينيين لن يتدخلوا، ولكنهم تدخلوا بقوات
ضخمة. وفي الستينيات خافت أميركا من أن يؤدي سقوط فيتنام في أيدي
الشيوعيين، إلى سقوط باقي الدول المجاورة مثل قطع الدومينو، لكن تلك
القطع (الدول) لم تسقط، وكذلك الحال في الهجوم الذي شنته الولايات
المتحدة على خليج الخنازير في كوبا عام 1966. ففي خليج الخنازير كان
هناك هجوم فاشل شنه الرئيس جون كنيدي، اعتماداً على معلومات مغلوطة
واستشارة سيئة... الخ. هذا وكان الفشل الذريع للرئيس جون كنيدي
مقولتان لافتتان للنظر:
الأولى: "إني لن اعتمد بعد ذلك على الخبراء" !!.
والثانية: "أن السياسة كانت خاطئة، لأن الفرضيات التي قامت عليها
كانت خاطئة"، وهو يعني الإعتماد المباشر على نتائج وتوصيات الخبراء قبل
إختبار صحة الإفتراضات التي قامت عليها ليس بسليم.
وشيء مثل هذا الخطأ حدث في فترة التمهيد للهجوم على العراق، حيث لم
يقم أحد من الخبراء والمستشارين والساسة في واشنطن، بالتفكير في
الصعوبات التي يمكن أن تواجهها أميركا في إدارة دولة كبيرة ومنهارة مثل
العراق، ونضيف إلى ما قاله بلومفيلد في المصدر الذي رجعنا إليه (18)،
والأهم من ذلك أنه لم يفكر أحد حول نتائج إعلان العراق دولة محتلة بعد
سقوط نظام صدام وما نحو ذلك مما ارتكبه بول بريمر من أخطاء قاتلة ذكرنا
بعضها في مقال تحت عنوان: كلام صعب في زمن صعب فراجعْ (19)، وللوقوف
على تفاصيل اكثر حول تقنية المحاكاة راجعْ كتاب مذكرات الجاسوس
البريطاني همفر.
الـنـتـيجـة:
إن بعض أو أكثر المجتمعات الغربية لاتعرف الشرقَ كما هو هو لأسباب
عديدة ومتنوعة منها تأثير الدراسات الإستشراقية العلنية، بينما المقصود
من ان الغرب َيعرف الشرقَ هو ان بعض أوأكثر الحكومات الغربية تعرف
الشرقَ في جوانبه الأكثر أهمية لتلك الحكومات، وذلك بواسطة الدراسات
الإستشراقية السرية ودراسات الشرق الأدنى والأوسط السرية التي ينجزها
الباحثون المهنيون من الذين يتحلون بالأمانة العلمية والمقدرة على
التفكير التطبيقي التخصصي الدقيق، ومانحو ذلك، وبعد كل تلك الدقة
والإحكام يخضعون نتائج وتوصيات تلك الدراسات للفحص بواسطة إختبار
الإفتراضات التي قامت عليها بالرجوع إلى تقنية "لعبة المحاكاة ".
كما تقدم سنذكر أمثلة مـؤلـمـة أخـرى تدل على الحاجة إلى ذلك النهوض
بالإسـتغـراب الصحيح وإصلاح الإستشراق لكن قبل ذلك نتعرض بإيجاز الى
الغاية من الإستغراب:
لـمـاذا الإسـتغـراب؟
بإيجاز الإسـتغراب: هو معرفة الشرق ِللغرب، اوبعبارة أدق هو معرفتنا
للآخـر كما هو هو، وفي المجالات المختلفة، والتفصيل آت في محله، وذلك
لفهم الغرب (بمفهومه المتعدد) وتفهمه لإنعاش حوار يجعل الشرق (بمفهومه
المتعدد أيضاً) شريكاً، وليس إمتداداً للغرب، ويدعم التفاهم والتعايش
والتعاون، ويمهد لتبادل المكتسبات والتجارب، وتحاشي الإهدار وإستنزاف
الطاقات بتكرار الوصفات الفاشلة عبر تجريب المجرب وذلك لضمان السلام
والإستقرار العالميين فالتنمية المستدامة الشاملة للجميع، وتغيير
العالم نحو الأفضل.
قال الله تعالى:
- (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل
لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) (20)
- (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون
بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (21)
- (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم
شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله
خبير بما تعملون) (22)
- (ولا تبخسوا الناسَ أشياءهم((23)
- المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام): (اتقوا الله واعدلوا فإنكم
تعيبون على قوم لا يعدلون) (24).
- المروي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (خذ الحكمة ولا
يضرك من أي وعاء خرجت ((25)
- عنه أيضاً:) السعيدُ منْ وعـِظ َ بغيره) (26).
- عن الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام): (خذ الحكمة ممنْ أتاك
بها، وانظرْ إلى ما قال، ولا تنظرْ إلى منْ قال (27).
عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) قال:) في حكمة آل
داود: ينبغي للعاقل أن يكون مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، عارفاً
بأهل زمانه) (28).
- المسيح (عليه السلام):) لو وجدتم سراجاً يتوقد بالقطران في ليلة
مظلمة لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه، كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا
الحكمة ممنْ وجدتموها معه ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها (29).
- المسيح (عليه السلام):) خذوا الحقَ من أهل الباطل، ولا تأخذوا
الباطلَ من أهل الحق، كونوا نقاد الكلام) (30).
