سوريا... والحاجة إلى استراتيجيات جديدة

أزمة كهرباء خانقة والجفاف تسبب بهجرة الأرياف

 

شبكة النبأ: تؤكد اغلب التقارير المرصودة عن الأوضاع السورية إن البلاد بحاجة الى تغييرات استراتيجية دولية ومحلية بسبب ما به تمر من تدهور مستمر في اغلب مرافقها الحيوية والخدمية سيما إن السلطات السورية تقف عاجزة  عن تطوير تلك المرافق المتهالكة نظرا لقدمها بالإضافة الى تنامي أعداد السكان.

فيما يلقي البعض اللوم على التخلف الاقتصادي والخدمي في سوريا على النظام السياسي وإستراتيجيته المنغلقة على نفسها بشكل شبه تام، الذي تسبب بعزلة سياسية واقتصادية مع اغلب دول العالم المتطورة.

التحرر الاقتصادي والسياسي

قال دبلوماسيون ان بواعث قلق سورية بشأن تخفيف القيود السياسية والاقتصادية تحول دون توقيع اتفاق مهم بخصوص المشاركة مع الاتحاد الأوروبي.

وأرجأت الحكومة السورية التي يسيطر عليها حزب البعث منذ استولى على السلطة في انقلاب عام 1963 وحظر أي معارضة توقيع الاتفاق الى أجل غير مُسمى قائلة إن المسودة تحتاج الى مزيد من الدراسة. بحسب رويترز.

وقال دبلوماسي "ثمة عناصر داخل النظام في سوريا ستخسر نتيجة للاتفاق ويبدو ان الأكثر حذرا فرضوا موقفهم."

وقال مصدر آخر "السوريون راضون الآن... انهم يرون الولايات المتحدة وفرنسا تقبلان عليهم ولا حاجة بهم لتوقيع أي شيء به حتى ولو شبهة قيود."

ويهدف الاتفاق الذي يعرف باسم اتفاق المشاركة الأوروبي المتوسطي الى دعم الإصلاح الاقتصادي والسياسي في سوريا ويشدد على "احترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان" وفقا لنص المسودة.

كما يقضي الاتفاق بإجراء محادثات بين الجانبين بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية والإرهاب وحظر الانتشار النووي وهي قضايا وضعت سوريا في دائرة الضوء الدولي بشكل متزايد في العامين الأخيرين وتسببت في احتكاك مع الغرب.

وفي الجانب الاقتصادي يقضي الاتفاق بإنشاء منطقة للتجارة الحرة وإزالة القيود على الاستثمار بما في ذلك في قطاع الاتصالات ويتضمن بنودا لحماية المنافسة يمكن ان تقوض نظام الاحتكارات والوكالات الحصرية التي يستحوذ على اغلبها رجال اعمال ذوو صلات رفيعة.

وقبل الموعد المحدد لتوقيع الاتفاق في بروكسل يوم 26 اكتوبر تشرين الأول وافق البرلمان الأوروبي على قرار يدعو السويد التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي الى تبنى ما وصفه بخارطة طريق "تحدد بوضوح أوجه التحسن المحددة في حقوق الإنسان التي تتوقعها من السلطات السورية".

وقال الرئيس السوري بشار الاسد أثناء زيارة لكرواتيا " الشراكة يجب ان تكون ندية ولا نقبل تحت أي عنوان أن يكون فيها تدخل في الشؤون الداخلية" وهو تعبير كثيرا ما تستخدمه الحكومة السورية لدفع اي اتهامات من الغرب بأنها تنتهك معاهدات حقوق الانسان الدولية من خلال اعتقال المعارضين.

وعلى مدى تسع سنوات في السلطة أبقى الاسد على النظام السياسي الاستبدادي الذي ورثه عن والده الرئيس الراحل حافظ الاسد. بحسب رويترز.

وقام بتحرير الاقتصاد جزئيا بعد فشل السياسات ذات النمط السوفيتي بينما راقب عن كثب القوى التي يمكن ان يطلقها التحرر.

وفي السياسة الخارجية عزز الاسد العلاقات مع تركيا بينما استجاب للتقارب الغربي وخاصة من الولايات المتحدة وفرنسا التي قادت التحركات الاوروبية للوفاق مع دمشق.

