تغييرات المناخ تمهد لأرض بلا حياة

انطلاق غير مسبوق للغازات الدفينة وجبال ثلجية تطوف البحار

 

شبكة النبأ: حيث حذر 24 من خبراء المناخ المعروفين من ان معدل الاحتباس الحراري جاء اسوأ من المتوقع وقد يصل الى 7 درجات العام 2100 مشددين قبل قمة كوبنهاغن على ضرورة القيام بتحركات سريعة وفاعلة.

وتسعى العديد من المنظمات والدول الى الحد من تلك الظاهرة عبر القيام بالنشاطات والفعاليات المستمرة، بالاضافة الى المساعدة قدر الامكان في ابرام اتفاقيات دولية تسهم في انغفاض انبعاث الغازات الكاربونية.

خبراء يحذرون من الأسوأ

حيث اصدر معهد ابحاث التاثيرات المناخية في بوتسدام بالمانيا تقريرا من 64 صفحة يمثل تحليلا للدراسات العلمية المتعلقة بالتغير المناخي التي جرت منذ التقرير الرابع لمجموعة الخبراء الحكومية بشان المناخ، مرفقا بدعوة ملحة الى التحرك.

وقال معدو التقرير ان "متوسط درجة حرارة الهواء سترتفع ما بين 2 و7 درجات العام 2100 مقارنة بما قبل عصر الصناعة".

وتؤدي زيادة انبعاثات ثاني اكسيد الكربون بنسبة 40% بين العامين 1990 و2008 الى زيادة صعوبة بلوغ الهدف الذي حدده في تموز/يوليو العديد من قادة الدول المتقدمة والناشئة وكان خفض الاحتباس الحراري العالمي بمقدار درجتين.

وحذر الخبراء من ان "كل عام من التاخر في التحرك يزيد من احتمالات ان يتجاوز الاحتباس الحراري درجتين مئويتين".

ويقول هانس يواكيم شيلنهوبر مدير معهد بوتسدام والعضو في مجموعة الخبراء الحكومية ان التقرير "نداء اخير من العلماء الى الوفود المتفاوضة للدول ال192 المشاركة في مؤتمر كوبنهاغن" من 7 الى 18 كانون الاول/ديسمبر.

واشار الى ان "عليهم معرفة الحقيقة كاملة بشان الاحتباس الشامل وما يترتب عليه من مخاطر لا سابق لها".

وللذين ما زالوا يشككون في المصدر البشري للاحتباس الحراري، ذكرت وثيقة بوتسدام بانه خلال الربع الاخير من القرن الماضي ارتفع متوسط حرارة الجو بنسبة 0,19 درجة كل عقد ما يتفق تماما مع التوقعات التي تم احتسابها على اساس انبعاثات غازات الدفيئة.

ومن الاثار الاكثر مدعاة للقلق بين التغيرات المقبلة تضاعف الظواهر الجوية القصوى سواء على مستوى درجات الحرارة (موجات الحر الشديد) او الامطار والجفاف. ومن الاثار الاخرى ارتفاع مستوى مياه البحار.

فقد حذر الخبراء من ان "الارتفاع الحالي لمستوى البحار" بنسبة 3,4 ملم سنويا خلال السنوات ال15 الاخيرة جاء "اكبر بنسبة 80% من توقعات المجموعة الحكومية".

وبدلا من هامش زيادة بين 18 و59 سنتم، يرى الخبراء الآن انه ما لم يتم خفض انبعاث غازات الدفيئة فان ذوبان الكتل الجليدية سيؤدي الى ارتفاع منسوب المياه بما بين متر ومترين قبل نهاية القرن. بحسب فرانس برس.

ويعني ذوبان الكتل القطبية باكثر من 40% مما توقعته المجموعة الحكومية ان المحيطات ستمتص مزيدا من حرارة الشمس ما يؤدي الى تسريع ذوبان الكتل الجليدية البحرية.

وحذر التقرير من انه اذا لم يتم اتخاذ إجراءات فاعلة فان كثيرا من الأنظمة البيئية ستلحق بها إضرار لا يمكن إصلاحها.