إذنْ لابد من الإسـتغراب لأنه ينبغي ـ كما تقدم ـ السعي لمعرفة
الغرب أوالآخر(ليشمل الصين واليابان والهند وغيرها) حيث بمراجعة القرأن
الكريم نرى أيات مباركة كثيرة جداً مخصصة لوصف الآخر والتعريف به، نعم
ينبغي السعي لمعرفة الآخر مع الفصل بين كل من سياسات الحكومات،
المجتمعات، الأديان، النخب والإعلام، و كما هو هو الآخر بإيجابياته
وسلبياته... بحسناته وسيئاته... بنجاحاته وإخفاقاته، بقوته وضعفه، لا
كما نتخيله، او نتصوره، او نتوهمه، او نريده ان يكون، وبموضوعية بعيداً
عن: التعظيم والتقزيم، النرجسية والأنوية المفرطة، الإنهزامية وجلد
الذات، والإعتذارية وما نحو ذلك للتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة من
الإستغراب، وذلك لتحاشي الإنجرار نحو الأصولوية اوالإغتراب او
الحداثوية او القومومية او التغريب او التحجر او الإنغلاق او التوفيق
التلفيقي الترقيعي وماشابه ذلك من الأمراض التي أجهضت ومازالت تجهض
محاولات النهوض بالأمة، و لكي لايقع الإستغراب في نفس الفخ الذي وقعَ
فيه الكثير من المستشرقين فيتحول الإستغراب ُالى الإستشراق المضاد
اوالمستعاد، اوالإستغراب الإنتقامي اوالتحريضي اوالتحصيني المطلق
اوالإستغراب الذي يختزل البعض أهدافه في فك عقدة النقص التاريخية في
علاقة الأنا بالآخر، والقضاء على مركب العظمة لدى الآخر بتحويله من ذات
دارس (في الإستشراق) إلى موضوع مدروس (في الإستغراب)، والقضاء على مركب
النقص لدى الأنا (الشرق) بتحويله من موضوع مدروس إلى ذات دارس…!!
أجل في القرأن الكريم لانجد فقط أيات مباركة كثيرة جداً مخصصة لوصف
الآخر والتعريف به، بل نرى أيات تتناول الإستغراب الذي يقرأ المستقبل
كما في قوله عزوجل:
(غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع
سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون) (31).
لكن هل الشـرق يعرف ذاته، وكما هي هي؟!
لأنه لاطريق للحوار الذي يطمح للإرتقاء بالشرق كي يكون شريكاً وليس
إمتداداً للغرب من دون معرفة الشرق لذاته ووعيه لذاته، ومعرفته للآخر،
وإذا كان الأمر كذلك:
فما هو الطريق الى معرفة الذات؟
هل يمكن معرفة الآخر بدون معرفة الذات؟
هل يمكن معرفة الذات عبر الذات اوعبر الآخر او عبر الأثنين معاً؟
هل الوعي بالذات يستلزم بالضرورة الوعي بالذوات الأخرى؟
ما هو الوعي الطبيعي الواقعي للذات، وما هو الوعي الأنوي للذات؟
وهل الوعي الأنوي للذات يغذي عدم الإعتراف بالآخر والتعايش معه؟
(32).
الإجابة على الأسئلة المتقدمة بحاجة الى مقدمات وتفصيل آت في محله
حالياً وللتدبر نذكر روايتين مرتبطتين:
- في المروي عن الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام): (منْ جهل
نفسه كان بغير نفسه أجهل، ومنْ عرف نفسه كان لغيره أعرف) (30).
- و في المنسوب الى الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله: (يبصر أحدكم
القذى في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه؟ !) (31).
القذى: جمع قذاة وهي ما يقع في العين من أجسام صغيرة جداً كالتراب،
والجذع: واحد جذوع النخل.
وفي ذلك قال الشاعر:
أرى كل إنسان يرى عيب غيره * ويعمى عن العيب الذي هو فيه
فلا خير فيمن لا يرى عيب نفسه * ويعمى عن العيب الذي بأخيه
وفي الحكمة: أصعب شئ حتى اليوم أن يعرف الإنسان نفسه، وأسهل شئ أن
ينصح سواه.
هل الشـرق يعـرف الغـربَ؟
أشرنا فيما تقدمَ الى الهدف والغاية من الإستغراب والتي تتلخص في
التمكين من تغيير العالم سلمياً نحو الأفضل لكن هذا التغيير المنشود
يحتاجُ الى حوار متواصل بناء مثمر يقوم على التكامل على أساس التنوع
والإستغراب الغائب هو الذي يضمن نجاح ذلك الحوار لأنه سيزودنا بالمعرفة
المطلوبة المذكورة عن الآخر كما سيجيب عن الأسئلة الحيوية العالقة منذ
عقود طويلة وذلك مثل:
من هو الغرب بشكل واضح ودقيق، وماهو تاريخه؟
ماهي تركيبة المجتمع الغربي؟
ماهي توجهاته؟
ماذا يقصد الغربُ بالشرق؟ وماذا يريد من الشرق؟
كيف يفكر ويخطط وينفذ الغرب؟
- كيف ينتج الغرب ُالمعرفة َ؟
- كيف يتداول المعرفة َ؟
- ماذا وكيف وكم يـُسوق الغربُ من المعرفة التي ينتجها؟
- كيف يحافظ على المعرفة؟
- كيف يستثمر الغربُ المعرفة َ التي ينتجها؟
- ما هي الدوافع الحقيقية لمواقفه وتصرفاته؟
-هل لتلك الدوافع علاقات بالعقيدة أوالتاريخ؟
- أم أنها المصالح والفوائد المعاصرة فقط؟
- ما هي حقيقة الصراع بين الشرق والغرب وما هي خلفيات ذلك الصراع؟
- ماهي أهم وأكبر التصورات أوالتخيلات التي تغذي ذلك الصراع؟
- كيف ينظر الغرب إلينا؟، ولماذا؟
- ماهي الوسائل العملية لتصحيح تلك التصورات إنْ كانت خاطئة؟
- ماهي مصادر الفكر الغربي؟
حيث يرى البعض أن مصادر الفكر الغربي أربعة مصدران معلنان ومصدران
غير معلنان، فالمصدران المعلنان هما المصدر اليوناني- الروماني،
والمصدر اليهودي - المسيحي، أما المصدران غير المعلنين فهما المصدر
الشرقي القديم الذي يتضمن المصدر الإسلامي، والرابع هو البيئة
الأوروبيـة.
لـمـاذا الصمت الغربي على المصادر غير المعلنة؟
هل يمكن إختصار ذلك الصمت في: "العنصرية الدفينة في الوعي الأوروبي
التي جعلته لا يعترف إلاّ بذاته وينكر وجود كلَّ غَيْرٍ له، فهو مركز
العالم احتل صدارته وله مركز الريادة فيه." كما يرى الدكتور حسن حنفي،
بحسب تعبيره (31).