وقال الاسد ان هناك متطلبات جديدة لاتفاق المشاركة. وقال دبلوماسيون ان الامر سيستغرق وقتا حتى توافق كل دول الاتحاد الاوروبي السبع والعشرين على تعديل النص.

وصعدت السلطات السورية حملة اعتقالات تستهدف الشخصيات المعارضة والمثقفين المستقلين الذين يدعون الى الاصلاح السياسي.

ازمة كهرباء خانقة

من جانب آخر تعاني سوريا من انخفاض هائل في انتاج الكهرباء يؤدي الى انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، ويؤكد المسؤولون والخبراء في سوريا ان البلاد بحاجة الى استثمار سريع في قطاع الكهرباء بنحو مليار يورو لمواجهة هذه المشكلة.

وأعلن وزير الكهرباء السوري احمد قصي كيالي مؤخرا لصحيفة تشرين الحكومية ان سوريا "تعاني من ازمة حقيقية لها عدة اسباب اولها عدم القدرة على توليد كامل حاجتنا من الكهرباء".

وتنتج سوريا بحسب السلطات بين 5500 و6200 ميغاواط يوميا، ويعود سبب العجز البالغ حوالى 1000 ميغاواط الى النمو السكاني الكبير والى الاستجرار غير المشروع للتيار، ووجود محطات قديمة تحتاج لعمليات صيانة ضخمة لكي تتمكن من ان تعطي طاقتها بشكل كامل.

ولمواجهة زيادة الطلب على الطاقة التي تقدر بما بين 7 و10% سنويا على الحكومة من الان وحتى العام 2015 ان تضاعف انتاج الكهرباء ليصل الى 13000 ميغاواط، مشيرا الى "مشاريع جديدة" سيبدا تنفيذها العام المقبل بكلفة تزيد عن مليار يورو.

وتبين ان الربط الكهربائي الذي قامت به سوريا مع البلدان المجاورة لم يكن مجديا كثيرا خاصة بسبب موجة الحر التي تجتاح المنطقة والتي تزيد الطلب على التيار.

وتوقفت مصر حديثا التي كانت تزود سوريا بنحو 100 ميغاواط يوميا عن تزويدها بالكهرباء وكذلك فعل الاردن.

وتزود تركيا سوريا بما بين من 200 الى 250 ميغاواط منذ السابع من اب/اغسطس، حسب الوزير. وتنوي الحكومة التوجه الى القطاع الخاص لايجاد حل.

ويرى الخبير الاقتصادي نبيل سكر في "انه من الضروري ان تفتح سوريا قطاع الكهرباء امام الاستثمارات الخاصة، ليس هناك من خيار اخر ولقد تاخرت في ذلك". ويقدر سكر بحوالي "مليار دولار" الاستثمارات اللازمة لبناء محطات جديدة او اعادة تاهيل القديمة منها.

وتقيم الحكومة الان "مشاريع توسيع" لثلاث محطات كهربائية: دير علي وتبلغ نفقته 650 مليون يورو قام بتمويله بنك الاستثمارات الاوربي وصناديق نقد عربية بالاضافة الى مشروعي تشرين وبانياس (شمال-غرب). بحسب فرانس برس.

ويواجه السوريون فترات تقنين للكهرباء لعدة ساعات يوميا منذ منتصف تموز/يوليو. وتؤكد الصحف السورية ان الازمة ستستمر و"ستلقي بظلالها" على المجتمع والاقتصاد.

كما تنشر الصحف السورية يوميا اعلانات لساكني محافظة دمشق وريفها تعلمهم فيها بساعات التقنين التي حددتها المؤسسة العامة للكهرباء.

الجفاف يدفع المزارعين إلى المدن

على صعيد متصل تعرضت حوالي 60 بالمائة من الأراضي السورية و1.3 مليون شخص لأضرار بفعل الجفاف.

وأُجبرت الآلاف من أسر المزارعين السوريين على الانتقال إلى المدن بحثا عن عمل بديل بعد عامين من الجفاف وسنوات عدة من تدهور المحاصيل.

