وحدة خليجية ام تقارب خليجي!

عقيل بن عبدالخالق اللواتي-مسقط

ها هو مؤتمر القمة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ينعقد في دورته الثلاثين للمجلس الأعلى بدولة الكويت الشقيقة، والعيون الخليجية، وبكثير من الأحلام والامال والتوقعات، تتطلع الى قيادات دول المجلس.. فهل سيواكب المجلس احلام وتطلعات المواطن الخليجي؟

***

منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي في 25 مايو من عام 1981 ونحن نودع قمة ونستقبل اخرى، وحقق المجلس خلال هذه الفترة انجازات مهمة وكبيرة لا يستهان بها، ولكن هل تتناسب هذه الانجازات مع عمر المجلس الزمني الذي يمتد لأكثر من ربع قرن؟

لو عدنا الى الفقرة (1) من المادة (الرابعة) المحددة لأهداف مجلس التعاون الخليجي عند انشائه فاننا سنجد انها تنص على: " تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول الأعضاء في جميع الميادين وصولا الى وحدتها" وما من شك أن هناك إنجازات كبيرة وعديدة قد تحققت في سبيل هذه الوحدة، منها: الاتحاد الجمركي لدول المجلس.. تنظيم تملك المواطنين..

المساواة التامة في المعاملة في مجال تملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات.. مساواة طلاب دول المجلس في الإستفادة من التعليم العام، والتعليم العالي.. التعاون والتنسيق بين أجهزة مكافحة المخدرات.. النظام الموحد لأمن وسلامة الشحن الجوي لدول المجلس..

 ولكن نلاحظ في المقابل امورا اخرى في انتظار امتد طويلا ولا زال يستمر. فجواز السفر الخليجي الموحد لم يتم انجازه حتى الان. كما ان العملة الخليجية الموحدة لا زالت تبحث عن فسحة للخروج الى النور. و يُلاحظ احيانا في هذا الصدد ان هناك انفراد وغياب شبه مطلق لرؤية استراتيجية واضحة وموحدة بين دول المجلس في قضايا اخرى تعد مهمة ومصيرية.

اننا نجد احيانا ان لكل دولة من دول المجلس سياسات تبدو انها منفردة خاصة بكل دولة على حدة وليس مجتمعة ككيان خليجي واحد وكقوة اقليمية واحدة واستراتيجية لها وزنها فى معادلات التوازن والقوة في العالم.

ففي موضوع فك الارتباط بالدولار (مثلا)، اختلفت دول الخليج حول الموقف في هذا الموضوع المهم بين الابقاء على الارتباط بالدولار، وبين الاصرار على فك الارتباط، ولم تكن ثمة رؤية مشتركة في ذلك. وحتى مشروع العملة الموحدة والذي لا زال يلفه الغموض حتى الان، وهل فعلا سيرى هذا المشروع النور (لا أقل بين بعض دول المجلس كخطوة أولى) ام ان كل دولة ستتمسك بعملتها.

يطرأ هذا الاختلاف ايضا على قضايا سياسية ذات أهمية قصوى في المنطقة، كما حدث (مثلا) اثناء الحرب الاسرائيلية على لبنان عام 2006 حيث كانت المواقف متباينة، وهكذا في مجمل الصراع العربي الاسرائيلي، وفي موضوع العلاقة مع اسرائيل.

فهل نحن امام وحدة خليجية حقيقية، ام ان ذلك كله مجرد نوع من تقارب ودي، وعلاقات عامة، وعملية تنسيق؟

***

في الدورة التاسعة والعشرين للمجلس الأعلى، والتي انعقدت بمسقط في ديسمبر من عام 2009   " أعرب المجلس الأعلى عن أمله في أن يولي فخامة الرئيس المنتخب باراك أوباما القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط أولوية قصوى في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وبما يؤدي إلى الوفاء بالالتزامات والوعود بإقامة دولة فلسطينية، قابلة للحياة تعيش في أمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل والعمل على التوصل إلى سلام دائم وعادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط."

مسيرة السلام هذه تبدو الآن بلا افق.. او لنقل ثمة من افق لكن لا تبدو فيه نهاية.. او ان نهايته هي ( اللانهاية ) تماما ككل الاماني والامال والاحلام.

هذا السلام الذي كان خيارا استراتيجيا للعرب، تبين لاحقا انه (سراب) خادع لهث العرب خلفه (18) عاما، ثم هاهي ذي احلام التسوية، وحل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ومستقلة وعاصمتها القدس، تتهاوى وتسقط مثل أوراق الخريف الجافة.

فالرئيس الامريكي الجديد لم يعد قادرا على تنفيذ وعوده الرنانة للعرب. لقد فشلت سياسته في تحقيق اي نتيجة، واستسلمت لاسرائيل بكل خنوع.

والسؤال الذي يفرض نفسه، ماذ بوسع مجلس التعاون الخليجي ان يقدم للقضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط هذه المرة؟

ما هي سياساته وإستراتجياته الجديدة في الخليج والوطن العربي للتصدي للسياسات الاسرائيلية الجديدة في القوة والبطش والقتل ونهب الحقوق والتوسع في الاستيطان في الضفة والقدس الشرقية التي لم تعد الآن (في المنطق الاسرائيلي ) جزءا من الدولة الفلسطينية؟

وهل سيتخذ المجلس قراراته في مواجهة هذه التحديات والتصدي لها ككيان واحد وكقوة اقليمية واحدة لها وزنها فى معادلات التوازن والقوة في العالم ؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/كانون الاول/2009 - 29/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م