وما الى ذلك من أسئلة (32) خطيرة وكبيرة تحتاج الى موضوعية مهنية
حرفية وأمانة وجد وإجتهاد وتخصص وتخطيط ودعم مادي ومعنوي طويل الأمد،
وهجرة (لإنجاز الدراسات الميدانية)، ونفس طويل، وصبر بلا حدود، وللمثال
نذكر:
- لورانس المعروف بلورانس العرب (صاحب كتاب أعمدة الحكمة السبعة)
قضى عقوداً طويلة وشاقة في العالم الإسلامي لدراسته والعمل عليه، وهكذا
همفر (صاحب مذكرات المستر همفر)، وهكذا فينتور دي بارادي (الساعد
الأيمن لنابليون) الذي قضى أربعين سنة يتجول في العالم الإسلامي ويدرسه
قبل أن يلتحق بحملة نابليون بونابرت على مصر (1798ـ 1801) والذي اصطحب
معه في حملته العسكرية أكثر من (167) عالماً، ومن مختلف الإختصاصات)
33)، وعلى نفس الطريق سار المستشرق اليهودي غولدزيهر (1850ـ 1921) فقد
سافر إلى الشرق عام 1873 م وحطَّ رحاله أولاً في القاهرة حيث كان أول
أوروبي يقبل كطالب في الجامع الأزهر وقد لبس الزي الديني مثله في ذلك
مثل بقية الطلاب. وهناك التقى بجمال الدين الأفغاني. ثم زار القدس
ودمشق وعاد إلى بودابست عام 1864محملاً بالكتب والمخطوطات العربية.
وابتدأ عندئذ يكتب بحوثه الأساسية عن التراث الإسلامي وبخاصة عن علم
الحديث. ثم قام بسفرته الكبيرة إلى الجزيرة العربية عام 1884. وفي
مدينة جدة التقى بعلماء الدين، وبعد مناقشات طويلة معهم راحوا يعتبرونه
وكأنه منهم. وأتيح له عندئذ ان يدخل إلى مكة المكرمة بعد إعلان إسلامه
واتخاذه لاسم عربي: عبدالغفار. وهناك حصل على مخطوطات عديدة ودرس
الحياة اليومية في مكة المكرمة. وبعد عودته إلى هولندا أصدر كتاباً
كبيراً عن مكة المكرمة. وأرفقه بصور عديدة توضيحية، وهي أول صور
نمتلكها عن المدينة المقدسة !.
هذا ومما تجدر الإشارة إليه أن المستشرق غولدزيهر هو الذي زعم بأنه
لايوجد حديث نبوي صحيح واحد، وان الشيعة ترى في القرأن كتاباً حزبياً
يتناسب وتطلعاتها...، علماً ان الوهابية تستدل على ما في كتاب المستشرق
المذكور وأقرانه لإثبات بعض معتقداتها وذلك كما في مجلة الدعوة العدد
1754 ص 60-61:
((ثم نقل قول " كارل هيز " عن فرقة الأولياء بصورة عامة أنه محاولة
لسد حاجة الشرك داخل دين التوحيد وذلك لأجل ملء ذلك الفراغ الهائل الذي
وجد بين الناس وبين إلههم " (غولدزيهرignaz Golozihar Muslim Studies
P.259)، والمقصود من إيراد هذا الكلام هو أن المستشرق الألماني المذكور
كفانا مئونة الرد على ما رميت به الوهابية من هدم القباب أو منع زيارة
القبور لأجل دعاء الاموات فإن الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه
وسلم لا يجيز هذا و لا ذاك)).
علماً ان غولدزيهر قام بسفرته الكبيرة إلى الجزيرة العربية عام
1884م أي قبل سقوط الدولة الوهابية السعودية الثانية بـ 7 أعوام، وعاش
بعد قيام
الدولة الوهابية السعودية الثالثة بـ 19 عاماً، وذلك يمكن أن يعني
الكثير، وهو بحاجة الى المزيد من المراجعة والتحقيق والتأمل.
- جمع المستشرقون معلومات كثيرة عن تراثنا ومجتمعاتنا. فقد ساهم
ثلاثمائة باحث في تأليف "وصف مصر". وهو كتاب ضخم يحتوي على تسعة أجزاء
صدرت بين عامي (1809ـ 1928). ويعتبر تأسيساً لعلم المصريات (وهو مثال
للدراسات الأنتروبوجية المذكورة سابقاً) أو الحضارة المصرية بقدر ما هو
تأسيس لعلم الاستشراق، في الواقع انه مركز على تاريخ مصر القديمة، أي
مصر الفرعونية، أي ما قبل الهيلنية وما قبل البيزنطية وبالتالي ما قبل
الإسلامية. ولكنه يرهص ايضاً بولادة علم الإسلاميات أو الاستشراق
العربي الإسلامي لأن علماء نابليون كانوا يهتمون ايضاً بدراسة المجتمع
المصري في صيغته الحالية (34).
وعن الهدف من تنمية الإهتمام ببعث الحضارات القديمة، يقول المستشرق
جب:
"وقد كان من أهم مظاهر سياسية التغريب في العالم الإسلامي تنمية
الاهتمام ببعث الحضارات القديمة التي ازدهرت في البلاد المختلفة التي
يشغلها المسلمون الآن… وقد تكون أهميته محصورة الآن في تقوية شعور
العداء لأوروبا ولكن من الممكن أن يلعب في المستقبل دوراً مهماً في
تقوية القوميات المحلية وتدعيم مقوماتها"، ولذلك نرى أن روكفلر المعروف
عرض تبرعه بعشرة ملايين دولار لإنشاء متحف للآثار الفرعونية في مصر،
وملحق به معهد لتخريج المتخصصين في هذا الفن (35).
- الباحث الفرنسي أليكسيس دي توكفيل زار الولايات المتحدة قبل 200
سنة تقريبا، وأقام بها أكثر من عقدين لإكتشاف أسرار منظومة الديمقراطية
الأمريكية التي تنفرد بها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الذي كان قد
تنبأ سنة 1835 بإفول معظم الدول العظمى، وبزوغ نجم كل من أمريكا
وروسيا، وقد سخر البعض... وضحك الجميع، من هذه النبوءة ووصفوها بأنها:
نبوءة مجنون!! كما يـُقال، وهو صاحب كتاب "الديمقراطية في أميركا"،
والذي مايزال مرجعاً أساسياً لمنْ يريد فهم أسس الديمقراطية في نسختها
الأمريكية.