وفي هذا السياق، أفاد عبد القادر أبو عوض منسق إدارة الكوارث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أن "الموقف الآن أصبح سيئا للغاية، فقد بدأنا نتكلم عن أرض صحراوية بدلا من أرض زراعية". وأضاف أنه "لم يعد بإمكان الناس الاستمرار في العيش في تلك البيئة وقد أصبحت الهجرة تشكل آخر سبل التأقلم لديهم".

وقد دخلت موجة الجفاف في سوريا الآن عامها الثاني مسببة أضرارا للمناطق الزراعية في شمال وشرق البلاد وخاصة في محافظة الحسكة بشمال شرق البلاد.

وطبقا لخطة الأمم المتحدة للاستجابة للجفاف التي تم وضعها بعد بعثتين لعدد من الهيئات فإن إنتاج القمح بالبلاد انخفض إلى 55 بالمائة فقط من الإنتاج المعتاد كما تعرض الشعير لأضرار كبيرة.

وطبقا لما ذكرته الأمم المتحدة فقد تعرضت 60 بالمائة من الأراضي السورية و 1.3 مليون شخص (من إجمالي السكان البالغ عددهم 22 مليون) إلى أضرار بسبب عدد من الأسباب المختلفة من بينها تغير المناخ والتصحر الناتج عن الأنشطة الإنسانية ونقص الري.

وطبقا للاتحاد الدولي للصليب الأحمر والأمم المتحدة فإن ما يزيد عن 800 ألف شخص فقدوا موارد رزقهم بالكامل.

ولا يعرف أحد على وجه التحديد كم عدد الأشخاص الذين هاجروا في أنحاء البلاد بسبب الجفاف.

غير أن تقديرات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي السورية تشير إلى أن العدد وصل في شهر يوليو إلى مابين 40 و60 ألف أسرة من بينهم 35 ألف أسرة من الحسكة وحدها.

ولكن نظرا لاستمرار تنقل الناس في كل الأوقات فإنه من المرجح أن تكون هذه الأرقام أقل من الواقع.

وقد توصلت خطة الأمم المتحدة للاستجابة للجفاف إلى أن "الهجرة الهائلة تشهد تزايدا كبيرا في المناطق المتضررة". وقد ذكر التقرير أن المهاجرين يتوجهون إلى مدن دمشق وحلب وحمص.

وقال عوض أنه "من الصعب جدا مراقبة حجم الهجرة لأنها تحدث بصورة مستمرة"، مضيفا أنه "عندما تتوجه المنظمات غير الحكومية إلى منطقة ما لا يكون لديها أي ضمان باحتمال بقاء أي أحد هناك".

وقف الهجرة

من جهته قام الاتحاد الدولي للصليب الأحمر في أغسطس بتقديم 300340 دولار من الصندوق الخاص بالطوارئ إلى الهلال الأحمر السوري من أجل توزيع الغذاء على معظم الناس الضعفاء.

وستقوم المنظمات بإطلاق مناشدة مشتركة لتمويل معدات تنقية المياه في المدارس ولتعزيز الصحة العامة.

وقد قامت الحكومة السورية ومنظمات الأمم المتحدة بتوزيع عبوات غذائية وحبوب في الماضي.

وتأمل منظمات الإغاثة في أن تمكن إجراءات الطوارئ من وقف المزيد من الهجرة. حيث أشار عوض إلى أنه "عندما يصل المرء إلى مرحلة الاستسلام والهجرة فإن الأمور تكون قد ساءت إلى حد كبير". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وأضاف قائلا: "ولكن الكثير من الأسر لا تريد ترك موطنها، كما أن الأسر التي سبقت وتركت مواطنها تريد العودة إليه".

وتقول وكالات الإغاثة أن هناك حاجة إلى خطة مستديمة طويلة الأمد للمناطق المتضررة. حيث قال عوض: "نحتاج إلى إجراء دراسات لتحديد إستراتيجية خفض خطر الكوارث بهدف التغلب على تغير المناخ وتحسين الممارسات الزراعية... التي قد تشمل زراعة أشجار جديدة وأنظمة ري جيدة وتشريعات لمنع الاستخدام المفرط للأرض. ولن يعود أحد إذا لم يتوفر لديه مورد رزق يعود إليه".

