امن العراق المنتهك... عجز امني وتخبط سياسي

تداعيات تفجيرات الثلاثاء الدامية

 

شبكة النبأ: اقر القادة الأمنيين ورئيس الوزراء العراقي أثناء استجوابهم في البرلمان عجز القوات الأمنية عن وقف الهجمات المستقبلية للجماعات المسلحة، مؤكدين استمرار تلك الهجمات خلال الفترة الزمنية القادمة.

لكن بربط الحكومة العراقية سمعتها بتحسين الوضع الأمني جعلت من نفسها هدفا للمتمردين المصممين على تقويض مكانة رئيس الوزراء نوري المالكي قبل الانتخابات المقررة في العام القادم.

وساهمت قوات الأمن المحلية في تهدئة الكثير من أعمال العنف التي ابتلي بها العراق منذ عام 2003 لكن المناورات السياسية التي تسبق الانتخابات البرلمانية في السابع من مارس آذار تضخم من الانقسامات الطائفية وتعطي الفرصة للمتمردين لكي يمارسوا ضغوطهم.

تغيير في الأساليب

تقول الشرطة ان السيارات الملغومة التي قتلت 112 شخصا في بغداد يوم الثلاثاء في احدث هجوم على المنشات الحكومية تكشف عن تغيير في اساليب المتمردين الذين ظلوا طوال سنوات يوجهون هجماتهم الدموية نحو اهداف مدنية اكثر سهولة مثل الاسواق الشعبية.

وأعلن مسلحون على صلة بتنظيم القاعدة مسؤوليتهم عن التفجيرات. ودمرت هجمات مماثلة في اكتوبر تشرين الاول واغسطس اب وزارات المالية والخارجية والعدل وقتلت المئات واثرت على سمعة المالكي التي تستند الى نجاحه في تحسين اوضاع الامن في العراق.

واستدعى نواب البرلمان المالكي يوم الخميس لكي يجيب عن اسئلتهم بشأن الهجمات. وهزت الشائعات بشأن فصل مسؤولين حكوميين العراق في وقت يستعد فيه لاستضافة مجموعة من رؤساء شركات النفط العالمية يحضرون مزادا مهما لتعاقدات الحقول النفطية.

وقالت جالا رياني محللة شؤون العراق لدى اي.اتش.اس جلوبال انسايت " يهدف المتمردون الى تحطيم شرعية (المالكي) وزرع المزيد من الفوضى وسط الجماعات السياسية المختلفة. وينجح الامر في بعض الاوجه." بحسب رويترز.

وكان المتمرودن الاسلاميون من السنة خاصة المنتمين الى تنظيم القاعدة نجحوا في اطلاق شرارة الحرب الطائفية عن طريق تفجير اهداف شيعية مما كاد يمزق العراق باكمله.

لكن الهجمات التي وقعت مؤخرا ضد الشيعة لم تنجح في اطلاق حرب مماثلة مما يرجع في جانب منه الى قمع الحكومة للميليشيات الشيعية ووقف اطلاق النار الذي اعلنته احدى الميليشيات ورفض الشعب العراقي تأييد اية قضايا طائفية بعد سنوات الحرب الماضية.

وقال ديفيد ليفنجستون المحلل الامني لدى شاثام هاوس "سيراقب الاشرار تأثير استراتيجيتهم... ومهما حدث فهي لن تنجح."

وفي الوقت الذي انخفض فيه معدل تواتر الهجمات عن ذي قبل فان التفجيرات الكبيرة مثل التي وقعت الاسبوع الحالي تأتي في فترة زمنية حساسة بالنسبة للسياسة العراقية حيث يؤدي النزاع الى وقف التقدم نحو اقرار تشريعات هامة وتأخير الانتخابات الوطنية.

ويشتبه الكثير من العراقيين والمحللين في ان الانقسامات وصلت الى حد تشجيع التواطؤ بين متشددين وقوات الامن.