والأمثلة كثيرة وبحاجة الى مجلدات، وفيها دروس وعبر لابد منها. نعم
نحن بحاجة الى تخصص، دعم، موضوعية، مهنية، حرفية، أمانة، جد، إجتهاد
وهجرة (لإنجاز الدراسات الميدانية) ونفس طويل وصبر بلا حدود لإنجاز
الإستغراب الذي لايحمل في صلبه بذور إجهاضه كالتغريب والإغتراب
والحداثوية وماشابه ذلك مما تقدم.
مـا هـو المطلوب من الإسـتغراب؟
نعم الإستغراب يمكن أن يساهم الى حد كبير في إنجاح الحوار (والحديث
عن حوار المجتمعات ومؤسساتها غير الحكومية) مع الغرب لتغييرالعالم نحو
الأفضل، وفي اكثر من إتجاه نحو الأفضل حيث قال البروفيسور "مايكل
أمالادوس" أستاذ الأديان بجامعة فيدياجيوتى بدلهي (الهند)، في مقال
نشره له (موقع أمريكا برس 10-12-2001م):
(ليس المطلوب إقامة دولة دينية، ولكن السياسة والإقتصاد لا يمكنهما
السير ذاتيًّا، فهما بحاجة إلى قيم ومبادئ أخلاقية وحوار بين الأديان،
فالأديان تقر بأن الناس يُذنبون، لذا فهم في حاجة إلى العفو والتسامح.
وهذا ينعكس على شكل تعاطف ومحبة نحو الآخر. والدين وحده يستطيع فعل ذلك،
ولا يمكن للمصالح البشرية المجردة أن تقود إلى ذلك).
إذن ليس الهدف من الإستغراب إستثمار كافة الوسائل لتكوين صورة ذهنية
تعلي من شأن الذات، وتـُعـرِّفُ الآخرَ في صور قدحية غير إنسانية كي
توفر للذات في المواجهةِ مواقف ودوافع وحوافز التحريض والتعبئة لتشيئ
الآخر، والإعتقاد بحقده وطغيانه وهمجيته الى حد يصل فيها الإنسان في
المواجهة مع الآخر لدرجة التصديق بان الآخر شر مطلق لابد من إزالته
فتتحول المواجهة الى صراع وجود بكل ما للكلمة من معنى وذلك تطبيقـاً
لمغالطة أن المستقبل لايعود إلإ لمنْ يتقن صناعة الحقد وفنون تأجيجه
وقواعد تصديره وأصوليات حمله وتطبيقه ونشره ومن الأمثلة الواضحة على
ذلك: من الأمس فعلة بعض المستشرقين الغربيين الذين مهدوا دعائياً
بدراساتهم الأكاديمية المزيفة للحملات الصليبة، ومن اليوم ما في الشرق:
ما ينظـِّره صنـّاع الموت وفقهاء الإرهاب الذين ساهموا في الجريمة
السوداء في 11 سبتمر 2001، والجرائم البشعة اليومية في العراق الجريح،
ومن اليوم أيضاً في الغرب ما ينظـِّره أرباب اليمين المتطرف بمفهومه
المتعدد الواسع وعلى سبيل المثال نذكر:
أمثلة مـؤلـمـة أخـرى:
تدل على الحاجة إلى النهوض بالإسـتغراب ومـراجعـة الإسـتشـراق
سنذكر في هذه الفقرة أمثلة مـؤلـمـة أخـرى من الشـرق والغـرب تؤيد
الحاجة الماســة إلى النهوض بالإسـتغراب في الشرق وإصلاح الإسـتشـراق
في الغرب لإنجاح الحوار، وإنعاش الأمن والسلام والعدالة والتنمية في
العالم كله لتمكين (بالمفهوم الإصطلاحي له) الشرق والغرب معاً من تغيير
العالم نحو الأفضل معاً:
- فتوى الشيخ حمود بن عقلة الشعيبي، من كبار الوهابيين، تلخص فقه
الإرهاب: " منْ يساند الكفار ضد المسلمين هو من الكفار". ويشرح أن "
الولايات المتحدة هي ديموقراطية، انتخب الشعب حكومتها، إذن فمواطنوها
مسئولون عن أفعالها...الشريعة تحرم على المسلمين أن يصادقوا الكفار،
والولايات المتحدة هي دولة كفار... من الممكن طبقاً للشريعة قتل النساء
والأطفال إذا لم يمكن فصلهم عن الرجال.."!! (36).
- يـُنسـب إلى السّـَيِّد المسيح (عليه السلام): (لا تظنُّوا أنِّي
جئت لأُلقي سلاماً على الأرض، ما جئت لأُلقي سلاماً بل سيفاً) !!
وذلك كما في إنجيل متّى 10ـ 234.
وإستناداً إلى ذلك فُرِضت المسيحية في روسيا على يد جماعة اسمها: (إخوان
السَّيف) Brehters of the Sword كما في (الدعوة إلى الإسلام للسِّير
توماس آرنولد ص30). ونشر الملك كنوت Cnut المسيحية في الدِّنمارك
بالقوة والإرهاب. وفي النرويج أيضاً، وأمر الملك أُولاف ترايجفيسون
بذبح الذين أبوا الدُّخول في المسيحية، أوبتقطيع أيديهم وأرجلهم،
أوبنفيهم وتشريدهم. وفي عام 1455م صدر مرسوم بابوي يقرِّر سيادة
النَّصارى على الكفار، وأقرَّ هذا المرسوم استرقاق الزُّنوج في إفريقيا
والهنود الحمر في أمريكا، وبهذه النَّظرة، نظرة السَّيِّد للعبد، جرى
قنص الأفارقة باسم المسيح (عليه السلام)، وتَمَّ نقلهم وبيعهم في أوربا
وأمريكا، وعلى الرّغم من تعميدهم وإدخالهم في المسيحية غصباً وإكراهاً،
فإن عبوديتهم ظلَّت قائمة كما في (الاستعمار والتنصير في إفريقيا
السَّوداء ص49). قال الدكتور فرانزغريس في كتابه (تبدُّد أوهام قسيس)،
الذي طبع في بوينس آيرس (مطبعة دار الطَّباعة - الضِّياء): (إنَّ تاريخ
الأمم النصرانيَّة، وأكثر من هذا، تاريخ الكنيسة بالذَّات، مضرج
بالدَّماء وملطَّخ، ولربَّما أكثر تضرُّجاً ووحشيّة من أيّ شعب وثني
آخر في العالم القديم).