وهكذا، فان التصحر وحالات الجفاف في الامازون قد تؤدي في غضون بضعة عقود الى تحول اكبر غابة استوائية في العالم الى سافانا. وعندها ستتحول هذه المنطقة من رئة للأرض حاليا الى باعث كبير لثاني اكسيد الكربون.

وليقتصر الاحتباس الحراري على درجتين، ينبغي وقف زيادة الانبعاثات بين 2015 و2020 وسرعة خفضها بعد ذلك.

وأعرب خبراء المناخ عن الأمل في "الوصول الى مجتمع عالمي +خال من الكربون+ اي مع صفر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة الدائمة قبل نهاية القرن بوقت طويل".

ارتفاع مياه البحار

في السياق ذاته حذر تقرير بريطاني أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 0.5 متر بحلول عام 2050 يمكن أن يعرض أصولاً وموجودات بقيمة تتجاوز 28 تريليون دولار في أكبر مدن العالم الساحلية.

ويخلص التقرير الذي صدر من قبل "صندوق الحياة البرية" وشركة الخدمات المالية "أليانز"، إلى أن مناطق العالم المختلفة والنظم الإيكولوجية شارفت مرحلة "التخمة الحرارية" -- أو "النقاط الحرجة."

وجاء في التقرير الذي نفذه "مركز تيندال" البريطاني إلى أن القيمة الراهنة للبنى التحتية في ما يسمى بـ"المدن الساحلية الكبرى،" والتجمعات السكانية في المناطق الحضرية، وتحتضن أكثر من 10 ملايين شخص، لا تتعدى 3 تريليون دولار في وقتنا الحاضر.

إلا أن هذا الرقم مرشح للارتفاع كنتيجة لتوسع المناطق الحضرية، وتزايد احتمالات تعرض ذلك النمو السكاني لخطر كوارث طبيعية تحدث مرة كل 100 سنة جراء ارتفاع مستويات سطح البحر وارتفاع درجات الحرارة. بحسب (CNN).

ووفقاً للتقرير، فإن أي واحدة من هذه الأحداث قد تطلق موجة تغيرات بيئية واجتماعية واقتصادية مدمرة، على خلفية تزايد النمو السكاني في المناطق الحضرية.

ولفت التقرير إلى أن تأثير تجاوز "نقطة الحافة" Tipping point تلك على سُبل عيش الناس والأصول الاقتصادية قد تم التقليل من شأنها، فدرجات الحرارة العالمية ارتفعت بنسبة لا تقل عن 0.7 درجة مئوية، ورجح التقرير استمرار ارتفاع درجات الحرارة بـ2-3 درجات في النصف الثاني من القرن، ما لم يحد وبشكل كبير، من الانبعاثات الغازية قبل عام 2015.

وسيترتب على ذوبان الجليد في غرينلاند و"الدرع الجليدي غرب القطب المتجمد"، في واحدة من السيناريوهات التي قد تصل إلى "مرحلة الحافة"، ارتفاع منسوب مياه البحر إلى 0.5 متر بحلول عام 2050.

ويركز التقرير على مناطق محددة  يتوقع أن يتسبب بلوغ هذه المرحلة ربما في تأثيرات بيئية هامة في غضون النصف الأول من هذا القرن.

فعلى سبيل المثال إعصار في نيويورك، قد تبلغ تكلفة خسائره في الوقت الراهن تريليون دولار، ما يعني 5 تريليونات دولار بسعر فاتورة التأمين بحلول منتصف هذا القرن.

وقال كيم كارستنسن، رئيس مبادرة المناخ الدولي، بصندوق الحياة البرية: "إذا لم نتخذ إجراءات فورية لمكافحة تغير المناخ.. فنحن في خطر شديد من تغييرات تخريبية ومدمرة."

وواصل تحذيره: "الوصول إلى نقطة اللاعودة يعني فقدان شيء إلى الأبد، وهذا يجب أن يكون حجة قوية لقادة العالم للاتفاق على قوي وملزم اتفاق المناخ في كوبنهاغن  بديسمبر/كانون الأول."

ويذكر أن الحكومة الأسترالية حذرت في تقرير من أن نحو ربع مليون منزل على امتداد سواحل استراليا عرضة للغرق بحلول عام 2100 جراء ارتفاع منسوب مياه البحر بفعل التغييرات المناخية.