صناعة زيت الزيتون

 من جانب آخر تترك صناعة زيت الزيتون الضخمة في سوريا بصمتها على البيئة. إذ تتسبب الفضلات التي تنتج عن مصانع معالجة زيت الزيتون التي لا يتم التخلص منها بشكل سليم في تلوث التربة والمياه، وقتل الحياة النباتية والحيوانية.

ويشار إلى أنه خلال عملية معالجة زيت الزيتون، يتم سحق الزيتون ومزجه بالماء. ثم يتم فصل الزيت عن المياه غير النظيفة والفضلات الصلبة.

وطبقاً لما قاله مروان الدمشقي الخبير في شؤون البيئة لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) "غالباً ما يتم ضخ الماء المستعمل في هذه العملية ويتم التخلص منه في الأراضي المحيطة".

"وهذا الماء المستعمل يحتوي على مادة "البوليثينول" التي تضفي على الزيتون اللون الأخضر والأسود. لكن هذه المواد هي مواد كيميائية تؤدي، عند نشرها بكيمات كبيرة، إلى تغير الظروف البيئية وتؤدي إلى تقليل خصوبة التربة".

التأثيرات على صحة الإنسان

يضيف الدمشقي "الماء الملوث يصبح غير صالح للشرب. حيث يتلون باللون البني ويصبح ذو رائحة كريهة ويحتوي على مواد كيميائية ضارة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، مثل مادة البوليثينول".

وعندما توجد مصانع معالجة زيت الزيتون قرب الأنهار، يمكن أن تتسرب المياه المستعملة إلى الأنهار فتلحق الضرر بالأحياء المائية (من خلال المواد الكيميائية السامة أو من خلال المركبات الموجودة في الفضلات التي تستنفذ الأوكسجين) وتؤدي إلى تلوث مياه الشرب التي يستخدمها الإنسان.

وإذا لم يتم تجفيف الثفل - الفضلات الصلبة المتبقية من معالجة زيت الزيتون- والتخلص منه بطريقة سليمة، فإنه قد يتسرب أيضاً إلى التربة ويغير درجة حموضتها وتركيبة المغذيات الموجودة بها.

وجدير بالذكر أن التأثيرات الصحية على الإنسان التي تنجم جراء استهلاك المواد الكيميائية التي توجد في المياه المستعملة من معالجة زيت الزيتون غير معروفة حتى الآن. ففي الوقت الذي يرى فيه بعض الخبراء أن مادة "الكاتيكول"، إحدى المواد الكيميائية الموجودة في تلك المياه المستعملة، ضارة بالإنسان، لا ترى منظمة الصحة العالمية أنها تشكل تهديداً على الصحة.

حيث يقول بروس جوردون، رئيس الفريق المعني بسلامة وجودة مياه الشرب في منظمة الصحة العالمية "لا تعتبر منظمة الصحة العالمية " الكاتيكول" مادة ضارة في توجيهاتها المتعلقة بجودة مياه الشرب ومن ثم فإنه لا يوجد حد أقصى يوصى به لهذه المادة في مياه الشرب"

من ناحية أخرى، تدرج الوكالة الدولية لبحوث السرطان the International Agency for Research on Cancer (IARC) مادة الكاتيكول على قائمة المواد التي "قد تكون مادة مسطرنة للإنسان".

والمشكلة ليست صغيرة إذا ما علمنا أن سوريا هي خامس أكبر دولة مصنعة لزيت الزيتون في العالم، حيث تساهم بنحو 4.6% من إمدادات العالم سنويا عبر معاصرها التي يصل عددها إلى 920 معصرة.

وتصل الكمية الإجمالية للمياه المستعملة الناتجة من إنتاج زيت الزيتون في سوريا إلى 700000 متر مكعب سنوياً، إضافة إلى 280000 طن من الثفل.