- قال الفيلسوف الألماني (فردريك نيتشه): (إنَّ تاريخ الكنيسة يحمل
صفحات حمراء دامية في أمريكا وإفريقيا وآسيا وأُوربا)، (عدو المسيح
الفقرة 36) (37).
- مارتن كريمر في كتابه: (برج عاجي على رمال) يهاجم هجوماً صاعقاً
سائر المستشرقين الاميركيين، وأساتذة دراسات الشرق الاوسط (ويعني
المستشرقين الجدد) هناك لأنهم فشلوا في تنبيه الولايات المتحدة الى
خطورة الراديكاليين المسلمين. ويرجع ذلك الى انهم - باستثناء برنارد
لويس وكوك، وكرون وبوول - واقعون تحت تأثير ادوارد سعيد، ونعوم تشومسكي.
وفي اوائل العام 2002 انشأ بايبس وكريمر على الانترنت برنامجاً سمّياه:
" مراقبة الكامبوس "، يهدف تتبع ما يكتبه اساتذة الدراسات الشرق اوسطية
والعلوم السياسية مما لا يعجب اليمينيين او انصار اسرائيل. وبايبس هو
الذي اثار الضجة حول مايكل سللز، صاحب كتاب " قراءات قرآنية " الذي
يستعرض فيه مختلف التأويلات وآيات السيف في القرآن، وآيات المسالمة
والموادعة، اذ زعم بايبس ان في إبراز تعددية تفسيرات القتال والعنف في
التراث الاسلامي، احتقاراً للأميركيين الذين قتلوا في 11 ايلول باسم
الجهاد !! (38).
- تماهى كارل ماركس مع اليمين الأوربي المتعصب برسمه صوراً وتركيبات
فولكلورية ودونية للمجتمع الجزائري خلال اقامته هناك (راجع رسائل ماركس
انجلس من الجزائر ترجمة جورج طرابيشي) في حين رحـَّبَ انجلس بالغزو
الفرنسي للجزائر واعتبره (حقيقة مهمة وسعيدة في تقدم الحضارة) وذلك
بالإستناد على النهج الماركسي الذي يعمم من جهة فرضية ركود التشكيلات
الاجتماعية للعالم الشرقي، ومقولة ان الامم الصغيرة لا تسهم في تطوير
الرأسمالية بشكل يمهد تقويضها.
هذا وهناك دراسات وبحوث إستشراقية ماركسية كثيرة مهجورة لكنها جديرة
بالإطلاع مثل تلك التي حررها (غودلية، اندرسون، رودنسيوت) وهي تبحث في
الشواهد الايديولوجية والنصوص الدينية القديمة فراجع ْ(39).
- يؤيد عدة مفكرين عرب ومنهم مفكرين معاصرين الإحتلالَ مثل تأييد
الإستعمار البريطاني للهند، والفرنسي للجزائر ومصر، ومنهم طه حسين
الذي يعتبر حملة نابليون ليست بداية لغزو، ولكنها بداية لنهضة على مصر،
كما يعتبرها "حملة مباركة". وأن مدافع نابليون هي التي أيقظت مصر من
سباتها العثماني، ووضعت حداً لقرون العرب الوسطى. فكانت إيذاناً
بالنهضة. وكذلك يقول المفكر المغربي علي أومليل. (طه حسين، ابن خلدون
وفلسفته الاجتماعية، ص166)، (علي أومليل، الاصلاحية العربية والدولة
الوطنية، ص137). وبعد حملة نابليون أصبح الغرب مرآة للشرق (40).
هذا وتجدر الإشارة هنا بأن المستشرق "لويس" - الذي يحبذ تسميته
بالمؤرخ والباحث - في موقفه من الإستعمار يقول بأن الإستعمار كان خيراً
على العرب مقارنة بحكوماتهم الثورية والتوتاليتارية المتحالفة مع
الاتحاد السوفياتي !!.
- فتوى الشيخ نوح حكيم الحنفي في وجوب قتل الشيعة، وإسترقاق نسائهم
وذراريهم تابوا أو لم يتوبوا، وكفر مَنْ لا يرى ذلك، والفتوى في باب
الردة والتعزير من الفتاوى الحامدية، وتنقيحها بإمضاء الشيخ نوح الحنفي
لإشتهار هذين الكتابين ورجوع من بأيديهم منصب الفتوى في المملكة
المحروسة إليهما:
قال في جواب من سأله عن السبب في وجوب مقاتلة الشيعة وجواز قتلهم:
(إعلمْ أسعدك الله أن هؤلاء الكفرة والبغاة الفجرة جمعوا بين أصناف
الكفر والبغي والعناد، وأنواع الفسق والزندقة والالحاد، ومنْ توقفَ في
كفرهم وإلحادهم ووجوب قتالهم وجواز قتلهم فهو كافر مثلهم. قال: وسبب
وجوب قتالهم وجواز قتلهم البغي والكفر معا، أما البغي فإنهم خرجوا عن
طاعة الإمام خلد الله تعالى ملكه إلى يوم القيامة، وقد قال الله تعالى:
" فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله " والأمر للوجوب فينبغي
للمسلمين إذا دعاهم الإمام إلى قتال هؤلاء الباغين الملعونين على لسان
سيد المرسلين أن لا يتأخروا عنه بل يجب عليهم أن يعينوه ويقاتلوهم معه.
قال: وأما الكفر فمن وجوه: منها أنهم يستخفون بالدين ويستهزئون بالشرع
المبين، ومنها أنهم يهينون العلم والعلماء، ومنها أنهم يستحلون
المحرمات ويهتكون الحرمات، ومنها أنهم ينكرون خلافة الشيخين ويريدون أن
يوقعوا في الدين الشين،... إلى أن قال: فيجب قتل هؤلاء الأشرار الكفار
تابوا أو لمْ يتوبوا، ثم حكمَ بإسترقاق نسائهم وذراريهم).