وأوضح تقرير "مخاطر التغيرات المناخية على سواحل أستراليا" - التقييم الأكثر شمولاً حتى اللحظة بشأن تأثير الاحتباس الحراري -  الذي وضع قيد الاعتبار ارتفاع منسوب مياه البحر بـ1.1 متراً، أن عقارات بقيمة 63 مليار دولار ستختفي تحت البحر، إلى جانب 120 ميناء بحري وجوي من بينها مطارا بريسبان وسيدني و1800 جسراً.

جبال جليدية تجوب البحار

من جانب آخر تستعد نيوزيلندا لاستقبال ضيوف نادرين خلال فصل الربيع، حيث يتجه نحو 100 جبل جليدي نحوها، كانت قد شوهدت للمرة الأولى قبالة سواحل جزيرة "ماكيري" الأسترالية، على بعد 1440 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من تسمانيا.

وأفادت الأنباء أن هذه الجبال الجلدية أصبحت الآن على بعد 320 كيلومتراً من الشواطئ الجنوبية لنيوزيلندا.

وهذه هي المرة الثانية خلال 78 عاماً التي تشاهد فيها جبال جليدية قطبية ضخمة تبتعد عن القارة المتجمدة الجنوبية إلى هذه المسافة شمالاً.

وكانت المرة الأولى التي شوهدت فيها مثل هذه الجبال من هذا البعد شمالاً، في وقت متأخر من العام 2006، وذلك عندما أصبح بالإمكان مشاهدة الجبال الجليدية العائمة من الساحل الجنوبي الشرقي لجزيرة "ساوث" النيوزيلندية، بل وحتى من التلال المحيطة بمدينة "كرايست تشيرتش." بحسب (CNN).

ووفقاً للمعهد القومي لأبحاث المياه والجو، الذي يتتبع الجبال الجليدية عبر الأقمار الصناعية، فإن أكبر هذه الجبال الجليدية يبلغ عرضه 500 متراً، فيما يبلغ ارتفاعه 50 متراً، وتبلغ سماكته 350 متراً.

وإلى جانب الجبال الجليدية المائة، وهي الكبيرة الحجم، ثمة المئات الأخرى من الجبال الصغيرة المرافقة لها والمحيطة بها، والتي تشكلت نتيجة تكسر الجبال الكبيرة وذوبانها.

يشار إلى أن الجزء الظاهر من الجبل الجليدي يشكل 10 في المائة فقط من الحجم الحقيقي للجبل، ذلك أن الباقي يكون غارقاً تحت مياه المحيط، ما يجعلها تشكل خطراً داهماً على السفن، الأمر الذي دفع هيئة البحار والمحيطات النيوزيلندية لإصدار تحذيرات لسفن الصيد والسفن التجارية في المنطقة.

وقال متحدث في الهيئة إن حجم الجبال الجليدية الكبير يثير الاهتمام، ولكنه طبيعي، موضحاً أن إصدار تحذيرات لجبال أصغر حجماً تعد أمراً شائعاً.

غير أن رئيس قسم تحليل الأرصاد الجوية في مركز مراقبة الأجواء بنيوزيلندا، فيليب دونكان قال: "إن جبلاً جليدياً بذلك الحجم يصل إلى هذه المسافة شمالاً يعد أمراً مثيراً للغاية."

ويعتقد أن هذه الجبال الجليدية انفلقت عن صفيحة "روس" الجليدية في القارة المتجمد الجنوبية بين عامي 2000 و2002، وهي الفترة نفسها التي نجمت عنها الجبال الجليدية التي شوهدت عام 2006.

استطلاع عالمي

في سياق متصل اظهر استطلاع للرأي شمل 23 دولة ونشرت نتائجه "بي بي سي وورلد" ان أكثر من ثلثي المستطلعين يعتبرون ان الاحتباس الحراري قضية "بالغة الأهمية"، وهي نسبة غير مسبوقة منذ اجري اول استطلاع من هذا النوع في 1998.