وتم طرد المتمردين من الكثير من المناطق خلال العام الماضي لكنهم يواصلون توجيه ضرباتهم في بغداد وشمال العراق حيث يمكن استغلال التناحر السياسي بين الاكراد والسنة والشيعة بشأن النفط والارض والسلطة.

وتكشف الضربات الموجهة الى المباني الحكومية شديدة التحصين ان بعض القوات المحلية الاكثر ولاء للزعماء السياسيين الطائفيين من الولاء للدولة لا تقوم بعملها.

وقالت رياني "من الواضح ان حدوث الهجمات يمكن ان يكون شديد الصعوبة دون اي نوع من التعاون الداخلي. واعتقد ان هذا هو الشيء الذي تبرزه.. ان العراق لايزال منقسما الى حد كبير."

وتراجع العنف بشكل عام وشهد شهر نوفمبر تشرين الثاني ادني عدد قتلى بين المدنيين في العراق منذ عام 2003 . وقد شجع ذلك المالكي الذي ربط بين سمعته والامن.

وقال روهان جونارانتا الذي ألف كتابا عن تنظيم القاعدة والاستاذ بمركز للابحاث الخاصة بالارهاب "البيئة تغيرت واصبح المتمردون عاجزون عن القيام بعدد كبير من الهجمات."

وربما دفع نجاح قوات الامن المتمردين الى ضم مواردهم المحدودة من اجل شن هجمات كبيرة ذات توقيت افضل بالنسبة لهم. ولم تعد الهجمات اليومية التي تسبب خسائر متوسطة او منخفضة تحتل العناوين الرئيسية للصحف.

وادى الهدوء النسبي الى جعل تفجيرات الثلاثاء وهجمات اكتوبر تشرين الاول واغسطس اب اكثر اثارة للاعصاب بينما جاء توقيتها اثناء اعداد المالكي للحملة الانتخابية من اجل انتخابات السابع من مارس اذار البرلمانية على اساس من الامن والنظام اكثر صعوبة بالنسبة لرئيس الوزراء.

وقال جوناراتنا "يريد المتمردون ان يبعثوا باشارة قوية جدا. وهي ان العراق ليس امنا ولا مستقرا وانه لا يزال في قبضة ايديهم."

كتل سياسية وراء تدهور الامني

من جهته اعتبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال جلسة استماع مغلقة في مجلس النواب العراقي ان تدخل كتل سياسية هو وراء تدهور الوضع الامني، وطالب بتطهير الاجهزة الامنية من جميع الجهات السياسية.

وقالت النائب سميرة الموسوي ان "رئيس الوزراء اكد خلال الجلسة السرية ان الجرائم الاخيرة سببها خلافات سياسية وطائفية".

واضافت ان "المالكي قال +حتى لو اعتقلت الان اسامة بن لادن فهناك من يقول لماذا اعتقلته، انه مجاهد". بحسب فرانس برس.

وطالب المالكي مجلس النواب بان يصدر قرارا بتطهير الاجهزة الامنية من المنتمين لاي جهة سياسية بما فيها حزبه، "ليكون الجهاز الامني مهنيا وكفؤا وشعبيا ويعتمد على المواطنة" بحسب ما نقلت عنه النائب.

وطالب ايضا مجلس النواب بان يصدر قرارات تدعم الامن من خلال استصدار القوانين، معتبرا على سبيل المثال ان "جهاز المخابرات الوطني لا يستطيع حتى ان يعين رئيسا بسبب عدم التوافق السياسي".

وكانت الحكومة العراقية اعلنت في آب/اغسطس الماضي ان رئيس جهاز المخابرات محمد عبد الله الشهواني بلغ التقاعد بعد انتهاء عقده رئيسا للمخابرات.

ونقلت الموسوي عن المالكي قوله "كل جهة تريد ان تكون مسؤولة عن الجهاز، ولا زال الجهاز معطلا بسبب عدم التوافق السياسي". واضافت ان "رئيس الوزراء طلب ان تكون الجلسة علنية، لكن رئيس مجلس النواب اياد السامرائي ارتأى ان تكون الجلسة سرية حتى تكون بعيدة عن المزايدات السياسية".