وأدت الفتوى المذكورة للشيخ نوح حكيم الحنفي إلى مقتل (40- 70 ألف)
شيعي في الأناضول (التركية)، و(44 ألفاً) في جبل عامل (بلبنان) و (40
ألفاً) في حلب (بسوريا) على يد السلطان سليم الأول (ت: 925هـ)، الذي
أمر بقتل الشيعة أينما وجـِدوا في البلاد العثمانية، حتى ذُكر أنه لم
يبق شيعي في حلب، حيث قـُتـِلَ رجالهم، وسبيت نساؤهم، وانتهبت أموالهم،
وأخرج الباقون من ديارهم (41).
ومــاذا بـعـد هذه الأمثلة؟ !
الأمثلة المـؤلـمـة التي تقدم ذكرها تدل بما لايقبل الشك بأن الحاجة
ماسـة إلى النهوض بالإسـتغراب بأقسامه التي سنأتي على ذكرها لاحقاً كما
هناك ضرورة لمـراجعـة الإسـتشـراق وإنقاذه من أزمته الجديدة القديمة
لكي يقوم كل منهما بدوره الذي يكمل الآخرَ في التعريف بالآخر كما هو هو،
وللتمكين من تغيير العالم نحو الأفضل، لكن قبل الإنتقال الى الفقرة
التالية لابد من التنويه إلى ملاحظتين:
ملاحظتان مهمتان:
1- هناك أيضاً ولنفس الأسباب - كما سيأتي - حاجة إلى معرفة الذات أي
معرفة الشرق للشرق ومنها معرفة الشرق لذاته، كما هو هو، و بمكوناته
المتنوعه، لأن الشرق كذلك ليس كتلة واحدة، ولذلك ذكرنا المثال الأخير (فتوى
الشيخ الحنفي) بالرغم من عدم إرتباطه بالإستغراب مباشرة فمنْ عرفَ نفسه
كان لغيره أعرف كما تحت هذا العنوان من الروايات.
2- إن تلك الصفحات الدامية والسوداء ليست من الدين بشئ، ولاتمثل
صراعاً بين الأديان أوالحضارات أوالثقافات أوالمجتمعات بل هو صراع
مصالح بين الحكومات... بين الإمبراطوريات، ويـُسوق بإسم الدين بواسطة
مختطفي الدين لتأثيره المنقطع النظير في تحديد سلوكيات الإنسان، وفي كل
مكان وزمان، وكما في المروي عن الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام:
(...فإن هذا الدين قد كان أسيراً في أيدي الأشرار يعمل فيه بالهوى،
وتطلب به الدنيا...) (42).
وكالمروي عن الرسول الكرم صلى الله عليه وأله وسلم:
(صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي: الأمراء والفقهاء.) (43).
وكما عن عيسى (عليه السلام) - للحواريين -:
(يا ملح الأرض: لا تفسدوا، فإن كل شئ إذا فسد فإنها يداوى بالملح،
وإن الملح إذا فسد فليس له دواء) (44).
- في المروي عن الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام: الدينار داء
الدين والعالم طبيب الدين، فإذا رأيتم الطبيب يجر الداء إلى نفسه
فاتهموه، واعلموا أنه غير ناصح لغيره (45).
ومنذ القدم قيلَ: المال عديم الرائحة، وشــديد الإقناع !
- وعنه أيضاً:... زلة العالم كإنكسار السفينة تـغـرقُ وتـُغـرِق
(46).
- المروي عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): قيل لأمير
المؤمنين (عليه السلام):
(منْ خير خلق الله بعد أئمة الهدى ومصابيح الدجى؟ قال: العلماء إذا
صلحوا، قيل: فمن شرار خلق الله بعد إبليس، وفرعون، ونمرود، وبعد
المتسمين بأسمائكم، والمتلقبين بألقابكم، والآخذين لأمكنتكم،
والمتأمرين في ممالككم؟ قال: العلماء إذا فسدوا، هم المظهرون للأباطيل،
الكاتمون للحقايق، وفيهم قال الله عز وجل:
(أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا) (سورة
البقرة- الأية: 159) (47).
أجلْ هؤلاء زرعو الحقد، وصنعو الشرخ الاسطوري المُعاش بين الشرق
والغرب، والذي يعود الى الصراع بين بعض الحكومات وبعض النخبة من
الطرفين لكن في كل الأحوال لابديل للشرق كما لابديل للغرب عن الحوار
المستدام الذي يحترم الذاتية (التنوع في إطار التكامل) كخيار استراتيجي
وإنْ كان الحوار صعباً شاقاً طويلاً مكلفاً لأنه بالرغم من كل ذلك يبقى
أقل كلفة من الصراع من الناحيتين المادية والمعنوية، ويمكن تخفيض
أكلافه أكثر فأكثر، وتسهيل نجاحه إذا أعادَ كلُّ طرف إكتشافَ الآخر،
وكما هو هو لا تخيله أوإختراعه، أي بعيداً عن المعرفة الناقصة،
أوالمشوهة أوالمسيسة، أوالمركزية (الإستعلائية)، أوالنمطية عن الآخر
وذلك مثل:
1- تعريف بعض الشرقيين للغرب كله في مجتمع آلي خال من الروح
الإنسانية، وقائم على الفردية العمياء، وعبادة اللذة، ومانحوَ ذلك من
الصور النمطية لتبرير الإرهاب المرفوض بكل المعايير والمقاييس.
2- وتعريف بعض الغربيين للشرق كله في مجتمع أمي بدائي متخلف خطر،
وميال إلى العنف يعيش في مناطق صحراوية، ويعبد إلهاً غريباً، وذلك
لتصوير الشرق على أنه طرف يستحق السيطرة عليه ويبحث عنها ويرحب بها.