وأجرى الاستطلاع معهد "غلوبسكان" لصالح "بي بي سي وورلد سيرفيس" بين 19 حزيران/يونيو و13 تشرين الأول وشمل عينة من 24071 مواطنا في 23 دولة من اكبر دول العالم لجهة عدد السكان، بينها الصين والهند والولايات المتحدة واندونيسيا والبرازيل وباكستان ونيجيريا وروسيا.

وإذا كانت نسبة التوعية العالمية بمخاطر الاحتباس الحراري بلغت رقما قياسيا على الصعيد العالمي (64% مقابل 44% في 1998) فهي تراجعت في بلدين هما الصين (57% في 2009 مقابل 59% في 2007) والولايات المتحدة (45% في 2009 مقابل 50% في 2007)، علما إنهما البلدان الأكثر تلويثا في العالم لجهة انبعاثات غازات الدفيئة.

اما الدول التي تصدرت قائمة التوعية فهي البرازيل (86%) وكوستاريكا والفيليبين (83%) وتركيا (81%). وبلغت النسبة في كينيا 51%. وعلى الرغم من الركود الاقتصادي العالمي فان 61% من المستطلعة آراؤهم أيدوا فكرة استثمار حكوماتهم أموالا في مكافحة الاحتباس الحراري حتى وان انعكس هذا الأمر سلبا على اقتصادهم.

وهذه الفكرة دعمها 89% من الصينيين و52% من الأميركيين مقابل 19% من الباكستانيين و32% من الفيليبينيين و49% من الاتراك، بحسب ما جاء في بيان لبي بي سي وورلد.

واعتبر دوغ ميلر رئيس "غلوبسكان" ان "الاستطلاع يظهر دعما قويا على المستوى العالمي لتحرك في مواجهة الاحترار المناخي، رغم الركود الاقتصادي. الا ان الاراء السائدة في الولايات المتحدة والصين تقول بان على الآخرين ان يقودوا المسيرة في كوبنهاغن".

وتجمع قمة الامم المتحدة حول المناخ التي ستعقد في كوبنهاغن من 7 ولغاية 18 كانون الاول/ديسمبر 192 دولة ستحاول خلالها التوصل الى اتفاق يحل محل بروتوكول كيوتو الذي تنتهي مدته في 2012.

وكمعدل وسطي فان 44% ممن شملهم الاستطلاع (هم اكثرية في 10 من الدول ال23) يريدون من حكوماتهم "القيام بدور ريادي في تحديد اهداف طموحة" خلال قمة كوبنهاغن. اما في تفصيل هذه النسبة حلت اولا اوروبا مع بريطانيا (62%) وفرنسا (57%) والمانيا (55%) وكذلك الامر بالنسبة لكندا (61%) واليابان (57%) والبرازيل (53%)، مقابل 46% في الولايات المتحدة و37% في الصين.

وكمعدل وسطي فان 39% ممن شملهم الاستطلاع يعتبرون ان على حكوماتهم ان "تعتمد نهجا معتدلا وتدعم فقط تحركا تدريجيا"، اما في تفصيل هذه النسبة فكانت الصين (49%) والولايات المتحدة (36%). بالمقابل دعا 6% ممن شملهم الاستطلاع حكوماتهم الى رفض اي اتفاق (14% في الولايات المتحدة و12% في البرازيل و12% في باكستان).

ارتفاع حرارة الأرض

من جهتها نشرت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية بيانات كشفت ان متوسط درجة حرارة الأرض بدأ يرتفع منذ عام 1850 وان ذلك أخذ يتسارع منذ عام 1970 .

وجُمعت البيانات من أكثر من 1500 محطة للارصاد الجوية في شتى أنحاء العالم. وأظهرت زيادة سريعة في الاحتباس الحراري على مستوى العالم في السبعينات.

ونشرت الهيئة تلك البيانات لتعزيز الشفافية وإبراز أدلة على ان درجة حرارة الأرض آخذة في الارتفاع.

وأشار متشككون في مشكلة التغير المناخي الى رسائل بالبريد الالكتروني مسربة من جامعة بريطانية واتهموا خبراء المناخ بالتواطؤ لطمس بيانات الآخرين لإبراز وجهات نظرهم.