وتصاعدت حدة الجدل خلال جلسة طارئة في البرلمان الثلاثاء في اعقاب سلسلة الهجمات الاخيرة التي استهدفت بغداد، فطالب عدد من النواب باستدعاء المالكي ووزيري الداخلية جواد البولاني والدفاع عبد القادر العبيدي وقادة عسكريين لاستجوابهم بشبهة التقصير في حماية المواطنين.

وقالت الموسوي ان "المالكي تحدث عن مرحلتين من الامن في العراق، الاولى كانت العصابات والقاعدة والميليشيات الارهابية التي كانت تحتل مناطق واسعة في بغداد والمحافظات الاخرى، وهذا ما تطلب منا تاسيس جيش وشرطة ومعدات لمواجهة المد الحقيقي للارهاب".

واضافت النائب التي تنتمي الى ائتلاف دولة القانون نقلا عن المالكي "بالفعل تمت السيطرة على جميع المناطق التي كانت تحت يد العصابات الارهابية". وتابعت نقلا عن المالكي "اما المرحلة الثانية فهي مرحلة الامن المخترق، وهذا يتطلب تنظيف الاجهزة الامنية من العناصر المندسة". وقال المالكي "نحن بحاجة الى جهاز استخباراتي للوصول الى المعلومة الامنية".

واعتبرت النائب ايمان الاسدي ان المالكي "رمى الكرة في ساحة الداخلية والجيش، واشار الى ان +هناك حساسية بين الجيش والشرطة+".

واضافت "كما رمى الكرة على ساحة مجلس النواب قائلا +عليكم ان تقدموا تشريعات تسهل عمل الاجهزة الامنية لتقوم بعملها+ (...)".

واكدت ان المالكي "رمى الكرة ايضا في ساحة القضاء قائلا +ان القضاء لا ياخذ دوره في تنفيذ احكام الاعدام لا نعرف لماذا!+".

وكان ياسين مجيد المستشار الاعلامي للمالكي قال ان "البرلمان سيستضيف رئيس الوزراء بشان الاعتداءات الاخيرة. سيتوجه الى هناك وحده واذا كان هناك مجال فسيحضر الوزراء الامنيون في وقت لاحق بحسب برنامج البرلمان".

وقرر المالكي تعيين قائد جديد لعمليات بغداد مع اشتداد حدة الاتهامات بالتقصير في منع التفجيرات الدامية التي تضرب العاصمة منذ اشهر موقعة مئات القتلى والجرحى.

واكد بيان مقتضب ان المالكي "القائد العام للقوات المسلحة امر بنقل الفريق الركن احمد هاشم عودة سلطان من منصب معاون رئيس اركان الجيش للعمليات الى منصب قائد عمليات بغداد" بدلا من الفريق عبود كنبر هاشم خيون.

معظم الأسلحة قادمة من سوريا

من جانبه اكد وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي في جلسة استماع في البرلمان العراقي السبت ان معظم الاسلحة المضبوطة من قبل قواته روسية الصنع وقادمة من سوريا.

وقال العبيدي في الجلسة المخصصة للوزراء الامنيين ان "معظم الاسلحة المضبوطة من قبل قواتنا هي من صنع روسي وتاتي من سوريا".

واضاف "يجب ان نحسم الامور مع دول الجوار من خلال اتفاقيات امنية معهم". واشار الى "شح في ادوات الاستخباراتية والاموال المخصص لها". بحسب فرانس برس.

وكشف الوزير عن اعتقال شبكة مكونة من 48 شخص يمارسون الاغتيالات والضغط على القوات الامنية لاطلاق سراح المعتقلين في المناطق الساخنة" في اشارة الى ديالى والموصل.