3- زعم بعض الشرقيين بإن المشروع الثقافي الغربي لايعترف بأي "آخر
حضاري" ليروج مقولة: إن الحوار مع الغرب عقيم أو ليؤسس لفقه الكراهية (المرفوضة
في كل الأديان والحضارات) والذي يزعم بأن "الآخر" لا وجود له إلا كعدو،
ولكي يبرر الإرهاب ويمهد لمغالطة كبرى أخرى تتهم الإديان بحقل لإنتاج
وإعادة إنتاج "الدوغما" الذي يؤجج مشاعر الكراهية والحقد !! ليمهد
الأرضية لمغالطة أكبر تتمثل بالدعوة الى إلغاء الأديان كلها أو صهر
الأديان كلها في دين واحد!! كالمونية (المسماة حركة صن مون التوحيدية)
التي أسسها القس الثري صن مون المولود في كوريا عام 1920 والذي ادّعى
بأنه على اتصال بالمسيح عليه السلام منذ عام 1936م، والذي أنتقل عام
1973م إلى الولايات المتحدة، وعقد صلات عدة مع كبار الشخصيات هناك،
واحتل منصب الرئيس للمجلس العالمي للأديان، ويـُقال بأن المونيين
متغلغلون في الجناح الأيمن للحزب الجمهوري بالولايات المتحدة، ولهم
نفوذ وتواجد وإستثمارات كبيرة في العالم، وتذكر جريدة المسلمون في
عددها 36 أن المجلس العالمي للأديان الذي يترأسه صن مون إنما يعمل تحت
رقابة المؤسسة العالمية المتحدة للأديان IrF وهي واحدة من الوكالات
الدينية الإنسانية التابعة للكنيسة الموحدة التي هي إحدى الحركات
الدينية الجديدة التي أسسها صن مون في كوريا.
4- زعْم بعض الغربيين مثل بروديل الذي يتصور بان الحضارات تحمل في
داخلها عناصر الإستبعاد والتبرم وإحتقار الآخر، وكأنه يريد ان يقول بأن
المستقبلَ لا يعود إلا لمنْ يعرف كيف يحقد !!، وفي ذلك خلط َبروديل بين
الحضارات والأديان من جهة والأمبراطوريات من جهة أخرى حاله كحال
هنتنغتون (مخترع ! نظرية صدام الحضارات)، وفوكوياما (مخترع ! نظرية
نهاية التاريخ).
5- زعمَ البعضُ بأن الدولة التي تأسست بطريقة مصطنعة اكثر من غيرها
هي العراق... وأن العراقيين في ربيع 1991 (أي بعد تحرير الكويت وأبان
الإنتفاضة الشعبانية) لم يكونوا شعباً على الإِطلاق !! لتبرير الفرصة
الممنوحة لتصفية الإنتفاضة وإجهاض الجهود الوطنية لإسقاط نظام صدام
الذي أختطفَ العراق بعد إختطاف حزبه (48).
من الأمثلة المتقدمة يمكن ان نقول ودونما أي تعميم بأنه:
هناك جهل وتجاهل متبادل بين الشرق والغرب اي ان الشرق لايعرف أولا
يريد أن يعرف الغربَ كما هو هو، وكذلك الغرب لايعرف أو لا يريد ان يعرف
الشرقَ كماهو هو، وذلك الجهل والتجاهل المتقابل ساهم ومازال وسيبقى
كذلك في إعاقة الحوار فضلاً عن التعاون والتثاقف المنشود بل له دور في
خلق الصراعات والأزمات والعداوات، وكما روي عن أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب (عليهما السلام):
(الناس أعداء ما جهلوا) (49).
ومن الجدير بالإشارة ان قسماً من جهلنا للآخر يرجع الى جهلنا
لإنفسنا، وهكذا الحال بالنسبة لجهل الآخر لنا، وكما روي عنه أيضاً:
(منْ عرفَ نفسه فهو لغيره أعرف) (50).
(منْ جهلَ نفسه كان بغير نفسه أجهل) (51)
إذن المسؤولية مشتركة بين الغرب والشرق وتشمل بالدرجة الأولى
المفكرين والمنظرين والنخبة وصنـّاع الرأي، وقبل صنـّاع القرار، كما هي
مسؤولية صنـّاع القرار، وقبل أصحاب القرار.
والقيام بهذه المهمه (تصحيح الصورة النمطية المشوهة) ليس بالمحال
كما يتخيل البعض وكمثال كانت صورة اليهود في الولايات المتحدة
الأمريكية حتى الثلاثينات من القرن المنصرم سلبية للغاية، وكان اليهودي
مرفوضاً الى درجة أن المطاعم والمحال هناك كانت ترفع على واجهتها يافطة
مكتوب عليها:
" ممنوع دخول الكلاب واليهود(No Dogs, No Jews) " (52) !!
لكن اليهود تمكنوا من قلب الصورة فيما بعد.
الخلاصـة:
تلك الصور النمطية المشوهة المتقابلة أحياناً تملي على الشرق النهوضَ
بالإستغراب قبل إصطدام الحوار بنقطة الإنسداد الميتة، لتحصينه من
الإنحراف والتحريف وصناعة التزوير الأكاديمي قبل فوات الأوان، أي قبل
أن يصبح سيء السمعة كالإسستشراق، كما يملي على الآخر نقد ومراجعة
الإستشراق للتمكن والتمكين من رؤية كل منا الآخر كماهو هو لا كما يرغب
أويتمنى أويتخيل أوتفرضه المصالح الأنية، وذلك يتطلب تعريف المصطلحين
المتقدمين قبل بيان موارد التحريف في الإستغراب، وذلك في القسم الثاني
بإذنه تعالى.
.............................
المصادر:
(1) علل الشرايع: 467 - 22
(2) تفسير الدر المنثور: 6 - 61 نقلا عن ابن أبي
الدنيا في كتاب التفكر.
(3) سنن الدارمي: 1 / 147 / 571 عن عبد الله بن عبد
الرحمن التستري.
(4): المصدر: كتاب: الاستشراق والخلفية الفكرية
للصراع الحضاري - محمود حمدي زقزوق - forums.bafree.net
(5): المصدر: ن. م
(6): المصدر: مقالة: لا يا قداسة البابا بقلم
الدكتور: شوقي أبو خليل - alfatihonline.com
(7): المصدر: أليكسي جورانفسكي: الإسلام والمسيحية،
ترجمة د.خلق محمد الجراد، سلسلة عالم المعرفة، ط1، 1996، ص105
(8) راجع المستشرقون والإسلام -الدكتور عرفان عبد
الحميد: ص 19.