ودافع راجيندرا باتشاوري رئيس لجنة علماء الأمم المتحدة لمكافحة التغير المناخي بشدة عن الاكتشافات التي تفيد بأن البشر يسببون ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بعد أن ذكر منتقدون أن الرسائل المسربة قوضت الأدلة.

ويقول مشككون ان الرسائل الالكترونية التي تسربت من جامعة ايست انجليا ببريطانيا تظهر أن العلماء تلاعبوا بالادلة. وقال باتشاوري ان الاكتشافات بمعزل عن التلاعب لانها تخضع لعملية مراجعة صارمة.

وقالت هيئة الارصاد الجوية البريطانية في بيان لها" تؤيد جامعة ايست انجليا تأييدا تاما مكتب الارصاد الجوية في جعل هذه البيانات متاحة للرأي العام."

وافتتح يوم الاثنين أكبر اجتماع للمناخ على الاطلاق في كوبنهاجن بمشاركة 15 الفا من 192 دولة وقالت الدنمرك التي تستضيف القمة ان فرصة لا تفوت لحماية كوكب الارض "في المتناول."

وقال لارس لوكي راسموسن رئيس وزراء الدنمرك للوفود في مراسم افتتاح المحادثات التي تسعى الى الاتفاق على أول معاهدة مناخية للامم المتحدة خلال 12 عاما ان 110 من قادة العالم بينهم الرئيس الامريكي باراك أوباما سيحضرون قمة تعقد في ختام الاجتماع الذي يستمر من 7 الى 18 ديسمبر كانون الاول للاتفاق على تخفيضات كبيرة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تصدرها الدول الغنية بحلول عام 2020 .

ولم يحضر زعماء العالم إبرام اتفاق الأمم المتحدة الحالي للمناخ (بروتوكول كيوتو) الذي اتفق عليه وزراء البيئة عام 1997.

انقاذ الكوكب مقابل اثنين يورو

فيما ذكر تقرير ان الاوروبيين يمكن ان يساعدوا في خفض الانبعاثات المؤدية لارتفاع حرارة المناخ الى مستويات اكثر أمانا مقابل يوروين اثنين فقط (ثلاث دولارات) كل يوم للفرد ولكن سيتوجب عليهم ايضا الحد من قيادة السيارات وتناول اللحوم.

وجاء في التقرير الذي اعده معهد ستوكهولم للبيئة بتكليف من جماعة اصدقاء كوكب الارض في اوروبا ان التغييرات طويلة الامد الاخرى تتضمن استخدام القطار بدلا من السفر بالطائرة للرحلات التي تقل مسافتها عن 1000 كيلومتر.

وتستهدف الدراسة خفضا اوروبيا للانبعاثات المسببة لارتفاع حرارة الارض مثل ثاني اكسيد الكربون بنسبة 40 في المئة عن مستويات 1999 خلال العقد القادم.

وقالت سونجا ميستير من جماعة اصدقاء كوكب الارض في اوروبا "الامر لا يتعلق بالاستثمار فحسب .. انه يرتبط ايضا بتغيير العادات الحياتية." بحسب رويترز.

واضافت "هذا التقرير يظهر سبيلا واحدا يدعم خفض السفر عبر الجو في الاتحاد الاوروبي بنسبة 10 بحلول 2020 وخفض السفر بالسيارات الخاصة بنسبة 4 في المئة."

وتابعت "سترتفع حركة السفر عبر القطارات بنسبة 9 في المئة وسينخفض استهلاك اللحوم بنسبة نحو 60 في المئة."

وتعهد الاتحاد الاوروبي بخفض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون وهو الغاز الذي يلقى عليه باللوم بشكل رئيسي في تغير المناخ بنسبة 20 في المئة بحلول 2020 مقارنة بمستويات 1990.

وقال انه سيخفض الانبعاثات بنحو الثلث تقريبا اذا وافقت الدول الغنية الاخرى على ان تحذو حذوه عندما يجتمعون من اجل محادثات المناخ العالمي في كوبنهاجن شهر ديسمبر كانون الاول.

ولكن العديد من العلماء يقولون ان هناك حاجة لمزيد من الخفض من جانب الدول الغنية لابقاء الزيادة في حرارة المناخ اقل من درجتين مئويتين.