من بين أسباب التلوث استخدام وسائل تكنولوجية قديمة ونقص التوعية لدى أصحاب المعاصر. حيث يقول الدمشقي "إن غالبية المعاصر هي مشاريع تمتلكها وتديرها بعض الأسر حيث لا تزال تستخدم المعاصر التقليدية بدلاً من الماكينات (الحديثة). إضافة إلى ذلك، فإن تلك الأسر لا تمتلك المعدات اللازمة لتنظيف المياه المستعملة وغالباً لا تستطيع شراءها".

وإضافة إلى نقص الموارد المالية، لا يدرك كثير من أصحاب المعاصر الأثر المدمر الذي يلحقونه بالبيئة. ويشير الدمشقي إلى أن "هناك عدم وعي فيما يتعلق بضرورة معالجة تلك الفضلات وكيف يتم ذلك، وعليه فإن أصحاب المعاصر يلقون بالمياه المستعملة غير مدركين أنها سوف تضر بأراضيهم وبالبيئة بشكل عام".

رغم ما سبق ذكره، ونظراً لأهمية صناعة زيت الزيتون فإن المشكلة بدأت تلقى اهتماماً من قبل بعض الجهات الدولية. إذ سيتم بنهاية هذا العام اتمام مشروع إقليمي بقيمة 1.7 مليون يورو لمعالجة التلوث الناجم عن صناعة زيت الزيتون في كل من سوريا، ولبنان، والأردن، بتمويل من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والمفوضية الأوربية.

وخلال المرحلة الأولية للمشروع، تم تسجيل جميع معاصر إنتاج زيت الزيتون. وتم تعريف أصحاب هذه المعاصر بالأثار السلبية لصرف المياه المستعملة وكيفية معالجتها. كما تم تعريفهم بالاستخدامات الممكنة للثفل بدلاً من التخلص منه: حيث يمكن بيعه لبعض المصانع التي تقوم بدورها باستخلاص الزيت المتبقي فيه واستخدامه في تصنيع منتجات أخرى.

ومن بين المصانع التي استفادت من هذا المشروع مصنع "مسلمي إخوان" في مدينة "درعا" في جنوب سوريا. حيث تعلم أصحاب المصنع كيفية معالجة المياه المستعملة وتخزينها وتجميعها بدلاً من التخلص منها وصرفها في الأراضي المجاورة. كما إنهم قاموا بتجفيف وبيع الثفل إلى مصانع في حلب حيث يتم استخدامه في صنع صابون زيت الزيتون الشهير بالمدينة.

وتركز المرحلة النهائية من المشروع والتي من المقرر أن تبدأ في شهر سبتمبر، على الاستخدام التجريبي لمحطات متنقلة لمعالجة المياه.

ويرى الدمشقي، الذي يرأس المشروع أن "التثقيف ليس كافياً لأنه ليس في مقدور جميع أصحاب المعاصر شراء ماكينات حديثة لمعالجة المياه المستعملة ومن ثم سوف تنتقل محطات معالجة المياه في شتى أنحاء الدولة لتنظيف المياه".

وسوف يبدأ الاستخدام التجريبي في منطقة طرطوس في الساحل السوري، في واحدة من المناطق التي تحتوي على أكثر المصانع تلويثا في الدولة.

محطات المعالجة المركزية

نظراً للطلب الهائل على معالجة المياه المستعملة، يرى الخبراء أنه سوف تكون هناك حاجة في المستقبل لمحطات معالجة مركزية. حيث يحذر رونالد دامان، رئيس "إينفيبلان" الشركة الألمانية المتخصصة في التخطيط البيئي والتي توفر المحطات المتنقلة لمعالجة المياه من أنه "بدون هذه التكنولوجيا، سوف يؤدي التلوث الناجم عن معالجة زيت الزيتون إلى مشكلات بيئية أضخم". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

ويضيف أن "التوازن البيئي يزداد هشاشة بمرور الوقت وبالتالي هناك ضرورة لتطوير صناعة زيت الزيتون بحيث تصبح متوافقة مع المعايير البيئية الجيدة. وقد بدأت سوريا في هذا الاتجاه وينبغي على الدول الأخرى أن تحذو حذوها".

ارتفاع اسعار الذهب

اقتصاديا، مع الارتفاع الكبير في اسعار الذهب العالمية اصيبت سوق الحلي الذهبية في سوريا بانتكاسة شديدة بعد ان كانت تعج يوما ما بالمشترين.