(9) المصدر: مستشرقون ومستغربون !... بقلم: مصطفى
عبد العزيز البطل الأربعاء, 22 أبريل 2009 13:25 sudanile.com
(10): بتصرف من مقال تحت عنوان: الأسرة المسلمة في
معركة القيم - د. محمد خروبات في: albayan-magazine.com، وذلك نقلاً
عن: مجلة العلوم الاجتماعية: م 17- عدد 3، مقال حلمي ساري: (المعرفة
الاستشراقية: دراسة في علم اجتماع المعرفة).
(11): المصدر: منْ يصنع عداء الغرب للإسلام؟ ممدوح
الشيخ - www.arabworldbooks.com
(12): المصدر: بتصرف من: كتاب الصياغة الجديدة لعالم
الإيمان والحرية والرفاه والسلام - للإمام الراحل السيد محمد الحسيني
الشيرازي رضوان الله عليه - الفصل الثاني: الإيمان ومنابع الحضارة
الإسلامية.
(13) مقال: لا يا قداسة البابا- الدكتور: شوقي أبو
خليل - alfatihonline.com
(14): تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس: بحث
في الملكة العلمية عن طريق تاريخ علم واحد في بلد واحد – تأليف:
الأستاذ الدكتور حسين مؤنس – تقديم: الأستاذ الدكتور محي الدين صابر -
الطبعة الثانية 1986 – الناشر: المنظمة العربية للتربية والعلوم
والثقافة ومكتبة مدبولي – القاهرة – والنص من مقدمة الطبعة الأولى وهي
قبل بدء الترقيم، وبحسب مقال: من يصنع عداء الغرب للإسلام؟ ممدوح الشيخ
- www.arabworldbooks.com
(15): المصدر: ن. م.
(16): moslimonline.com
) 17) المصدر: جواهر التاريخ - الشيخ علي الكوراني
العاملي - ج 2 - ص 92
(18): المصدر: بتصرف من مقال تحت عنوان: "ألعاب
المحاكاة السياسية"... تقنية مهمة يجهلها بوش ! - لينكلون بلومفيلد،
وهو أستاذ فخري للعلوم السياسية بمعهد ماسوشسيتس للتقنية، وعمل في
وزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي، والمقال نشر في
جريدة الإتحاد الإماراتية العدد (11490) الأربعاء - 20 ديسمبر 2006م.
(19): موقع معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات
بواشنطن - باب مقالات تحت عنوان: كلام صعب في زمن صعب- المهندس فؤاد
الصادق - موقع:siironline.org
(20): سورة الحجرات - الأية:: 13
(21) سورة الحج - الأية: 46
(22): سورة المائدة الأية: 8
(23): سورة الأعراف: الأية 85
(24): الكافي: 2 - 147 ح 14.
(30): المحاسن: 1 - 359- 769.
(31): سورة الروم ـ الأيات: 2-4
(32): للتفصيل راجع ْ: الوعي بالذات، نحو فهم أعمق -
محمد انعيسى - الحوار المتمدن - العدد: 1731
(30): غرر الحكم: 1675
(31): فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج 6
- ص 591
(31):حسن حنفي- مقدمة في علم الاستغراب ـ (بيروت:
الدار الجامعية للنشر والتوزيع- 1412-1992) ص44-45.
(32): كيف ننظر للغرب - نبيل حاجي نائف في: شبكة
العلمانيين العرب: 3almani.org
) 33) المصدر: المستشرقون والمستغربون: دراسة في
التفاعل بين الثقافات والحضارات - هشام صالح في موقع alriyadh.com
(34): المصدر: بتصرف من بحث تحت عنوان: المستشرقون
والمستغربون: دراسة في التفاعل بين الثقافات والحضارات - هشام صالح في
موقع: alriyadh.com
(35): التغريب ـ www.khayma.com
(36): المصدر: حديث لوران ميورافيك، الفرنسي: محلل
السياسي في مؤسسة راند - في ١٠ يوليو ٢٠٠٢ أمام مجلس سياسات الدفاع
التابع للبنتاجون كما في: www.almahdy.net
(37):المصدر: من مقال تحت عنوان:لا ياقداسة
البابا-الدكتور: شوقي أبو خليل - www.alfatihonline.com
(38): المصدر كتاب: برج عاجي على رمال: فشل الدراسات
الشرق اوسطية في الولايات المتحدة لمارتن كريمر- في موقع: balagh.com
(39).: المصدر: راجع: مقال تحت عنوان: ماركس أوفخ
النظام الإستشراقي - يوسف محسن - الحوار المتمدن - العدد: 2230
(40): المصدر: مقال تحت عنوان: جذور الكراهية وأصول
العداء بين الإسلام والغرب - شاكر النابلسي - metransparent.com
(41): المصدر: كتاب: الفصول المهمة في تأليف الأمة -
السيد شرف الدين - ص 143-148
(42): المصدر: نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج
3 - ص 95
(43): المصدر:مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي
النمازي الشاهرودي - ج 6 - ص 383
(44).: المصدر:الرحلة المدرسية - الشيخ محمد جواد
البلاغي - ج 1 - ص 158
(45): المصدر: بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج
70 - ص 140 الطبعةالثالثة المصححة -1403 - 1983 - دار إحياء التراث
العربي - بيروت - لبنان
(46): المصدر: بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2
- ص 58
(47): المصدر: بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2
- ص 89
(48): بتصرف من كتاب حراس الخليج - المؤلف: مايكل أ.
بالمر - ترجمة: نبيل زكي - مركز الأهرام للترجمة والنشر - مؤسسة
الأهرام – 1995م - ص 240 - 245- نقلاً من معهد الإمام الشيرازي الدولي
للدراسات بواشنطن - باب أروقة الكتاب.
(49):عيون الحكم والمواعظ - علي بن محمد الليثي
الواسطي - ص 434
(50): غرر الحكم: 8758
(51): غرر الحكم: 1675
(52): إيمان شمص شقير في مقال تحت عنوان: نحن في
صفحاتهم: كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله؟. |