وتقول الدول الفقيرة التي تستعد لمؤتمر كوبنهاجن ان الدول الصناعية هي التي تسببت في مشكلة المناخ بالدرجة الاولى ويجب ان تخفض الانبعاثات بنسبة 40 في المئة عن مستويات 1999.

وقال التقرير ان ذلك يمكن تحقيقه في اوروبا بتكلفة تريلوني يورو او نحو اثنين في المئة من الناتج المحلي الاجمالي على مدار العقد القادم.

واضاف التقرير "ولكن من ناحية اخرى .. هذه التكلفة ستساوي الابقاء مؤقتا على الناتج المحلي الاجمالي ثابتا لنحو عام واحد قبل استئناف النمو الطبيعي."

وتعادل التكلفة نحو يوروين اثنين لكل مواطن اوروبي يوميا ولكن هذا لا يأخذ في الحسبان التأثير الايجابي لخلق فرص عمل جديدة وخفض الانفاق على واردات المواد الهيدروكربونية.

ارتفاع التكاليف

الجدير بالذكر تعاني النرويج وكوستاريكا وجزر المالديف من التكاليف المرتفعة والأعباء التكنولوجية كي تظل ضمن مجموعة فريدة تسعى الى خفض انبعاث الغازات المُسببة للاحتباس الحراري الى مستوى الصفر.

وتشيد الأمم المتحدة بهدف هذه المجموعة قبل مؤتمر تعقده المنظمة الدولية من السابع الى الثامن عشر من ديسمبر كانون الاول في كوبنهاجن للتوصل الى اتفاق جديد للتغلب على ظاهرة الاحتباس الحراري. لكن تصعب محاكاة هذا النموذج بسبب ما يتطلبه ذلك من تحول جذري الى الطاقة الصديقة للبيئة.

وقال ايفو دي بوير رئيس أمانة تغير المناخ بالأمم المتحدة "ما يحاولون فعله هو تغيير اتجاه نموهم الاقتصادي بشكل جذري." وتواجه الدول الثلاث الصغيرة مشكلات كبيرة.

فمعدل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري في النرويج اعلى بنسبة سبعة بالمئة عن المستهدف في عام 2012 بموجب بروتوكول كيوتو بينما تتزايد الانبعاثات في كوستاريكا خاصة في قطاع النقل. بحسب رويترز.

أما مساعي المالديف لان تصبح نموذجا استوائيا للاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المحيط الهندي بدلا من وقود الديزل المكلف فتحتاج الى استثمارات قيمتها 1.1 مليار دولار على مدى عشر سنوات.

وتهدف جزر المالديف الى أن يصل مستوى الانبعاث الكربوني الى الصفر بحلول عام 2020 بينما تسعى كوستاريكا لبلوغ ذلك في 2021 والنرويج عام 2030.

لكن نيوزيلندا وايسلندا تخليتا عن ذلك الهدف لارتفاع تكلفته في وقت يشهد ركودا. وفشلت المالديف في اجتماع عقد الشهر الجاري في جذب أعضاء جدد لنادي " الحياد الكربوني" بين البلدان الفقيرة مثل بنجلادش وبربادوس.

ويعني "الحياد الكربوني" أو خفض الانبعاثات الكربونية الى مستوى الصفر انه لا يمكن للدولة استخدام الوقود الأحفوري في محطات الطاقة أو المصانع أو السيارات إلا اذا احتوت الانبعاثات أو تخلصت منها أو عادلتها في مكان آخر على سبيل المثال من خلال زرع غابات لامتصاص الكربون أو بالاستثمار في مجال توربينات الرياح أو الألواح الشمسية في الخارج.

وقال نوت ألفسن من المركز الدولي لابحاث المناخ والبيئة في اوسلو "النرويج ليست على المسار" لتحقيق ذلك.

والنرويج التي تعتبر نفسها زعيمة في مجال حماية البيئة رغم انها خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ستنفق 620 مليون دولار في عام 2010 على الأبحاث في مجال احتواء الانبعاثات من قطاع الغاز والنفط. لكنها لم تحقق سوى انجازات قليلة حتى الآن.