وبدأ مجلس النواب العراقي الاستماع لوزراء الداخلية والدفاع والامن الوطني وقائد عمليات بغداد، على خلفية التفجيرات الدامية التي وقعت الثلاثاء الماضي.

واوضح مصدر برلماني ان "وزير الدفاع عبد القادر العبيدي والداخلية جواد البولاني والامن الوطني شيروان الوائلي بالاضافة الى قائد عمليات بغداد السابق اللواء عبود قمبر وصلوا الى البرلمان بناء على طلب عدد من النواب للوقوف على اسباب الانهيار الامني الاخير.

واقترح الوزير اعطاء مكافأة للمواطنين لقاء تقديمهم معلومات، مثلما كان الاميركان يفعلون بالسابق.

ونقل النائب كمال الساعدي عن وزيري الدفاع قوله "لدينا معلومات عن التفجيرات الاخيرة والشبكة التي قامت بها ومسكنا خيوطا وهي قيد التحقيق".

واضاف الوزير انه "لا يمكن ان تطرح هذه المعلومات امام مجلس النواب ووسائل الاعلام انما مع لجنة الامن والدفاع البرلمانية".

واكد الساعدي عضو ائتلاف دولة القانون ان "هناك اشارات واضحة للبعث والقاعدة والى جهات خارجية مولت" مشيرا الى انه "تم الكشف عن ضبط 450 صاروخا حديث الصنع دخلت الى العراق من دولة مجاورة". وصوت المجلس بالاجماع على ان تكون الجلسة علنية.

وطلب رئيس البرلمان اياد السامرائي من الوزراء تقديم ايجاز حول التفجيرات الاخيرة التي استهدفت وزارات ومؤسسات حكومية وقضائية، بحسب المصادر.

طي صفحة الماضي

فيما دعا وزير الداخلية العراقي جواد البولاني الى طي الصفحة والمضي قدما لان حزب البعث اصبح من الماضي ولان "الكراهية لن تعيد الموتى" ملخصا توجه ائتلافه الانتخابي الذي يضم قوى غير طائفية.

ويقدم البولاني وهو شخصية معتدلة "ائتلاف وحدة العراق" الانتخابي الذي ينتمي اليه بانه مدني ويضم شخصيات "حاربت القاعدة والتطرف والارهاب".

وقال الوزير ان "البعث اصبح من الماضي هذه حقيقة، من المفترض ان يبدا النظام السياسي وضع نفسه في اطار المستقبل متجاوزا وناسيا الاثار السلبية للماضي المؤلم".

وشدد على ان "الكراهية والعنف والتطرف لن تعيد الموتى، كما ان التهميش والاقصاء سيزهقان ارواح عراقيين ابرياء (...) فالقيادات البعثية السابقة لا تؤمن بالنظام السياسي الجديد لكن اخرين يؤمنون بهذا التحول الديمقراطي". بحسب فرانس برس.

وراى وجوب "دمجهم واستقطابهم لتوسيع دائرة المشاركة في بناء البلد خصوصا وان قسما منهم اخذوا فرصة وبرهنوا فعلا كفاءتهم في مؤسسات كثيرة في الدولة، واثبتوا جدارة واخلاصا لها".

واجاب البولاني ردا على سؤال ان "الاحزاب التي تسلمت الحكم كانت كلها في الخارج ومن المفروض ان تخلق علاقات طيبة لصالح الدولة وليس لصالحها الشخصي.

هناك قوى عاشت في سوريا والكويت والسعودية وايران، وحظيت بالدعم المادي والسياسي حتى ان قسما منها تشكل هناك، فلماذا العلاقات سيئة"؟

واعتبر ان "مهام رئيس الوزراء القادم هي تعزيز السلم وتطوير الامن والعلاقات مع المكونات السياسية في البرلمان لتشريع القوانين المعطلة منذ فترة لان البلد بحاجة اليها" وبينها قانون النفط والغاز.

