يجتمع قادة مجلس التعاون الخليجي بالكويت، في ظل ظروف وتحديات كبيرة
وصعبة، داخلية وإقليمية وخارجية، ووجود العديد من الملفات الساخنة جدا
على طاولة الاجتماع، وذلك تحت تسليط وتضخيم إعلامي هائل كالعادة.
ولكن يبقى المواطن الخليجي - الذي تعب من شدة الانتظار وحمل الآمال
والتباشير على ظهره منذ تأسيس المجلس والانتقال بها من دولة إلى أخرى -
يتساءل: أين موقعه - أي المواطن الخليجي - في هذه القمة التي تحمل
الرقم 30، وماذا ستحقق له من رغبات طالما طالب بها لتنعكس عليه؟، اما
ان طموحاته وأماله مازالت اكبر مما يتحقق ويقرر في هذه القمم المشغولة
بقضايا ربما أهم من المواطن؟.
بلا شك ان المواطنين الخليجيين في جميع الدول الخليجية متقاربون إلى
حد الاندماج على جميع الأصعدة، وانهم أكثر وعيا بأهمية الاتحاد
الايجابي بين دولهم وليس البقاء كمجرد مجلس يجمعهم، وأكثر تفهما
وإلحاحا وطلبا بأن يكون المواطن الخليجي شريكا فعالا في اتخاذ القرارات
فيه، ولقد اثبت المواطنون الخليجيون انهم أكثر قربا من قيادتهم التي
تجتمع بالأجساد ويتبادلون الابتسامات أمام الكاميرات، فيما المصالح
مختلفة، وما يحدث من خلافات وتوترات وتصعيد إعلامي بين بعض الدول
الخليجية الا دليل على التشتت والخلاف، الخلاف الذي يشكل عثرة في تقدم
مجلس التعاون بما يحقق امال وتطلعات الشعوب الخليجية.
هذه الخلافات المتكررة بين الفينة والأخرى بين القيادات السياسية
الخليجية، أصبحت تنعكس بالسلب على المواطن الخليجي البسيط الذي يدفع
الضريبة، وتزيده هما وغما وألما على ما يعانيه من مشاكل كبيرة ومتنوعة،
مشاكل وازمات سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية، كان يأمل ان تكون
مشاكله وهمومه على طاولة النقاش والاهتمام من قبل قادة المجلس، القادة
المشغولون دائما بالهوس الأمني، والخروج ببيان اتفاق على قضايا متكررة
حفظها المواطن الخليجي عن ظهر قلب.
لقد ملَّ المواطن الخليجي من هذه البيانات، ومن طريقة التعامل
والنقاش والنتائج لهذه القمم الخليجية التي تفتقد للشفافية والصراحة
المطلوبة، فالمواطن الخليجي على وعي بطبيعة العلاقة بين القادة
الخليجية وحجم الخلافات والأزمات فهناك أزمة ثقة وتعامل، وأزمة حدود
متشنجة، وأزمة الانتقال بالبطاقة وفتح الحدود وتوحيد الجمارك، وأزمة
الوحدة النقدية وفك العملة الخليجية من الارتباط بالدولار وربط العملة
بعملات قوية، وأزمة اختلاف في تحديد المصالح العليا للمجلس، انها أزمة
تشكيك في الآخر وخوف من أن يأكل الكبير الصغير وكأننا في صراع الغاب،
نتيجة غياب أهم الركائز الأساسية لبناء اتحاد ناجح ومنها الثقة واحترام
القوانين والتعاون والمساواة في العضوية.
المواطن الخليجي يريد أن يكون هو أهم الملفات على طاولة الاجتماع،
لكي يعيش في بحبوحة من الحياة الكريمة تحت دستور قائم على مبدأ فصل
السلطات وتنظيم العلاقة بينها، وعلى العدالة والحرية والمساواة لكل
مواطن والتوزيع العادل للثروة، وفتح الحدود وحرية الانتقال، فالواقع
يشير إلى ان المواطن الخليجي يعيش ازمات كبيرة جدا قد تنفجر في أي لحظة
ويقع ما لا تحمد عقباه، ومن تلك الازمات أزمة الوضع الاقتصادي لاسيما
أن شريحة كبيرة من المواطنين يعيشون في وضع لا يتناسب مع الدخل القومي
والإيرادات الخيالية وسمعة الدول الخليجية، إذ إن نحو 80 بالمائة من
الخليجيين محرومون من الخير الوافر بما يجب، بينما 20 بالمائة فقط
ينعمون ببحر الخير!.
أضف إلى ذلك انعكاسات الأزمة المالية العالمية وارتفاع الأسعار
والإيجارات ومنها السكن وتسريح عدد من الموظفين، بالإضافة إلى الفساد
وهدر المال وسرقة الأراضي والواجهات البحرية التي أصبحت مملوكة لشريحة
محدودة من المواطنين، كما ان كارثة مدينة جدة المفجعة مثال حي على حجم
الفساد!.
لقد حان الوقت ليكون ملف المواطن الخليجي أهم الملفات في القرارات
المصيرية المهمة في القمة، للمساهمة في تحسين وضع المواطن الخليجي، وحل
الأزمات التي يعاني منها قبل أن ينفجر، كما ان بقاء الأزمات
والاختلافات بين الدول الخليجية بهذا الحجم يشكل قلقا وهما وغما دائما
للمواطن الخليجي، فهل ستنجلي الغمة عن المواطن الخليجي في هذه القمة؟. |