وقال وزير البيئة اريك سولهايم لرويترز "سيكون من الصعب جدا تحقيق (الحياد الكربوني) اذا لم يحدث تغيير تكنولوجي كبير لكن ينبغي علينا ان نضع أهدافا طموحة."

وتملك النرويج ورقة رابحة إلا وهي السيولة النقدية. وقال سولهايم "لدينا حرية مالية أكبر من دول أخرى."

والنرويج لديها صندوق قيمته 444 مليار دولار من مدخرات النفط المستثمرة في الأسهم والسندات الاجنبية أي ما يساوي نحو 100 الف دولار للفرد.

ووفقا لأسعار السوق الحالية وهي نحو 13 يورو (19.46 دولار) للتخلص من طن واحد من الانبعاثات فان الأمر سيتكلف 650 مليون دولار سنويا لشراء حصص تتيح للنرويج إطلاق 50 مليون طن سنويا من الغازات المُسببة للاحتباس الحراري. وقال ألفسن "انه مبلغ طائل الى حد ما لكنه ضئيل بالنسبة للنرويج."

وأكد سولهايم ان معظم التخفيضات ستكون في الانبعاثات المحلية في إطار هدف عالمي أكبر يتمثل في تقليل سرعة وتيرة ارتفاع درجات الحرارة التي يتوقع ان تتسبب في مزيد من الموجات الحارة والجفاف والفيضانات وانقراض الكائنات وارتفاع مستويات مياه البحر.

وتأتي النرويج وكوستاريكا في الصدارة لأنهما تولدان بالفعل كل الطاقة الكهربائية تقريبا من طاقة المياه. وتأمل المالديف التي تخشى ان يتسبب ارتفاع منسوب البحر في إغراقها ان تصبح أرضا لاختبار التكنولوجيا النظيفة.

وقد تساعد هذه الأهداف كلا من كوستاريكا والمالديف على الترويج لنفسها كمقصد سياحي صديق للبيئة.

وقال بدرو ليون ازوفيفا مُنسق مبادرة (السلام مع الطبيعة) في كوستاريكا الرامية الى تحقيق الحياد الكربوني "التحدي الرئيسي أمامنا هو استخدام الوقود الأحفوري في وسائل النقل." ويشكو البعض في كوستاريكا من عدم إحراز تقدم.

قال روبرتو جيمينيز رئيس جماعة (دبليو دبليو دبليو دوت سي او 2 نيوترال 2021 دوت اورج) التي ترى ان خفض مستوى الانبعاث الكربوني الى الصفر سيدعم قطاع الاعمال "هدف الحياد الكربوني وضع قبل عامين ونصف العام لكن لم يحدث الكثير .. فانبعاثاتنا من الكربون تتزايد."

وأحد الأهداف هو إقامة سكك حديدية جديدة في وسط كوستاريكا في خطة تتكلف مئات الملايين من الدولارات.

وتأمل كوستاريكا ان تعطيها غاباتها وضعا مميزا فيما يتعلق باعتمادات الكربون بموجب خطة جديدة للأمم المتحدة من المقرر الموافقة عليها في كوبنهاجن بهدف إبطاء عمليات قطع أشجار الغابات في الدول النامية.

وأزالت كوستاريكا غابات في ثمانينيات القرن الماضي لتفسح مجالا لمزارع الماشية لكنها عدلت عن هذه السياسة واستعاضت عنها بقطع الأشجار والترويج للسياحة قبل ان يصبح التغير المناخي مبعث قلق. ومن غير الواضح ان كان هذا سيمكنها من الحصول على اعتمادات كربونية.

قال كارلوس مانويل رودريجيز وزير البيئة الكوستاريكي السابق والذي يعمل حاليا بمنظمة (كونسرفيشن انترناشونال) ان "كوستاريكا في موقع فريد لان كل الدول الاستوائية ترغب في ان تحقق ما حققته كوستاريكا بالفعل."

وفي المالديف هناك خطة لاستثمار 110 ملايين دولار سنويا على مدى عقد في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على اعتبار ان التوفير في واردات الديزل سيعوض الاستثمارات سريعا.

وقال مارك ليناس خبير المناخ والمؤلف البريطاني الذي يقدم المشورة للمالديف "اذا كانت أفقر دول العالم تبذل أقصى جهد... فأين يمكن للولايات المتحدة أن تختبيء.."