وقال البولاني "يجب عليه ان يدير الحكومة من خلال مجلس الوزراء وليس من خلال رئيس الوزراء، والاهم تطوير علاقاته مع الاسرة الدولية والدول العربية والمجاورة بروحية المثابرة والاهتمام وليس فقط بالكتابة والانشاء".

وتابع "يجب ان يقلب الصفحة ليسجل تاريخا جديدا (...) ومن لديه حقوق ضائعة او تعرض لظلم في الماضي فليذهب الى القضاء".

وردا على سؤال حول ائتلافه الانتخابي، اوضح البولاني ان "القوى المشاركة في ائتلاف وحدة العراق تتميز بمواجهة الارهاب والتطرف واكثرها كانت هنا وهي ليست طائفية وهنا يكمن الفرق، فالاحزاب الاخرى كانت معظمها منقطعة 25 عاما عن الناس".

وقال "عندما دخلت الاحزاب البلد لم تقدر ان تندفع باتجاه الناس تنظيميا لكنها تحاول الان الخروج من اطرها القديمة بسبب الفشل. قسم منها استطاع ان يتخلص ولو شكليا من هذه الاطر (...) غالبية هذه الاحزاب كانت تعمل بالاسلام السياسي".

واشار الى ان "عملية التجديد والتنوير تحتاج الى وقت لمواكبة التطور بالفكر والثقافة (...) لكن المثل العربي يقول +الحية تبدل جلدها كل سنة الا انها تبقى حية+".

وحول سلسلة التفجيرات الدامية والاتهامات الموجهة الى سوريا، اجاب الوزير ان "وزارة الخارجية تتحدث عن الملف باعتباره ملفا حكوميا وهي لم تتهم سوريا لكن بعض العراقيين المتواجدين في سوريا ممن اشارت التحقيقات الى اسمائهم".

وراى ان "مكافحة الارهاب تتطلب تعاون دول المنطقة، فاستقرار العراق مهم لاستقرار المنطقة التي تواجه خطر التطرف وثقافة العنف والارهاب (...) هناك تعاون لكن ليس بالشكل الذي نتمناه ونطمح اليه".

واضاف ان "التعاون الامني يعززه وجود تعاون سياسي (...) هناك لقاءات مع السعوديين في مجال الحدود فالعلاقات السياسية الجيدة تنعكس تحسنا امنيا واقتصاديا كما ان التحولات السياسية في العراق تحتاج من الدول المجاورة لمزيد من الحوار والتفاهم حولها".

وبالنسبة لوزارة الداخلية التي يتولاها منذ حزيران/يونيو 2006، اكد البولاني انها "كانت تعاني من الطائفية والفساد. لقد كانت جزءا من المشكلة الامنية، والناس كانوا يخافون الشرطة، اما الان فانهم يحتمون بها".

وتابع انه عندما استلم وزارة الداخلية في 2006 قام بطرد "اكثر من 65 الف منتسب من كافة الرتب، لكن انضم للوزارة 362 الف شرطي منذ ذلك الوقت بينهم عشرة الاف ضابط جديد. كما تمت اعادة 14 الف و300 ضابط للوظيفة غالبيتهم من الرتب المتدنية وتم تدريبهم مجددا".

واوضح ان "وزارة الداخلية قدمت من اجل العراق الجديد اكثر من 14 الف شهيد، من الضباط والعناصر الذين دافعوا عن المواطن وحموا الدولة، لدينا مجموعة من النماذج النادرة تتفرد بالتضحية والعطاء 19 شرطيا قدموا ارواحهم فداء للناس".

وروى ان "شرطيا هرول الى انتحاري يريد ان يفجر نفسه وسط المدنيين، فياخذه بعيدا ليحمي الناس فينفجر معه كما حدث في منطقة الاسكندرية جنوب بغداد قبل اسبوع لكن الانتحاري يشكل تحديا فهو يخطط لتفجير نفسه فيختار الجريمة وساحتها".

والبولاني من مواليد الاعظمية في بغداد العام 1960 والده من الديوانية وامه من العمارة عاش فترة في مدينة الصدر ويتحدر من عشيرة طي العربية، فالبولان احد مكوناتها.