ويقول اصحاب متاجر الحلي الذهبية ان كثيرا من الناس باتوا يمرون بجوار متاجرهم في ازقة السوق المشهورة بدمشق دون حتى ان ينظروا اليها.

وتلعب الحلي الذهبية على نحو تقليدي دورا اساسيا في العادات الاجتماعية السورية مثلما هو الحال في بقية الدول العربية ولا سيما في الزواج. وتشتهر دمشق بحليها الذهبية ذات الجودة العالية ودقة التصميم.

وقال جورج صارجي رئيس جمعية الصاغة في دمشق ان حركة البيع والشراء تراجعت بدرجة كبيرة رغم العادات الاجتماعية.

وتتخذ اسعار الذهب مسارا صعوديا منذ عام 2001 حيث ارتفعت الاوقية باكثر من 250 دولارا هذا العام الى مستوى قياسي تجاوز 1225 دولارا الاسبوع الماضي اذ ساهم ضعف الدولار وتراجع ما تقدمه البنوك المركزية من ذهب للاسواق في رفع الاسعار.

واثر ارتفاع اسعار الذهب بدرجة كبيرة على الطلب على الحلي هذا العام في كثير من المناطق الاستهلاكية الكبرى مثل الهند والشرق الاوسط. لكن هذا الركود عوضه كبار المستثمرين في اليابان والصين والولايات المتحدة واوروبا.

وتسبب نقص المعروض في اغلاق كثير من متاجر الحلي الذهبية والورش في دمشق. وبعد ان كانت العاصمة السورية تتباهى بان بها 600 ورشة لصنع الحلي الذهبية لم يعد فيها الان سوى 200. وغير كثير من الصياغ مهنتهم بل غادر بعضهم البلاد.

وتقول صائغة تدعى حلا خوري وهي من الصياغ الذين يواصلون العمل في سوق دمشق ان الناس يفضلون الان عدم شراء الذهب في المناسبات الخاصة لانهم يخشون تقلب الاسعار.

ويزداد الطلب على الحلي الذهبية السورية في المنطقة فيما يرجع جزئيا الى ان كلفة التصنيع من بين اقل مثيلاتها في العالم.

ويأمل صياغ دمشق ان تتراجع اسعار الذهب. والى ان يحدث ذلك يقضي بعضهم الوقت في عد القطع الذهبية التي بحوذته في حين يكتفي البعض الاخر بتجاذب اطراف الحديث مع الزملاء.

تداعيات امنية

من جانب آخر قالت السفارة السعودية في دمشق أنها تتابع قضية سلب ستة سعوديين تحت تهديد السلاح من قبل عصابة ترتدي زي رجال أمن ثاني أيام عيد الفطر، وهي حادثة قد تعزز مخاوف السعوديين من السفر إلى سورية بسبب تعرضهم لعمليات نصب وخداع.

ونقلت صحيفة "عكاظ" المحلية عن فيصل المطيري وهو موظف في السفارة السعودية في دمشق قوله أن السفارة تتابع قضية المواطنين الستة بالتنسيق مع الجهات الأمنية السورية وصولا إلى الجناة.

وقال علي البلوي وهو سعودي توجه برفقة خمسة من زملائه لقضاء إجازة العيد في دمشق أنهم تعرضوا لعملية سطو مسلح داخل الأراضي السورية، ثاني أيام إجازة عيد الفطر المبارك.

وأضاف البلوي أن اللصوص ارتدوا زيا عسكريا لتأكيد أنهم رجال أمن وسلبوا ما بحوزتهم من أموال وأغراض شخصية تحت تهديد السلاح.

وكانت السفارة السورية في السعودية قالت مؤخرا أن تراجع أعداد السياح السعوديين في سورية هذا العام بنسبة 20 بالمائة مقارنة بالعام السابق يرجع إلى تزايد المخاوف من تعرض السياح السعوديين في سورية لمشكلات أمنية، محملة المواقع الإخبارية الالكترونية المسؤولية عن ذلك، ومعبرة عن انزعاجها الشديد من تداول أخبارا مغلوطة عن تعرض السياح السعوديين لاعتداءات مختلفة على الأراضي السورية.

