شبكة النبأ: رغم أن الإنسان بات أحوج
ما يكون في هذا الوقت إلى المعرفة نظراً للتداخل الحضاري بين شعوب
العالم في ظل العولمة التي نعيشها، نرى بأن هناك عزوفاً واضحاً لدى
الجميع وخصوصاً فئة الشباب عن القراءة، وأصبحت وسائل المعرفة مقتصرة
على ما يتعرض له الشخص من مؤثرات خارجية لا تخضع لإرادته.
فهل الخطأ يكمن في العزوف عن القراءة كمصدر رئيس من مصادر تلقي
المعلومة؟ أم أن الخطأ هو في حصر فكرة الثقافة في القراءة فقط وإغفال
مسألة أن تطور الحياة يعني بالضرورة تطور وسائل التلقي ليشمل ما هو
أبعد من القراءة؟
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة يدور حول ضمور الوعي الثقافي، وتدني
مستوى الاتجاه إلى القراءة والانجذاب إلى الكتاب. مَن المسؤول عن هذا
التراجع الذي تشهده الساحة الثقافية؟ هل هو الوضع الاقتصادي أم سطوة
الانشغال بمتطلبات الحياة عن متطلبات الوعي الثقافي؟! وما تأثير
الإنترنت ومنتدياتها ومدوناتها على ظاهرة العزوف عن قراءة الكتب
المطبوعة؟
(شبكة النبأ المعلوماتية) تابعت آراء الشارع البصري بشأن موضوع جدير
بأن يُناقش على أوسع نطاق لما له من أثر على المجتمع بصورة عامة.
وكان لأستاذ جامعة البصرة عبد الزهرة البدران رأيه حول العزوف عن
القراءة قائلا،" نحن أولى بالمعرفة والقراءة من حيث اننا أمة "أقرأ"،
ولو قرأنا لكان حالنا اليوم أفضل وأحسن. فوصول الحضارة إلى ما وصلت
إليه إنما هو نتيجة إقبال أهلها على القراءة، فالقراءة هي مفتاح
الثقافة والحضارة والتقدم. مبيناً،" ليتنا قرأنا حتى يمكننا ان نطرح
الشق الثاني من تساؤلك في حصر فكرة الثقافة في القراءة.. فثقافتنا
للأسف الشديد هي معاداة الثقافة وكل ما يؤدي إليها.
أزمة عالمية
ويقول القاص سعيد حاشوش،" من المحزن حقا أن نرى أمة "إقرأ" لا تقرأ،
فكيف تتواصل أجيال هذه الأمة إذا لم تقرأ؟ وكيف تحافظ أمتنا على وجودها
إذا هي لم تقرأ، إن القراءة تعني ثقافيا الأصالة، والأمة التي تفقد
ثقافتها تفقد هويتها، ومن ثم تفقد وجودها. لذلك علينا الاهتمام بظاهرة
العزوف عن القراءة لدى النشء إذا أردنا حمايتهم من الثقافات الغريبة في
عصر العولمة الذي لا يرحم من خلال تشخيص هذه الظاهرة وتحديد أسبابها
والبحث في وسائل علاجها.
ويضيف حاشوش،" ان ازمة المطبوع هي ازمة عالمية رافقت تدشين العالم
للعولمة وانهيار مناهج وايدلوجيات ثقافية كبرى رد فعل ساهم بنصيب منها
وسائل الاعلام ووسائل الاتصال الحديثة.
العراق بحاجة الى يوم للقراءة!
من جهة اخرى يشير التدريسي والباحث في جامعة البصرة حسن اللواتي الى
موضوعة في غاية الاهمية وهو دور الحكومات ووسائل الاعلام في تحريك
المجتمع نحو القراءة من خلال توفير السبل المناسبة لذلك". منوهاً الى،"
ان في سبعينات القرن الماضي استنفرت الحكومة الفرنسية عندما لمست نفوراً
نسبياً من القراءة، فخصصواً يوماً نزل فيه الوزراء وأعضاء البرلمان إلى
الشوارع والحدائق حاملين كتبهم لإظهار أثر القراءة.
ويضيف اللواتي،" أعتقد أن النهوض بوضع القراءة كفيل بوضع حجر أساس
لكل من يحاول النهوض بأي ناحية من نواحي الحياة في الأمة.
الانترنت وسيلة جاهزة للمعلومة
هذا مانوهت اليه د.عواطف كنوش التدريسية في جامعة البصرة قائلة،"
سألت طلابي قبل فترة عن المصدر الذي يستقون منه المعلومات، وهم يعدون
مشروع التخرج، فأجابوا بأن هذه المعلومات مصدرها الإنترنت الذي هو
وسيلة سهلة وجاهزة، حيث لا يتعبون أنفسهم في القراءة، وبضغطة زر يحصلون
على المعلومات، بمعنى أن الطلاب الذين من المفروض عليهم القراءة لا
يقرأون، ويحضرون الأبحاث عن طريق الإنترنت.
وتضيف كنوس،" في الواقع إنها أزمة على المستوى العالمي حيث أشارت
إلى أن الأمريكان الذين يقرأون في محطات المترو ووسائل المواصلات
والأمكنة العامة لا يقرأون في هذه الأيام سوى الأشياء الرومانسية
والمجلات الفنية والأشياء الخفيفة، أما القراءة الجادة، والكتب
الثقافية والنظرية والفكرية فلا يطالعها سوى قلة قليلة.
فيما أكدت مديرة المكتبة المركزية في البصرة، عدم ارتياد الاشخاص
وطالبي العلم للمكتبات للقراءة واستعارة الكتب كما كان سابقا، وبرأيها
ان ذلك يعود الى،" عدة اسباب منها انشغال الناس بمتطلبات الحياة
اليومية حيث لا يجدون الوقت الكافي للقراءة ومن مختلف الأعمار، كما أن
ثورة المعلومات ممثلة بالإنترنت، وأجهزة الاستقبال الفضائي التي جعلت
العالم قرية صغيرة ساهمت مساهمة كبيرة في إبعاد الناس عن الكتاب.
ويذكر باحثون آخرين ان السبب يتعلق ببنية المجتمع الفكرية، حيث لا
يمكن لأي إنسان ان يمارس أي شيء، إذا لم تكن تلك ممارسة إجتماعية تتمثل
في أسرته، وهو ما يعبر عنه بأنه (أزمة ثقافية عامة) وقد أشار الدكتور
طه حسين مراراً إلى هبوط مستوى الجامعيين، وارتدادهم إلى التخلف
الثقافي بعد تخرجهم، إن انعدام عادة القراءة يذكرنا بما قاله
الإسرائيلي ديان بعد حرب 1967 عندما سُئل عن أسباب هذه الحرب، وهل كانت
مفاجأة للعرب أم لا؟
نفى ذلك وقال،" كلا، لقد نشرنا كل ما يتعلق بحرب حزيران قبل وقوعها،
لكن العرب أمة لا تقرأ"!. |