كان مهندسا ميكانيكيا في القوة الجوية، وعمل في مجلس الحكم وكان عضوا في الجمعية الوطنية كمستقل، لكنه أسس الحزب الدستوري العام 2005 ويحمل "فكرا سياسيا مدنيا ديمقراطيا".

واتفقت الكتل السياسية في البرلمان على شخصية مستقلة لشغل منصب وزير الداخلية فحصل البولاني كما يذكر "على 183 صوتا من اصل 195".

الأجهزة الأمنية مخترقة من قبل الإرهابيين

في سياق متصل انتقد ممثل المرجع الديني الأعلى السيستاني في كربلاء بشدة المسؤولين الذين يخيفون الشعب بعودة البعث منتقدا أيضا وبشدة الأجهزة الأمنية التي تعمل بصورة غير مهنية وهي مخترقة من قبل العناصر الارهابية.

وتساءل السيد احمد الصافي في خطبة الجمعة بالصحن الحسيني “هل ان هذه التفجيرات كانت متوقعة أم لا وهل ستكرر أم لا وهل يوجد حل في الأفق لإعادة الأمن للبلد أم لا؟” مضيفا “لا بد من وجود خطوط حمر لكل المسؤولين وان اختلفت وكثرت أعدادهم لأنه لا يجوز تجاوز هذه الخطوط وهي المتاجرة بدماء العراقيين وطريقة الحفاظ عليها”.

وأشار الى ان “هناك معلومات تصل إلى الجهات التنفيذية إلا إن ردود الفعل لا تتناسب مع حجم الجريمة التي حدثت يوم الثلاثاء الماضي التي راح ضحيتها الأبرياء”

وتابع الصافي ” العدو جبان لا أخلاق له ولا دين ولا عقل ولا منطق وهم حثالة الأرض التي تجمعت في العراق من كلمن هو حثالة في دولته ويريد أن يتوب بدم العراقيين”كل جرائم البشرية ارتكبها هؤلاء الحثالة من قطع الرؤوس إلى التفجيرات”.

وقال الصافي انه يستغرب من” كلام بعض المسؤولين وهم يحذرون من عودة البعث والبعثيين إلى السلطة مرة أخرى، واستغرب من أن الجميع يحذر والأمر بيدهم لمنع وصولهم من خلال الدستور وقانون المساءلة والعدالة وكأنهم يخيفون الشعب وكأنهم لا يعرفون من أن ينبع الأمر أو أنهم يسخرون من الرفاق البعثيين”.

واضاف ان ” المسؤول لا يخيف الشعب، عليه أن يجتهد لمنع القتلة من التسلل بأي طريقة لقتل الشعب الذي لا يعلم ماذا يصنع بهذا التحذير، والحثالة لهم هدف واضح هو اقتل الأبرياء ليزداد الناس نقمة على الحكومة” منوها الى ان ” هذا التحذير يشعرنا بالمرارة لان الأبرياء يقتلون بلا ذنب والتحذير لا يحل المشكلة”.

وكشف الصافي من أن “هناك جهات دولية كبرى تقف وراء هذه الأحداث ونحن نحذر وسبق أن حذرنا من هذه الجهات” وخاطب الصافي أعضاء البرلمان”" نريد منكم وضوحا في المواقف ونريد مواقف تؤرخ لكم وانتم في الأيام الأخيرة من الدورة الحالية وعليكم إن تقولوا إلى أين سينتهي المطاف”.

وانتقد الصافي عمل الأجهزة الأمنية وقال” بعض المسؤولين ليس لديهم معلومات بل إن بعض الصحفيين لديهم معلومات أفضل منهم،وعليه أن نفكر إن الأمن لا يحتاج إلى دبابة لان التعامل ليس مع عدو واضح” لافتا الى ان “الأجهزة الأمنية مخترقة وهي تعمل بطريقة غير مهنية وفيها بعض المسؤولين الذين يديرون الملف الأمني والطريقة الأمنية التي تدار الآن لا ترقى إلى مستوى ما يحدث والمستقبل غير واضح والناس لم تزل تتساءل”.

