قطاع تصنيع التمور في العراق بين تردي الواقع وآمال التطوير

دعوات لتأهيل الشركة العامة للتصدير

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: منيت صناعة التمور العراقية بالكثير من الهزائم والانتكاسات جراء السياسات الخاطئة التي كان ينتهجها النظام السابق ليبعد العراق  عن مركز الصدارة من حيث عدد النخيل وأصناف التمور النادرة  وكذلك الإنتاج، فقد كان معدل التصدير في سبعينيات القرن الماضي  يصل الى 5000 طن سنويا من التمور العراقية وهي بمثابة الرافد الكبير لمجمل الدخل الوطني اما الان فإن البلد لاينتج مايسد الحاجة المحلية للتمور فضلا عن تلاشي تصديرها.

شبكة النبأ المعلوماتية سلطت الضوء على الأسباب الحقيقة التي دعت الى تصنيف التمور العراقية في مرتبة متخلفة جدا نسبة للدول المجاورة من أمثال دولة الإمارات المتحدة والمملكة السعودية ليصل هامش الفراق بالطن الواحد الى 300 أو 400 دولار.

وهذا مما دفعنا الى إجراء الحوار التالي مع احد مصنّعي التمور العراقيين وهو السيد طالب نور سعد العرداوي، صاحب مكتب الصافي للتمور، للوقوف عند الأسباب الحقيقة لتخلف تلك الصناعة المهمة والحيوية.

س: ما هو واقع إنتاج وتصنيع النمور العراقية اليوم؟

في البدء لابد من الإشارة الى ان الناتج للعام الماضي من التمور كان سيئا جدا وخصوصا في محافظة كربلاء إلا إن الدلائل هذا العام تؤكد بأن الناتج جيد جدا وهذا الأمر مرهون على عاتق الحملات المستمرة من قبل المواطنين والقطاع الحكومي والمتمثل بوزارة الزراعة من اجل مكافحة حشرة الدوباس، التي أصابت النخيل وللأعوام السابقة حيث تضاعف مردود النخلة الواحدة من 50  كيلو للأعوام السابقة الى 150 كيلو لهذا العام.

س: ما هي آثار الدعم الحكومي لأسعار التمور؟

من المؤسف جدا ان أذهب الى حد القول بأن القرار متسرع و سلاح ذو حدين فهو من جهة يقدم الدعم المباشر للفلاح من خلال رفع أجور التمور حيث صنفت على شكل درجتين الأولى بسعر 450 الف دينار للطن الواحد والدرجة الثانية بسعر 350 الف دينار عراقي، الا ان المشكلة تكمن في أصل القرار لانه لم يقدم الدعم المطلوب للاقتصاد العراقي، بل على العكس قد شكل عبئا ثقيلا كون التمور التي استلمت من الفلاح لصالح شركة تسويق التمور هي بمثابة هدر للمال العام حيث بقيت تلك الكميات مكدسة في  المخازن! وقسم من هذه التمور قد كان عرضة للتلف وذلك كون المخازن غير مهيأة وغير مبرّدة أصلا ناهيك عن الكميات الكبيرة التي تركت في العراء، علما بان الدولة استلمت كمية محدودة من انتاج المزارعين.

س: ما هو السعر المعروض لديكم للطن الواحد وما هي طبيعة عملكم في معمل التمور؟

نحن نشتري التمر بقيمة تتراوح بين 270 الف و250 الف دينار للطن الواحد، وبعدما يتم شراء التمور من قبل الفلاح يتضمن عمل المعمل ثلاث مراحل حيث تبدء في المرحلة الاولى عملية تنظيف التمور من الشوائب وتمرير مادة الزيت عليها ومن ثمة تعبئتها بأكياس النايلون، وبعد ذلك ادخال تلك الاكياس الى مكينة الفاكيوم للكبس، ليتم وضعها في عبوات كارتونية زنة عشرة كيلو غرام، ومن ثمة إرسالها عن طريق سوريا او دبي الى بلدان العالم،  فضلا عن ذلك فان تكلفة الطن الواحد  كعمل تكلّف 100  ألف دينار عراقي  كأجور عمال بالاضافة الى مبلغ 70 دولار كنايلون و50 دولار هي قيمة العبوات الكارتونية، علما بان اسعار التمور العراقية قد تنخفض نسبة للتمور السعودية او الامارتية بمبلغ قدره 300 او 400 دولار للطن الواحد ونحن نعلم بان التمور العراقية ذات جودة عالية وافضل من التمور الخليجية، وهذا ما نود تحقيقه من خلال دعوة الحكومة الى استغلال تلك الثروة استغلال امثل دعما للاقتصاد الوطني.

س: ما هي أسباب التباين الكبير في السعر باعتقادكم؟

أنا بتقديري المتواضع بأن العملية لا تتعدى كون المنتج الخليجي له مورد واحد فقط وهو الجهه الحكومية فضلا عن وجود المعامل المتطورة للتعبئة والتغليف هناك من حيث مواصفاتها الفنية والتقنية المتطورة.

س: ما هو الدور المطلوب من قبل الحكومة؟

بالتأكيد هناك دور كبير ملقى على عاتق الحكومة في ظل الأوضاع الراهنة والدعوة الى استثمار الإمكانات والموارد الوطنية وان لا يبقى العراق حبيس الثروة النفطية في ظل تقهقر سعر النفط العالمي، لذا يجب على الحكومة ان تسعى الى تطوير الزراعة ومنها زراعة وتصنيع التمور من قبيل استيراد معامل تصنيع التمور لتنافس التمور الخليجية فضلا عن ذلك تهيئة المخازن المبردة، وربما تقديم الدعم للمعامل الأهلية من اجل تطوير قدراتها كحل مؤقت الى إن تقدم على تلك الخطة ناهيك عن الدعم المستمر للفلاح وتشجيعه ليس من خلال زيادة السعر بل من خلال توفير الأسمدة الكيماوية وخصوصا ذلك النوع المسمى الداب حيث وصل سعر طن الأسمدة الكيماوية الى 200 ألف دينار للطن الواحد.

س: هل هناك من كلمة أخيرة؟

في الختام لا يسعني ألا أن أدعو الحكومة المركزية الى التقدم بخطوات جادة للنهوض بالواقع الزراعي على اعتبار ان العراق يمتلك أسباب الزراعة الناجحة والى وقت قريب كان بلد الرافدين من الدول المصدرة للمحاصيل الزراعية ومنها التمور و الرز، وربما يخفي دعم الزراعة جوانب ايجابية أخرى منها على سبيل الفرض المساعدة في إنهاء أزمة البطالة ناهيك عن تمكين الثروة الوطنية من اخذ زمام المبادرة في دعم الناتج الوطني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/كانون الاول/2009 - 26/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م