وألقت الدول الثلاث الضوء على جهودها في مجال الحد من انبعاثات الكربون. وفي الشهر الماضي شهدت جزر المالديف أول اجتماع وزاري في العالم يعقد تحت الماء في محاولة للضغط على الدول المشاركة في مؤتمر كوبنهاجن للتحول الى الطاقة النظيفة.

قانونا لمكافحة الكربون

أصبحت خطة نيوزيلندا المعدلة لمكافحة الانبعاثات قانونا ساريا مما يفتح الطريق أمام الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من الصناعة لكن البعض يقول ان هذه الخطة متساهلة جدا إزاء المصادر الكبيرة للتلوث.

وتمكن الحزب الوطني الحاكم بدعم من حزب ما وري الصغير من إجازة القانون من خلال مناقشة كل بند على حدة دون تعديلات قبل أن تصدر له الموافقة النهائية.

وقال نيك سميث وزير التغير المناخي في البرلمان "انها خطوة أولى وحيوية في مساعي بلادنا لتحمل مسؤوليتنا في مكافحة التغير المناخي."

وكان الحزب الوطني يسعى لإصدار القانون قبل القمة المرتقبة التي تعقدها الأمم المتحدة في كوبنهاجن. وهذه الخطة هي ثاني خطة فقط تصبح قانونا سريا بعد الخطة الأوروبية في 2005 .

واستهدفت نيوزيلندا خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بما بين 10 و20 في المئة بحلول عام 2020 عن مستويات 1990 استنادا الى نتيجة اجتماع كوبنهاجن الذي يهدف الى تحديد الخطوط العريضة لمعاهدة مناخية عالمية أكثر صرامة.

وستحل الخطة المعدلة محل خطة مبادلة الكربون التي تزعمتها حكومة حزب العمال السابقة وتمنح دعما اضافيا للجهات المسببة لاكبر انبعاثات وتؤخر انضمام القطاع الزراعي الذي يمثل حيوية اقتصادية لمدة عامين.

وتنتج نيوزيلندا التي يسكنها نحو 4.5 مليون نسمة كمية محدودة للغاية من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم.

وكان نصيب الفرد من الانبعاثات نحو 16 طنا عام 2007 وهي نسبة أعلى من بعض الدول الاوروبية ويمثل النشاط الزراعي والانشطة المرتبطة به مثل صناعة منتجات الالبان أكثر من نصف انبعاثات الغازات.

وقال مستشار مستقل لشؤون البيئة للبرلمان ان الخطة المعدلة ستتيح الكثير من الائتمان الكربوني المجاني للجهات الملوثة وألغت الحوافز اللازمة للانتقال الى التكنولوجيا التي تعتمد على درجة أقل من الكربون. بحسب رويترز.

وقال يان رايت للاذاعة النيوزيلندية "من شبه المؤكد ان انبعاثاتنا ستزيد ولن يكون هناك حد للعبء الذي سيتحمله دافع الضرائب."

وزاد اجمالي الانبعاثات في نيوزيلندا 24 في المئة من 1990 الى 2008 وهو ما جعل الحكومة تقول سابقا انه سيجعل تحديد المستهدف صعبا.

وبموجب معاهدة كيوتو من المفترض ألا تزيد انبعاثات نيوزيلندا عن مستويات 1990 خلال أول فترة التزام للمعاهدة بين 2008 و2012.

وبموجب الخطة المعدلة ستكون هناك فترة انتقالية من الاول من يوليو تموز 2010 وحتى الاول من يناير كانون الثاني عام 2013 التي خلالها لن يتعين على مصادر الانبعاثات الالتزام الا بخمسين في المئة من المستهدفات وستكون قادرة على قبول خيار دفع سعر ثابت وهو 25 دولار نيوزيلندي عن كل طن من الانبعاثات.

وأيدت الشركات الكبرى التغييرات التي اقترحها الحزب الوطني في حين أن الجماعات المدافعة عن البيئة تقول ان التغييرات لا تضع أغلب العبء على مصادر الانبعاثات الكبيرة لخفض الانبعاثات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/كانون الاول/2009 - 24/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م