وكشف الصافي إن البعض اخبره إن” الأجهزة الأمنية تعتقل إرهابيا في النهار والمسؤول يتوسط له ليطلق سراحه ليلا، والبعض اخبرني إن الأجهزة الأمنية تخبر الإرهابيين عن الجهة التي أخبرت عنهم لقتلوا وان الإرهابيين ينظمون الجرائم ويديروها ويرتبوها وهم في السجن”. خاتما خطبته بمطالبته” نريد حلا سريعا لا بطيئا كما كان يقال لنا إن الأمن استبي دون أن نعلم إن هذا الاستتباب إن كان دائميا أم مؤقتا، وعلى الجميع طرد البعثيين إذا كانوا هم من ينفذون هذه الأعمال”.

ضباط أمريكيون يدافعون عن الأمن العراقية

من جانبهم دافع عدد من كبار القادة العسكريين الأمريكيين عن استجابة القوات الأمنية العراقية لأعمال العنف، بحسب ما نقلت وكالة أسوشيتد برس.

وذكرت الوكالة أن روبرت غيتس ورئيس الوزراء نوري المالكي “التقيا على مدى 45 دقيقة صباح اليوم (الجمعة) في اجتماع مماثل لاجتماع جرى أمس (الخميس) بين الوزير الأمريكي والرئيس جلال طالباني”، مشيرة إلى أن غيتس “قدم خلال اللقاء تعازيه عن تفجيرات (الثلاثاء الدامي) وعرض تقديم أي مساعدة يحتاجها العراق”.

وقالت الوكالة إن ضباطا كبارا من الجيش الأميركي “دافعوا عن جهود القوات الأمنية العراقية حتى بعد أن أعرب المالكي عن استيائه من أدائها وتنحية قائد عمليات بغداد”.

ونقلت عن القائد الثاني للقوات الأميركية في العراق اللفتنانت جنرال تشارلس جاكوبي، قوله إنه “قد يكون صعبا على أي بلد وأي حكومة أن تحول دون حدوث هذا النوع من الهجمات”.

وكان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي اصدر الأربعاء الماضي (9/12/2009) أمرا بنقل الفريق الأول الركن عبود كنبر هاشم خيون من منصب قائد عمليات بغداد إلى منصب معاون رئيس أركان الجيش للعمليات، وتولي الفريق الركن أحمد هاشم عودة سلطان منصب قائد عمليات بغداد، على خلفية سلسلة التفجيرات التي شهدتها العاصمة بغداد الثلاثاء (8/12/2009) بسيارات ملغومة وراح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى.

ورجحت الوكالة أن تكرس زيارة غيتس لـ”الضغط على القادة العراقيين لإحراز تقدم سياسي بين الكرد والاثنيات الأخرى”.

وقال جاكوبي، كما ذكرت الوكالة، إن نقاط الضعف الأمنية في بغداد “استغلت في تفجيرات الثلاثاء الدامي”، واصفا إياها بـ”الوضع المعقد”.

وأضاف جاكوبي أن هناك بعض “الثغرات الواضحة في قدرة العراق على الدفاع عن نفسه”، مستدركا “لكن العراقيين ملتزمين بالدفاع عن أمنهم”، بحسب الوكالة.

وأفاد جاكوبي وضباط أمريكيون آخرون أن الهجمات كانت “إشارة على أن قبضة القاعدة ضعيفة على البلد المشتت”.

منوها إلى أن قلة المسلحين لدى قوة التمرد العراقي “حولت تركيزها من الإمساك بالأرض إلى تنفيذ عمليات انتحارية عرضية مثيرة تهدف إلى زعزعة استقرار الحكومة”، كما نقلت الاسوشيتد برس.