وقال القائم بالإعمال في السفارة السورية في الرياض قصي مصطفى "للأسف أن هذه المواقع تلقى صدى لأنها بمثابة صحف تابلويد ونقرأها أكثر من الصحف الرصينة".

وأضاف مصطفى "هذا العام تكررت نفس الأخبار المغلوطة والشائعات، ومعظم ما ينشر في المواقع الإلكترونية غير صحيح، وهي تعمل لإحداث شرخ بين الشعبين، بلاشك تحدث حوادث فردية لا يمكن تعميمها".

وأوضح أن السياح السعوديون في سورية معظمهم من متوسطي الدخل، مبينا أن السياح العزاب والذين يذهبون لأماكن مشبوهة يضعون أنفسهم في دائرة الخطر سواء بدمشق أو أي مكان آخر، مما يسبب المشاكل نتيجة سلوكهم غير الواعي وغير المسؤول وبالتالي يدخلون دائرة الخطر والاعتقال".

ونفى مصطفى تغير تعامل سلطات الأمن السورية مع السياح السعوديين نتيجة الخلاف السياسي بين البلدين، مرجعا سبب ظهور مشاكل السياح السعوديين إلى تسليط وسائل الإعلام للضوء على هذه المشاكل في حين كان الحديث عنها سابقاً، لا يصل إلى وسائل الإعلام، لافتاً إلى أن مشاكل المقيمين السوريين في المملكة تفوق مشاكل السعوديين في سورية كنتيجة طبيعية لأعدادهم التي تتجاوز النصف مليون مقيم.

وشدد على حرص السفارة على عدم إثارة مثل هذه القضايا في وسائل الإعلام السورية لرغبة السفارة في تطويق المشكلات وعدم السماح بتفاقمها.

السياح الاتراك بدون تأشيرة

من جهتها اعلنت وزارة الداخلية السورية انها اعفت المواطنين الاتراك الراغبين في زيارة سوريا لاسباب سياحية من الحصول على تأشيرة دخول، وذلك تطبيقا لاتفاق تم التوصل اليه بين البلدين في منتصف ايلول/سبتمبر الحالي.

وافادت وكالة الانباء السورية (سانا) انه تنفيذا لقرار الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بالغاء سمات الدخول بين سوريا وتركيا أثناء الزيارة التي قام بها الرئيس السوري لاسطنبول في السادس عشر من الشهر الجاري "الغت وزارة الداخلية شرط الحصول على تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر التركية للمواطنين الاتراك الذين يودون زيارة سوريا لاغراض سياحية لمدة لا تزيد على 90 يوما وذلك اعتبارا من الثامن عشر من شهر ايلول/سبتمبر الحالي". بحسب فرانس برس.

واضافت وزارة الداخلية في تعميم ان "على المواطنين الاتراك الذين يودون زيارة سوريا لمدة تزيد على 90 يوما الحصول على تأشيرة دخول من السفارات والقنصليات السورية في تركيا والخارج".

وكان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو اعلن ونظيره السوري وليد المعلم في السادس عشر من ايلول/سبتمبر الحالي في اسطنبول الغاء تاشيرات الدخول بين البلدين، ووقعا اتفاقا ينص على اقامة "مجلس تعاون استراتيجي رفيع المستوى" يهدف بحسب الوزير التركي الى "تأمين حد اقصى من الاندماج" وخصوصا الاقتصادي بين البلدين الجارين.

وسبق الاجتماع بين الوزيرين لقاء بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان والرئيس السوري بشار الاسد تم خلاله البحث في جهود السلام في الشرق الاوسط والتصدي للمتمردين الاكراد في تركيا.

وشهدت العلاقات بين تركيا وسوريا تحسنا خلال الاعوام الاخيرة بعدما اتهمت انقرة لفترة طويلة دمشق بدعم متمردي حزب العمال الكردستاني. واضطلعت تركيا العام الفائت بدور الوسيط في مفاوضات سلام غير مباشرة بين سوريا واسرائيل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/كانون الاول/2009 - 26/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م