وأعرب جاكوبي عن اعتقاده كما نقلت الوكالة، أن “كل شيء يدور حول الانتخابات الآن”.

تسوية الخلافات بين العرب والاكراد

كما قال وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ان قادة العرب والاكراد في العراق يتحركون نحو تسوية الخلافات بينهم وحثهم على تشكيل حكومة تمثل كل فئات الشعب بسرعة بعد انتخابات مارس اذار.

ووصف جيتس خلال زيارته للقوات الامريكية والشرطة العراقية في مدينة كركوك المتنازع عليها في شمال العراق التوترات العربية الكردية بأنها "ربما تكون أكثر الموضوعات اثارة للقلق في العراق."

وتخشى واشنطن أن يعيد اندلاع العنف بين العرب والاكراد في المنطقة العراق الى حالة الحرب لكن جيتس الذي وصل الى العراق بعد زيارة استمرت ثلاثة أيام لأفغانستان قال "كل الادلة التي نراها تشير الى أنهم سيحلون هذه الخلافات. "لقد حققوا تقدما حقيقيا في الاسابيع الاخيرة."

ويعتبر الأكراد كركوك والمحافظة المحيطة التي تنتج خمس النفط العراقي أرض أجدادهم ويرغبون في ضمها الى إقليم كردستان العراق شبه المستقل. ويعارض السكان العرب والتركمان في كركوك هذه الأهداف بشدة.

وكثيرا ما تستغل الجماعات المتمردة ومن بينها القاعدة التوترات بين الجماعات العرقية في شمال العراق.

وقال جيتس انه تحدث الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بشأن الحاجة الى تشكيل حكومة تمثل كل فئات الشعب بسرعة عقب الانتخابات العامة التي تجرى في مارس اذار بهدف تقليص فرص السقوط مرة أخرى في دائرة العنف.

وقال جيوف موريل السكرتير الصحفي للبنتاجون ان جيتس قال للمالكي ان المطلوب قيادة قوية قبل الانتخابات لمنع القاعدة من افسادها وقال ان أي تأخير في تشكيل حكومة جديدة قد يخلق "فترة من الضعف والتعرض للخطر".

وتراجع العنف في العراق بشكل حاد خلال الاشهر الثمانية عشر الماضية لكن التفجيرات الاخيرة أثارت الشكوك في قدرة قوات الامن العراقية على حفظ السلام قبل الانتخابات.

وعبر جيتس عن ثقته في أن خطة الرئيس الامريكي باراك أوباما لخفض القوات الامريكية بحلول الصيف القادم ستبقى كما هي على الرغم من تأجيل الانتخابات وهجمات يوم الثلاثاء.

وقال جيتس "لن يدهشني أبدا أن أرى اتفاقات بيننا وبين العراقيين تقضي بتواصل دور التدريب والتجهيز والارشاد بعد نهاية عام 2011. انهم يدركون على الارجح انهم لن يكونوا مستعدين."

وقال مسؤولون امريكيون ان الادوار الاستشارية ستكون مرتبطة بالقوات الجوية العراقية التي سيستغرق بناؤها سنوات كثيرة.

وقال البرزاني في بيان بعد لقاء جيتس في ابريل نيسان "نحن نعتقد ان التزامات امريكا بمساندتنا أهم كثيرا من زيادة مقاعدنا او نقصها مقعدا واحدا أو مقعدين."

وقال موريل انه في العاصمة الكردية اربل ابلغ جيتس البرزاني ان الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل من أجل "أمن الاكراد ورخائهم واستقلالهم داخل العراق الموحد." واضاف قوله "لن نتخلى عنكم."

ويخشى الاكراد ان يتعرضوا للخذلان حينما ترحل القوات الامريكية عن العراق وان تحاول حكومة عربية في بغداد تقليص صلاحيات ما يشبه الاستقلال الذي يتمتعون به منذ انتهاء حرب الخليج عام 1991.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/كانون الاول/2009 - 26/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م